358

0

مظاهرات 11 ديسمبر 1960.. أبعادها التاريخية، القانونية والدينية

خلال الثورة التحريرية الجزائرية، شكّلت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 محطةً فارقة في مسار النضال الوطني، ورسخت حضور الشعب في معركة تقرير المصير.

شروق طالب 

لقد جاءت هذه المظاهرات كانتفاضة شعبية عكست عمق الوعي الوطني بأهمية السيادة والاستقلال التامّ للتراب الوطني، وبيّنت قبل ذلك ضرورة تحرر العقل والتمسك بمقومات الهوية والوطن والأرض والانتماء.

الوعي الجزائري بأهمية السيادة والاستقلال 

أكد الدكتور أحمد يسعد، المدير العام للمركز الثقافي الإسلامي، أن فهم الثورة الجزائرية فهما راشدا لا يعد مجرد استحضار للماضي، بل هو بناء للشخصية الوطنية وترسيخ للهوية عبر الأجيال. 

فالاستعمار الفرنسي الذي فرض وجوده على الجزائر لأكثر من 132 سنة حاول، بكل الأساليب، طمس المعالم الحضارية للبلاد، عبر تدمير المؤسسات التعليمية والدينية من مدارس وزوايا ومساجد، والاعتداء على البنى العمرانية الأصيلة.

لم يتوقف المشروع الاستعماري عند تغيير العمران، بل تجاوز ذلك إلى محاولة طمس الوعي الجزائري ومحو مقوماته العربية الإسلامية. 

وذكر يسعد المصادر التاريخية تشير إلى أن الجزائر في مطلع القرن التاسع عشر كانت من بين المجتمعات الأكثر تعليما في المنطقة، في وقت كان فيه الاستعمار يسوق صورة مغايرة تماما. 

غير أن فرنسا، خلال احتلالها الممتد حتى سنة 1962، خلّفت نسبة مرتفعة من الأمية بعدما منعت الجزائريين من التعليم، إدراكا منها أن الشعب المتعلم أقدر على مقاومة الاحتلال.

ورغم القمع والقتل والتعذيب والمجازر، ظل صوت الوطن أعلى من كل محاولات الإخماد. 

وقال محدثنا "عندما ادعت فرنسا أنها بحثت عن الجزائر في التاريخ ولم تجدها، جاءها الرد من الشعب في 1954 إيذانا بانطلاق ثورة مسلحة أثبتت أن خمسة أجيال من الاستعمار لم تغير جوهر الهوية الجزائرية".

تطور الوعي الوطني قبل انطلاق مسار الثورة

في الذكرى المئوية للاحتلال سنة 1930، وبينما كانت فرنسا تحتفل بما سمته إنجازاتها، رد الجزائريون بتأسيس حركة سياسية وطنية، "نجم شمال إفريقيا"، التي رفعت شعار “شمال إفريقيا ليست فرنسية”. 

وفي السنة الموالية 1931، تأسست "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" لتؤكد بوضوح "الجزائر أمة مسلمة تنتمي إلى العروبة"، رافضة مشروع “الإدماج” ومحاولات المسخ الثقافي.

وفي 1936-1937، ظهر النشاط السياسي الجماعي من خلال المؤتمر الإسلامي في بلكور، حيث اجتمعت النخبة الوطنية لتنظيم العمل السياسي وتجديد الحركة الوطنية.

ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، خرج الجزائريون في مظاهرات 8 ماي 1945 مطالبين بالاستقلال، فقوبلوا بمجازر بشعة أكدت أنّ الاستعمار لا يفهم إلا لغة القوة. 

وبعد اندلاع ثورة التحرير في 1 نوفمبر 1954، مرت بمراحل أساسية وهي: 

• 1954–1956: مرحلة الانطلاق وبناء القاعدة الشعبية.

• 1956–1958: مرحلة التنظيم، وتميزت بمؤتمر الصومام.

• 1958–1960: مرحلة الانتشار والاعتراف الدولي بالقضية الجزائرية.

• 1960–1962: مرحلة المفاوضات وصولا إلى الاستقلال.

