261
0
أحدث التقنيات التي توصل إليها الخبراء الجزائريين في مجال الطاقات المتجددة
مخرجات الورشة الدولية الثانية حول الطاقات المتجددة
الطاقة المتجددة هي الطاقة المستدامة التي يتم الحصول عليها عن طريق الموارد الطبيعية، وهي طاقة لا تنفذ ولا تنضب وليس لها عمر افتراضي من الناحية العلمية، كما تعد مصادر قائمة ومتوفرة ما دامت الحياة قائمة بخلاف مصادر الطاقة التقليدية كالبترول والغاز والفحم، بحيث تعتبر الطاقة المتجددة وبالأخص الحديثة منها، صديقة للبيئة بسبب ميزاتها البيئية المواتية حتى أصبح يطلق عليها باسم "الطاقة الخضراء".
شروق طالب
ونظرا للأهمية التي يكتسيها موضوع الطاقات المتجددة، أقدم النادي للتميز والكفاءات العالية على تنظيم الورشة الدولية الثانية على التوالي تحت اشراف وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، وبمساهمة كل من المدرسة الوطنية العليا للطاقات المتجددة البيئة والتنمية المستدامة بباتنة ومركز تنمية الطاقات المتجددة ببوزريعة، فضلا عن مساهمة خبراء جزائريين من جامعات عالمية كل هذا لإثراء عدة مواضيع تتعلق بمستقبل الطاقات المتجددة في الجزائر.
سياسة الدولة وبرامجها حول الطاقات المتجددة
وفي هذا الشأن، اوضح محمد غزلي خبير دولي في الانتقال الطاقوي بخبرة تتجاوز أكثر من 20 سنة في هذا الميدان، وكذا في تكنولوجية الطاقات المتجددة بألمانيا، بأن الورشة الدولية الثانية حول الطاقات المتجددة عرفت مواضيع ومحاور جديدة بالمقارنة مع الورشة الأولى، التي هي الأخرى أثارت عدة نقاط مهمة من شانها تطوير هذا المجال ومتابعة مشاريعه المسطرة بفضل مخرجاتها.
وأضاف بان هذه المواضيع المقترحة في هذه الورشة هي مستمدة من سياسة الدولة وبرامجها المسطرة، على غرار استثمار في كل ما هو أخضر المقصود به هنا الهيدروجين الأخضر، هذا وبجانب المشاريع أخرى في الطاقات المتجددة والتي تتمثل في توليد 1000 ميغاواط من طاقة الرياح، إنتاج 3000 ميغاواط من الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى مشاريع تهدف إجمالا إلى إنتاج 15 ألف ميغاواط بحلول 2035، مشيرا بأن هذه الطبعة عرفت أيضا مشاركة عدد أكبر لأساتذة وباحثين جزائريين في جامعات عالمية في مختلف انواع الطاقات المتجددة.
ومن جانبه أكد نوار ثابت عميد كلية العلوم بجامعة الشارقة، مختص في فيزياء المواد الصلبة وشغله الأكبر في الخلايا الشمسية، بأن هذه الدورة بصدد مناقشة موضوع لا يقل أهمية عن المواضيع التي تم التطرق اليها في الورشة الاولى والثانية التي جلها تتمحور حول الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، وهي تقنيات تخزين الطاقة بين تحديات في تكلفة وحجم البطارية، والآفاق التي تطمح إلى تطوير تخزين الطاقة بحجم وتكلفة أقل ومدة تخزين تصل حتى سنة من الاستهلاك.
الزراعة الكهروضوئية بين توليد الطاقة والإنتاج الزراعي
وعن موضوع آخر وهام كان ضمن محاور الورشة الدولية الثانية حول الطاقات المتجددة، آثاره ثابت وهو موضوع الزراعة الكهروضوئية، حيث أوضح محدثنا بأن معظم المحطات الشمسية تضع ألواحها فوق الأرض سواء كانت أرضا زراعية أو غير مستغلة، حيث تم ملاحظة بأن الأرض الزراعية التي توضع فوقها هذه الألواح بعد فترة تعاني من عدة نقائص التي تؤدي إلى ضياع المحاصيل وبالتالي تصبح غير صالحة للزراعة.
