1504

0

مظاهرات 11 ديسمبر 1960...محطة فخر واعتزاز للجزائريين ونموذج على الفلسطنيين الإحتذاء به

تعتبر مظاهرات 11 ديسمبر 1960 رمزا آخرا من رموز البطولات التي ميزت تاريخ كفاح ونضال الشعب الجزائري  المرير وخلدت تضحياته الجسيمة  إبان الثورة التحريرية المظفرة. 

نزيهة سعودي

في مثل هذا اليوم من سنة 1960 خرج عشرات الآلاف من الجزائريين للتظاهر في الجزائر العاصمة ومدن أخرى في البلاد، رافعين العلم الوطني تعبيرا عن معارضتهم المطلقة لسياسة الاستعمار، فكانت هذه المظاهرات التي أجمع المؤرخون بأنها  منعرجا حاسما في مسار الثورة التحريرية الجزائرية، سببا في إجهاض مخطط الرئيس الفرنسي شارل ديغول،من خلال فكرة الجزائر- جزائرية،كما جاءت الأحداث تعبيرًا واضحا للرأي العام الفرنسي والعالمي عن الرفض المطلق لسياسة الاستعمار ومناوراته الجديدة المتمثلة في التهدئة الديغولية.

فقد سعى الشعب الجزائري من خلال هذه المظاهرات التي انطلقت في العاصمة من الأحياء الشعبية كحي بلوزداد  والمدنية وباب الواد، إلى التعبير عن انخراطه في الثورة وتمسكه الثابت بجبهة وجيش التحرير الوطنيين، إذ تعتبر هذه المظاهرات بمثابة "استفتاء" لصالح الاستقلال بالنظر لأثارها الفورية على الثورة على الصعيد الدولي وما تسببت فيه من عزل فرنسا على الساحة الدولية.

 المظاهرات تكشف حقيقة جرائم الاستعمار الفرنسي أمام الرأي العالمي 

على إثر زيارة الجنرال "شارل ديغول" إلى الجزائر في إطار تنفيذ مشروعه الجديد المتمثل في الإبقاء على الجزائر جزءًا من فرنسا في إطار فكرة "الجزائر جزائرية"، كانت الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية الجزائرية منقسمة إلى ثلاثة تيارات رئيسية: المستوطنون و هم المناهضون لسياسة "شارل ديغول" وهم الذين قاموا بمظاهرات يوم 9 ديسمبر 1960 بعين تيموشنت محاولين إحباط مخططه الداعي إلى اعتبار "الجزائر جزائرية" حاملين  شعار "الجزائر فرنسية".

الطرف الثاني و هم أنصار "الديغولية" من الفرنسيين وقد تحرّكت هذه المجموعة بإيعاز من حكومة باريس يوم 10 ديسمبر 1960 بغرض إفشال مشاريع المستوطنين الرافضين لسياسة "ديغول" في الجزائر، شعارهم "الجزائر جزائرية"، و بالنسبة لمجموعة التيار الوطني ممثلاً في الجماهير الشعبية التي أعلنت رفضها القاطع للمشروعين الأولين في مظاهرات عارمة، عبّرت عن تمسكها بقيادة جبهة التحرير الوطني واستقلال الجزائر وكان شعارها "الجزائر عربية مسلمة"  "الجزائر مسلمة مستقلة".

أكّدت المظاهرات خلال نتائجها الشعبية تلاحم الشعب الجزائري  وتماسكه وتجنيده وراء مبادئ جبهة التحرير الوطني للقضاء على سياسة ديغول  ومخططاته، حيث كشفت هذه المظاهرات حقيقة جرائم الاستعمار الفرنسي أمام الرأي العالمي، حيث سقط عدد كبير من الشهداء والجرحى وأسفرت عن العديد من المعتقلين في صفوف الجزائريين، كما أثبتت المظاهرات للجنرال "ديغول" وللعالم بأسره أن الثورة الجزائرية ثورة شعب يرفض كل أنواع المساومات بما في ذلك مشروع "ديغول"  مما أجبره على استئناف المفاوضات مع جبهة التحرير الوطني الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري.

