626

0

من ذاكرة التاريخ الإسلامي…..منذ 481 سنة….حصار الملك شارلكان للجزائر العاصمة-*

بقلم محمد بوكريطة الحسني 
الإمام العارف بالله العلامة الرباني الشيخ “عبد الرحمان الثعالبي” الجزائري رحمه الله -1384م1471م
إن الجزائر في أحوالها عجــــب *** ولا يدوم بها للناس مكــــروه
ما حل عسر بها، أو ضاق متسع *** إلا، ويسر من الرحمان يتلوه
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الأخويان عروج وخير الدين برباروسا المجاهدان أميرا البحار وحصار الجزائر في 24 أكتوبر 1541من طرف شارل كنت
اتجه الإسبان بعد سقوط الأندلس في أيديهم إلى شمال إفريقيا، متطلعين إلى بسط أيديهم على تلك المناطق فاحتلوا “المرسى” الكبير في غرب الجزائر سنة (911هـ = 1505م)، واستولوا على مدن: مليلة، والجزائر، وبجاية، وطرابلس، ووهران، وغيرها من المدن الساحلية، وكان ذلك خطرا داهمًا هدد المسلمين في شمال إفريقيا، ولم تكن هناك قوى منظمة يمكنها دفع هؤلاء الغزاة الجدد.
وأثار هذا الخطر عددًا من البحارة المسلمين من سكان تلك المناطق، فتحركت في نفوسهم نوازع الجهاد والغيرة على بيضة الإسلام، وكانوا قد خدموا من قبل في الأسطول العثماني، فتكونت لديهم خبرة جيدة بالبحر وبفنون القتال فتعاهدوا على مواجهة الغزاة الجدد، واتخذوا من جزيرة “جربة”، التونسية مركزا للقيام بعملياتهم الحربية في البحر المتوسط، وكان يقوم على هذه العمليات الأخويان “عروج” و”خير الدين بارباروسا”.
وقد أثمرت سياسة هؤلاء البحارة في مهاجمة سفن الإسبان، فتوقفوا عن مهاجمة الثغور الإسلامية، وأحجمت الدول الأوروبية التي كانت تنوي انتهاج هذه السياسة.
وتوج الأخويان جهودهما باستعادة ميناء “بجاية” الجزائري من الإسبان سنة (921 هـ = 1515م) ونقل عروج قاعدة عملياته البحرية إلى ميناء “جيجل” الجزائري؛ ليتمكن من توجيه ضربات موجعة للإسبان.
استطاع عروج أن يقيم حكومة قوية في الجزائر، وأن يطرد الإسبان من السواحل التي احتلوها، ويوسع من نطاق دولته حتى بلغت “تلمسان”.
وفي هذه الأثناء اتصل بالسلطان العثماني “سليم الأول”، وكان قد تمكن من ضم مصر إلى دولته، وأعلن طاعته وولاءه للدولة العثمانية غير أن إسبانيا هالها ما يفعله “عروج” ورجاله، ورأت في ذلك خطرًا يهدد سياستها التوسعية، ويقضي على أحلامها ما لم تنهض لقمع هذه الدولة الفتية، فأعدت حملة عظيمة بلغت خمسة عشر ألف مقاتل، تمكنت من التوغل في الجزائر ومحاصرة تلمسان، ووقع عروج أسيرًا في أيديهم، وقتلوه في (شعبان 924 هـ = أغسطس 1518م).
ولاية خير الدين على الجزائر
خلف “خير الدين بارباروسا” أخاه في جهاده ضد الإسبان، ولم تكن قواته تكفي لمواجهة خطر الإسبان، فاستنجد بالدولة العثمانية طالبًا العون منها والمدد فلبى السلطان “سليم الأول” طلبه، وبعث إليه قوة من سلاح المدفعية، وأمده بألفين من جنوده الإنكشارية الأشداء، ثم واصل السلطان “سليمان القانوني” هذه السياسة، ووقف خلف خير الدين يمده بالرجال والسلاح.
ولم يكن خير الدين أقل حماسة وغَيْرة من أخيه، فواصل حركة الجهاد، وتابع عملياته البحرية حتى تمكن من طرد الإسبان من الجيوب التي أقاموها على ساحل الجزائر، وضمّ إلى دولته مناطق جديدة، وقادته رغبته الجامحة في مطاردة الإسبان إلى غزو السواحل الإسبانية، الأمر الذي أفزع الغزاة، وألقى الهلع في قلوبهم، ثم قام خير الدين بعمل من جلائل الأعمال؛ حيث أنقذ سبعين ألف مسلم أندلسي من قبضة الإسبان الذين كانوا يسومونهم سوء العذاب، فنقلهم في سنة (936هـ = 1529م) على سفنه إلى شمالي إفريقيا.
خير الدين في إستانبول
قام السلطان سليمان القانوني باستدعاء خير الدين بارباروسا إليه في إستانبول، وعهد إليه بإعادة تنظيم الأسطول، والإشراف على بناء عدد من سفنه، ثم وكل إليه مهمة ضم تونس إلى الدولة العثمانية، قبل أن يتمكن السلطان الإسباني “شارل الخامس” من الاستيلاء عليها، وكانت ذات أهمية كبيرة لموقعها المتوسط في السيطرة على الملاحة في حوض البحر المتوسط.