وأضاف بأن الزراعة الكهروضوئية هي تقنية تجمع بين توليد الطاقة الكهروضوئية والإنتاج الزراعي، وذلك عن طريق زيادة مسافة الألواح الشمسية على الأرض وذلك لتفادي اولا المشاكل التي تترتب على وضع الألواح بمسافة قليلة فوق الأرض، وثانيا استغلال المساحات وكذا زيادة النشاط الزراعي وذلك لأن هذا النوع من الزراعة يسمح أيضا بتنقل الجرارات الفلاحية داخل هذه الاراضي، ومن جهة أخرى تسجيل زيادة في انتاج الطاقة.
كما أشار ذات المتحدث، بأنه من خلال التجربة تم فيها زراعة بعض الخضروات في صحراء الجزائر لوحظ بعد فترة تلف المحصول بسبب درجات الحرارة المرتفعة، لهذا فان تقنية الزراعة الكهروضوئية ستكون الحل الأمثل لحماية المحصول الزراعي وفي نفس الوقت تحويل واستغلال الأراضي الغير قابلة لزراعة إلى نشاط زراعي وطاقوي متكامل.
ومن جانبها اشادت فايزة بوزقزة رئيسة نادي التميز والكفاءات العالية بدور هذه التظاهرة العلمية إلى جمعت الباحثين وأعضاء هيئة التدريس والمهندسين وخبراء الصناعة وموظفي الوزارات المعنية والطلاب لمناقشة التحديات الرئيسة التي تواجه الإدماج الواسع للطاقة الشمسية في الشبكة، وخارطة الطريق لنشر الهيدروجين الأخضر ومراجعة أحدث تقنيات التخزين الطاقوي، وخاصة أن من المتوقع أن تكون الطاقات المتجددة المصدر الأساسي للطاقة في المستقبل، تحديدا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بجانب الهيدروجين الأخضر كمصدر سريع التطور للطاقة النظيفة.
اهم مخرجات الورشة الدولية الثانية البحثية والبيئية
وفي هذا الصدد، كشفت بوزقزة عن اهم توصيات الخبراء المشاركين في هذه الورشة، والتي ركزت في جانبها البحثي حول وضع استراتيجية بحثية وطنية ذات أهداف وغايات واضحة، الاستفادة من الكفاءات الجزائرية في الداخل والخارج، تحديد المزيج الطاقوي المناسب للجزائر في آفاق 2050، تركيز الأجندة الوطنية للبحوث على معالجة التحديات الكبرى التي تواجه البلاد ومراجعة آليات تمويل البحث والابتكار وفقا لذلك.
اما بالنسبة للجانب البيئي، ذكرت بوزقزة بانها شملت إصلاح وتحديث النظامين المصرفي والمالي، كون النظام المصرفي يلعب دورا رئيسيا في جذب الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة، لذا يجب وضع آليات فعالة لجعل قطاع الطاقات المتجددة جاذبا ماليا للقطاع الخاص.
بالإضافة إلى تطوير برامج الابتكار المفتوح من خلال وضع استراتيجية لتحفيز الشركات، وخاصة المؤسسات العامة، والمنظمات الحكومية لتبني ممارسات الابتكار المفتوحة، ويمكن تحقيق ذلك بشكل فعال من خلال تقديم منح مماثلة من الحكومة لدعم وتشجيع التعاون والابتكار عبر القطاعات، حيث تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز ثقافة الابتكار، والتعاون بين الجهات العامة والخاصة، ودفع النمو الاقتصادي المستدام.
تقنية التخزين من بين أهم مخرجات الورشة الدولية الثانية
وفي هذا السياق، قالت بوزقزة بان توصيات الخبراء في هذا الشأن كانت في النظر في تطوير المناطق الصناعية التي تعمل بأنظمة الطاقة الشمسية والتخزين الهجينة، حيث شهدت تكنولوجيا تخزين الطاقة، وخاصة بطاريات الليثيوم أيون، تقدما كبيرا مع انخفاض الأسعار بنسبة 86٪ خلال السنوات الأخيرة، مما يجعل مشاريع الطاقة الشمسية الهجينة والتخزينية قابلة للحياة بشكل متزايد.