لقد كانت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 حدثا تاريخيا مُميّزًا في المسيرة النضالية للشعب الجزائري، إذ وجّه من خلالها رسالة قوية لساسة فرنسا وعسكرييها ودعاة الجزائر الفرنسية عن مدى تلاحمها والتفافها حول قيادتها الثورية من أجل نصرة قضيتها الوطنية، فتجلّت بذلك الصورة الحقيقية والبشعة التي ظلّت تغيّبها الإدارة الاستعمارية عن الرأي العام العالمي حيث اغتنم الجيش الفرنسي هذه المظاهرة السلمية ليقوم بمجازر بشِعة ضد شعب أعزل. 

أثبتت تلك الهبّات الشعبية بمختلف أرجاء الوطن إصرارها على افتكاك ما اغتُصب منها  ظُلما وعدوانا، ونجحت في كسر شوكة المستعمر، وكذّبت أسطورته "الجزائر فرنسية" بعدما أثبتت للجنرال ديغول وللمعمرين الفرنسيين أن الجزائر لم تكُن يوما فرنسية ولن تكون أبدا تابعة لفرنسا. 

الجيش الفرنسي يواجه المظاهرات بالدبابات و المدافع 

وتتمثل الشرارة المفجرة لهذه المظاهرات في قيام مجموعة من المعمرين  بالجزائر العاصمة بالاعتداء على ثلاث جزائريين وانهالوا عليهم ضرباً وتعذيباً فتجمع بعض الجزائريين للدفاع عن إخوانهم ففر الأعداء وتركوا المكان للقوات الفرنسية التي راحت تطلق نيرانها على الجزائريين فأنتشرت الأخبار واندفعت الأمواج من الرجال والنساء يحملون الأعلام الجزائرية ويهتفون بحياة الجزائر المستقلة وبحياة جبهة التحرير الوطني، وانتقلت أخبار هذه المظاهرات إلى كل المدن الجزائرية، انطلاقا من الجزائر العاصمة إلى  باتنة، قسنطينة، البليدة، عنابة، تيزي وزو، شلف، وهران، سيدي بلعباس"، واستمرت إلى غاية 16 من شهر ديسمبر.

تفاجأ الفرنسيون بحوادث العاصمة ووهران وقسنطينة وعنابة وقالمة، وغيرها مثلما فوجئوا بثورة أول نوفمبر، فجاء رد فعل السلطات الفرنسية قويا تجاه المظاهرات، إذ قابل الجيش الفرنسي الجموع الجزائرية بالدبابات والمدافع  والرشاشات وأمطروهم بنيران القنابل وأطلقوا عليهم الرصاص، كما قامت الشرطة الفرنسية بالمداهمات الليلية لاختطاف الجزائريين من منازلهم، والإغارة على المواطنين وهم يوارون شهداءهم، مما زاد في عدد القتلى بالإضافة إلى سلسلة الاعتقالات التي مسّت عددا كبيرا من الجزائريين.

الدكتور بن يغزر "النموذجية التي ميزت الثورة الجزائرية هي بمثابة درس كبير ستستفيد منه القيادة الفلسطينية لتحقيق أهدافها"

في هذا الصدد و بالحديث عن قرارات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون التي  تعكس الإرادة السياسية لتقوية جبهة الدفاع عن الذاكرة الوطنية، أكد لبركة نيوز أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر أحمد بن يغزر، بجامعة جيلالي بونعامة بخميس مليانة، أن الذاكرة لكل أمة و لكل شعب هي تراث مهم يجب الحفاظ عليه و ربط الأجيال به باستمرار لكي تبقى روح الوطنية و العطاء و التضحية و روح الفعل من أجل خدمة الوطن مستعيرة بشكل دائم.

لذلك اعتبر بن يغزر أن أي قرار يصب في خدمة الذاكرة و الحفاظ عليها و تعميق معانيها و تأكيد حضورها في مختلف الأشكال و الوسائل عبر البرامج التربوية و الأنشطة الإعلامية، و الأعمال و الدراسات الأكاديمية و عبر الوسائل المختلفة لتمثيل هذه الذاكرة و استمرارها، و كذا عبر إصدار التشريعات و القوانين التي تحفضها و تثبتها كل ذلك يعتبر مهم في الحفاظ على الذاكرة الوطنية.

