مولود قاسم نايت بلقاسم من أهم الشخصيات التي تركت بصمتها في تاريخ الجزائر، كان له دورا في الحقل العلمي بكتابة التاريخ بأسس صحيحة بالإضافة إلى دوره في النضال السياسي للتعريف بالثورة في المحافل الدولية وتمثيلها أحسن تمثيل.
أميرة بن عياد
نشأته وتعليمه
مولود بن محمد وسعيد نايت بلقاسم هو ذلك الفيلسوف والمؤرخ الجزائري المولود بقرية بلعيان بآقبو بجاية سنة 1927 أما إسم قاسم فهو الاسم المستعار له للهروب من الملاحقات والمضايقات الفرنسية .
التحق بالمدرسة القرآنية وتتلمذ على يد الشيخين أمقران شقار ومحمد أكسوح وبعدها انتقل إلى زاوية تمقرة وفيها تعلم أبجديات القراءة والكتابة بآقبو، ثم التحق بالإبتدائية والثانوية التي كانت تحت إشراف جمعية علماء المسلمين، وفي 1946 ارتحل مع جماعة من الطلبة الجزائريين إلى تونس والتحق بجامعة الزيتونة ومن هنا بدأ بتوزيع مجهوده بين طلب العلم والعمل السياسي ، فكان أحد المسؤولين في اتحاد حزب الشعب الجزائري لطلبة إلى غاية 1949.
مساره العلمي والدبلوماسي
بعد أن أخذ من علماء تونس انتقل الى باريس لمواصلة مشواره الدراسي، فامضى شهور بمعهد اللغات الشرقية لتعرف على المناهج المعتمدة هناك ، واشتغل بالمكتب الدائم لحركة الانتصار الحريات الديمقراطية مع محمد يزيد والدكتور شوقي مصطفاوي ومحمد خيضر بلقاسم راجف، وكان مولود بباريس عضو المداومة بنفس الحركة من 1949الى1950 .
وفي سنة 1950 استدعي إلى القاهرة من قبل الأستاذ شاذلي مكي ممثل حزب الشعب الجزائري بالقاهرة والتحق بجامعة الفؤاد لدراسة الفلسفة فتحصل على شهادة ليسانس بدرجة امتياز في جويلية 1954،وفي نفس الفترة كان يؤدي واجبه بأكمل وجه بالمكتب الجزائري بالقاهرة في إطار لجنة تحرير المغرب العربي .
انتقل إلى باريس مرة أخرى لنيل الدكتوراه في الفلسفة تحت عنوان الحرية عند المعتزلة بجامعة السربون ، ولضيق الوقت بسبب اندلاع الثورة الكبرى لم يستطع انهائها ، انتقل في مارس من سنة 1956 إلى تشيكوسلوفاكيا لإكمال دراسته لكنه لم يستطع أيضا لعدم تدريسها بالطريقة المتعارف عليها ، فالدراسة الفلسفية الوحيدة انذاك هي الماركسية .
بعدها حط رحاله بألمانيا واستقر بمكتب جامعة الدول العربية في مدينة بون فحضر لدكتوراه الفلسفة حول مبدا الحرية عند كانط .وكان يقوم بنشاطه اتجاه الجبهة بالاتصال بها مباشرة وباستمرار وإلقاء المحاضرات.
ان كثرة نشاطه السياسي جعل منه وزيرا الخارجية للحكومة المؤقتة ، وعين كذلك نائبا لرئيس الوفد الدائم ببون من مارس1958الى غاية ماي1961، وتم تعيينه على رأس ممثلي الثورة الجزائرية بين سويسرا وألمانيا وبعض الدول الاسكندنافية .
وهنأ بدأت الحكومة الفرنسية بمضايقاتها له محاولة التخلص من نشاطه بألمانيا فتم توقيفه لمدة ثلاثة أشهر،ثم تم استدعائه من طرف كريم بلقاسم وسعيد دحلب في مفاوضات إفيان بديسمبر 1961، وكلف ببعض الابحاث التارخية حول قضية الحدود الجنوبية للجزائر ،ردا على المفاوض الفرنسي جوكس الذي ينكر بصفتها أرض جزائرية .،وفي نفس السنة عين مرة أخرى نائب لرئيس الوفد الوفد الدائم بمدينة ستوكهولم للبلدان الاسكندنافية إلى غاية الاستقلال.
أهم وظائفه بعد الاستقلال:
بعد الاستقلال التحق بالوزارة الخارجية وتولى قسم شؤون البلدان العربية، وفي 1971 أصبح وزير التعليم الاصلي والشؤون الدينية ، وهنا عمل على وضع مفارقة في الحياة الفكرية والحقل الديني عمل على تطوير وتكوين أئمة المساجد واشتغل على إعادة مكانة الخطاب المسجد ،فأسس في هذه السنة مجلة الأصالة بهدف إحياء المشروع الوطني وكتابة التاريخ بصفة موضوعية وأسس صحيحة ، فتصدى للمؤلفات الفرنسية التى تلغي المقوماتنا الدينية والسياسية.
تقلد منصب مستشار لرئيس الجمهورية ومن ثم مسؤولا في حزب جبهة التحرير المكلف باللغة العربية والمسؤول على المجلس الأعلى للغة العربية.
إنجازاته الفكرية :
لقد تعددت إنجازاته واختلفت من حيث الشكل منها مقالات نشرت في جريدة صوت الشعب و جريدة المغرب العربي ولسان العرب والحركة في تونس وجريدة النصر والبيان.، وعدة مقالات نشرت في مجلات عربية ، بالإضافة إلى الملتقيات الفكرية : محاضرات في كل من المانيا ،النمسا، فنلندا.،محاضرات في بألمانيا الاتحادية، كما كانت له عدة مؤلفات منها ، الجزائر ، آنية وأصالة ، ردود الفعل الدولية على غرة أول نوفمبر وغيرها من الكتب التي تنوعت مضامينها .
أهم ما قيل عنه:
وصفه المؤرخ يحي بوعزيز أنه شخصية مولود قاسم شعلة وطنية وكالة متحركة في الاخلاص للوطن وانتمائه الإسلام والعروبة.
قال عنه عبد الرحمان شيبان: مولود قاسم شخصية فذة التى لمعت في ميدان الجهاد والعلم في آن واحد ، هو ذلك المناضل والمسؤول الثوري والوزير المحنك والكاتب المثقف، الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة خلال إشرافه على افتتاح الملتقى الوطني التكريمي بمولود قاسم نايت بلقاسم أشاد به في المجال السياسي والثقافي وبحنكته وعلمه الذي مكنه من الإرتقاء والتعامل مع عظماء العالم .