56
0
24 حالة وفاة بسبب مرض الوذمة الوعائية الوراثية في الجزائر

نظمت اليوم بالعاصمة جلسة توعوية حول المرض النادر "الوذمة الوعائية الوراثية" موسومة بـ " تأثير الوذمة الوعائية الوراثية على جودة حياة المرضى في الجزائر" وذلك بمبادرة من شركة تاكيدا ممثلة في الجزائر من طرف مجموعة كلينكا.
نسرين بوزيان
وتناول المتدخلون خلال الجلسة، واقع هذا المرض النادر والتحديات المتعلقة بتشخيصه وإدارته إلى جانب تأثيره المباشر على جودة حياة المرضى مع التأكيد على أهمية التشخيص المبكر، باعتبار أن التكفل بالأمراض النادرة واجب إنساني وصحي.
مرض خطير يثير مخاوف الإنجاب
في هذا السياق، أوضح رئيس مصلحة علم المناعة بمستشفى الرويبة ورئيس الجمعية الجزائرية لعلم المناعة، البروفيسور كمال جنوحات، أن مرض الوذمة الوعائية الوراثية هو مرض نادر ناجم عن خلل وراثي، أي اضطراب في المادة الوراثية مشيرا إلى أن بعض الأمراض النادرة ذات الطابع الوراثي أو التحسسي تظهر منذ الطفولة المبكرة.
وأضاف أن هذا الخلل يؤدي إلى تورمات متكررة في الأنسجة تحت الجلد والطبقات العميقة من الجلد والأغشية المخاطية، وتظهر هذه التورمات على شكل نوبات تصيب أجزاء مختلفة من الجسم.
وتشمل التورمات الوجه، الذراعين والساقين، كما قد تصيب الجهاز الهضمي، مسببة أعراضا مثل التشنجات، القيء، والإسهال المائي، وفي حال تدفق كميات كبيرة من السوائل إلى تجويف البطن، قد يحدث انخفاض حاد في ضغط الدم يصل إلى الصدمة.
وأشار البروفيسور جنوحات إلى أن من أخطر مضاعفات هذا المرض تضيق أو انسداد المجاري التنفسية، خاصة إذا حدث التورم على مستوى الحلق أو الحنجرة ما قد يؤدي في أسوأ الحالات إلى الاختناق المهدد للحياة.
كما تشمل الأعراض الأخرى التعب والإرهاق، الطفح الجلدي غير المصحوب بالحكة، إضافة إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والعدوانية.
وأكد المتحدث أن معاناة المرضى لا تقتصر على الجانب الصحي فقط، بل تمتد إلى الجانب النفسي والاجتماعي، حيث يعيش المريض تحت ضغط دائم وخوف مستمر من الدراسة والعمل،والزواج، وحتى من إنجاب الأطفال خشية انتقال المرض إليهم.
وأوضح أن من بين هذه الأمراض ما يعرف بالحساسية الوراثية الناتجة عن نقص أو اضطراب بعض البروتينات في الدم، ما يؤدي إلى نوبات حادة وغير متوقعة قد تدوم من 30 إلى 40 دقيقة أو أكثر، وقد تشكل خطرا حقيقيا على حياة المريض.
وبخصوص عدد الحالات في الجزائر، كشف البروفيسور جنوحات أن عدد المصابين يقدر ما بين 260 إلى 300 حالة، من بينها 24 حالة وفاة.
وأكد أن تشخيص هذا المرض كان صعبا جدا في السابق، حيث كان المرضى يضطرون للتنقل بين الولايات أو حتى السفر إلى الخارج، غير أنه خلال السنوات الأخيرة،تم العمل على تكوين المخابر العمومية وتدريب الإطارات الطبية، ما سمح بإدخال تقنيات التشخيص في عدة ولايات، من بينها عنابة وبجاية وغيرها.
كما تم إدماج الأطفال المصابين في المنظومة التربوية لتمكينهم من الدراسة والعيش بشكل طبيعي قدر الإمكان، بدعم من السلطات العليا ووزارة الصحة التي أولت اهتماما خاصا بهذه الفئة.
وعلى الصعيد الدولي، نوه البروفيسور جنوحات إلى أن دولا متقدمة مثل فرنسا، ألمانيا، إنجلترا وإسبانيا قطعت أشواطا كبيرة في التكفل بهذه الأمراض، ما سمح للمرضى هناك بالعيش حياة شبه طبيعية بفضل التشخيص المبكر والعلاج المناسب.
وخلص بالقول " إن الهدف في الجزائر يتمثل في تمكين المرضى من حياة طبيعية مثل أي إنسان آخر، لا سيما بعد تأسيس جمعية وطنية للمرضى تضمن التواصل بين المرضى والأطباء والسلطات العليا، وتقدم متابعة نفسية واجتماعية إلى جانب العلاج الطبي، مع مواصلة جهود البحث الجيني وفهم أسباب المرض، وضمان توفير الأدوية وتوزيعها بعدالة وفق الحاجة".
البحث المستمر مفتاح التكفل الحقيقي