و في هذا السياق أضاف محدثنا أن كل حدث في التاريخ ترتبط أهميته بالسياق الذي يأتي فيه و النتائج المترتبة عليه، فإذا نظرنا إلى مظاهرات 11 ديسمبر وجدنا أنها تندرج في سياق العمل الذي كان الجزائريون يقومون به منذ 1 نوفمبر 1954 و من أجل استرجاع السيادة الوطنية و تحقيق الاستقلال، و لكن القيمة الأكبر لهذا الحدث كونه جاء على شكل رد فعل شعبي ساند للأعمال القتالية التي كانت تقوم بها الثورة في الجبال و المدن و مختلف المناطق و كذلك سند للعمل الديبلوماسي الذي كانت تخوضه الثورة في مختلف المحافل و الهيئات الدولية.

 و الأهم من ذلك أشار أستاذ التاريخ أن مظاهرات  11 ديسمبر 1960 جاءت بعد سياسة خطيرة لجأ إليها الرئيس الفرنسي شارل ديغول بين سنة 1958 و 1960 سواء بوجهها الترغيبي أو الترهيبي، و كان ثقلها على الثورة كبيرا و هذا باعتراف الكثير من المجاهدين اللذين قالوا أن سياسات ديغول كانت خطيرة جدا و كادت أن تقضي على الثورة لولا أنها كانت متجذرة اجتماعيا و تملك مشروعية الأحقية في التضحية من أجل الدفاع عن الوطن و تحقيق أهداف الثورة من خلال إنجاز بنود بيان أول نوفمبر، فقد جاءت هذه الأحداث كنقطة دعم قوية لمسار الثورة الجزائرية و أظهرت أن الثورة ليست مجرد أعمال عسكرية يقوم بها البعض بل هي تعبير عن رغبة شعبية عارمة و أنها لن تتوقف إلا بعد أن تحقق الاستقلال، هذه الرمزية كانت مهمة جدا بالنسبة لمظاهرات 11 ديسمبر 1960.

القوة السياسية هي قوة العمل المسلح 

و بالنسبة للثورة الجزائرية و الطريقة التي سارت عليها لتحقيق أهدافها أوضح ذات المتحدث أنها تستحق فعلا أن تكون نموذج للشعوب  التي تعيش أو عاشت نفس وضعية الجزائريين من وجود احتلال قمعي شرس يريد إبادة الشعب الجزائري و إنهاء وجوده أو إفقاره لكل عناصر سيادته و ذاتيه و حريته، و انطلاقا من هنا فإن كل حركة تحررية و بدون شك القضية الفلسطينية على رأس هذه الحركات التحررية خاصة مع ما يحدث اليوم إثر طوفان غزة، يمكنها بشكل كبير أن تستفيد من نموذجية الثورة الجزائرية سواءا في وضوح أفكارها و مطالبها أو في وحدة و انسجام مكوناتها و اتفاقها على هدف مشترك أو في لجوءها إلى العمل الصريح و الواضح من خلال العمل المسلح الذي توازيه أيضا أعمال أخرى ديبلوماسية و إعلامية و لكن القوة الأساسية هي قوة السلاح.

 و في هذا الإطار و بدون شك فإن إخواننا في فلسطيني _ حسب الأستاذ بن يغزر_ أكيد أنهم درسوا الثورة الجزائرية و استفادوا من هذه التجربة الهائلة و هم اليوم يخطون نموذج استثنائي و فريدا ، و بدون شك سيقودهم إلى تحقيق أهدافهم من أجل الانعتاق و التحرر و ربما العمل الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023 الذي سمي بطوفان الأقصى ربما هو استنباط و استفادة من تجربة ما قام به الجزائريون في 1 نوفمبر 1954 و لذلك فإن المجاهدين الفلسطينيين الآن يقولون أن ما انطلق في 7 أكتوبر هو عبارة عن بداية مشروع من أجل تحرير فلسطين لذلك فإن هذه التجربة الجزائرية الملهمة بما فيها من معاني و قيم و تطبيقات عملية ناجحة و التفاف شعب حول الثورة و قيادة واعية و مدركة لحجم التحديات و لها كل الاستعداد للتضحية بدون شك هذه النموذجية التي ميزت الثورة الجزائرية يمكن أن تكون بمثابة درس كبير ستستفيد منه الثورة و القيادة الفلسطينية من أجل تحقيق أهدافها.

