450

0

غذاء الروح في رمضان... رمضان شهر القرآن الكريم

 

بقلم الأستاذ سيد علي دعاس 

يقول الله تَعَالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الذِّي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدَى للناس وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانْ".[1]

أعزّائي القرّاء...

نَزَلَ القرآنُ الكريم كُلّهُ إِلَى السَّماءِ الدُّنْياَ مِنْ اللَوْحٍ المَحْفوظ فِي رَمَضاَن... ولِذلِكَ كَانَ النَّبِيُّ يَتَدَارَسُ القُرْآنَ الكَرِيم مَعَ جِبْرِيل -عَلَيْهِ السّلَام- فِي رَمَضَان، يَسْمَعُهُ وَيَتَدَبَّرُهُ وَيَتْلُوهُ ويَتَأَمَّلُ عِبَرَهُ.

وفِي هَذَا الشَّهْر المبارك يَعِيشُ قَارِئُ القُرْآن الكريم مَعَ هَذَا الكِتَابِ العَظِيمِ، الذِّي قَالَ فِيهِ الله – تَعَالَى-: "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ".[2]

ألا ترى أخي؟ ألا ترين أختي؟ أَنَّ تلاوة القُرْآن الكَريمَ والاستماع له فِي رَمَضَان لَهُما طَعْمٌ وَمَذَاق خاص؟

القُرْآنُ الكَرِيم فِي رَمَضَان يُعِيدُ إِلَيْنَا ذِكْرَى نُزُولِهِ، وَأَّيَّامَ تَدَارُسِهِ مِنْ قِبَلِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ... فَقدْ صَحَّ عن النبي – صلى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ".[3]

وقال أيضا: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ".[4]

وقال أيضا: "مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَة مُضَاعَفَة، وَمَنْ تَلاهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".[5]

وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالَتْ: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: "الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُو ماهِرٌ بِهِ معَ السَّفَرةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالَّذِي يقرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُو عليهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْران".[6]

أَتَدْرُونَ مَنْ هُمْ السَّفَرَةُ الكِرَامُ البَرَرَة؟ إِنَّهُمْ المَلاَئِكَة.

فالنبيّ صلّى الله عليه وسلم أخبرنا أنَّ المَاهِرَ بِالقُرْآنِ هو الذِّي يُجِيدُ قِرَاءَةَ القُرْآنِ بِتَطْبِيقِهِ لِأَحْكَامِ التَّجْوِيدِ وَإِخْرَاجِ الحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا... وأنّه مَعَ المَلاَئِكَة الكرام.

     َلكِنْ مِنَّا مَنْ لَمْ تُسْعِفْهُ ظروفه لِيَتَعَلَّمَ... أو كَانَ دون المستوى فِي اللُّغةَ ِالعَرَبِيَّة، ومع ذلك نَجِدُهُ يَبْذلُ جُهْدًا من أجل قِرَاءَة القُرْآن... فذلك هو الذي قال عنه الرَّسُول - صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ- أنّه "يتتعتع فيه"؛ أي أَنَّهُ لَمَّا يُرِيدُ أَنْ يَنْطِقَ كلمة يتعب في تهجئتها حَرْفًا حرفا... وبمَشَقَّةً كبيرة...

فهذا القارئ لَيْسَ لَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ بَلْ لَهُ أَجْرَاِن: أَجْرُ القِرَاءَةِ وَأَجْرُ المَشَقَّةِ.

وعن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها طَيِّبٌ؛ ومَثَلُ المُؤْمِنِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لا رِيحَ لها وطَعْمُها حُلْوٌ؛ ومَثَلُ المُنافِقِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ؛ ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌّ؛ وَمَثَلُ المُنَافِقِ الذِّي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرِّيحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ؛ وَمَثَلُ المُنَافِقِ الذِّي لَا َيْقَرُأ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَة لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ".[7]

في هذا الحَدِيثُ يقسم النّبيّ النَّاسَ في علاقتهم بالقرآن الكريم إلى أَرْبَعَةِ أَصْنَاف:

1-  المؤمنون الذِّينَ يَقْرَأونَ القُرْآنَ وَيَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، فهم كَمَثَلِ الأُتْرُجَّة[8]، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا حُلْوٌ.

2-  المؤمنون الذِّين لا يَقْرَأُون القُرْآنَ، فَهُم كَالتَّمْر؛ لأنّ التَّمْرَة حُلْوَة وَلَكِنْ لَيْسَتْ لَهَا رَائِحَة.

3-  المُنَافِقُ الذِّي يَقْرَأُ القُرْآنَ، هو كالرّيحَانِة؛ شَكْلُهَا جَمِيلٌ، وَلَوْنُهَا جَمِيلٌ، وَلَكِنْ طَعْمُهَا مُرُّ.

4-  المُنَافِقَ الذِّي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ، هو كَالحَنْظَلَةِ؛ وهي نَبَاتٌ مُرٌّ لَا رَائِحَةَ لَهُ.

فَاحْرِصْ أَخِي المُسْلِمْ أَنْ تَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ الذِّينَ يَقْرَأونَ القُرْآنَ وَيَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، حتى تكون كَمَثَلِ الأُتْرُجَّة، التِّي رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا حُلْوٌ.

 



[1]  البقرة/185

[2]  سورة ص/29

[3]  رواه أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

[4]  رواه مسلم عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِي رضي الله عنه.

[5]  أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[6]  متفقٌ عَلَيْهِ.

[7]  رواه مسلم

[8]  شَجَرٌ مِن فَصِيلَةِ البُرْتُقَالِيَّاتِ، يُعْطِي ثِمَاراً أَكْبَرَ مِنَ الَّليْمُونِ لاَ يُؤْكَلُ، يُصْنَعُ مِنْ قِشْرِهِ مُرَبَّى، عَصِيرُهُ حَامض

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services