195

0

غزة الوجه الحقيقي للثمن المدفوع من أجل الكلمة

في اليوم العالمي للصحافة

في اليوم الثالث من ماي ، يحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، وهو مناسبة تبرز فيها أهمية الصحافة الحرة كركيزة أساسية في تعزيز العدالة والمساءلة وحماية حقوق الإنسان.

نسرين بوزيان

على الرغم من أن العديد من الدول ترفع شعارات تدعم حرية الصحافة، فإن الواقع في الأراضي الفلسطينية يظهر صورة مغايرة تمامًا، إذ يعاني الصحفيون الفلسطينيون من أفظع أشكال الإبادة الإعلامية على يد آلة الحرب الاحتلالية، التي تستهدفهم بشكل ممنهج.

في ظل هذا الاستهداف، يستمر الصحفيون الفلسطينيون في التمسك بقيمهم المهنية، ويواصلون أداء واجبهم الوطني و الإنساني ، فالصحفيون لا يقتصر دورهم على نقل الحقيقة فقط، بل يصبحون في كثير من الأحيان شهودًا على الجرائم التي ترتكب ضد شعبهم، ويدفعون ثمن ذلك غاليًا من دمائهم وأرواحهم.


وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة لا يزال الصحفيون الفلسطينيون يذكرون الأماكن والمقرات التي دمرتها قوات الاحتلال،حيث اصبحت الشوارع بديلا لمكاتب التحرير، بعد ما  دمر الاحتلال  143 مؤسسة إعلامية، بما في ذلك صحف وإذاعات وقنوات فضائية، إلى جانب تدمير 44 منزلًا بالكامل، واستشهاد 21 ناشطًا إعلاميًا. 
وامتد التدمير ليشمل البنية التحتية للصحافة الفلسطينية، حيث تم تدمير المعدات التقنية مثل الكاميرات والمعدات الخاصة بالبث المباشر، فضلًا عن استهداف الحسابات الرقمية للصحفيين على منصات التواصل الاجتماعي.

 


وحسب بيان صادر عن المكتب الاعلامي الحكومي في قطاع غزة، اعتبرالعدوان الصهيوني بأنه ارتكب ابادة إعلامية ممنهجة بحق للصحفيين والمؤسسات الاعلامية، اسفرت عن استشهاد 212 صحفيًا فلسطينيًا منذ بداية العدوان، بينهم مراسلون و مصورن ومحررون وأصيب 409 آخرون، بعضهم بإعاقات دائمة.

من جهتها، دعت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية إلى اتخاذ خطوات ملموسة لحماية الصحفيين الفلسطينيين، ووقف استهدافهم بشكل فوري، ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المستمرة بحقهم . 

 

 

كما وثقت مؤسسات الأسرى نحو 180 حالة اعتقال واحتجاز بحق الصحفيين الفلسطينيين منذ بداية العدوان، مع استمرار استخدام الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري كأداة قمعية بحق الصحفيين دون توجيه تهم واضحة أو محاكمات في مخالفة صريحة لكل الأعراف الدولية.
وفي بيان مشترك صدر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، أكدت المؤسسات أن استهداف الصحفيين لم يكن يومًا أمرًا طارئًا في سجل الاحتلال، بل يشكّل أحد أركان سياساته الثابتة منذ عقود.

غير أن ما جرى منذ السابع من أكتوبر يشكّل محطة فارقة، إذ تصاعدت عمليات اغتيال الصحفيين بشكل غير مسبوق، خاصة في قطاع غزة، حيث لم يقتصر الاستهداف على الصحفي أثناء أداء واجبه، بل امتد إلى عائلته أيضًا،

 لقد حول الاحتلال عائلات الصحفيين إلى أهداف مباشرة، وقصف منازلهم وهم فيه،  ضمن محاولات انتقامية لتحطيم الصحفي الفلسطيني نفسيًا وإسكات صوته.

كما شددت المؤسسات على أن الاحتلال لا يزال يفرض جريمة الإخفاء القسري بحق عدد من الصحفيين، أبرزهم نضال الوحيدي وهيثم عبد الواحد، اللذين اختفيا منذ السابع من أكتوبر دون أن يُكشف مصيرهما حتى اليوم، رغم كل الجهود الحقوقية والمطالبات بالكشف عنهما.

