233
1
تبقى الحقيقة الواقعية الناصعة للأجيال، أن إسرائيل لم تنتصر، بل انهزمت !!
رغم الدمار المهول في غزة على كافة الاصعدة

نظمت جمعيات و منظمات حقوقية و إنسانية خيرية رفقة ممثلين لجاليتنا الإسلامية في أوروبا، ندوة مساء أول أمس عبر تطبيق زوم، حيث نوقشت فيها مشاريع عديدة لنصرة شعبنا في غزة خاصة بعد نهاية أو توقيف القتال.
مصطفى محمد حابس: جنيف / سويسرا
من هذه المشاريع الخيرية تموين أهل غزة أساسا وحسب المناطق و الحاجات بالماء و الطعام و اللباس و توفير أقسام الدراسة في الخيم و الكرافانات للتلاميذ مع توفير قرطاسيات و مواد مدرسية و ما يلزمهم من ضروريات ..
كما لاحظ منتسبون لهذه الجمعيات الحقوقية ، الإنسانية و الخيرية ، في مدينة جنيف، العاصمة الدولية لحقوق الإنسان في سويسرا، في بيانات متفائلة، وصريحة، بأن وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني، يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق السلام، ولكنه يعتمد على التزام الجانبين بتنفيذ بنود الاتفاق بشكل فعّال و مستمر.
ومواكبة لمستجدات هذه الاخبار السارة من غزة رغم عراقيل العدو، واستعدادا لمرحلة قادمة نظمت مؤسسة " فراسة السويسرية"، قبل الإعلان الرسمي عن وقف القتال بين الجانبين، استبيانا مع خطة تفصيلية للحاجات والمشاريع الاغتثية، للمتعاملين معها في مناطق عديدة بغزة، سينشر في ملف إلكتروني في قابل الأيام، بحول الله.. لكن و نحن في الأسبوع الأول من الهدنة، وصلتنا أخبار الدمار على كافة الاصعدة الذي خلفته إسرائيل في غزة، بشكل لا يوصف، حتى البنية الأرضية التي لم تسلم من عبث جيش العدو تم تدميرها بالقنابل وحرقت لكي لا تستغل من طرف الشعب الفلسطيني، هذا ما أخبرنا به الاخوة في الميدان الذين عادوا لبيوتهم في غزة و جباليا فوجدوها رمادا و حطاما لا يوصف، ولا حول و لا قوة الا بالله!!
قراءة تحليلية لمشهد "جيل النصر المنشود" :
وبعد الندوة وتقاسم بعض المهام والمشاريع، فُتح نقاش عام، ودردشة حول موضوع وقف إطلاق النار في غزة وما المنتظر منها، ومن يتولى تكلفة الخسائر، و كيف خرجت المقاومة مرفوعة الرأس، رغم فداحة الخسائر المادية و البشرية، حيث قرأ أحد الحضور علينا، قراءة تحليلية بعنوان " هندسة الصدمة "، مبينا في نقاط "مشهد جيل النصر المنشود" بعد إعلان الصفقة، حسب وصفه، قائلا ، من علامات نصر المقاومة في غزة :
1- الظهور اللحظي لكتائب القسام في وقت واحد في كل أنحاء قطاع غزة.
2- النظام والتنظيم والإدارة والدقة في الظهور والتسليم والتبادل والجمهور
3- إصدار بطاقات الإفراج للأسيرات الثلاثة بطريقة مهنية رسمية إدارية
4- توقيع ممثل كتائب القسام على نموذج التسليم الرسمي أيضًا، بطريقة مهنية وإدارية راقية
5- الزي الأخضر المثير وكأنه خارج من المصنع مباشرة
6- عدد ومظهر أفراد الكتائب يبدو مثيرًا وفيه رسائل نفسية عميقة، وصلت من فورها لكل الفئات المستهدفة
7- سيارات البيكبات الدفع الرباعي، تبدو أيضًا وكأنها وصلت غزة للتو من المصنع
8- المشهد كله هو مشهد حرب نفسية متقنة، حول قصة اليوم التالي، التي تحولت بذلك إلى الثانية أو الدقيقة التالية.
9- أصابت الدهشة الفائقة للعدو والصديق معًا، لكنها كانت أبلغ لدى العدو الذي بدأ من فوره في قراءتها وتحليلها، خلال عدة مستويات أمنية وعسكرية وسياسية واستراتيجية وشعبية واجتماعية فكانت موجهة إلى كل شيء.
مكاسب سياسية طويلة المدى لأهلنا في غزة :
كما علق آخر، بتحليل موسع عن المكاسب السياسية طويلة المدى لأهلنا في غزة، حسب آخر قراءاته، قائلا:
" أن الدكتور جون الترمان، نائب رئيس “مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية” المرموق، عَدّد في مقال له المكاسب السياسية طويلة المدى التي يمكن أن تشكل النصر من وجهة نظر حماس، كحركة مقاومة تدرك فارق القوى العسكرية بينها وبين أعدائها"، ومن هذه المكاسب ذكر التالي :
- كسب حماس للدعم الشعبي في غزة.