وقالت "بان هذا الاتجاه يعمل جنبا إلى جنب مع تحسين الكفاءة والموثوقية، على تحويل الطاقة المتجددة من مصدر طاقة متقطع إلى مصدر طاقة أساسي يمكن الاعتماد عليه، كما يتضح من مشاريع مثل Kenhardt RMIPP في جنوب إفريقيا (540 ميجاوات من الطاقة الكهروضوئية + 1140 ميجاوات من التخزين في الساعة)، وهذا يسمح لنا بالاستفادة من الطاقة الشمسية منخفضة التكلفة، والموقع الاستراتيجي، والقوى العاملة المتعلمة، والأراضي المتاحة لجذب الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتمكين نقل التكنولوجيا، وخلق فرص عمل محلية"، مشيرة على أنها قد تكون استراتيجية أفضل من التركيز في المقام الأول على تصدير الطاقة المتجددة إلى أوروبا التي تواجه تحديات مثل ارتفاع تكاليف الاستثمار وخسائر النقل.
مشاريع جزائرية بمصدر الهيدروجين الأخضر
وفي هذا الاطار، تمحورت توصيات الخبراء حول الهيدروجين الأخضر الى إنشاء مركز أبحاث لتطوير الهيدروجين (CDH2) ليكون بمثابة منصة للابتكار على جميع مستويات سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر على غرار الإنتاج، التخزين والتطبيقات كهندسة الأقطاب الكهربائية والمحللات الكهربائية وتصميم الوقود، وهذا حسب ما أفاد به الخبراء.
كما ذكرت بوزقزة بأن من بين مخرجات الورشة إطلاق مشروع تجريبي واسع النطاق بشأن استخدام الهيدروجين في وسائل النقل الثقيلة، بدءاً بالنقل الحضري حيث يسمح للجزائر بأخذ مكانة رائدة في هذه التكنولوجيا.
ويشمل هذا المشروع التجريبي ثلاث خطوات رئيسية، في المرحلة الأولى في مدة 24 شهر تتمثل في تحويل حافلة تعمل بالديزل إلى حافلة تعمل بالهيدروجين للنقل الجامعي، المرحلة الثانية تكون في مدة 36 شهر للموافقة على حافلة الهيدروجين المصنوعة في الجزائر والتصنيع المسبق للأسطول الأول المكون من 10 حافلات، اما المرحلة الثالثة مدة 36 شهر يتم فيها تصنيع 1000 حافلة داخل المراكز الجامعية، واوضحت بوزقزة أن هذه التكنولوجيا تهدف إلى توسيع نطاقها لتشمل جميع المركبات الثقيلة على غرار الشاحنات والحفارات وغيرها وكذا تصديرها خارج البلاد، وخاصة الى أفريقيا.
هل يمكن استعمال الهيدروجين الأخضر في المجال الطبي؟
ولأن الهيدروجين الأخضر كان من اهم محاور الورشة الدولية الثانية حول الطاقات المتجددة، نظرا لإمكانية استعماله في العديد من المجالات، ولكن هل يمكن الاعتماد عليه ايضا المجال الطبي؟ وللإجابة على هذا التساؤل كان لجريدة بركة نيوز لقاء مع غانم سعد حسام دكتور وخبير في إطلاق مشاريع الصحة، حيث أوضح في هذا الشأن، بأن كبرى الدول المتطورة كألمانيا، اليابان الولايات المتحدة الأميركية وغيرها، قامت بدراسات جديدة وجادة لإدخال الهيدروجين الأخضر في العلاجات الطبية، وذلك نظرا لقدرته على علاج الالتهابات التي بدورها تتسبب في العديد من الأمراض منها الأمراض المزمنة.
ومثال على ذلك يسبب الالتهاب في الرئة تجمع سوائل وتضييق مجرى الهواء مما يجعل التنفس صعبًا ويصبح سبب مباشر للإصابة بالعديد من الأمراض المرتبطة بالجهاز التنفسي مثل الربو، والالتهاب الشعب الهوائية، كما تسبب العدوى الفيروسية عادة في حدوث التهاب بالعضلة القلبية، مما يقلل من قدرته على ضخ الدم المحمل بالأكسجين إلى أعضاء الجسم المختلفة، ونتيجة ذلك حدوث مضاعفات الأمراض القلبية، حسب ما ذكره محدثنا.
كما أشار غانم على ان الهيدروجين الأخضر يمكنه ان يكون بديل لمضادات السرطان التي تكون بتكلفة مرتفعة، بالإضافة إلى علاج الأمراض الجلدية و آلام المفاصل الناتجة عن التهاب المفاصل وكذا الالتهابات الفيروسية.
وأكد ذات المتحدث في الأخير بان قبل استغلال هذا المصدر لابد من تجاوز تحدي تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر التي تعتبر عالية نوع ما، وذلك ليكون بمثابة علاج بديل لبعض الأدوية.