جريمة الإخفاء القسري التي اتبعها الاحتلال مع جميع معتقلي غزة في بداية العدوان، ما تزال قائمة رغم بعض التعديلات القانونية الشكلية التي جرت لاحقًا.


وبين الصحفيين المعتقلين حاليًا، هناك 19 صحفيًا محتجزون تحت هذا النظام، بعضهم أمضى سنوات طويلة خلف القضبان دون محاكمة، كما هو حال الصحفي نضال أبو عكر من بيت لحم، الذي تجاوزت فترة سجنه العشرين عامًا، غالبيتها تحت الاعتقال الإداري.

أما من بقي من الصحفيين في السجون، فيواجهون صنوف الانتهاكات التي يعاني منها الأسرى الفلسطينيون عمومًا، من تعذيب ممنهج، وضرب مبرح، وتجويع متعمّد، وحرمان طبي، إلى جانب الإذلال والإهانة المستمرة.

 

ولم يكتف الاحتلال بالاستهداف والاعتقال، بل حوّل منصات التواصل الاجتماعي من فضاء لحرية التعبير إلى أداة رقابة وقمع. فمن خلال قوانين فضفاضة تتحدث عن “التحريض” و”التعاطف”، دون تعريفات واضحة، بات الاحتلال يعتقل الصحفيين على خلفية منشوراتهم، ويستخدم هذه الذرائع لتجريم عملهم الإعلامي، والزجّ بهم في السجون لمجرد نقلهم للواقع.

 حيث تم توثيق أكثر من 320 انتهاكًا رقميًا بحق المحتوى الفلسطيني في شهر افريل الماضي ، تضمنت 75 انتهاكًا استهدف صحفيين وإعلاميين في غزة.
كما وثق المركز 18 منشورًا تحريضيًا من قوات الاحتلال ضد صحفيين فلسطينيين، تضمن بعضها دعوات علنية لاستهدافهم جسديًا، أبرزها ما تعرض له الصحفي حسن صليح الذي أُصيب في خيمة الصحفيين بخان يونس، حيث نُشرت معلومات عن موقعه داخل المستشفى لدفع الطيران  إلى استهدافه مجددًا، مع تعليقات ساخرة تحقيرية بحقه.

أما في الجانب المقابل، فقد وثق المركز 29 منشورًا تحريضيًا من قبل صحفيين الكيان الصهيوني دعوا فيها إلى إبادة الفلسطينيين، دون أن تواجه تلك المنشورات أي محاسبة أو حتى تقييد.

كما رُصدت 36 حالة انتهاك من مستخدمين عرب، تضمنت عنفًا رقميًا قائمًا على النوع الاجتماعي ضد خمس صحفيات وناشطات من قطاع غزة، إضافة إلى تسع حالات اختراق وانتحال لشخصيات صحفية، وحملات تحريض ممنهجة.

 

بمناسبة، اليوم العالمي لحرية الصحافة أصدرت المقاومة الإسلامية “حماس” بيانًا ثمّنت فيه دور الإعلام الفلسطيني في مواجهة الرواية الصهيونية وتحدي آلة الكذب.
وأكدت أن جرائم الاحتلال لن تنجح في إسكات الصوت الفلسطيني، داعية إلى الإفراج عن جميع الصحفيين المعتقلين، ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المستمرة. وأشارت الحركة إلى أن استمرار استهداف الإعلام يكشف حجم خوف الكيان الصهيوني من تأثير الكلمة وصورة الحقيقة، مطالبة المؤسسات الحقوقية بتحمل مسؤولياتها في ملاحقة ومحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها ضد الإعلام الفلسطيني.

               

 

 


وفيما يخص الاعتداءات العسكرية، شهدت العديد من الصحفيين استهدافًا مباشرًا أثناء تأديتهم لعملهم، مما أدى إلى استشهاد عدد منهم، مثل الصحفي حسام شبات الذي استهدفته طائرة مسيّرة الاحتلال، والصحفي أحمد منصور الذي تعرض للاحتراق الحي جراء قصف خيمة الصحفيين في خان يونس.

في هذا اليوم الذي يُفترض أن يكون احتفالًا بحرية الصحافة، تُظهر غزة الوجه الحقيقي للثمن المدفوع من أجل الكلمة، ومع ذلك، تبقى حرية الصحافة في فلسطين ليست شعارًا عابرًا، بل عقيدة وصمود ورسالة تصل إلى العالم من تحت الركام.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services