أما مظاهرات 11 ديسمبر 1960 فقد جاءت في مرحلة حاسمة كانت تمر بها الثورة التحريرية، لتبرز كحراك شعبي وقوة ضاغطة دعمت المسار الثوري، وأظهرت للعالم مدى ارتباط الشعب بثورته ووعيه بخطورة المرحلة التي كانت تعيشها البلاد.

نقطة بداية مظاهرات 11 ديسمبر 1960

وللتعرف أكثر على تفاصيل مظاهرات 11 ديسمبر، كشف لنا البروفيسور لخضر عواريب، مؤرخ وأستاذ جامعي، أن الشرارة الأولى اندلعت عندما ألقى ديغول يوم 5 ديسمبر 1960 خطابا بباريس اعترف فيه بشجاعة الثوار وشرعية ثورتهم. 

كان هذا التصريح بمثابة مس كهربائي من التوتر العالي أصاب الفرنسيين بمختلف أطيافهم في الجزائر، إذ اعتبروا أن ديغول يحضر للتخلي عن الجزائر.

مضيفا، استغل الأوروبيون زيارته لعين تموشنت يوم 8 ديسمبر 1960 وخطابه الذي روج فيه لـ "الجزائر الجزائرية"، وهي فكرة جديدة تعني بقاء الجزائر مرتبطة بفرنسا ويمكن أن تتسع للأوروبيين والجزائريين معا—متخليا بذلك عن طرحه السابق القائم على التخيير بين الإدماج أو الاستقلال.

موقف الأوروبيين والجزائريين في عين تموشنت

استغل "أوروبيو الجزائر" فرصة تواجد ديغول للتعبير عن رفضهم للمشروع الجديد، فنادوا بموت ديغول وبأن "الجزائر فرنسية وستبقى"، ودعوا إلى إضراب عام يوم 9 ديسمبر 1960.

أما الجزائريون فقد توافدوا بقوة إلى ساحة البلدية، وعبروا عن رفضهم لمشروع ديغول وعن تضامنهم مع جبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، رافعين العلم الوطني.

وأكد عواريب أن هذا التحرك الشعبي يبرز تغلغل الجبهة في الأوساط الشعبية ووعيها بخطورة المرحلة، مما يؤكد أن العملية كانت محضرة تحضيرا جيدا، وهو ما تدعمه العديد من الشهادات الحية.

الرد القمعي للمظاهرات 

وكعادتها، تحركت آلة القمع والإرهاب الفرنسية لتنفرد بشعب أعزل ذنبه الوحيد المطالبة بحقه في الانعتاق من نير الاستعمار، على حد تعبير عواريب.

فتحرك المظليون المعروفون بحقدهم الأعمى الدفين على الشعب الجزائري، مدشنين موسم حصاد بشري لا يراعي حقوق الإنسان ولا الأعراف الدولية، مما يضع فرنسا في خانة الدول المتورطة في جرائم حرب ضد الإنسانية وإرهاب دولة.

وأدى القمع إلى انتشار الفوضى التي كان دعاة “الجزائر فرنسية” يأملون من خلالها الإطاحة بديغول بعدما رأوا أنه يريد التخلي عن الجزائر.

اتساع رقعة الاحتجاجات في المدن

ولفت المؤرخ أن مشهد المظاهرات تكرر يوم 9 ديسمبر في تلمسان، حيث استقبل الكولون ديغول بشعارات تطالب برحيله وتؤكد أن الجزائر فرنسية.

أما الجزائريون فقد اندفعوا رغم القمع رافعين الأعلام الوطنية، مرددين: "تحيا الجزائر حرة مستقلة – الصحراء جزائرية – يحيا جيش التحرير – تحيا جبهة التحرير – أطلقوا سراح بن بلة".

وتكرر المشهد في وهران، شرشال، تيزي وزو، بجاية وغيرها، بشعارات متقابلة بين الكولون والجزائريين، بينما كانت آلة القمع مسلطة على الجزائريين فقط، في حين كانت وحدات الجيش تحمي الأوروبيين وتغض الطرف عن اعتداءاتهم ضد الجزائريين العزل.

