177

1

كيمياء بطولة بين الجزائر وفلسطين !

 

 

بقلم الأديبة: لينا أبو بكر

 

"الرجال تعرف الرجال ، والخيل تعرف فرسانها ” ، هاكا تقول الحكمة الجزائرية ، التي تمجد الكيمياء الوطنية والنضالية بين الفلسطينيين والجزائريين ، ضمن إشارات بطولية تتفاعل مع بعضها البعض ، وتتلاحم في عرى وثقى ، تستند إلى تاريخ طويل من الصمود و الثبات والنضال في سبيل الحرية والاستقلال . لطالما كانت الجزائر هي الظهر الذي يسند الجبل الفلسطيني ، كلما نشطت الانزياحات الاهتزازية لبؤرة الثبات ، حتى ليلتصق الجبل بظهر من يسنده حد التماهي ، إلى الدرجة التي لا يمكنك فيها أن تفرق من السند ومن المسنود ؟في الجزائر كل شيء يدلك على فلسطين : الشهداء الغائبين الحاضرين ، الأناشيد الخضراء ، حكايا النساء ، رائحة الماء والهواء ،  أسرار الخيول والصحراء ،عباءات التاريخ ، كتب السماء ، فما هو الخيط السحري الذي يمتد بين جسرين كقلب رجل واحد ؟ إنها البطولة يا صاح ، مع كل الاحترام لكل العرب الأشقاء ، يظل للجزائر مع فلسطين استثناء ، فالجزائر تحس بما لم تشكُ منه فلسطين ، و تسمع ما لم تقله ، و تحدس ما لا تعلنه ، و تفهم ما لم تشرحه … هذه بلاغة الحق بين أمانتين : الرسالة والنصرة “.يقول حكيم غابر :” حين يكون الصمت هو الصوت الوحيد ، تدوي كلمة الحق كرصاصة “، ويقول آخر : “البطولة ليست القوة ، إنما الطريق الذي يختار أحدهم أن يسلكه ” وكلما انحرف الزمن عن مسار الحقيقة ، كلما استعاد الرجال الرجال الحقيقة من مسار الانحراف ، هذه شيمة الخالدين ، و الطيبين و الفرسان ، وهذا ما عهدناه من أهلنا في الجزائر في مسيرتنا الوطنية عبر الحقب ، لاسترداد حقوقنا المغتصبة ، من محتل عنصري وأعمى ، لا يعير أي اهتمام للقيم والمعايير الإنسانية والأخلاقية ، بل يتضخم كوحش يلتهم ذكريات الأرض وخارطة السماء ، وهو العدو الذي لم يفرط الجزائريون والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ،  بعداوته للمحتل ، كرمى لكيمياء الحق التي تربطهم بخيط سماوي مقدس مع أبطال الحرية في فلسطين . لا يدل على أصحاب الحق انتصارهم به ، بل يدل عليهم نصرتهم له ، والجزائريون هم أهل الانتصارين : الوفاء و الثبات .أما نحن أهل فلسطين، فلقد عقدنا العزم أن نحيا الجزائر !

  

وليد دقة سيرة طويلة من النضال والتضحية.. وليد دقة باقٍ فينا

 

 

