106
0
عبد الكريم دالي.. الصوت الأندلسي الذي لا يشيخ وروح العيد في الجزائر
.jpeg)
في حضرة الطرب الأندلسي، تقف أسماء كثيرة، لكن قلّ من ترك أثراً خالداً في الوجدان الموسيقي الجزائري، مثل عبد الكريم دالي.
ماريا لعجال
الفنان المدرسة الذي لم يكن مجرد مؤدٍ، بل كان ولا يزال مفتاحا موسيقيا فذاً، بصوت يمزج بين العراقة والتجديد، بين الأصالة والروح الجزائرية المتفردة.
ولد عبد الكريم دالي عام 1914 بمدينة تلمسان، هذه المدينة التي طالما كانت مهداً للفن الأندلسي ومهد تراث الموشحات والقصائد. من أبوين يعشقان الفن، نشأ الطفل دالي في بيئة تُقدّر المقامات وتتنفس الإيقاع. تعلّم أصول الموسيقى على يد كبار أساتذة المدرسة التلمسانية، وارتبط بالكمان منذ صباه، ليُصبح لاحقاً أحد أعمدة هذا الفن الراقي.
دالي النجم
في الأربعينيات، بدأ نجم دالي في السطوع، وذاع صيته في الجزائر وخارجها. صوت دافئ، واحترافية في الأداء، وقدرة على الانتقال السلس بين المقامات، جعلته اسماً لا يُذكر إلا مقروناً بالأصالة، فانه لم يكن مجرد حافظ للتراث، بل مجددًا حريصًا على نقله للأجيال القادمة، دون تشويه أو ابتذال.
أغنية "صح عيدكم" روح العيد في الجزائر
ومن بين أعماله التي رسخت في الذاكرة الجزائرية، تبرز أغنية "صحا عيدكم" كتحفة خالدة تختزل أجواء العيد في الجزائر. بألحانها الأندلسية الشجية وكلماتها الراقية، استطاع دالي أن يصور في هذه الأغنية تفاصيل العيد في المدن والأحياء الشعبية الجزائرية، حيث تتعانق الأصوات بالفرح، وتنتشر الروائح الطيبة من البيوت، وتتعالى التهاني بين الجيران:
"صحا عيدكم… بالفرحة والهناء، عيد مبارك… لكل من تهنّى".
لتصبح هذه الأغنية طقسًا لا يغيب عن صباحات العيد، تُبث في الإذاعات وتُرددها الأسر، لا كأغنية فحسب، بل كقطعة من الذاكرة الشعبية، بها عبّر دالي عن العيد كفرحة جماعية تلامس عمق الحياة الاجتماعية الجزائرية.
الاذاعة الوطنية محطة تارخية في حياة الأستاذ
خلال فترة عمله في الإذاعة الوطنية بعد الاستقلال، سجّل عبد الكريم دالي العديد من النوبات الأندلسية، وأسهم في توثيق جزء كبير من التراث الموسيقي الجزائري حيث عرف بأغانيه الجميلة والتي تحمل اللون الديني على غرار "ابراهيم الخليل" التي تحاكي قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام مع ابنه سيدنا اسماعيل عليه السلام .
الوداع
توفي عبد الكريم دالي عام 1978، لكنه لم يرحل فعلاً. كما كان أستاذًا لجيل من الفنانين الذين حملوا الرسالة من بعده. وودعت الجزائر ابنها دالي، وبقي صوته يصدح كل عيد بعبارته التي أصبحت مألوفة لكل جزائري: "صحا عيدكم".