490

0

عبد القادر الحسيني: قائد الجهاد ورمز الخلود الفلسطيني

بقلم: آسيا احمد علي

كان الشهيد عبد القادر الحسيني واحدًا من أبرز رجالات فلسطين الذين خطّوا بدمائهم طريق الحرية. وُلد في القدس عام 1907 في بيت عريق بالوطنية والنضال، فهو نجل الزعيم موسى كاظم الحسيني، رئيس بلدية القدس وأحد رموز مواجهة الانتداب البريطاني. منذ نعومة أظفاره، تشرّب عبد القادر قيم التضحية والانتماء، فنشأ مهيّأً ليكون قائدًا استثنائيًا في أصعب مراحل التاريخ الفلسطيني.

جذور الوعي وبدايات النضال

تلقى الحسيني تعليمه في مدارس القدس، ثم شدّ رحاله إلى القاهرة ليلتحق بالجامعة الأمريكية حيث تخصّص في الكيمياء. هناك لمع اسمه بين الطلاب العرب، ناشطًا في القضايا الوطنية والقومية، جريئًا في مواقفه، مخلصًا لقضيته. وعند عودته إلى فلسطين، انخرط في الصحافة والعمل السياسي، قبل أن يوجّه جهوده نحو الكفاح المسلح، مؤمنًا بأن التحرير لا يُنتزع إلا بالقوة.

الثورة الكبرى وتجربة المنفى

في ثورة 1936–1939 برز نجمه كقائد ميداني بارع، يقود المجموعات الفدائية ضد قوات الانتداب البريطاني، ويُوجّه ضربات دقيقة لمعسكراتهم وخطوط مواصلاتهم. دفع ثمن مواقفه اعتقالًا ونفيًا متكررًا، لكنه لم يعرف التراجع، بل زادته المحن إصرارًا على المضي في درب الحرية.

تأسيس جيش الجهاد المقدس
بقلم: آسيا احمد علي
مع اقتراب نهاية الانتداب واشتداد الخطر الصهيوني، أسّس الحسيني عام 1947 جيش الجهاد المقدس، الذي ضم آلاف المقاتلين من القرى والمدن الفلسطينية. لم يكن قائدًا بعيدًا عن جنوده، بل عاش بينهم، يشاركهم المعارك والسهر والتضحيات. تحت قيادته تحوّل الجيش إلى سدّ منيع في الدفاع عن القدس ومحيطها، وسجّل بطولات خالدة في مواجهة العصابات الصهيونية المدعومة بالسلاح والمال.

القسطل: المعركة والقدر

بلغت مسيرته ذروتها في أبريل 1948 في معركة القسطل، القرية الاستراتيجية المشرفة على الطريق إلى القدس. قاد الحسيني الهجوم بنفسه، رغم قلة العتاد وكثرة الأعداء. قاتل حتى الرمق الأخير، وفي فجر الثامن من أبريل ارتقى شهيدًا وهو يتقدّم الصفوف. كان لاستشهاده وقع الصاعقة على فلسطين كلها، فقد خسروا قائدًا لا يُعوّض في لحظة تاريخية فارقة.


لم يكن عبد القادر الحسيني مجرد قائد عسكري، بل كان مدرسة في الإيمان بالحق والتمسك بالأرض. آمن أن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، وأن دماء الشهداء هي التي تصنع مستقبل الأوطان. استشهاده لم يطفئ شعلة المقاومة، بل أشعل جذوتها في قلوب الأجيال المتعاقبة، وجعل من اسمه أيقونة خالدة في تاريخ النضال الفلسطيني.

 وصية الشهيد

رحل جسدًا وبقي فكرًا، يذكّرنا دائمًا بكلماته الأخيرة قبل استشهاده:

"إنني لا أستطيع أن أرى شعبي يُذبح وأنا أتفرج… إنني ذاهب إلى القسطل، فإما أن ننتصر أو نستشهد."

لقد انتصر عبد القادر باستشهاده، لأن اسمه صار مرادفًا للعزة والكرامة، ولأن فلسطين ما زالت تُنجب من يسيرون على خطاه حتى يتحقق الحلم بالحرية.

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services