غادر خير الدين العاصمة العثمانية على رأس ثمانين سفينة وثمانية آلاف جندي، واتجه إلى تونس، ونجح في القضاء على الدولة الحفصية التي كانت تحكم تونس وأعلن تبعيتها للدولة العثمانية سنة (941 هـ = 1534م).
أثار هذا النصر شارل الخامس وزاده حنقًا، ورأى فيه تهديدًا للمواصلات البحرية التي تربط بين إيطاليا وإسبانيا، وانتصارًا للإسلام، وتشجيعًا لمجاهدي شمال إفريقيا على مواصلة الهجوم على السواحل الإسبانية واستنقاذ المسلمين الأندلسيين؛ ولهذا تحرك على الفور، وقاد حملة جرارة على تونس، تمكنت من الاستيلاء عليها في السنة نفسها، ورد خير الدين على هذا الانتصار بغارة مفاجئة على جزر البليار في البحر المتوسط، فأسر ستة آلاف من الإسبان، وعاد بهم إلى قاعدته في الجزائر، ووصلت أنباء هذه الغارة إلى “روما” وسط احتفالات البابوية بانتزاع تونس من المسلمين.
قادة الأسطول العثماني
أراد السلطان سليمان القانوني مكافأة خير الدين على جهوده وخدماته للإسلام، فعينه قائدا عامًّا للأسطول العثماني، وجعل في منصبه بالجزائر ابنه “حسن باشا”، الذي واصل جهود أبيه في مهاجمة الإسبانيين في غرب البحر المتوسط.
وقاد “خير الدين بارباروسا” عدة حملات بحرية موفقة، كان من أشهرها فوزه العظيم في معركة “بروزة” بالبحر المتوسط. كانت معركة هائلة تداعت لها أوربا؛ استجابة لنداء البابا في روما فتكون تحالف صليبي من 600 سفينة تحمل نحو ستين ألف جندي، ويقوده قائد بحري من أعظم قادة البحر في أوربا هو “أندريا دوريا”، وتألفت القوات العثمانية من 122 سفينة تحمل اثنين وعشرين ألف جندي، والتقى الأسطولان في بروزة في (4 من جمادى الأولى 945 هـ = 28 من سبتمبر 1538م)، وفاجأ “خير الدين” خصمه قبل أن يأخذ أهبته للقتال، فتفرقت سفنه من هول الصدمة، وهرب القائد الأوروبي من ميدان المعركة التي لم تستمر أكثر من خمس ساعات، تمكن في نهايتها خير الدين من حسم المعركة لصالحه.
وقد أثار هذا النصر الفزعَ والهلعَ في أوربا، وأعاد للبحرية العثمانية هيبتها في البحر المتوسط في الوقت الذي استقبل فيه السلطان سليمان القانوني أنباء النصر بفرحة غامرة، وأمر بإقامة الاحتفالات في جميع أنحاء دولته…..
*حصار الجزائر العاصمة في 24 أكتوبر 1541
بعدما تولى خير الدين بر بروسا (ذي اللحية الحمراء) زمام الحكم بعد مقتل أخيه و الذي وجد نفسه يواجه حملة مكونة من 40 سفينة حربية أرسلها شار لكان ملك اسبانيا وإمبراطور الدولة الرومانية المقدسة، التي تضم كل من اسبانيا وبلجيكا وهولندا وألمانيا والنمسا وإيطاليا بهدف القضاء على القوة البحرية الجزائرية…..
ونزلت القوات الاسبانية «بسيدي فرج» غرب مدينة الجزائر والتحمت مع القوات الجزائرية بقيادة خير الدين، فانهزم الأسبان هزيمة كبرى، بعدها تمكن خير الدين من إخضاع معظم الأراضي الجزائرية. وفي سنة 1529م طرد الأسبان من قلعة برج الفنار (صخرة البنيون) التي كانت تهدد مدينة الجزائر.
ومن اجل رد هزيمته السابقة جاء شارل الخامس (شار لكان) ملك اسبانيا غازيا بنفسه الجزائر على رأس حملة بحرية تحتوي على 65 بارجة و451 سفينة نقل تحمل 35730 مقاتلا وعـُهد بقيادتها إلى قادة شجعان وذوي خبرة وهم أندريا دوريا وفيرانتي الأول غونزاغا وهرنان كورتيس. ورست الحملة أمام مدينة الجزائر في الخامس عشر من اكتوبر 1541م وعملت على محاصرة العاصمة. ونشبت الحرب بين الطرفين طوال 12 يوما، ثارت خلالها الزوابع البحرية وهاجت العواصف الجوية واضطربت الأمواج، فقتل فيها 12000 من الأسبان، كما حطمت زوبعة بحرية أزيد من 250 سفينة من الأسطول الاسباني. واضطر شار لكان ان ينسحب منهزما ولله الحمد و فرح سكان العاصمة الجزائرية
و شكروا الله في كل المساجد و الزوايا…..

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services