احتضن، عشية اليوم السبت ، ملعب "الأخوة" وسط مدينة غرداية تجمعاً جماهيرياً توعوياً حاشداً نشطّه الشيخان "محمد فليسي" استشاري نفساني للأسرة و"طاهر ضروي" إمام مسجد "فتح القلوب" بواد الرمان بلدية العاشور بالعاصمة.

بوجمعة عبد القــادر ملاخ

الشيخين خاطبا ضمائر الشباب بكل عفوية دون طابوهات ولا تعقيدات، فطالبهم الشيخ "ضروي" بالعودة إلى الله بكل بساطة، هاته العودة التي وصفها بالأسهل من كل الأعمال على الاطلاق من خلال الحفاظ على الصلاة ونفع المجتمع وبر الوالدين واكرام الأخوات والاِخوة واستشارة الأئمة وأهل الدين والابتعاد عن الملوّثات التي تفسد الحياة مثل الصاحب السيء والمال الحرام والتصرفات البذيئة واذاء الناس، قائلا: "كل واحد حاضر هنا معنتها فيه الخير، ونيته طيبة... جيتوا باش تسمعوا الفايدة وهذا دافع قوي... فالتحضيرات الكبيرة لعقد هاته المحاضرة هو دليل على السعي من أجلك أنت أيها المدمن... فاستحي من نفسك"، واسترسل حديثه أيضا: "فلتجعل هذا المقام هو انطلاقة لميلادك من جديد، سأعطيكم وصايا ايمانية تساعدك على الفهم، أولها، هل تساءلت عن مكانتك في المجتمع؟ هل أنت انسان رفيع أم انسان وضيع؟ هل لك أثر في المجتمع، أين بصمتك .. نافع ..أم ضار"، "إن الله يحب المحسنين، يحب الصابرين، يحب المتقين، يحب المؤمنين، يحب التوابون المتطهّرون... ولا يحب المستكبرين ولا كل خوّان أثيم ..لا يحب كل كافر، لا يحب المذنب ولا مغضب والديه ولا خائن الأمانات.

وهي صفات نجدها في المدمن والمغرر به؟... فعليك أخي أن تسعى ليحبك الله"، مذكّرا الشباب بأن "المجتمع لا يرضى عنك ولا يرضى والديك ولا الله راضٍ عنك كذلك،تصوّر أنك منبوذ؟ كيف تعيش، فالله خلق الخلائق في ثلاث أوجه، الملائكة أعطاهم العقل دون شهوة، والبهائم أعطاهم الشهوة دون عقل، وأنت أيها الانسان أكرمك بالعقل والشهوة... فاستخدم عقلك واجعله يتغلب عن شهوتك لتعرف خطواتك إلى أين تأخذك؟ فعليك أن تكون صاحب حكمة ورشد وطاعة لله".

محذّرا مروجي وبائعي المخدرات بأنهم مجرمين وأخطر الناس وما عليهم إلا الرجوع إلى الله وإلى جادة الصواب قبل فوات الأوان "..طريق الادمان تقودك للسجن أو القتل أو الانتحار أو المرض الشديد ..فتجنّب ذلك يا شباب الأمة، وكونوا قوة البلاد فلا تسمعوا للغرب الذي نشر المثلية وأرادكم ضعفاء بمثل هاته الأمور ... طفّاكم بالعامية" داعيا سكّان غرداية إلى التعاون لانجاز مركز مكافحة ومعالجة الادمان.

الاستشاري النفساني الشيخ "محمد فليسي" تحدّث عن الجوانب النفسية والحالات الانسحابية التي تصاحب الاقلاع وطرق تجاوزها بأخف الأضرار، مطمئنا الشباب المدمن بأن الفترات هاته قصيرة بالنظر إلى باقي الحياة الطويلة.

وأعطى تصنيفات للحاضرين مفصّلا كل صنف وكيف نتعامل معه وكيف يتعامل مع نفسه ومحيطه، فقال بأن هناك المدمن الحقيقي وهذا يبحث عن العلاج والتأهيل والحل، وهناك الراغب في دخول عالم الادمان فذلك ساعدوه وعليه مراجعة قراره لأنه في الأخير يعود إلى نقطة الصفر فلا تضيّع وقتك، والصنف الثالث وهو المصلح غير المدمن ومن يريد الخير للمجتمع وهذا الصنف عليه بمرافقة المغرر به وتقديم النصيحة له ومساندته في كسب القوت والعمل.

مؤكّدا على ضرورة المواصلة والتواصل واستمرار جهاد النفس لما بعد الاقلاع عن الادمان وعند فترات التعافي، فالعمل والرياضة والانخراط في الجمعيات النشطة وخدمة العائلة أفعال ناجحة تجعل من المغرر به سلطاناً وأميراً بين الناس أفضل من "عيشة" الذل والعزلة التي توفّرها المخدرات وتجارة الحبوب وترويج السموم.
للتذكير، فقد تم سرد تجارب لشباب ابتعدوا عن الادمان وكيف ابتعدوا مع ذكر معاناتهم في أول الآيام وهي الصعبة على حد قولهم لكن بالصبر والاجتهاد وخوض حرب العلاج استطاعوا النجاة وهو يعيشون الآن أحلى لحظات حياتهم بعدما كانوا في ظلام واكتئاب.
للعلم، فقد حضر هذا اللقاء التوعوي حوالي ثلاثة آلاف شخص من بلديات الولاية العشر التي سخّر أميارها وسائل للنقل مجانا دعما للمبادرة.

وشارك في التنظيم والتحضير والتغطية تسعة جمعيات على رأسها "الغيث الخيرية"، و"سواعد الاحسان" و"الوفاق الخيرية" و"بادر بالخير" و"فوج الشيخ عبد الحميد بن باديس للكشافة الاسلامية" و"صناع المستقبل للتنمية وترقية المجتمع" و"تاج" و"شباب الخير" و"نون الخيرية" و"بصمة للاعلام بزلفانة"، بالاضافة إلى الاذاعة المحلية ووسائل اعلام خاصة والأمن الوطني والدرك والحماية المدنية ومصالح الصحة وأعوان الملعب، وحضره رئيس بلدية بريان وممثل عن رئيس بلدية غرداية وشخصيات عامة من أطياف الولاية.