ذروة مظاهرات 11 ديسمبر بالعاصمة

وفي هذا السياق، أكد عواريب أن المظاهرات بلغت ذروتها يوم 11 ديسمبر 1960 بالعاصمة، حيث خرج السكان عن بكرة أبيهم معبرين عن مطلب الاستقلال، وكان الطوفان البشري أقوى من كل محاولات توقيفه.

هذا وشهدت العاصمة إضرابا عاما امتد إلى مدن أخرى، قدمت فيه المرأة الجزائرية مشهدا وطنيا مشرفا، إذ خرجت الشابات بلباس موحد، عبارة عن قمصان بيضاء، أسفل أخضر، وعلى الرقبة شرائط حمراء، وسرنا جنبا إلى جنب مع الرجال.

وذكر عواريب أن أحد الكتاب الفرنسيين قال بدهشة:“… منذ بداية الثورة لم يسبق للجزائريين المدنيين أن عبّروا عن عواطفهم بهذه القوة” حسب ما اوردته جريدة المجاهد، بتاريخ 19/12/1960.

الخسائر البشرية 

وذكر ذات المتحدث انه رغم القمع الأعمى، استمرت المظاهرات لقرابة أسبوع، توقفت فقط بعد بيان الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية عبر خطاب فرحات عباس الذي دعا إلى وقفها بعد تحقيق أهدافها.

أما الخسائر، فقد أعلنت السلطات الفرنسية عن 96 شهيدا و370 جريحا في العاصمة، و18 شهيدا و100 جريح في وهران، و4 شهداء و15 جريحا في عنابة.

وحسب عواريب يرجح أن العدد أكبر بكثير، خاصة بعد عمليات الذبح التي نفذها الكولون أمام أعين الشرطة والجيش.

وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي، أكد عواريب ان المظاهرات ساهمت في تغيير مواقف المجتمع الدولي، وبالتزامن مع انعقاد الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تم التصويت لصالح حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، وهو أكبر نصر سياسي ودبلوماسي تكسبه الثورة آنذاك.

كما أصبحت فرنسا أكثر عزلة محليا ودوليا، بل إن بعض أعضاء الحلف الأطلسي اختاروا الوقوف إلى جانب الجزائر.

النتائج الحاسمة للمظاهرات

وفي هذا الإطار، اعتبر محدثنا ان المظاهرات جسدت ولاء الشعب الراسخ لجبهة وجيش التحرير الوطني، مما دفع فرنسا للاقتناع بأنها الممثل الشرعي الوحيد.

كما خلصت سكان المدن من الخوف الذي خلفته معركة الجزائر 1957 وأكدت وحدة التراب الوطني ورفض التقسيم.

هذا ومثلت استفتاءً شعبيا على الاستقلال، ورفض مشروع “الجزائر الفرنسية” ورفض الدمج بين العنصر الجزائري والأوروبي.

بالتالي دفعت ديغول لاعتماد سياسة جديدة أكثر نضجا نحو حل نهائي للمسألة الجزائرية، وكانت زيارته تلك آخر زيارة تفقدية للجزائر.

كما كشفت الممارسات الوحشية للكولون وتعطشهم للقمع والإبادة، مما عزز قناعة العالم بعدالة القضية الجزائرية.

 

الحق في التظاهر بين القانون الاستعماري والقانون الدولي لحقوق الإنسان

وفي الشق القانوني، أوضح مهدي العايدي باحث وخبير في القانون الدولي، أنه رغم خضوع الجزائر لنظام استعماري قائم على التمييز البنيوي، فإن الحق في التظاهر الذي مارسه الجزائريون خلال ديسمبر 1960 يجد أساسه في منظومتين قانونيتين:

أولا: الأساس القانوني الدولي

حيث شكّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 المرجعية الحقوقية الأبرز في تلك المرحلة، وكانت فرنسا من الدول المصادِقة على الإعلان، ما يترتب عليها التزامات قانونية وأخلاقية تجاه السكان الخاضعين لسلطتها، سواء داخل حدودها المتروبولية أو في أقاليمها المستعمرة.

