263

0

رصاص على الطحين.. والموت برعاية أمريكية!

بقلم: ضياء الدين سعداوي

ليس مشهدًا من رواية ديستوبية، ولا فصلاً من فيلم يتخيل نهاية الإنسانية؛ ما حدث ويحدث في غزة يفوق الخيال والإحتمال معًا ،تحت شمس محتضرة وأعين العالم المتواطئة، خرج آلاف الفلسطينيين الجوعى بحثًا عن كيس طحين ، سلاحهم الوحيد  الأمل في النجاة من الجوع، لكن ما وجدوه كان الموت، رصاص حيّ لا رحمة فيه ولا تمييز، صُبّ على رؤوسهم كما يُصبّ الجحيم ، 30 شهيدًا في لحظة  و60 في حصيلة يوم دامٍ واحد، والعدد إلى ارتفاع في أرض لم تعرف إلا النزيف.

تحت راية "المساعدات" التي تزعم الولايات المتحدة تقديمها لغزة، أُطلقت النار، المساعدات التي يُفترض أن تُطعم الجياع، تحوّلت إلى فخ دامٍ وكل شيء في هذا المشهد المروّع كان أمريكيًا: الطائرة التي أسقطت الحاويات، المؤسسة التي نسّقت، الدعم السياسي واللوجستي، وحتى صمت الإعلام الغربي الذي احترف التواطؤ بالصورة والكلمة.

الولايات المتحدة لم تعد مجرد راعٍ للعدوان الإسرائيلي، بل أصبحت شريكًا مباشرًا في جريمة إبادة تُرتكب على الهواء مباشرة. تحت إشرافها، يُذبح المدنيون، ويُحرَق الأطفال، ويُدفَن الجرحى تحت الركام بلا دواء ولا ماء. وفي حين توجّه واشنطن أنظار العالم نحو دعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، تُدفن الحقيقة في صمت المقابر الجماعية التي تبتلع غزة يومًا بعد آخر.

وبينما تعيش إسرائيل نشوتها الدموية، تتلقى في الوقت ذاته ضربات موجعة من إيران، التي وجّهت صواريخها نحو قلب الكيان، متجاوزة كل دفاعاته المفاخِرة. أكثر من 30 صاروخ "فتاح" اجتازت سماء فلسطين المحتلة، وانهمرت على تل أبيب في عشرين دقيقة فقط، مكشوفة أمام فشل القبة الحديدية التي لم تحمِ سوى غرور الساسة في تل أبيب. سقطت الصواريخ وسقط معها وهم الحصانة، وتزعزعت صورة "الجيش الذي لا يُقهر"، في لحظة تعرّى فيها كل شيء: الاحتلال، الحليف، والراعي.

المفارقة هنا صارخة، الكيان الذي يطلق النار على الجياع العُزّل، غير قادر على صدّ صواريخ تنهمر فوق عاصمته. يتباهى بقدرته على قنص الفقراء عند نقاط توزيع الطحين، لكنه عاجز أمام ضربات موجهة تُصيب مواقع استخباراته وأعصاب أجهزته العسكرية.

في غزة، يقتل الإحتلال تحت لافتة المساعدات. وفي تل أبيب، ينهار تحت وابل الصواريخ الإيرانية. وبين المشهدين، تقف واشنطن بثقلها الأخلاقي المتهالك، شريكًا في الجريمة، وخاسرًا في معادلة أخلاقية لا يُمكن تبييضها مهما أُحكمت أدوات التجميل الإعلامي.

هكذا هي الصورة اليوم، طحين فلسطيني مغمّس بالدم، وصواريخ إيرانية تفضح العجز، واحتلال يخوض آخر حروبه ضد الحقيقة. فهل آن للعالم أن يرفع الغطاء عن القاتل، أم أن موت الفقراء لا يُحرّك ضميرًا غربيًا شبِع من دمنا؟

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services