555
0
تكامل الدرك والشرطة ومديرية السياحة يُحوّل الأمن من جهاز مراقبة إلى شريك تنموي فعّال في ترقية السياحة الآمنة والمستدامة


في سياق وطني يسعى إلى تنويع الاقتصاد ورفع جاذبية المقاصد السياحية، برزت ولاية المنيعة كمنطقة نموذجية تُعيد رسم العلاقة بين الأمن والتنمية السياحية، عبر رؤية مؤسساتية تقوم على الشراكة والتنسيق الميداني لا على المراقبة التقليدية.
لحسن الهوصاوي
اليوم الدراسي الذي احتضنه المركز الثقافي بحاسي الڨارة تحت عنوان "السياحة الآمنة.. استراتيجية التنمية"، لم يكن مجرد تظاهرة محلية، بل محطة تحليلية لتأسيس مفهوم الأمن السياحي كمكسب وطني، بمشاركة فعالة من قيادتي الدرك الوطني والأمن الولائي، وبتنظيم مديرية السياحة والصناعة التقليدية تحت رعاية والي الولاية.

الأمن كحليف للتنمية: مرافقة ميدانية بدل الرقابة الشكلية
شهد اللقاء حضورًا لافتًا لممثلي مختلف الأجهزة الأمنية، الذين قدّموا عروضًا توجيهية أكدت أن العمل الأمني في الفضاء السياحي لم يعد رد فعل ظرفيًّا، بل ممارسة وقائية وتنسيقية تسهم في نجاح النشاط الاقتصادي.
وأكد ممثلو الدرك الوطني على أهمية المواكبة اليومية للسياح، خصوصًا الأجانب منهم، من خلال قنوات اتصال مفتوحة مع الوكالات السياحية والمرشدين، لتفادي أي تجاوزات قد تُعرّض الزوار أو النشاط السياحي للخطر.
أما ممثل الأمن الولائي، فأشار إلى أن الأمن السياحي اليوم يُقاس بمستوى الوعي والتنسيق بين جميع الفاعلين، مشددًا على أن “الأمن السياحي يبدأ من المرشد وينتهي بالمؤسسة الفندقية”.
مديرية السياحة: منسق إستراتيجي لربط الميدان بالمؤسسات
من جانبه، أكد لبصير إسماعيل، مدير السياحة والصناعة التقليدية لولاية المنيعة، أن هذا اللقاء يُعد خطوة عملية لترسيخ ثقافة الشراكة وأشار بالقول:
"هدفنا ليس فرض إجراءات، بل بناء منظومة ثقة متبادلة بين المصالح الأمنية والمتعاملين السياحيين. فالسائح الذي يشعر بالأمان هو أول مروّج للوجهة الجزائرية."
كما أوضح أن المديرية تعمل على تأطير موسع للمرشدين ووكلاء السفر بالتنسيق مع الدرك والشرطة، بما يضمن تطبيق تعليمات السلامة دون تعطيل سير النشاط السياحي، مع السعي لتحسين جودة النقل والإقامة في المناطق الصحراوية.

الدرك الوطني: حماية الطريق نحو التنمية
خلال النقاش، أبرز ممثلو الدرك الوطني الدور الحيوي الذي تضطلع به وحداتهم المنتشرة على الطرق الوطنية والمسالك الصحراوية، في تأمين تنقلات القوافل السياحية ومرافقة الوفود الأجنبية من المطار إلى الوجهات الداخلية.
وأشار المتدخلون إلى أن هذا الدور لا يقتصر على الجانب الوقائي، بل يمتد إلى مرافقة استثمارية، من خلال تسهيل تنقل المستثمرين والسياح نحو المناطق النائية التي تزخر بإمكانات طبيعية وسياحية واعدة.
وكالات الأسفار والمهنيون: الأمن كعامل جذب لا كعائق
بدورهم، عبّر ممثلو وكالات السياحة والأسفار ومسيرو الفنادق عن ارتياحهم لتفاعل المصالح الأمنية مع انشغالاتهم، مؤكدين أن المقاربة الجديدة التي تنتهجها السلطات الأمنية في المنيعة حوّلت الأمن من عبء تنظيمي إلى عامل ثقة واستقرار، ما يسمح بتوسيع نطاق النشاطات الميدانية، مثل الراليات والرحلات الاستكشافية والأنشطة البيئية.
رؤية تحليلية: المنيعة كنموذج لتكامل التنمية والأمن
إن تجربة المنيعة تُقدّم درسًا مؤسسيًا عميقًا في كيفية تحويل الأمن إلى شريك في البناء الاقتصادي.
فالتنسيق الثلاثي بين الدرك، الشرطة، ومديرية السياحة، مع إشراك الفاعلين المهنيين والمجتمع المدني، يؤسس لنموذج وطني جديد في إدارة الوجهات السياحية، حيث الأمن يصبح استثمارًا في الثقة، والثقة تصبح رأس مال السياحة.