ولد الشهيد وليد دقة في 18 تموز 1961 في بلدة باقة (الغربية) في المثلث الفلسطيني. وأنهى تعليمه المدرسي في سنة 1979. لكن دقّة—جرّاء ما تعرض له هو وعائلته من سياسات العنف الاستعماري العنصرية، ونتيجةً لما شهده في طفولته وصباه من جرائم دولة الاحتلال، ابتداء بحرب النكسة 1967 ومروراً بيوم الأرض 1976 وانتهاء بمجزرة صبرا وشاتيلا 1982—التحق بالعمل الوطني تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1983، وذلك في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ولاحقاً، انضم إلى التجمع الوطني الديمقراطي في سنة 1996، وصار عضواً في لجنته المركزية. وبعد ثلاثة أعوام من انضمام دقة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، جرى اعتقاله في 25 آذار في العام 1986، وحكمت عليه المحكمة العسكرية في اللد في آذار التالي من العام 1987 بالسجن المؤبد. ومن الجدير بالذكر أنّه قد تم تحديد سنوات المؤبد في العام 2012 بـ 37 عاماً، ما يعني أن تاريخ تحرر دقّة كان يفترض أن يكون في 24 آذار من العام 2023. إلا أنّه وفي 28 أيار 2018، أصدرت محكمة بئر السبع حكماً جائراً بحقه عبر زيادة سنتين إضافيتين على محكوميته بادّعاء ضلوعه في قضية إدخال هواتف نقالة لتواصل الأسرى مع عائلاتهم. وبناء على ذلك، أمسى تاريخ تحرره الجديد هو 24 آذار من العام 2025. وقد تعرض الأسير دقة لجور نظام المحاكم "الإسرائيلية" منذ أسره وحتى اللحظة. فتم رفض عشرات الالتماسات المتعلقة بتحديد فترة حكمه، ورفض الإفراج المبكر "الثلث"، كما ورفض إزالة تصنيف "أسير عالي خطر الهرب (سغاف)"، (إلا مؤخراً)، ومنعه حقّه بالزواج، والإنجاب، ووداع أفراد العائلة (فقد توفي والده نمر دقة في سنة 1998)، كما وحرم من زيارة الأهل لأغراض إنسانية (أصيبت والدته فريدة دقة بمرض الزهايمر منذ العام 2013)، وحُرم من الإفراج المبكر للعلاج من المرض بعد أن كُشف عن إصابته بسرطان الدم في العام 2015، وحتى بعد تشخيص إصابته بمرض التليف النقوي Myelofibrosis في 18 كانون الأول 2022، وهو سرطان نادر يصيب نخاع العظم. ورغم كل ما تعرَّض له خلال سنوات سجنه الـ38 من أحكام ظالمة وتمييز، إلا أنّ الأسير الشهيد دقّة تمكّن من تحقيق منجزات عزَّ مثيلها على مستويات عدة: قيادة الحركة الفلسطينية الأسيرة، ومواصلة الحياة الاجتماعية، والمساهمة في المشهد الثقافي والأكاديمي الفلسطيني والعربي والعالمي، وبخاصة في دراسات السجن. وقد تعرَّض الأسير دقة جرَّاء مواصلته الحياة من السجن لعقوبات مشددة أهمها العزل الانفرادي. وإصرار سلطات العدو على استثنائه ورفاقه من أسرى الأراضي المحتلة العام 1948 من صفقات الإفراج وتبادل الأسرى في الأعوام: 1994، 2008، 2011، 2014. ومن أعمال الشهيد دقة الهامّة والنوعية على مختلف المستويات الفكرية: يوميات المقاومة في مخيم جنين 2002 (2004)؛ صهر الوعي أو إعادة تعريف التعذيب (2010)؛ حكاية المنسيين في الزمن الموازي (2011)؛ حكاية سرِّ الزيت (2018)؛ حكاية سرِّ السيف (2021)؛ حكاية سرِّ الطيف/الشهداء يعودون إلى رام الله (2022). هذا بالإضافة إلى عشرات الترجمات والمقالات بالعربية والعبرية التي ترجمت إلى عدة لغات، أبرزها: "الزمن الموازي" (2005)؛ "ميلاد: أكتب لطفل لم يولد بعد" (2011)؛ "حرر نفسك بنفسك" (2020)؛ "السيطرة بالزمن" (2021). كما أن للأسير دقة العديد من المخطوطات، والرسومات، والأشعار، والأغاني، والنصوص السيرية والمسرحية. تزوج دقة، في الأسر، من المناضلة والإعلامية والمترجمة سناء سلامة من مدينة اللد في 10 آب 1999 في سجن عسقلان. ولم تتح لهما القوانين العنصرية لدولة الاحتلال فرصة الإنجاب رغم كل الالتماسات بهذا الصدد، إلى أن قرّرا تحقيق حلمهما بالأبوة والأمومة، حيث أنجبت سناء، ومن نطفة محرّرة، ابنتهما "ميلاد" في مدينة الناصرة بتاريخ 3 شباط 2020. وعلى الرغم من انقطاع مسيرته الأكاديمية إثر الأسر، فقد تمكن الأسير دقة من الحصول على شهادتي البكالوريوس والماجستير في السجن، وذلك في دراسات الديمقراطية من الجامعة المفتوحة "الإسرائيلية" في العام 2010، وفي الدراسات الإقليمية- مسار الدراسات "الإسرائيلية" من جامعة القدس في العام 2016. فيما لم يتمكن من إكمال دراسته للدكتوراه في الفلسفة من جامعة "تل أبيب" بسبب القوانين "الإسرائيلية" العنصرية الجائرة. خلال العام 2023، وتحديدًا منذ شهر آذار 2023، وإلى جانب إصابة الأسير دقّة بسرطان (التليف النقوي)، تدهورَ وضعه الصحيّ، نتيجة لإصابته بالتهاب رئويّ وقصور كلوي حادّيْن، وشكلت هذه المرحلة الأشد والأصعب والأخطر منذ إصابته بالسرطان، وذلك بعد سلسلة انتكاسات لم تتوقف حتى يوم استشهاده في السابع من نيسان/ أبريل 2024. وكانت عائلته قد خاضت مسارًا قانونيا وأطلقت حملة دولية للمطالبة بإطلاق سراحه بعد أن وصل إلى مرحلة صحية بالغة الخطورة إلا أنّ الاحتلال رفض الإفراج عنه وأبقى على اعتقاله، واستمر بتنفيذ المزيد من الجرائم بحقّه.