ولأن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لم يكن قد دخل حيّز النفاذ آنذاك، إلا أنّ مبادئه كانت في طور التشكُّل كقواعد عرفية، أهمها حماية حرية الرأي والتعبير، الحق في التجمع السلمي، وحظر التمييز على أساس العرق أو الأصل.

وبالتالي فإن مظاهرات 11 ديسمبر، من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان، تُعد ممارسة مشروعة لحق مكفول عالميا، بغض النظر عن رفض السلطة الاستعمارية.

ثانيا: انتهاك فرنسا لالتزاماتها الدولية

وفي هذا الشأن، اكد العايدي ان اعتماد فرنسا لخطاب “الأمن والنظام” لقمع المتظاهرين لم يكن سوى ذريعة للتعمية عن حقيقة ثابتة، وهي أن سلطات الاحتلال امتنعت عمدا عن تطبيق المعايير الحقوقية الدولية على الشعب الجزائري، ووضعت نظاماً قانونياً مزدوجاً يميّز بين الأوروبيين والسكان الأصليين.

هذا التمييز التراتبي يمثل بذاته انتهاكا لروح القانون الدولي آنذاك، ويفقد أي إجراء قمعي لمشروعيته القانونية.

التكييف القانوني للقمع الفرنسي خلال مظاهرات 11 ديسمبر

اعتبر الباحث والخبير في القانون الدولي ان الاستخدام الممنهج للعنف، يصنف من انتهاكات جسيمة إلى جرائم ضد الإنسانية، بحيث لم يكن القمع الفرنسي مجرد تجاوزات فردية، بل اتسم بسمات تجعل منه ـ وفق المعايير القانونية آنذاك والراهنة ـ جريمة ضد الإنسانية، استناداً إلى ثلاثة عناصر رئيسية:

أ‌. الواسعية: امتدت عمليات القمع إلى عشرات المدن والأحياء، ولم تقتصر على منطقة جغرافية ضيقة.

ب‌. التنظيم: انخراط الجيش والشرطة والإدارة الاستعمارية في عمليات اعتقال وقتل وتشتيت المسيرات يدل على تنسيق مؤسسي، ينفي أي طابع عرضي.

ج‌. استهداف السكان المدنيين: كان المتظاهرون مدنيين غير مسلحين، مما يجعل القوة المستخدمة ضدهم مفرطة وغير مبررة قانونيا.

وبناءً عليه، يرى العايدي ان ما حدث يندرج ضمن هجمات منهجية ضد السكان المدنيين، وهو معيار أساسي لتعريف الجرائم ضد الإنسانية في القانون الدولي العرفي بل وحتى في نظام نورمبرغ الذي سبق الأحداث بعقود.

انتهاك حق الشعب الجزائري في تقرير المصير

ولعل أهم ما كان يقلق فرنسا حينها، حسب العايدي هو الطابع السياسي للمظاهرات، التي أكدت ـ بصورة علنية ومباشرة ـ أن الشعب الجزائري يختار الاستقلال إرادةً جماعية لا لبس فيها.

وبذلك، فإن قمع هذه المظاهرات يُعد مساساً مباشراً بحق تقرير المصير، الذي أخذ يكتسب قوة قانونية خاصة مع اقتراب صدور قرار الأمم المتحدة 1514.

موقف المجتمع الدولي... الأمم المتحدة والصحافة العالمية

وأكد العايدي أن الانعكاسات الإعلامية العالمية كشفت من خلال التغطيات الصحفية الدولية عن حجم المشاركة الشعبية، ووحشية القمع العسكري، وكذا عن الطبيعة الاستعمارية غير القابلة للإصلاح للمنظومة الفرنسية في الجزائر.

وبهذا تحولت المظاهرات من حدث محلي إلى حدث دولي بفعل الإعلام، إذ أخفقت فرنسا لأول مرة في احتكار تفسير ما يجري على الأرض.

