440
0
وفاة شاب جزائري في أمريكا هذا الأسبوع
تعزية :
" يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي".
رغم أن الشيخ الدكتور الطيب برغوث - حفظه الله و شفاه- لا زال يعاني من مرضه الذي أتعبه في المدة الأخيرة، إلا أنه رغم ذلك يحاول من حين لآخر مواكبة الأحداث بصعوبة، وقد زودنا مشكورا كعادته بهذه الكلمات، وفاء لصداقة قديمة بينه وبين والدي هذا الشاب الجزائري الذين ساقتهم الأقدار للعمل في الغربة، في أمريكا، عملا بقوله سبحانه وتعالى : ﴿وَمَن یُهَاجِرۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یَجِدۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُرَ ٰغَمࣰا كَثِیرࣰا وَسَعَةࣰۚ وَمَن یَخۡرُجۡ مِنۢ بَیۡتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ یُدۡرِكۡهُ ٱلۡمَوۡتُ فَقَدۡ وَقَعَ أَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا﴾ [النساء ١٠٠]
فكتب لنا مشكورا كعادته في منتدى الدراسات الحضرية، ما يلي، تحت عنوان:
صبرا جميلا يا آل ابن عمار..
بينما كنت أهيئ نفسي للشروع في مراجعة السلسلة الأولى من كتبي وهي " سلسة مفاتيح الدعوة " قصد تهيئتها للطبعة الثانية، بعد أمن مضى عليها ما يزيد عن أربعة عقود من الزمن، وإذا بجرس هاتف الزوجة يرن بمكالمة من الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا بالمتصل صديقة قديمة لها من أيام الدراسة الجامعية بباب الزوار، من جيل الصحوة الذهبي الذي كان لي الشرف أن أكون منه منذ شبابي المبكر، وأن أبذل كل طاقتي وفكري واهتمامي من أجل خدمته وبناء وعيه الرسالي المتماسك، والذي من أجله كتبت " سلسلة مفاتيح الدعوة " التي اطلع عليها خلق كثير من شباب الصحوة وكهولها بل وحتى شيوخها، واستفاد منها الجميع كل بحسب حاجته، وأضنها وضعت الكثير من الشباب على طريق النهضة الفكرية والروحية والسلوكية والاجتماعي الصحيحة.
وتفاجأت أن هذه السيدة الفاضلة هي حرم أخي ابن عمار عمر من أفاضل قصر البخاري بولاية المدية، وأن فحوى الاتصال تمحور حول تعزية في وفاة ابنيهما فاضل البالغ من العمر ثلاثين ربيعا وهو في مقر شغله يكدح من أجل حياة كريمة شريفة، فحزنت كثيرا ودعوت الله تعالى أن يرحم الولد ويسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يلهم أبويه وأخيه وسائر عائلته الصبر والسلوان، وأن يجعله ذخرا لهم يوم الدين.
ومما خفف عني لحظة الحزن قليلا، ما روته لي زوجتي من كلام هذه السيدة الفاضلة الذي يشع إيمانا ويقينا ووعيا والتزاما واحتسابا، وكان من بين ما طلبت من الزوجة تبليغه لي هو أنها كانت بارك الله فيها، من جيل الصحوة الذهبي الذي تتلمذ على " سلسلة مفاتيح الدعوة " التي صدرت لي في بداية ثمانينات القرن الماضي، ولم تكتف بقراءتها وهضمها والانتفاع بها فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى تلخيصها وتقديم نسخة من تلك الملخصات لي يوم أن كانت طالبة في جامعة باب الزوار، وناشطة في الفضاء الثقافي العام للجامعة والحي الجامعي للبنات بالعالية.
لقد سرني هذا كثيرا، وشحذ طاقتي وهمتي كثيرا رغم متاعب المرض، لأمضي قدما بتوفيق الله، في مراجعة وإعادة طبع هذه السلسلة المباركة، التي بارك الله فيها في حياة كثير جدا من جيل الصحوة، وما زال الكثير من المربين الفضلاء يلحون عليها بإعادة نشرها.
فاللهم تغمد الفقيد بواسع رحمتك، وأفرغ على ذويه الصبر الجميل، وثبتنا اللهم جميعا على صراطك المستقيم، وخذ بأيدينا إلى الأعمال المفيدة لنا ولمجتمعنا وأمتنا والإنسانية، وثبتنا عليها، واجعلنا ممن ينطبق عليهم قول رسولك عليه الصلاة والسلام: ( إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمَلَهُ. قِيلَ كيفَ يَستعمِلُهُ ؟ قال: يُوفِّقُهُ لعملٍ صالِحٍ قبلَ الموْتِ ثمَّ يَقبِضُهُ عليهِ ). والله أكبر، وإنا لله وأنا إليه راجعون. ولله سبحانه وتعالى ما أعطى وله ما أخذ.
أخوكم ومحبكم الاستاذ الدكتور الطيب برغوث
منتدى الدراسات الحضرية
02 شعبان 1445 هـ الموافق 12 فبراير 2024 م