62153

0

مذكرات شاهد على سنوات الجمر الحلقة 141

بقلم اسماعين تماووست 
الحكم في هذه الدنيا لا يتعدى كونه ظلًا زائلًا، أو صورة مؤقتة للعدل، أما الحكم الحقيقي فهو يوم القيامة، ذلك اليوم الذي تتجلى فيه كل الحقائق، وتتساوى فيه كل الرقاب أمام عدالة الله المطلقة.

في ذلك اليوم، سيقف كل ظالم أمام ما اقترفت يداه، مرتعدًا مما سيجده مكتوبًا عليه، سواء كان من الذنوب ما ظنه صغيرًا لا يُذكر، أو من الكبائر التي استباحها بجرأةٍ وفجور.
إن الاعتداء على شعبٍ أعزل، وقتل الأبرياء، وترويع النساء والأطفال، ليست إلا انعكاسًا لمكر الشيطان ووساوسه.

هذه الجرائم الوحشية التي ارتكبها الإرهابيون ليست أعمالًا عشوائية، بل هي خطة خبيثة تهدف إلى تدمير الإنسانية. يقول الله تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ" (سورة إبراهيم، الآية 42).
كل شيء، مهما خفي أو صغر، سيظهر في يوم القيامة. يومئذٍ، لا مجال للإنكار ولا للهرب، فالله عز وجل يقول:
 "يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ" (سورة الطارق، الآية 9).
تلك اللحظة ستكون حاسمة، حيث ستظهر كل الحقائق، وسيحاسَب كل فرد على أفعاله، مهما حاول تبريرها في الدنيا، كيف يمكن لمن استحل دماء الأبرياء أن يجد عذرًا عند الله؟ كيف سيواجه أولئك الذين خانوا أوطانهم وباعوا ضمائرهم لأجل مصالحهم الشخصية؟
إن الإرهاب لم يكن مجرد جريمة ضد الإنسان، بل هو جريمة ضد الإنسانية جمعاء.

ولقد كان على عاتقنا، نحن رجال الشرطة والمواطنين الأوفياء، أن نُظهر للعالم جرائمهم، ونكشف حقيقتهم، إن كل قطرة دم سُفكت بغير حق، وكل روحٍ أُزهقت ظلمًا، ستُعرض أمام الله يوم القيامة.
الله سبحانه وتعالى لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. يقول في كتابه العزيز:
 "وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا" (سورة الأنبياء، الآية 47).
إن هؤلاء الذين يظنون أنهم فوق القانون، أو أنهم بمنأى عن عدالة الأرض، سيندمون يوم لا ينفع ندم.ط، يوم يقفون أمام الله، محاطين بجرائمهم، بلا شفيع ولا نصير.

وفي هذا السياق، قال النبي ﷺ:
"إن الله يُمهل للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفلته" (رواه البخاري ومسلم).
فليعلم كل إنسان أن الله بحكمته وعدله يُمهل الظالمين، ليمنحهم فرصة للتوبة والرجوع إلى الحق،  لكن إذا تمادوا في ظلمهم، اعتقادًا أنهم فوق الحساب، فإن الله يأخذهم أخذًا شديدًا لا مفر منه.
لقد كان واجبنا كمؤمنين بالله وكأبناءٍ لهذا الوطن أن نواجه الظلم بكل أشكاله،  إن العدل لا يُقام بالكلام، بل بالأفعال. ولقد تعلمنا أن الموت ليس نهاية، بل هو بداية للحساب. يقول الله تعالى:
 "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ" (سورة آل عمران، الآية 185).
الحياة قصيرة، لكنها فرصة عظيمة لإحقاق الحق، والوقوف مع المظلوم، ومواجهة كل من يحاول أن يعتدي على الإنسانية. الموت حق، ولكن الفارق بيننا وبين أولئك الجبناء هو أننا نواجهه بكرامة وإيمان، بينما هم يعيشون في ظلال الخوف والجبن.
ليتذكر كل إنسان أن الله لا يغفل ولا ينام. العدل الإلهي هو الملاذ الأخير لكل مظلوم، وهو العقاب الذي لا مفر منه لكل ظالم. فالحياة امتحان، والموت بوابة، والحساب يومٌ لا ريب فيه، يوم يُنصف فيه كل مظلوم ويُقتص فيه من كل ظالم.

وفي النهاية، لا بد أن نعلم جميعًا أن العدالة الإلهية، مهما تأخرت، فهي قادمة لا محالة، قد يُمهل الظالم ويظن أنه قد أفلت من العقاب، لكن الله عز وجل يراه ويعلم ما في الصدور، ولن يغفل عن حق أي مظلوم.

إن الظلم في هذه الدنيا له نهاية، ولكن الظلم في الآخرة له حساب عسير، وحين يواجه الظالم حقيقة أفعاله، لن يجد مفرًا من عدل الله.
الجرائم التي ارتكبها الإرهابيون، والدماء التي سُفكت بغير حق، ستظل شاهدة عليهم، وستُعرض أمام أعينهم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون. لا يظنوا أن القتل والتدمير سيذهب سدى، فإنهم سيواجهون حسابًا لا مهرب منه، ولن تنفعهم يومها قوتهم ولا سلطتهم.
يجب أن نذكر أنفسنا دائمًا أن الحق لا يموت، وأن كل ظلم سيواجهه صاحبه يوم القيامة. كما قال الله تعالى:

 "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ شَرٍّ مُحْضَرًا" (سورة آل عمران، الآية 30).
لذلك، علينا التمسك بالأمل و النضال من أجل الحق في هذه الحياة، لأن العدالة لا تعرف التسامح مع الظلم، ولن ننسى أبدًا أن كل شيء في هذه الدنيا يُكتب، وكل روح أُزهقت ظلمًا ستنال حقها أمام الله، وفي هذا نجد عزاءً للمظلومين، ووعيدًا للظالمين.

لن يكون هناك مكان للهرب، ولن ينقلب حساب الله، فمهما كانت الظلمات التي تعيشها الشعوب، فإن فجر العدالة الإلهية قادم لا محالة، ويومًا ما، سيُقتص من كل دماء أُهدرت ظلماً، ويُرفع الظلم عن كل مظلوم.

يتبع...

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services