من جهتها، أكدت الطبيبة دلفين غوبير من مستشفى سانت أنطوان بفرنسا أن أجهزة المتابعة تعد عنصرا أساسيا في التعامل مع مرض الوذمة الوعائية الوراثية، لكنها غير كافية دون فهم علمي دقيق لكيفية استخدامها واستغلالها بالشكل الأمثل.
وأوضحت أن تطور العلم في مجال الأمراض الجينية خاصة الأحادية الجين، ساهم في فهم هذه الأمراض بشكل أفضل، بل وأصبح بالإمكان التفكير مستقبلا في تعديل مسارها أو علاجها بطرق مبتكرة.
كما نوهت المتحدثة إلى أن التحدي الأكبر يكمن في التكلفة الباهظة للعلاجات الجينية التي قد تصل تكاليف بعضها بين مليونين وثلاثة ملايين دولار، ما يحد من إمكانية الوصول إليها بسهولة للمرضى في كثير من الدول.
ورغم هذه الصعوبات، شددت غوبير على ضرورة عدم تهميش المرضى أو نسيانهم، مؤكدة أن البحث العلمي المستمر والعمل المتواصل هما السبيل الوحيد لضمان تكفل حقيقي بهذه الفئة من المرضى.

في تصريح لـجريدة "بركة نيوز" أوضح رئيس مصلحة علم المناعة بمستشفى الرويبة ورئيس الجمعية الجزائرية لعلم المناعة، البروفيسور كمال جنوحات، أن عددا كبيرا من المرضى يخلطون بين التورم والالتهاب، ويعتبرونه مجرد حساسية عابرة في حين أنه في الواقع قد يكون مرض الوذمة الوعائية الوراثية، وهو مرض نادر وخطير يتطلب تشخيصا دقيقا وتكفلا خاصا.
وأضاف أن هذا الخلط يؤدي في كثير من الحالات إلى تأخر التشخيص والعلاج المناسب، ما يزيد من حدة النوبات وخطورتها، خاصة عندما تصيب المجاري التنفسية أو الجهاز الهضمي.
وأكد في هذا السياق على ضرورة رفع مستوى الوعي لدى الأطباء من أجل التمييز بين الحساسية العادية وهذا المرض الوراثي.
وأشار البروفيسور جنوحات إلى أن وزارة الصحة اعترفت رسميا بهذا المرض في خطوة هامة من شأنها تحسين مسار التكفل بالمرضى، مبرزا أن العمل متواصل من أجل توفير الأدوية الخاصة بهذا المرض في أقرب الآجال.
وللإشارة، فإن شركة "تاكيدا الجزائر" هي مخبر صيدلاني ينشط في الجزائر منذ سنة 2013، ويستثمر في التعليم المستمر للأطباء المختصين في الأمراض النادرة، من خلال تقديم حلول علاجية ومشاريع دعم موجهة للمرضى في الجزائر.