البروفيسور  لونيسي" مظاهرات 11 ديسمبر تعد مرحلة حاسمة في الثورة الجزائرية"

و من جهة أخرى و بخصوص الدروس و العبر التي يمكننا استخلاصها من محطات هذه الذكرى، أبرز البروفيسور رابح لونيسي من جامعة وهران، أن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 تعد مرحلة حاسمة في الثورة الجزائرية، وهي التي حسمت مسارها نهائيا، فجعلت ديغول يقتنع نهائيا بقتل كل مشاريعه للقضاء على هذه الثورة، ويعترف بأن الأمة الجزائرية حقيقة قائمة رغم كل محاولات نفي وجودها، كما أقتنع بأن جبهة التحرير الوطني هو الممثل الوحيد للشعب الجزائري، وبأنه الا طائل له لنفي ذلك أو الحديث عن تنظيمات أخرى يحق لهم تمثيل هذا الشعب.

 يظهر ذلك كله وفق ما صرح به محدثنا من خلال الشعارات التي رفعت في مختلف المظاهرات التي عرفتها الكثير من المدن الجزائرية إن لم نقل جلها، خاصة مظاهرات العاصمة التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية بعد ما صورها صحفيون إيطاليون كانوا بالقرب منها آنذاك بالعاصمة، فكرر ديغول في آخر خطاب وزيارة له الجزائر أثناء تلك المظاهرات مقولة " لقد فهمتكم" موجها كلامه للشعب الجزائري، وهي نفس العبارة التي قالها عند توليه السلطة في 1958 موجها كلامه للمعمرين، وهو ما يشير إلى تحول ديغول ب 180 درجة، فبعد أن جاء للقضاء على الثورة الجزائرية بإستراتيجية واضحة المعالم انتهى في ديسمبر 1960 إلى الاعتراف بهذه الثورة وبالأمة الجزائرية والتفكير في ضرورة الدخول في مفاوضات جادة مع جبهة التحرير الوطني. 

أبانت هذه المظاهرات بأن العمل المسلح في الجبال رغم أهميتها في الضغط على فرنسا وإيصال القضية الجزائرية إلى المحافل الدولية إلا أنها لم يكن لها نفس تأثير عمل مسلح أو مظاهرات عارمة في المدن، خاصة العاصمة، وهو ما كان يدور في خلد قيادات الثورة التي ركزت على العمل الفدائي في العاصمة بعد 1956 وحولتها إلى منطقة خاصة طبقا لفكرة منتشرة لدى هذه القيادة، وهي أن عملية فدائية واحدة في العاصمة سيكون تأثيرها أكثر من عدة عمليات في الجبال أين يتم التعديم عليها على عكس المدن الكبرى خاصة العاصمة. 

و هذا السياق يرى البروفيسور لونيسي أن ما يظهر بجلاء في مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي كان لتأثيرها الإعلامي دورا كبيرا آنذاك، تبين هذه المظاهرات بأن الشعب الجزائري هو العنصر الحاسم في مسار الثورة من خلال خروجه إلى الشارع، وكأنه قام بعملية استفتاء على تقرير المصير في الوقت الذي كانت فرنسا الاستعمارية تدعي بأن المجاهدين الذين يقومون بالعمل المسلح تحت لواء جيش وجبهة التحرير الوطنيين لا يمثلون كل هذا الشعب فهذه المظاهرات جسدت عمليا مقولة الشهيد العربي بن مهيدي "أرموا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب".

كما كذبت هذه المظاهرات الإدعاء الفرنسي بأن العاصمة هادئة بعد ما تم القضاء على معركة الجزائر في 1957، لكن ردت العاصمة على ذلك بمظاهرات لم يكن ينتظرها الإستعمار الذي استسلم لأوهامه وأمانيه وأكاذيبه، فقد أصبحت المظاهرات أسلوبا مكملا للعمل المسلح والعمل الدبلومسي والسياسي والثقافي وحتى الرياضي مما سمح بانتصار الثورة الجزائرية وتحقيق أهدافها الإستراتيجية كاملة.

تضامن العالم مع المظاهرات أجبر ديغول على المفاوضات 

 اتسعت دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم خاصة في العالم العربي وحتى في فرنسا نفسها، حيث خرجت الجماهير الشعبية في مظاهرات مؤيدة للقضية الجزائرية العادلة ، أدخلت فرنسا في نفق الصراعات الداخلية وعزلة دولية في نفس الوقت وأحرجتها مع حلفائها ، الأمر الذي أجبر ديغول على الدخول في مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري ، وهو الأمل الوحيد لإنقاذ فرنسا من الانهيار الكلي.

