458
0
عجَبًا لأمَّة ربُّها نورُ السموات والأرض، ولكنها تعيش في ظلام" الستاتيكو"، Statu quo..
محمد مصطفى حابس : جنيف / سويسرا
مرة أخرى يقف القاصي و الداني على هذه الحقيقة المرة، كيف نفر والتف حكام الغرب بغثهم و سمينهم مدججين بأفتك الأسلحة في مساندة مطلقة عمياء لجل دول العالم الغربي دعما لكيان بني صهيون، القوة الذرية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط ، دون أي حرج من الصداقة المزعومة بين بعض دول الخليج والغرب، إذ يصدق فينا بحق المثل الألماني المشهور :" صداقة الثعلب مع الأرنب تنتهي عندما يجوع" .
ما يقع اليوم في فلسطين بعد الزلزال الذي هز ليس فقط منطقة الشرق الأوسط بل العالم أجمع !! و الغريب في الأمر- حسب كل المحللين - أن العملية الفدائية المدروسة بحكمة و شجاعة نادرة قامت بها مجموعة صغيرة - مؤمنة بعدالة قضيتهم - من الشباب بصدور عارية و بأسلحة خفيفة يدوية تقليدية!! أمام ترسانة قوة دولة كبيرة ومعتبرة مدعومة دوليا عسكريا وماديا، رغم منجهية المستعمر الإسرائيلي المتطرف، كان ردهم عشوائي - إلى اليوم - في صفوف مدنيين عزل، أطفال ونساء وشيوخ ، كلهم أبرياء كبراءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب، ورغم الدعم المعلن من القوى العظمى أمام مرأى و مسمع الجميع، بما فيهم حكام المسلمين والعرب، المقاومة لا تزال قائمة بفضل الله!! ، و الحرب لا زالت مستمرة على العزل في أسبوعها الثالث!!
السويد في الناتو..مر الأمر بهدوء!!
لا أحد من أصحابنا يستطيع أن يزاود على موقف الرئيس أردوغان من فلسطين مقدساتها وإنسانها وأرضها..
الرئيس أردوغان صاحب موقف "ون مينت" الذي لجم رئيس الدولة العبرية، مخترقا العرف الدبلوماسي.
الرئيس أردوغان الذي كتب إليه صديق دربه أحمد داود أوغلو منذ أيام يذكره، يوم كانا يبكيان فلسطينّ، معا خلف الأبواب المغلقة ..
بالنسبة إليّ، صبرت على الكلمات المكرورة في "قمة القاهرة للسلام"، انتظارا لما سيقوله وزير الخارجية التركية، وكنت أتابع على الهواء، وصبرت على الكلمات الفارغة والمؤذية للكثيرين، حتى جاء الدور للسيد "هاقان" وزير خارجية تركية، ووزير خارجية الرئيس أردوغان، عذرا السيدَ هاقان بعد انتظار دام أكثر من ساعة، لم أستطع إكمال سماع الكلام الباهت المكرور!!
تشومسكي:"أمريكا المصدرة الأولى للإرهاب"
إذ ما يجري اليوم على ألسنة الساسة في الغرب عموما و ليس اليمين المتطرف خصوصا من الكيل بمكيالين للإسلام والمسلمين، أمر معلوم ومعروف وقد كتب عنه منذ عقود علماء من الغرب، كما كتب عنه علماء الشرق، ومن علماء الغرب - ومن باب وشهد شاهد من أهلها- ننقل ما كتبه المفكر اليهودي الأمريكي ناعوم تشومسكي، في كتابه "من يحكم العالم" وتحت عنوان فرعي "النخبة.. صنفان" يؤكد تشومسكي أن قناعات الولايات المتحدة الحالية لها جذورها التاريخية، حيث شرعن الرئيس الأميركي "طوماس وودرو ويلسون"(1856-1924) الحروب في سبيل نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الليبرالية. وتحاول الولايات المتحدة توظيف مقدراتها العسكرية وفائض السلاح تجاه مناطق النزاعات والصراعات التي ساهمت في اشتعالها بنيران الفتن الطائفية والحروب، حيث تتصدر أمريكا قائمة الدول المصدرة للسلاح.