 

  

مذكرات الأسير حسن سلامة تحصد فوزًا عالميًا

 

فاز كتاب “خمسة آلاف يوم في عالم البرزخ: مذكرات الأسير حسن عبد الرحمن سلامة في العزل الانفرادي داخل السجون الإسرائيلية” بالمرتبة الأولى عن فئة المذكرات، في جائزة مسابقة فلسطين العالمية للآداب بدورتها الثانية. وأعلنت نتائج الجائزة بمشاركة ثقافية واسعة ضمّت أدباء وناشرين ورؤساء اتحادات وناشطين في خدمة قضية فلسطين من مختلف الدول المشاركة.

وشارك في المسابقة 360 عملاً بسبع لغات من 26 دولة، وقامت اللجان المختصة بتحكيمها على ثلاث مراحل. بدورها، قالت غفران زامل خطيبة الأسير حسن سلامة، إن فوزه يمثل انتصارا لإرادة أسير يقبع في زنازين العزل الانفرادي في سحون الاحتلال، ويجرده العدو من كل حقوقه الإنسانية. وأضافت غفران في حديث خاص لوكالة "شهاب"، أن الفوز فيه رسائل مهمة، فهو نور من عتمة الزنازين، ورسالة للعالم تروي تفاصيل معاناة الأسير الفلسطيني، ورسالة تحد للسجان الصهيوني، أن جدران زنازينه لن تمنع صوت الأسرى من الوصول للعالم ورواية حكايا المعجزات عن ثباتهم وصبرهم. وعبرت غفران عن أملها بأن يرى حسن الحرية عما قريب ليروي بنفسه حكايا السجن والظلم، وينال أعظم جائزة يتمناها بالتحرر من سجون الاحتلال التي يريد العدو أن يحولها لقبور للأسرى.

 

 

في فلسطين: المجازر ليست للبشر وحدهم

 

بقلم : أحمد بشير العيلة

 

