225

0

طريق المستقبل...   المثل الآسيوي في إتقان وتقديس العمل ..

 بقلم الإعلامي مسعود قادري

   من محاسن الصدف، أحيانا ، أن تتاح لك  فرصة الا طلاع على  إنجازات الشعوب ومكاسبها ..  فقد صادفتني  في الأيام الأخيرة مناسبة  للأطلاع على التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلدان الآسيوية بعيدا عن النمور المعروفة  فتأكدت  من خلالها ، أن قدرات الأمم وطاقاتها  الإنسانية  فكريا واقتصاديا واجتماعيا و رياضيا لاتحسب بسنوات الاستقلال ولا بالمساحات  الكبرى والكثافة السكانية العالية ونسبة الشباب بها ، بل بالمكانة  التي يحتلها العمل في ثقافة البلد ومدى اجتهاد  أفراده  ـ نساء ورجالا ـ في إتقان تخصصاتهم  المهنية وتفانيهم في أدائها تحقيقا للرقي والازدهار الفردي والجماعي  ..

فالوقوف على حقيقة التطور الذي بلغته بعد  الدول الآسيوية التي  كان العالم منذ فترة قصيرة يصنفها من بين افقر دول المجموعة الإنسانية  وأضعفها دخلا فرديا ووطنيا، تفطنت شعوبها لضرورة اختيار الرجال أو النساء الصالحين لقيادتها  لتيسر انفجار طاقات شبابها وعمالها بعد أن شمر الجميع على السواعد رغبة في اللحاق بمراكب التطور الاقتصادي والاجتماعي ..

 ففي المجتماعت الآسيوية التي لها خصوصية عالية في تقديس العمل والتفاني في أداء المهام  والبحث عن الحياة الأفضل بعد التضحية والنضال  الطويل،  دول عديدة في القارة الصفراء كانت تعاني أبشع صور الفقر والمجاعة والتخلف في كل شيء  .. لكنها تحدت كل هذه العوامل وانطلقت كالسهم في تحقيق الرقي والازدهار .. ومن أبرز هذه الدول  بنغلاديتش ،  التي سجلت  قفزة نوعية مثالية ورائدة وغير منتظرة من بلد كل العوامل الطبيعية والاجتماعية والاقتصداية كانت ومازالت ضده، لكن إرادة ساكنته  وتفانيهم في العمل بصمت ووفق التحدي الذي ينجز ميدانيا ولايتكلم عنه بالمناسبة وبدون مناسبة  فكان الانتصار العظيم لهذا الشعب البسيط على آلامه السابقة فحقق في ظرف قصير جدا ماكان ينقصه  وارتقى الدخل القومي إلى مئات الملايير من الدولارات وتحسن الدخل الفردي السنوي بشكل غير مسبوق ليقارب مثله في بعض الدول التي تعيش فيها طبقات بأعلى المرتبات وتداس اخرى بالفتات..

هذا من البلد الإسلامي الذي كان العالم ينظر إليه بازدراء لفقرة وكثرة مشاكله، هاهو اليوم يصبح ثاني اقتصاد من بين الدول الثمانية  المشكلة لمجموعة الدول الإسلامية النامية بقيادة تركيا ثم بنغلاديش التي احتل اقتصادها المرتبة 35 عالميا واعتبر أسرع نموعالمي  من كل الاقتصادات بتحقيقه  سنة 2021 نسبة  نمو بلغت 7.1%  .. إنه مثل حي يقتدى به في البلدان التي مازالت تعتبر النمو كلاما وحب الوطن مظهرا والعمل مضيعة للوقت .. وتقرأ في كل وقت كلام الله القائل ".. وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون .."

 المثل الحي الثاني في الرياضة ، فمن أبر مخرجات الدور الأول من  كأس الأمم الإفريقية سنة 2023 _2014 التي جرت  بكوت دي فوار (ساحل العاج )، منتخبات حديثة العهد بالمنافسة لكنها أثبتت وجودها بإبعاد المدارس العريقة في القارة  بفضل ماقدمته من طاقات بدنية وتقنية أنتجها العمل الجبار الذي قامت به الهيئات الكروية المحلية بالدرجة الأولة ومدربي مختلف الفئات ثم المديريات التقنية للمنتخبات  بالدرجة الثانية .