- الإسهام في تقويض السلطة الفلسطينية بإظهارها للفلسطينيين كذراع للاحتلال الإسرائيلي.
- إبعاد الدول العربية عن التطبيع مع إسرائيل.
- كسب تأييد قوي من “الجنوب العالمي” للقضية الفلسطينية، وإجبار أوروبا على التراجع في دعمها لإسرائيل تحت وقع مخالفات جيشها.
- إشعال جدال في الولايات المتحدة حول دعم إسرائيل يدمر الإجماع حوله !!
- التسبب في حرب إقليمية تؤدي لجدل في مختلف أنحاء العالم حول كلفة دعم إسرائيل!!
رغم التوصل للاتفاق و الهدنة وانتهاء معركة طوفان الأقصى الحرب لا تزال مستمرة
كما علق متدخل ثالث من بريطانيا بقوله: إن بعد 15 شهرًا من طوفان الأقصى، وضع غزة، وفلسطين، وكل المنطقة، صعب جدًا وخطير جدا. ولكن - رغم التوصل للاتفاق والهدنة وانتهاء معركة طوفان الأقصى- الحرب لا تزال مستمرة، وإيمان الفلسطينيين وتضحياتهم ونضالهم، يدعو للشك في أن تنتهي حربهم هذه بالهزيمة، ويعضد ذلك التاريخ الحديث لحروب القوى الاستعمارية الغاشمة مع الشعوب المقاومة
لذا، ينبغي مع الإقرار بالواقع كما هو، والاعتراف بالحقائق مهما كانت، الوعي كذلك بأن النتائج النهائية ما زالت تتشكل، وستواصل التبلور حتى بعد توقف القتال، و سيساهم في ذلك الفلسطينيون شعبًا ومقاومة، وكل من نصرهم وناصرهم من الهيئات و المؤسسات المحلية و الدولية.
ولكن، بالرغم من كل ذلك، ثمة حقيقتان مهمتان ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل الحكم على الحرب وقرار الحرب. الحقيقة الأولى أنها لم تنته تمامًا بعد، والثانية أنه حتى بعد نهايتها، ستبقى نتائجها الأخيرة تتشكل لفترة طويلة قبل أن تصل إلى الحالة النهائية.
فوائد دروس غزة لدولنا العربية مع شعوبها :
كما علق كاتب هذه السطور، على وضع دولنا العربية مع شعوبها و فوائد دروس غزة، قائلا : "على مر الأزمان، دأب التاريخ على إصدار نفس الحكم وبكل وضوح : الأنظمة التي لا تحترم كرامة شعوبها وحقوقهم وحريتهم، وتحكم البلدان بالإكراه والقمع، تنتهي حتما ودائمًا بالانهيار والعار"، ولنا في سوريا وأخواتها أمثال وأمثال، إذ بات حتما ومنطقيا أنه "لا يوجد نظام استبدادي يدوم إلى الأبد!".
و لان الأحداث التاريخية تسير بسرعة كبيرة؛ ومع ذلك لا يزال هناك متسع من الوقت لحماية بلداننا العربية من مخططات القوى العظمى ومحاولات هيمنتها عليهم، هذه القوى لا تتوّقف عن الدفع باتجاه إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية وفقًا لمصالحها.
التاريخ يثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك، أن البلدان الهشة بسبب غياب المؤسسات الشرعية ونتيجة الشرخ الهائل الذي يفضل السلطة القائمة عن الشعب، تصير لقمة سائغة ومحل أطماع القوى العظمى (حالات العراق، وليبيا، وسوريا، و السودان والصومال وغيرها)، بألوان و أشكال مختلفة.
أما في مغربنا العربي، تتوالى الأزمات السياسية دون أن يتم الاتعاظ من هذه الأزمات وانتهاز الفرصة، للاستجابة لتطلعات الشعوب المشروعة من خلال حل سياسي وسلمي وشامل حقيقي، "لا يبكي الراعي و لا يجوع الذئب " ، كما يقول المثل العربي!!.
لأن الفرص الضائعة في بلداننا الإسلامية لا تُعد ولا تحصى، منذ عقود، و لحد الساعة، ومما يؤسف له أن كل فرصة ضائعة من هذه الفرص تدفع حكوماتنا إلى مزيد من الانسداد السياسي الذي يحمل في طياته كل أنواع المخاطر والتقلبات غير محمودة العواقب.
في ضوء هذا الانسداد، يتعين على حكام المنطقة، على اختلاف قناعاتهم وانتماءاتهم، العمل سويا والانخراط في مسار يقود نحو انتقال ديمقراطي حقيقي سلس، لتحقيق دول القانون والعدل مع شعوبها و جيرانها.
إن هذا التغيير المنشود والضروري هو الكفيل بتحرير كل الطاقات ومنح دولنا العربية والإسلامية القوة والمصداقية، وليس سياسة الهروب إلى الأمام من الواقع عن طريق الشعارات الجوفاء والحلول المصطنعة كما نعرفه عن بعض سياسات دول العربية في المغرب كما في المشرق... و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.