ترى؛ كيف نحتفل نحن الفلسطينيين باليوم العالمي للغة العربية؟ .. هل مازال في الروح المنهَكة من المذابح لساناً ليحتفي ويتباهى بهذه اللغة العظيمة، هل ترانا قادرين على جمع جسدنا البشري الذي تلذذت آلة الحرب الصهيونية في تفتيته ليتمكن من القدرة على الصراخ بالعربية، هل نتجاوز تلك الأمة التي خذلتنا؟ أم لا شأن بهويتنا اللغوية بالأقزام العابرة من هذه الأمة؟ أسئلة كثيرة تداهمنا نحن حراس العربية وقادحي الدلالات في معجمها أدباً وشعراً وسرداً، خاصة وأننا لم نجد ظهيراً ونحن نتقدم بجرأة من أجل الحفاظ على وجودنا العربي وكياننا العربي ولساننا العربي، ودفعنا في ذلكَ دماً كثيراً أنكره بعض العمومة علينا، لقد قاومت عربيتنا نحن الفلسطينيين وحدنا تلك الذئاب المفترسة المنطلقة من العبرية المتوحشة. نحن في فلسطين لم نقاوم احتلالاً وحسب، بل قاومنا وحدنا مشاريع باهظة في الإبادة، فمثلاً وقفنا لعقود خندقاً أمامياً شرياً من أجل الدفاع عن مقدرات أمة بأكملها خذلتنا في كل معاركنا، لكن إصرارنا على المقاومة باسم الأمة وللأمة يدخل في مرتبة الوعي السامي الذي يتجاوز الطارئين من النظام العربي، ويؤكد على أن الحفاظ على هوية وقيم الأمة هو حفاظ على هوية وقيم الفلسطيني، لأن فلسطين هي أرض رباط تحمل الدم الفلسطيني وحده مسؤولية الرباط من أجل الإسلام والرباط من أجل العروبة، ولا نرتجي مِنةً من أحد فهذه سنة إلهية على أرض فلسطين نتباهى بأنها منحة لنا وشرف عظيم وليس محنة ولا بلاء.  ولعله من الدلالات الخفية أن يصادف اليوم العالمي للاحتفاء باللغة العربية في 18 ديسمبر اليوم 348 من حرب الإبادة على قطاع غزة، فظهور الرقم 48 يفتح لنا باباً كبيراً للوجع، فقد بدأ العدو الصهيوني منذ ذلك العام البغيض في حرب الإبادة، ليس ضدنا نحن الفلسطينيين بل وضد العرب والمسلمين، ويأتي هذا اليوم وقد سال دمٌ كثير منذ ما يقرب من ثمانية عقود، والمذابح هنا لم تقتصر على البشر وحسب، بل هناك مجازر ومذابح ضد المسميات العربية لكل شبرٍ في بلادنا، لقد ذبحت العبرية آلاف الأسماء العربية لشوارعنا وقرانا ومددنا وتلالنا، لقد أعلنت العبرية ضدنا مشروع استيطان لغوي ضخم، لم نرَ – للأسف – مِن إخواننا العرب من أشار إلى خطورته ووقف ضده، وقد تم إلغاء كل التسميات العربية لمناطقنا، وفتح الصهاينة مياه لغتهم السوداء على ترابنا الفلسطيني الذي تلوثَ بالعبرية البغيضة، لقد أقعت وبالت ذئاب العبرية فوق رمالنا وحياضنا ونهشت خرائطنا ومزقت حرفنا العربي، وسمحت لحبر التلمود أن يندلق بكراهية على جلد التاريخ العربي في فلسطين، ووقفنا وحدنا في فلسطين نقاوم ثقافة عبرية استيطانية، فالعبرية تذبح أطفالنا وتدس السم في لحوم تاريخنا، ونقف وحدنا بعربيتنا أرقى من دمامل لغتهم حاملين الضوء في وجه الظلام العبري، إن عربيتنا السامقة تقاوم أقزام العبرية المتوحشين الآتين من خلف صفحات التلمود الدموي، قاومنا كل مشاريع الاستيطان اللغوية ومازلنا نقاوم تلك العبرية التي لوثت أرضنا وشواطئنا وأسماءنا، إن العبرية تركض في جسدنا الفلسطيني الضوئي قطيعاً من الجرذان الخارجة من الأقبية المهجورة فيما وراء الأساطير، يوجهها حاخامات كريهو الرائحة لتعض وتسمم جسد فلاحٍ فلسطيني يبكي وطناً.

  إننا نحتفي بشموخ غير اعتيادي باليوم العالمي للغة العربية – اللغة السماوية الوحيدة على الأرض- ونعتبر هذا اليوم مناسبةً مهمةً للتركيز على أهمية اللغة العربية في قضيتنا الفلسطينية، حيث تمثل اللغة العربية جزءًا أصيلاً من الهوية الوطنية والتاريخ والحضارة، وأحد أهم عناصر البقاء الفلسطيني. لذا؛ فالحفاظ على أسماء المدن والقرى والأماكن باللغة العربية وإعادة أسمائها العربية هو أمر بالغ الأهمية، فهو يمثل صراعًا من أجل الحفاظ على الهوية الفلسطينية في ظل محاولات طمسها وتغييره. إن أسماء الأماكن العربية في فلسطين ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني، فهي تحمل في طياتها تاريخًا وحكايات وأساطير تعكس هوية الشعب وتراثه. وما محاولة تغيير وطمس هذه الأسماء العربية بأخرى عبرية إلا جريمة حرب فعلية علينا أن ندفع الدم من أجل عروبتها.

لذلك نعد الحفاظ على الأسماء العربية شكلًا من أشكال المقاومة الثقافية، فهو يواجه محاولات الاحتلال لتغيير المعالم الجغرافية والتاريخية لفلسطين. هو تأكيد على استمرار الوجود الفلسطيني على أرضه وتثبيتاً للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وهو يثبت عمق الجذور الفلسطينية في هذه الأرض. وفي هذا اليوم العالمي للحفاظ على اللغة العربية، أضع كل وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية العربية أمام مسؤولياتها في مقاومة مشاريع الاستيطان والإحلال العبري للأسماء العربية، وأعتبر أن تداول الأسماء والمسميات والاصطلاحات العبرية في مقالاتنا وكتبنا وإعلامنا يتجاوز مجرد الجهل بالأسماء العربية إلى الاتهام التاريخي بالتواطؤ والخيانة، فالحفاظ على اللغة العربية من أرقى صور المقاومة ضد المشروع الصهيوني.

 

 

 

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services