2729

2

زلزال إداري بعد فضيحة مستشفى 500 سرير بباتنة

إنهاء مهام مدير التجهيزات العمومية وسط إنتقادات لخلية الإتصال بالولاية

 

لم تهدأ العاصفة بعد في قضية الصورة "المستوردة" من مستشفى فرنسي التي وضعت على لافتة مشروع مستشفى جامعي  500 سرير بباتنة، تتفاعل يومًا بعد يوم وتكشف عن عمق أزمة تسيير وتواصل داخل مؤسسات الدولة محليا في ولاية باتنة.

ضياء الدين سعداوي

أحدث المستجدات التي وصلت إلى  جريدة بركة نيوز نقلا عن مصدر موثوق أن وزارة السكن والعمران والمدينة أنهت مهام مدير التجهيزات العمومية لولاية باتنة وأسندت تسيير المديرية بالنيابة إلى مديرة السكن والعمران.

القرار جاء مباشرة بعد البيان التوضيحي الصادر عن مديرية التجهيزات العمومية والذي لم يعمر طويلاً على الصفحة الرسمية للمديرية، حيث تم سحبه في أقل من ساعة بعد نشره، الأمر الذي فهم على نطاق واسع كمؤشر على التخبط وغياب التنسيق بين الهيئات الرسمية المحلية.

البيان الذي فجر الأزمة

البيان الذي أصدرته المديرية بعد الجدل الكبير الذي أثير حول صورة مستشفى أوروبي استخدمت في التعريف بمشروع المستشفى الجديد، أشار إلى أن الصورة كانت "عفوية" وتهدف فقط إلى "إعطاء فكرة" عن أهمية المشروع، غير أن البيان ذاته أثار استغرابًا أكبر بعدما الكشف على أن الصفقة المتعلقة بدراسة المشروع لم تمنح بعد لأي مكتب دراسات ما يطرح علامات استفهام حول كيفية الشروع في عملية "توتيد الأرضية" دون وجود دراسة معمارية رسمية أو موافقة قانونية على موقع المشروع.

خلية الإتصال بالولاية في قفص الإتهام

وفي خطوة مثيرة للجدل أرسلت خلية الاتصال لولاية باتنة البيان نفسه الذي تم إرساله إلى وسائل الإعلام لنشره رغم سحبه من الصفحة الرسمية لمديرية التجهيزات العمومية بعد أقل من ساعة، وهو ما اعتبره مراقبون تصرفًا غير إحترافي يترجم التخبط المؤسسي وغياب الإنسجام داخل مؤسسات الدولة المحلية.

وأثار هذا السلوك ردود فعل غاضبة وسط المتابعين والمختصين في الإعلام الذين حملوا خلية الاتصال بالولاية جزءًا كبيرًا من المسؤولية، معتبرين أنها أخفقت في احتواء الأزمة بل ساهمت في تفاقمها بعدم تقديم أي توضيح بخصوص الصورة المستعملة، والإستمرار في استعمال صور المستشفى الفرنسي في الصفحة الرسمية للولاية بالرغم من الإنتقادات الكبيرة وحتى بعد نشر البيان التوضيحي، إلى جانب استعمال مواد بصرية وتصوير جوي دون مرافقة إعلامية شفافة.

ترويج وهمي؟ ثلاث خرجات ميدانية لنفس المهمة

واحدة من أبرز نقاط النقد التي وجهت للمسؤولين المحليين تتعلق بما وصفه كثيرون بـ"التضخيم الإعلامي" لمشروع لم ينطلق فعليًا، إذ تم تنظيم ثلاث خرجات ميدانية في فترات متفرقة الأولى لتحديد القطعة الأرضية، الثانية لـ"المسح الطبوغرافي" والثالثة لما سمي بـ"توتيد الأرضية" وهي عمليات تقنية بسيطة تصب في مهمة واحدة تتمثل في تحديد موقع الأرضية ، وعادة ما تكون من مهام تقني سام وليست مناسبة لتغطيات إعلامية رسمية.

بعض المتابعين شبهوا هذه الخرَجات المتكررة بـ"حملة تسويق للأوهام" خاصة وأن التصوير الجوي بطائرات الدرون والمصطلحات التقنية المضلِّلة أوحت للناس بأن المشروع قد بلغ مراحل متقدمة في حين أن الواقع يشير إلى عدم وجود أي تصميم هندسي أو دراسة مصادق عليها.

الأرض الفلاحية.. العقدة القانونية الجديدة

أكثر ما يمكنه أن يصدم الرأي العام المحلي هو ما كشفته مصادر لـ "بركة نيوز"  أن الأرض المخصصة للمستشفى لم يتم اقتطاعها رسميًا بعد من الأراضي الفلاحية، ما يفتح الباب أمام إشكال قانوني كبير لأن اقتطاع الأراضي الفلاحية لصالح مشاريع عمرانية يخضع لصلاحيات مجلس الوزراء وحده ولا يمكن تجاوزه بأي قرار محلي أو ولائي.

هذا المعطى الخطير طرح تساؤلات جوهرية حول مدى قانونية إطلاق المشروع من أساسه وهل تم احترام المسارات الإدارية والتشريعية المطلوبة قبل "توتيد الأرضية"؟ وإذا لم يكن هناك مكتب دراسات ولا موافقة على الأرض فكيف تم الترويج لوجود "مشروع انطلق"؟

الأزمة تتوسع.. وولاية باتنة في عين العاصفة


قرار إنهاء مهام مدير التجهيزات العمومية قد يكون الخطوة الأولى في مسلسل محاسبة يتوقع أن يمتد ليشمل فاعلين آخرين خصوصًا مع تنامي الإنتقادات الموجهة لخلية الإتصال الولائية التي يفترض بها أن تؤطر وتوجه الخطاب الرسمي لكنها وفق المراقبين أخفقت في إدارة الأزمة وساهمت في فقدان ثقة المواطن في الإدارة المحلية.

ويبقى السؤال الأهم المطروح حاليًا: هل سيُعاد النظر في المشروع بأكمله؟ أم سيتم تجاوز كل هذه الإشكالات بمجرد تعيين مسؤولين جدد؟ وهل ستستفيد الولاية من هذه العثرة لتصحيح المسار؟ أم أن الصورة الفرنسية ستظل ترمز إلى خلل أعمق من مجرد "خيبة فوتوغرافية"؟

الدرس الأكبر من هذه الحادثة لا يتعلق بمسؤول أقيل ولا بصورة سحبت ام لا بل بمنظومة إتصال رسمي تفتقر للشفافية وللوعي بأهمية المعلومة الصادقة في بناء علاقة الثقة مع المواطن.

مستشفى 500 سرير قد ينجز ذات يوم لكن الجرح الذي خلفته هذه الحادثة في الوعي العام سيحتاج إلى أكثر من حجر أساس لمعالجته.

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services