تحتفي الكشافة الإسلامية الجزائرية في 27 ماي من كل سنة بيومهم الوطني، أين تشكّل المناسبة فرصة للاستذكار والتذكير بإسهامات هذه المدرسة العريقة، التي تسعى لمجابهة التحديات الراهنة والتأقلم مع التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية السريعة، والعمل على تعزيز الدور التربوي وعصرنة البرامج لإستقطاب  الأطفال والشباب.

بثينة ناصري 

وفي كل مرة تحي جريدة "بركة نيوز" هذه المناسبة لإستذكار مسار المؤسسة التي كونت جيلاً متشبّعا بالقيم الوطنية وروح المقاومة والثورة، واعيا مناضلا وقياديا، أطر وقاد الحركة الوطنية وخطيط وفجر الثورة، أين إرتأت الجريدة التركيز هذه المرة على البعد  التربوي للحركة الكشفية.

الجانب التكويني لقدماء الكشافة الاسلامية 

ينوه حكيم شريفي المحافظ الوطني للتكوين على مستوى قدماء الكشافة الاسلامية، للتميز الموجود في الانخراط لقدماء الكشافة الاسلامية، معتبراً إياها "مختلفة تماماً وليس نفس الجو الموجود على مستوى المقاعد الدراسية، من حيث النشاط وطريقة الالقاء والتلقين والتكوين"، مبرزا إلى أن المنظمة تحرص على تعليم الاطفال العديد من الأخلاقيات والتكوينات التي يحتاجونها  في حياتهم اليومية ، لكن بطريقة مختلفة من خلال اللعب والمرح، وهذا تماشيا مع التكنولوجيا  التي أثرت على سيرورة تربية الاطفال.

 

ويؤكد ذات المتحدث أن قدماء الكشافة الاسلامية تبقى منفردة بطريقة تعليمها وتكوينها، مشيرا إلى أن الانخراط فيها يشهد تزايدا مستمرا،  وهذا راجع لنشاطاتها المتميزة باعتبارها نقطة جمع والتقاء لجميع الاجيال من الطفل الصغير إلى غاية الجد أي جميع المراحل السنية.

أما بالحديث عن العديد من التفاصيل التي يجب التعرف عليها قبل ولوج الطفل وانخراطه في الكشافة  وخاصة الأولياء الذين يحرصون في كل مرة على مرافقة ابنائهم في مراحل حياتهم، يشير  إلى الثقة التي يمنحها الأولياء لقدماء الكشافة الاسلامية من خلال تحفيزهم على الدراسة وتقديم انشطة ترفيهية عديدةً لهم وأخرى تعليمية، بالإضافة إلى تخصيص أوقات لتلقي الدروس الخصوصية تحضيراً للامتحانات والفروض، وكذا المخيم الصيفي الذي يعد ثمرة جهد للطفل أين تقوم الكشافة بتحفيزهم على الحصول على نتائج جيدة في الدراسة للالتحاق بالمخيم الصيفي، وهذه وسيلة اقناع تستخدمها المنظمة لتشجيعه على التحصيل الدراسي الجيد،  وهذا ما جعل الطفل يميل إلى الحياة الكشفية  ويولد شعورا من الاطمئنان لدى الاولياء. 

ويوضح أن مراحل مرور الشبل الصغير إلى غاية وصوله إلى أعلى الرتب في الكشافة، ومع كل مرحلة يتدرج في المهارات والتكوين، مشيرا إلى جملة من ردود الافعال التي تصلهم من قبل الأولياء بشعور الطفل بالمسؤولية منذ انخراطه في الكشافة وتغير معاملته سواء في البيت وخارجه بالإضافة  إلى تحسن المستوى الدراسي.

وفيما يخص المراحل التي يمر بها الطفل على مستوى الكشافة، أدلى محدثنا أن أول مرحلة للطفل تكون مرحلة الأشبال وأما البنت تدخل في مرحلة الزهرات والتي تكون من سن 06 إلى 12 سنة، وداخل هذه المرحلة العمرية هنالك القدم اللين التي تشمل الصغار، وبعدها النجم الأول والنجم الثاني ثم يترقى إلى مرحلة الكشاف التي هي من 12 إلى 15 سنة وفي هذه المرحلة أيضا هنالك "كشاف مبتدأ وكشاف أول وكشاف ثاني".