أما بخصوص النقاشات الأممية، أوضح العايدي ان بدخول القضية الجزائرية جدول أعمال الجمعية العامة، وفرت مظاهرات 11 ديسمبر مادة سياسية وقانونية قوية للدول المناهضة للاستعمار.

فقد قدمت وفود إفريقية وآسيوية وعربية تقارير وشهادات عن القمع، ما ساهم حسبه في إحراج فرنسا دبلوماسيا، تعزيز الرواية الجزائرية أمام الرأي العالمي، تهيئة المناخ لاعتماد القرار 1514 الذي أعلن حق الشعوب في الاستقلال.

وبذلك يمكن القول إن مظاهرات ديسمبر لم تكن مجرد حدث سياسي، بل كانت دليلا ماديا استخدمته الدول الداعمة للجزائر داخل الأمم المتحدة لإثبات الآتي: وجود شعب صاحب إرادة مستقلة، تعرض هذا الشعب لانتهاكات منهجية، وأن الاستعمار الفرنسي بات يتعارض مع الاتجاه العام للقانون الدولي.

وبهذا اعتبر الباحث ان الشعب الجزائري أثبت في ديسمبر 1960 أنّ الإرادة الشعبية الصافية قادرة على قلب موازين القانون والسياسة معا، وأن الشرعية تصنع في الشارع قبل أن تُدوَّن في القرارات الدولية.

 

دور الخطاب الديني في تعزيز صمود الشعب الجزائري

أكد عزوز مفتاح، الإمام الخطيب الأول بمسجد الهدى بالعاصمة الجزائرية، أن التمسك بالهوية العربية الإسلامية، كان ولا يزال حصنا منيعا يحافظ على وحدة الشعب الجزائري وصلابته. 

مؤكدا بأن اللحمة الشعبية التي نعيشها اليوم امتداد لأمجاد الأمة في ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر، تلك المحطة التاريخية التي جسدت وحدة الجزائريين في مواجهة الاستعمار.

وأوضح الإمام أنّ القرآن الكريم وضع أسس الوحدة بين أبناء الأمة، مستشهدا بقول الله تعالى:

﴿وَإِنَّ هٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [سورة الأنبياء: 92]،

وقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [سورة آل عمران: 103]،

كما استشهد بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا﴾ [سورة الأنفال: 46]، ليؤكد أن الاعتصام خيرٌ، وأن الفرقة ضعف وشر.

وأوضح ذات المتحدث أن دور الإمام في المجتمع لم يكن يوما مقتصرا على أداء الصلوات والخطب، بل هو لسان الدين والشرع، ومهمته الأساسية "الجمع" بين الناس وتوحيد صفوفهم وتعزيز قوتهم المعنوية. 

حيث كانت المساجد والزوايا والمدارس القرآنية خلال الثورة التحريرية فضاءات تعبئة وتوعية، وقف فيها العلماء والأئمة موقفا رافضا للاستعمار، بكلمة صادقة مسموعة التأثير.

وفي هذا السياق، أشار مفتاح إلى الدور الريادي لعلماء الجزائر، وعلى رأسهم الشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد البشير الإبراهيمي، وغيرهما من علماء الشرق والغرب والصحراء والشمال، الذين أسهموا في إيقاظ الوعي الشعبي وتعزيز روح المقاومة. 

كما كان كثير من الأئمة ساندوا المجاهدين  في الجبال، وشغلوا مهام القضاء الشرعي مثل الشيخ محمد الطاهر آيت علجت رحمه الله.

ويرى الإمام أنّ الخطاب الديني لم يكن مجرد عنصر مساعد، بل كان ركيزة أساسية في التعبئة الثورية، إذ كانت شعارات الثورة ذات طابع ديني وروحي، وكان المنطلق الإيماني دافعا قويا لدى المجاهدين، يجمع بين الدفاع عن الدين والوطن، حتى إن الكثير منهم كان يختصر القضية بقول: "نقاتل عدوا كافرا احتل أرضنا".

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services