64
0
تفكيك شيفرة الوعي: المنيعة تُحوّل التناغم المؤسساتي إلى "نظام إنذار مبكر" لصحة المرأة
أكتوبر الوردي" يتخطى الأسوار: منبر ديدوش مراد التربوي يُجسد نموذج "الصحة الشاملة" في سياق تنموي جديد


لم يعد "أكتوبر الوردي" في مدينة المنيعة مجرد حملة موسمية، بل تحوّل إلى مختبر اجتماعي لنموذج تكاملي يهدف إلى تحصين صحة المرأة، عماد الأسرة والمجتمع.
لحسن الهوصاوي
تبرز فاعلية هذه الأنشطة من خلال قدرتها على تجسيد "الاستراتيجية الوطنية للوقاية" في بعدها المحلي، مؤكدة أن مكافحة سرطان الثدي هي مسؤولية مشتركة تتطلب تجاوز الحدود التقليدية بين القطاعات.
ثانوية ديدوش مراد: اختراق حاجز التردد بالمعرفة المُمَكّنة
يشكل اختيار ثانوية ديدوش مراد لاحتضان الفعالية خطوة استراتيجية جريئة؛ فالمؤسسة التربوية تملك القدرة على اختراق الفضاءات المغلقة والتأثير مباشرة في الأجيال الحالية والمستقبلية.

لقد تحولت قاعة المحاضرات، التي عكست الدفء والرمزية باللون الوردي، إلى مركز تدريب وتوعية فعال، حيث لم يقتصر الأمر على إلقاء المعلومات، بل تمحور حول "تمكين المرأة من أدوات السيطرة على صحتها".
لقد ركزت الورشة على ثلاثية وقائية عملية: التأكيد على الكشف المبكر كـ "مفتاح ذهبي" لزيادة نسب النجاة، التدريب المباشر على الفحص الذاتي الشهري لتحويل المعلومة إلى سلوك يومي، والتحليل الواضح لعوامل الخطر وكيفية ترويضها عبر تعديل نمط الحياة.ّ
هذا التناول العميق، المدعوم بتوزيع مطويات إرشادية مُفصلة، يهدف إلى ضمان استدامة اليقظة الصحية.
أصوات مهنية: تضافر التخصصات لـ "منظومة دعم" متكاملة
يُعزز التنوع في قائمة المتدخلين من القوة التحليلية للفعالية، حيث كل تخصص يكمل الآخر في بناء منظومة دعم شاملة:
* زوليخة بن سليمان، مستشار التربية، أشارت بوضوح إلى أن: "مشاركتنا هي تفعيل للدور 'المجتمعي' للمدرسة. الوعي بالصحة الوقائية هو جزء لا يتجزأ من التكوين التربوي السليم، وواجبنا هو غرس هذا الوعي ليصبح سلوكاً تلقائياً".
* من جانب الرعاية الصحية الأولية، أكدت الدكتورة بايليك شريفة، طبيب عام بوحدة الكشف والمتابعة، أن: "وجودنا في هذا الفضاء التربوي ساهم في إزالة 'الرهبة' المرتبطة بالمؤسسات الصحية، وتقديم الشرح العلمي الدقيق بأسلوب مبسط، وهو ما يضمن الوصول إلى قناعة التزام المرأة بالكشف الدوري".
* في السياق النفسي والاجتماعي، لفتت صباح أولاد علي، الأخصائية النفسانية، إلى أن: "كسر جدار الصمت المرتبط بالمرض يتطلب دعماً نفسياً موازياً. هذه اللقاءات تبني جسور الثقة وتمنح القوة النفسية اللازمة للمواجهة"، فيما أوضحت ملوكي سرين، مساعدة اجتماعية، أن: "دورنا حيوي في ضمان 'عدم التخلف'؛ أي توفير المتابعة الاجتماعية اللازمة لضمان استمرارية النساء في برامج الكشف والدعم، ما يجعله استثماراً اجتماعياً طويل الأمد".
المنيعة تؤسس لـ "ثقافة الوقاية الذاتية"
إن ما يحدث في المنيعة هو تأسيس لـ "ثقافة الوقاية الذاتية"، عبر نموذج يُحتذى به في التفاعل المؤسساتي. لقد نجحت الثانوية والمؤسسات الشريكة في تحويل قضية صحية حساسة إلى مشروع مجتمعي مفتوح ومُفعَّل.
هذا التناغم يرسخ مبدأ أن صحة المرأة هي "مؤشر رئيسي لجودة الحياة" في المنطقة، وأن كل جهد يُبذل اليوم في رفع منسوب الوعي هو استثمار وطني استراتيجي يُقلل من الأعباء المستقبلية ويضمن بناء مجتمع أكثر صحة وقوة.