منخرطي قدماء الكشافة الاسلامية... مستقبل زاهر ومستوى راقي

وتابع حديثه "وبعدها يترقى إلى مرحلة الجوال التي تكون من سن 16 إلى 17 سنة وهي المرحلة التأهيلية للمرحلة القيادية تأتي بعدها مباشرة مرحلة قائد متربص ثم إلى مؤهل وبعدها إلى المناصب القيادية داخل الفوج من "مسؤول مالية مسؤول ادارة مسؤول الاعلام" أي حسب هواياته وكفاءته ثم يترقى إلى نائب قائد فوج أو محافظ محلي للفوج، وبعدها إلى مناصب أخرى في المحافظات  الولائية  والمكتب الوطني.

وفي ذات السياق، أشاد شريفي بكفاءة الكشافة الاسلامية في تربية وتعليم الأطفال والدليل على ذلك -حسب قوله- هو استلام منخرطي الكشافة الاسلامية العديد من المناصب الوطنية وحتى الدولية المشرفة. 

 

وتطرق إلى برنامج قدماء الكشافة الاسلامية، مؤكدا أنه برنامج ثري جدا في جميع المجالات، وأوضح أن الطفل عندما يكون في المراحل السنية بمجرد انخراطه داخل الكشافة الاسلامية في الفوج ضمن مجموعة صغيرة يقوم بمناصرتها وابرازها واظهارها داخل الوحدة، موضحاً أن الطفل يتلقى عند انخراطه العديد من المهام ليصبح "فعال منتج وايجابي" ويقدم إضافة نوعية.

وأعطى شريفي مثالا عن مسؤولية الطفل الكشاف عندما يكون منشطا ويبحث عن النشاطات لاصدقائه في الفوج ويأتي بالجديد، ويكون أيضاً مهيئا لجميع الحالات كالاسعافات الأولية الطبخ الحراسة وغيرها من المهام التي تجعله مسؤولا في بيئته ومحيطه وحتى مجتمعه. 

وحسب ما أوضحه محدثنا فإن نشاط الطفل متنوع ومتعدد أين يرتكز قدماء الكشافة الاسلامية في برامجها على الاقتداء بالرسول الله صلى الله عليه وسلم، مبرزا إلى تكوين قادة مختصين في الأسوة الحسنة بالنظر لميول الطفل إلى حبه للقائد بسبب معاملته له كأخوه الصغير أو ابنه، فعندما تكون القاعدة صحيحة يكون التأسيس قوي ومتين مرتكزا على الأخلاق الحسنة. 

وتطرق شريفي إلى أمثلة عن برنامج قدماء الكشافة امثلة لانشطة معينة هذا الطفل عندما ينخرط في طليعة في فوج او وحدة  يتعلم أن يستشر مجموعته الصغيرة وكيف يؤدي مهمته وفي حال لم ينجح في مهامه فيعد ذلك تقصيرا في حق الطليعة او الفوج ويتعلم أيضاً لباقة الحديث والإستماع الى أراء الفريق أو المجموعة وبذلك يكون بالحوار المتبادل لاخذ القرار واختيار الرأي الصائب، لأنه في كل مرحلة هناك عملية التحضير، والتقييم.

وقال ذات المتحدث "في الأنشطة التضامنية يتم العمل عند الأشبال والزهرات بشعار "اعمل كل يوم حسنة" والشعور بفئة الفقراء والمحتاجين ومساعدة الأهل  في البيت والإحساس بقيمة النعمة الموجودة لديهم"، مضيفا "أنه في المخيم الصيفي يعيش الطفل داخل المجموعة ويقوم بأعماله اليومية بنفسه وهذا يعود عليه بالفائدة في سلوكه المنزلي". 

وشدد شريفي على ضرورة تحمل المسؤولية المجتمعية وقضاء حاجاته بنفسه منذ صغره لتتكون لديه عادة ايجابية، مشيرا إلى أن كل عمل يخصص للطفل في برنامج النشاطات سواء التكوينية أو التعليمية و الاجتماعية يكون له هدف معين يخدم به أمته.

