في إطار عائلي داعم، وجدت نفسي أمام مسؤول متفطن يدرك تمامًا كيفية إقامة علاقات بناءة مع مختلف الأشخاص، مما يمنحه القدرة على الحصول على الدعم بمرونة لتحقيق أهدافه.
أعترف أنني قبل لقائه وعندما علمت برغبته في مناقشتي، اجتاحتني مشاعر من التوتر الناتجة عن غموض الموقف، فقد كان هذا المدير بالطبع هو المسؤول الأول للاستخبارات الوطنية، مما يدل على عبقريته، وحكمته وقوة شخصيته.
كانت تلك الرهبة التي شعرت بها في البداية بمثابة انعكاس لأهمية المهمة التي تنتظرني، لكنني قررت أن أواجه هذا التحدي بالثقة والإجتهاد، مدركًا أن كل لقاء يحمل فرصة للتعلم والتطور.
نتيجة لهذه التأثيرات، حولت مخاوفي إلى ثقة تامة، وأقنعت نفسي بأن كل شيء سيكون على ما يرام، ومع ذلك، لم أعد بحاجة إلى الاستعداد كما لو كنت سأجتاز امتحانًا، بل اتجهت نحو الحوار برؤية واضحة.
لقد ساهمت دراما الهجوم على مدرسة الشرطة بالصومعة في إحداث تغييرات جوهرية في إدراكي للأحداث، حيث جعلتني أتواصل مع كبار المسؤولين في السلطة وكبار الضباط، وخاصة في المديرية العامة للأمن الوطني (DGSN).
كانت تلك التجربة بمثابة محطة فارقة في مسيرتي المهنية، حيث جعلتني أعي أهمية التنسيق والتعاون بين جميع الأجهزة الأمنية، كما أدركت أن النجاح في هذا المجال لا يتحقق إلا من خلال العمل الجماعي والالتزام المشترك بالهدف الأكبر، وهو حماية الوطن والمواطنين.
أما بالنسبة للخبرة المهنية والذكاء، خاصة في المجال الاستخباراتي، بيني وبينه وبين المسؤولين، فإن نتيجة مهامهم كانت حصيلة و خاتمة لما قدمت وقدم كل من كان معي من الأوفياء و الشرفاء، بالتالي هي ليست أفضل مما قدمت بل أعتبرها سلسلة من الجهود انصبت في مسار محاربة الإرهاب والقضاء عليه.
كان على كل حر من أبناء هذا الوطن الغالي أن يتحلى بأعلى درجات اليقظة والحذر ومواصلة مشوار مكافحة شبح الإرهاب بصرامة وعزيمة، كما يجب أيضا بذل المزيد من الجهود المضنية من أجل الحفاظ على حرية و أمن وسلامة الوطن المحققة بفضل تضحيات جسام قدمها الشهداء و أفراد الجيش الشعبي الوطني وجميع المصالح و الأجهزة الأمنية الوطنية ، فالحفاظ على هذه المكاسب و الإنجازات و التضحيات تعد واجباً مقدساً و يتعين على كل شريف القيام به بعزة و كرامة.
بتاريخ 26 أوت 1985، حوالي الساعة الحادية عشرة مساءً، ترأست اجتماعًا مهمًا وفريدًا من نوعه داخل مدرسة شرطة الصومعة، حيث كان موضوعه عن الإرهابيين الذين هاجموا المدرسة، حضر الاجتماع عدد قليل من كبار الضباط من جميع الأجهزة الأمنية.