و من هذا المنطلق ذكر ذات المتحدث ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية سواء كانت عربية أو دولية هذه المظاهرات ومختلف صورها بعد ما تمكن مجموعة صحافيين إيطاليين من تصوير بعضها، فتهافتت وكالات الأنباء العالمية ومختلف وسائل الإعلام على نقلها، خاصة الدول الصديقة للثورة الجزائرية فلعبت دورا بارزا في إيصال القضية الجزائرية إلى مختلف المحافل الدولية، ومنها هيئة الأمم المتحدة التي أصدرت جمعيتها العامة القرارا بتكفل هذه المنظمة بتنظيم استفتاء حق تقرير المصير في الجزائر، وهو ما كان أحد الأسباب، وليس الوحيد طبعا التي دفعت ديغول إلى الدخول في مفاوضات مباشرة مع جبهة التحرير الوطني خوفا من تدخل دولي كان يتجاوزه بكل الوسائل والأساليب.

فنظم استفتاء بفرنسا في جانفي 1961 أي بعد شهر من هذه المظاهرات اعطى من خلاله الشعب الفرنسي الضوء الأخضر للدخول في مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني، وكل ذلك لكي لا يسمح للهيئة الأممية بالتدخل بكل انعكاساته على سمعة فرنسا ودورها الدولي فأصبح دوغول يفكر في إنقاذ فرنسا ذاتها من تأثيرات الثورة الجزائرية على مستقبلها، فمن ذلك بدأت المفاوضات التي انتهت في إيفان 2 يوم 18 مارس 1962 أين حققت الثورة كل أهدافها الإستراتيجية التي سطرت في نداء أول نوفمبر 1954 وأرضية الصومام 1956.

دور الفنون السينمائية كعامل أساسي لإدخال الذاكرة بالنظر لتأثيرات الصورة 

كما تطرق البروفيسور للحديث عن كيفية توطيد العلاقة بين الشباب و الذاكرة و سبل إيصالها للأجيال، حيث أكد أن تدريس التاريخ وإعطائه أهمية كبرى في المدرسة هي إحدى الوسائل الهامة في بناء الأمم لكن اليوم ظهرت وسائل وأساليب أخرى أكثر فعالية، ومنها وسائط التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام، خاصة المرتبة منها مثل الأشرطة الوثائقية وقناة الذاكرة التي أنشأت منذ سنوات، لكن أكبر عامل هو إدخال الذاكرة إلى مجال الفنون، وعلى رأسها السنيما، فيمكن  اليوم أن تنقل الكثير من الأحداث وتاريخ الشخصيات إلى مجالات السنيما سواء كانت مسلسلات أو أفلاما، فالصورة تؤثر ألف مرة من الكتاب.

كما  أضاف بالقول "تحضرني في ذلك التجربة التركية التي تمكنت من توظيف السنيما في صناعة قوة ناعمة، وقد سبقها إلى ذلك أمريكا من قبل، ليس فقط لترسيخ الذاكرة في الأجيال، بل أيضا لإيصال صورة الشعب الجزائري إلى العالم كله من خلال تصوير تاريخه العريق الممتد على آلاف السنين بواسطة الفنون السنيمائية".

وأوضح البروفيسور لونيسي بأن الجزائر بدأت منذ فترة في ذلك من خلال عدة أفلام حول أبطال جزائريين مثل بن بولعيد ولطفي وكريم بلقاسم وزبانا وبن مهيدي وبن باديس وغيرهم، لكن ذلك غير كاف، التفكير في إدخال تخصص الفنون إلى التعليم الثانوي، وكذلك من خلال التوقيع مؤخرا على إتفاقية مع تركيا بعد زيارة أردوغان الأخيرة إلى الجزائر بهدف الاستفادة من تجربتها السنيمائية.

رغم ماقيل عن الأحداث لا تزال المظاهرات تُمثّل للأجيال محطة فخر واعتزاز في التاريخ النضالي من أجل التحرّر من نير الاستعمار الغاشم، ومنبع إشعاع  يُنير دربها وتستلهم منها الدروس والعبر  لمواجهة التحديات إذن، فهي بالتأكيد مناسبة أخرى لنستذكر بطولات شعبنا ولنترحم على أرواح قوافل شهدائنا الأبرار والمجد والخلود لشهدائنا. 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services