تسميات عديدة تطلق على الكشاف عبر مراحله 

فيما واصلت الكشافة الإسلامية بعد الاستقلال تقديم رسالتها ومهمتها في تأطير الأفراد وتكوينهم، وكان لها دور بارز في مختلف الفترات التاريخية وهذا يتضح من خلال مسيرتها الحافلة بالانجازات والنشاطات، وبهذا الخصوص يؤكد محافظ فوج الارشاد لقدماء الكشافة الاسلامية القائد كربوش عبد الفتاح، أن مقر الارشاد هو المقر التاريخي الذي بدأت فيه الحركة الكشفية التي أسسها الشهيد "محمد بوراس" سنة 1935، وأول فوج تم تأسيسه هو فوج الفلاح وتأسست بعده عدة افواج منها فوج الارشاد الذي تأسس سنة 1989 الحامل للرسالة الكشفية والتربوية. 

 

 وكشف كربوش أن لكل فوج منديل يتميز به وكل منديل يرمز إلى فوج وكل فوج له حريه الاختيار في ألوان المنديل وكل لون له رمزية معينة ، مؤكدا أن الكشافة الاسلامية لديها العديد من الخصائص البناءة  تساعد الطفل على تكوين شخصسة قوية ومسؤولة، حيث يتم تلقين الطفل الصرامة والانضباط بداية من البدلة الكشفية وصولا إلى مختلف السلوكات الاخلاقية والتربوية. 

كما لفت محدثنا لمختلف التعليمات الصارمة التي يتم تلقينها للطفل كتعليمه لباس البدلة الكشفية التي تعطي هبة للكشاف والفوج والمنظمة، لذلك يتم الحرص على مثل هذه الأمور، مبرزا إلى المراحل السنية المتواجدة في الكشافة متمثلة في ثلاث: مراحل الأشبال وهي مرحلة تكون من سن 07 سنوات إلى 11 سنة وبعدها تأتي مرحلة الكشاف من سن 11 سنة إلى 14 سنة، فيما تكون مرحلة الجوال من 15 سنة إلى 17 سنة وكل مرحله لديها خصوصيات وتتميز بخصائص ففي الأشبال يتم تعليمهم باللعب والكشاف يتم تعليمه بالممارسة باعتبار لديه القابلية للتعلم.

وفي سياق ذو صلة، تحدث كربوش عن مرحلة الجوال والتي تعتبر مرحلة جد مهمة وتحضيرية للقيادة وبعدها تأتي مرحلة التربص ليصبح قائد، مشيرا إلى أمور أساسية أخرى تقوم الكشافة أيضا بتعليمها للطفل، فكل وحده تتكون من نظام المجموعات ولها مسؤوليات "مسؤول المال، مسؤول السر، المسعف، مسؤول الإعلام" وهذه مهمات متعددة يتم تلقينها للطفل ليكون طفل صالحا ذو فائدة للمجتمع باعتبارها آلية للتربية. 

 

 

وأشار الى شارة الهوايات التي تمنح للكشاف باعتبارها تتويج لمهارته "كشارة المنشد، شارة السباح، شارة الطباخ" أين يتم تثمين هذه المواهب وتقديم لهم وسام في نهاية السنة، ويكون بذلك تتويج لمهارات ومجهودات التي كان يقدمها الكشاف، مؤكدا أن كل شارة ترمز إلى هواية معينة للكشاف. 

وتحتوي الكشافة أيضاً على الانشطة التضامنية الانسانية المختلفة والتي تُبرز أكثر في شهر رمضان الكريم، والتي تقوم بها الافواج الكشفية من خلال تقديم العديد من المساعدات "كاطعام عابري السبيل، توزيع قفة رمضان، توزيع وجبات السحور"، وغيرها من الأعمال الخيرية التي تغرس في الطفل حب الخير وخدمة ومساعدة الغير في أمته ومجتمعه.

 

وأوضح محافظ فوج الارشاد لقدماء الكشافة الاسلامية، القائد كربوش عبد الفتاح، أن كل هذه البرامج الخيرية التطوعية تهدف إلى تعليم الكشاف التواضع مع الآخرين، وان يكون صالح ونافع في المجتمع، بالإضافة إلى حب الخير للآخرين، وكذا أبعاد دينية وأعمال خيرية يؤجر عليها.