29

0

مقارنات في نظريات الأمن القومي لكل من إسرائيل وإيران:

نقاط القوة والضعف، والفروقات في منهج التفكير واتخاذ القرار

 

بقلم: الباحث نضال خضرة

 

 

 

 

تشكل نظريتا الأمن القومي لكل من إسرائيل وإيران مرتكزاتٍ أساسية في فهم سلوك البلدين في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في ظل تصاعد التوترات والمواجهات غير المباشرة بينهما. ورغم الاختلاف الجذري في البنية السياسية والفكرية لكل دولة، إلا أن المقارنة بين استراتيجياتهما تبرز فروقاتٍ جوهرية في الأهداف، والوسائل، والعقيدة الأمنية، وصولاً إلى نمط التفكير واتخاذ القرار.

أولًا: نظرية الأمن القومي الإسرائيلي

تُعد نظرية الأمن القومي الإسرائيلي من أعقد النظريات الأمنية، وقد نشأت نتيجة:
 •بيئة جغرافية معادية،
 •واقع ديموغرافي هش،
 •تاريخ حافل بالحروب منذ عام 1948.
وترتكز هذه النظرية على عدة ركائز عسكرية واستراتيجية وسياسية، أبرزها:
 1.التفوق الاستخباراتي والإنذار المبكر
 2.القوة الغاشمة المعتمدة على السلاح الاستراتيجي والحسم السريع
 3.الردع المطلق
 4.الدعم الغربي غير المحدود، سياسيًا، وعسكريًا، واقتصاديًا
كما تعتمد إسرائيل على الوصول المباشر للعدو عبر الهجوم الاستباقي، انطلاقًا من عقيدتها القائمة على الإنذار المبكر ورد الفعل الحاسم.

العقلية الإسرائيلية:
تمتاز العقلية الإسرائيلية بالسرعة والحدة في الرد، وتشكل الثأرية جزءًا من البنية الأيديولوجية. وتعمل هذه العقلية بمسارين:
 •مسار المظلومية: لتبرير الفعل العدواني
 •مسار الانتقام: كجزء من شرعنة التفوق الأخلاقي المزعوم

ثانيًا: نظرية الأمن القومي الإيراني

تقوم نظرية الأمن القومي الإيراني على مزيج من الأيديولوجيا الدينية، والهوية الحضارية، والجغرافيا السياسية، وقد تبلورت هذه النظرية بعد الثورة الإسلامية عام 1979، وتعتمد على الركائز التالية:
 1.الردع الإقليمي عبر النفوذ
 •من خلال بناء محاور إقليمية موالية (ميليشيات، جماعات، حركات)، تُشكّل خطوط دفاع متقدمة خارج الحدود.
 2.العمق الاستراتيجي خارج الحدود
 •ترى إيران أن أمنها يبدأ من خارج جغرافيتها، خاصة في الساحات التي قد تُشكّل تهديدًا محتملًا.
 3.الاعتماد على العقيدة الثورية والدينية
 4.الردع عبر القدرات الصاروخية
 •يشكل البرنامج الصاروخي حجر الزاوية، ويُعدّ بديلاً عن السلاح النووي، لما يتمتع به من مرونة وتكلفة أقل سياسيًا.

العقلية الإيرانية:

تعتمد إيران في تفكيرها الأمني على ما يمكن تسميته بـ”التفكير البارد” و”الذبح بالقطنة”، إذ ترتكز على:
 •المظلومية التاريخية: كأداة تعبئة داخلية وخارجية
 •الصبر الاستراتيجي: والقدرة على تحمّل الألم بدلًا من ردّ الفعل السريع
 •المواجهة غير المباشرة: عبر أذرع خارجية، مع الاعتماد على الصواريخ والطائرات المسيّرة

ثالثًا: نقاط القوة والضعف

نقاط الضعف في استراتيجية إسرائيل:
 1.غياب البعد الحضاري الطويل المدى
 2.عدم القدرة على الحسم السريع في مواجهة قوة مثل إيران، التي تملك مساحة (1,648,000 كم²) وسكانًا يفوقون سكان إسرائيل بعشرة أضعاف
 3.تآكل فاعلية الدعم الغربي، لا سيما بعد تراجع صورة إسرائيل في العقل الغربي، عقب أحداث 7 أكتوبر

نقاط الضعف في استراتيجية إيران:
 1.تأثير إسرائيل في محيطها الجيوسياسي، بما يشمل الخليج وشرق المتوسط
 2.تراجع علاقاتها الإقليمية بسبب دعمها لميليشيات مسلحة، مما أدى إلى زعزعة الاستقرار في عدة دول

نقاط القوة التي تعتمد عليها إيران:
 1.صغر مساحة إسرائيل وسهولة استهدافها
 2.الكثافة السكانية الإسرائيلية العالية
 3.القوة الصاروخية الباليستية والفرط صوتية
 4.التفوق في الحرب السيبرانية
 5.امتلاك سلاح المسيّرات المتطورة
 6.القدرة على إطالة أمد المواجهة
 7.التحكم بالمضائق والممرات البحرية الحيوية
 8.التحالفات مع قوى دولية كبرى مثل الصين، روسيا، باكستان، وكوريا الشمالية

نقاط القوة التي تعتمد عليها إسرائيل:
 1.تفوق سلاح الجو وخبرته في العمليات الدقيقة
 2.التفوق التكنولوجي والذكاء الاصطناعي
 3.الاستخبارات عالية الكفاءة المرتبطة مباشرة بالقوة الجوية
 4.الدعم الأمريكي والأوروبي غير المشروط، خصوصًا في المجال الأمني والعسكري

رابعًا: الفروقات في منهج التفكير واتخاذ القرار

 •إسرائيل: تعتمد على ردود أفعال سريعة ومباشرة، مدفوعة بتاريخها الثأري وأيديولوجيتها الصدامية
 •إيران: تتّبع نهجًا بطيئًا ومنهجيًا، يوازن بين الثورة والبراغماتية، وتراهن على استنزاف الخصم بعيدًا عن المواجهة المباشرة

تُشكّل نظريتا الأمن القومي لكل من إيران وإسرائيل انعكاسًا لهوية الدولة ومخاوفها الجذرية.
وفي حين تميل إسرائيل إلى الحسم العسكري السريع المدعوم بالغرب، تراهن إيران على الوقت، والتحمّل، وبناء محاور ردع متعددة.لذلك من المبكر الحكم على نتائج المعركة سيما ان المعركة أصبحت وفق المعادلة الصفرية وانتصار ايران لا يمكن في هزيمة اسرائيل بل في ثبات النظام 
لكن في ظل التغيرات الدولية، وتراجع الروايات التاريخية التقليدية، فإن الصراع بين النموذجين بات أكثر تعقيدًا من مجرد تفوق عسكري، بل أصبح صراع إرادات واستراتيجيات بعيدة المدى

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services