هذا المثل الحي الآخرمن عالم الكرة في القارة السمراء  التي يبرز فعلا ثمار التنظيم والتكوين الميداني للشباب على مستوى المنظومات التربوية والمدارس الكروية للأندية والتنظيم المحكم للمنافسات المحلية ..قلت مثلنا من قارتنا الشابة التي أصبحت معظم دولها مشتلة للمواهب الرياضبة وخزانا كبيرا للطاقات التي تصنع أفراح الأندية في مختلف القارات وترفع رايات بلدانها في المنافسات الجهوية والدولية  ..

 منتخبات عديدة لدول محدودة الإمكانيات ، كانت التشكيلات الكبرى تتمنى لقاءها  في الدور الأول لتمر عليها مرور الكرام وتضمن التأهل السهل للأدوار المتقدمة، لكن دوام الحال من المحال !.. فقد أخطأ الكثير من المدربين حساباتهم التي تبني على هذا الأساس فكانوا الضحايا لانتفاضات المتقدمين دون ضجيج وتهريج ..من أفضل أمثلتنا على مانقول  ـ بكل حذر وخوفا من  المفاجآت غير الرياضية ـ   كل الفرق التي شاركت في المنافسة القارية قدمت أداء متوسطا لافرق فيه بين المتأهلين والمقصيين إلا في بعض الجوانب ذات الفعالية في الخطوط  الأمامية. فمن اقصى غرب إفريقيا برزت منتخبات غينيا الاستوائية وغينيابساو  والنجم الكبير الرأس الأخصر ـ بأسماك قروشه  ـ إسم المنتخب ، التي فاجأت الجميع بانتصارين ساحقين في المجموعة ضد كل  غانا (2\1)وموزمبيق (3\1) ثم تعادل مستحق مع مصر (2\2).. هذه النتائج جعلت القروش أول المتأهلين إلى الدور ثمن النهائي .. وهي بداية ستكون لها ثمارها المستقبلية بفصل  ماحققه  وماقدمه من أداء نال إعجاب كل من تابعه  .

للعلم ، القروش كانت قد لعبت مباراة ودية مع الجزائر في أكتوبر 2013 وانهزمت فيها بنتيجة (5\1) .

 هذا المنتخب ( أسماك القروس كما يسميها أهل البلد ) وصل الأدور القارية النهائية  لأول مرة سنة 2013فقط ، وهو يمثل دولة صغيرة في أقصى غرب إفريقيا  تتكون  من أرخبيل يضم عشر جزر لاتتعدى مساحة اليابسة منها   4،033  كلم أي  أقل من ميلين، يقطنها نصف ميلون ساكن فقط  . استقلت دولة الرأس الأخضر مع غينيا بساو عن البرتغان سنة 1975  وتم الانفصال بينهما سنة 1981 إثر انقلاب غير دموي تخلى فيه الطرفان عن الوحدة التي قادتهما للاستقلال عن المستعمر البرتغالي الذي ترك لهم لغته وتقاليده الكروية والرياضية ..

 تطور الرياضة عامة  في الرأس الأخضر لم يكن في كرة القدم فقط ، بل حتى في كرة اليد  حيث مر منتخب البلد بالقاهرة يدافع عن حظوظه في الفوز ويبرز في طاقته وقدراته التنافسية أمام عمالقة الكرة الصغيرة في القارة السمراء،  واستطاع بعد عدة انتصارات التأهل لنصف النهائي ليتوقف بصعوبة امام المنتخب الجزائري أحد ابرز منتخبات اللعبة في القارة.

المتابع لنتائج هذا البلد الصغير مع محدودية إمكانياته الاقتصادية وقدراته البشرية يدرك أن السبيل الوحيد لرفع التحدي والتطور هو العمل ثم العمل ثم ..... ولاشيء غير العمل...

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services