كما يؤكد المفكر تشومسكي "ان الظروف التي تسوق الناخبين باتجاه اليمين المتطرف هي نفسها التي كانت وراء صعود الفاشية في القرن الماضي". كما شرعنت لنفسها ما أسمته الحروب الاستباقية وحق التدخل، إذ يعتبر تشومسكي أن احتلال العراق كان "جريمة القرن الحادي والعشرين الكبرى"، مؤججة " نيران الفتن الطائفية بين العراقيين وبعد أن انسحبت القوات الأميركية بات الفائز الوحيد هو إسرائيل و إيران"، على حد تعبيره!!.
وشهد شاهد من أهلها:" أمريكا تسعى لخلق حالة جديدة لما بعد داعش !!"
تحت عنوان "الولايات المتحدة المصدرة الأولى للإرهاب" يؤكد تشومسكي خطأ الولايات المتحدة باعتقادها أن مقتل قيادات الجماعات المتطرفة سوف يقضي على الجماعات، ويؤكد أن ما أسمته الولايات المتحدة "الحرب على الإرهاب" والذي بدأت شرارته في أفغانستان قد انتشر كالنيران في الهشيم ليمتد لدول أخرى من دول الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، مما كلف الإنسانية ثمنا دمويا باهظا نتيجة هوس الولايات المتحدة بالهيمنة، ودعمها لمراكز وفروع الإرهاب الحقيقي. ومما أكد عليه تشومسكي في ذات السياق، "أن الولايات المتحدة تسعى لخلق حالة جديدة لما بعد داعش، وتخطط لولادة تنظيم جديد أكثر وحشية وقسوة واستنزافا للموارد لتنفيذ مخططاتها الخبيثة في المنطقة"، ممكن أن تكون قد أوهمت أن في بعض الحركات التحررية و الجهادية كحماس الفلسطينية فرصة لتبرير بقاء قواتها في الشرق الاوسط.
حينما يصرح ساسة الغرب بأنهم لا يعادون الإسلام !!
ومن مفكري الشرق، يطيب لنا الاستنارة بما كتبه في العقود الأخيرة الدكتور مصطفى محمود - رحمه الله - في كتابه "الإسلام السياسي والمعركة القادمة" ، هذا العالم الموسوعي المصري الذي جمع بين علم الأبدان وعلم الأديان، إذ كتب رحمه الله: "حينما يصرح الساسة في الغرب بأنهم لا يعادون الإسلام وانهم ليسوا ضد الإسلام كدين، فإنهم يكونون صادقين بوجه من الوجوه إذ لا مانع عندهم أبدا من ان نصلي ونصوم ونحج ونقضى ليلنا ونهارنا في التعبد والتسبيح والابتهال والدعاء، ونقضي حياتنا في التوكل ونعتكف ما نشاء في المساجد ونوحد ربنا ونمجده ونهلل له فهم لا يعادون الإسلام الطقوسي، إسلام الشعائر والعبادات والزهد، ولا مانع عندهم حتى في ان تكون لنا الآخرة كلها، فهذا أمر لا يهمهم ولا يفكرون فيه بل ربما شجعوا على التعبد والاعتزال وحالفوا مشايخ الطرق الصوفيه ودافعوا عنهم ولكن خصومتهم وعدائهم هي الإسلام الآخر "..
خصومة ساسة الغرب وعداوتهم لنا، سببها الإسلام الآخر ؟!
يقر أستاذنا المفكر الطبيب مصطفى محمود بسبب الداء و الدواء، حيث يقول:
"خصومتهم وعدائهم هي الإسلام الآخر..
الإسلام الذي ينازعهم السلطة في توجيه العالم وبنائه على مثاليات وقيم أخرى..
الإسلام الذي ينازعهم الدنيا ويطلب لنفسه موقع قدم في حركة الحياة..
الإسلام الذي يريد أن يشق شارعا ثقافيا آخر ويرسى قيما أخرى في التعامل ونماذج أخرى من الفن والفكر..
الإسلام الذي يريد أن ينهض بالعلم والاختراع والتكنولوجيا ولكن لغايات أخرى غير التسلط والغزو والعدوان والسيطرة..
الإسلام السياسي - كما يحلو لبعضهم تسميته - أو الإسلام الذي يتجاوز الإصلاح الفردي إلى الإصلاح الاجتماعي والاصلاح الحضاري والتغيير الكوني؟
هنا لا مساومة ولا هامش سماح وإنما حرب ضروس.. هنا سوف يطلق الكل عليك الرصاص وقد يأتيك الرصاص من قوى سياسية داخل بلدك الإسلامي نفسه.. "، (راجع مقالنا: أفكار ضد الرصاص في التّنوير والتّحرير للشعب والوطن).