239

0

دار الحديث بتلمسان  تحتضن يوم دراسي حول مالك بن نبي

فيلسوف الحضارة في مدينة الحضارة


 

 

إحياء لفكره وعرفانا بما قدمة للوطن والانسانية، نظم كرسي مالك بن نبي، يوما دراسيا، جمع ثلة من المفكرين والباحثين ممن عرفوا هذه الشخصية الفذة التي تركت ارثا فكريا وحضاريا للإنسانية جمعاء.
زهور بن عياد
 استهل النشاط الذي عرف حضورا مميزا، من طلبة وأكادميين  وممن يتوقون للتعرف على هذا الرجل العظيم وسماع شهادات حية ممن عايشه عن قرب،  بكلمة افتتاحية قدمها الدكتور عبد الحفيظ بودريم، مثمنا المبادرة التي قام بها كرسي مالك بن نبي تحت قيادة المفكر عمار طالبي.

 


وفاء للرجل وتحقيق التواصل بين الأجيال
  وفي كلمته أكد الباحث الدكتور سعيد مولاي أحد تلاميذ بن نبي وعضو المجلس العلمي لكرسي مالك بن نبي للدراسات الحضارية قائلا،  "في مدينة الحضارة نحتفي بمن عالج مشكلات الحضارة وأسس النهضة بعد ركود طويل".
وعن احتضان هذا الحدث أبرز أن له أكثر من دلاله أولها التواصل بين الأجيال و  الوفاء لهذا الرجل الذي سخر حياته لتقديم سبل نهضة اللأمة  من جديد  بعد مرحلة انهكت بفعل الاستعمار، فمن الوفاء أن نستمر في دراسة افكاره، وتبيينها للناس .
ومن مدينة الأمير عبد القادر  معسكر، جاءت رسالة من رجل عرف مالك بن نبي عن قرب، كان حافظا لأسراره ووصيه بعد وفاته ،  عمر كامل المسقاوي، الذي تجاوز العقد التاسع، حيث هنأ السائرين على نهج الحضارة.
كما ثمن عمل القائمين على نشاطات الكرسي العلمي  معتبرا اياه مصدر اعتزاز  لما يقدمه من جهود لترسيخ البحث العلمي، موجها التحية للمفكر عمار طالبي والذي لا يزال حاملا لرسالة المفكر مالك بن نبي الحضارية وهذا مايبعث في النفس الطمأنينة حسب قوله.

 

 
 
مركزية الدين في فكر مالك بن نبي
الكثير من تكلم عن الحضارة من منطلق التحدي والاستجابة،   لكن مالك بن نبي اعطى لها بعدا آخر، حين ربطها بالجانب الروحي او الدين، انطلاقا من هذا  تكلم المفكرعمار طالبي، الذي عرف مالك بن نبي عن قرب وتأثر بأفكاره.
 
وتحدث الدكتور طالبي على الجدوى الروحية التي ركز عليها بن نبي كدعامة أساسية في بناء الحضارة، ذلك ان الانسان متكامل روح ووجدان وفكر.
فالفكرة المركزية قد لا تكون الدين  أوالمعتقد بل فكر أو ايديولوجيا يجتمع عليها الناس لبناء حضارة، لكن العقيدة هي من تدفع للعمل والإنجاز.
وتبقى الحضارة الإسلامية  نموذج فريد لأن الوحي حسب بن نبي عندما نزل جدد الانسان و دفعه  لحمل رسالة.
الدكتورحمزة بن عيسى هو الاخر كان قريب  من مالك بن نبي، وفي مداخلته  "مابين العالم الحديث والحداثة والهوية" تفصل في موضوع الهوية ومفهومها، فالمجتمع الصناعي اهتم بالماديات على حساب الانسان وهذا ما أدى الى خلق الصراعات.
و تطرق الدكتور بن عيسى ما ألى اليه المجتمع الغربي الذي تحول، الى مجتمع الاستهلاك المادي ثم مجتمع الخدمات والتواصل، الذي فقد فيه الانسان جوهره وهذا ما ساهم في ظهور طوائف شيطانية تسعى لإخلاء العالم من الدين .
ودعا المحاضر في نهاية مداخلته الى رفع  الستار عن الهوية الروحية التي ترقى بانسانية الانسان.
بين ابن باديس والبشير الإبراهيمي  ومالك بن نبي  غاية  مشتركة
ومن جهته تحدث الشيخ آيت سالم  بن يونس، عن أوجه  التلاقي بين بن نبي والبشير الإبراهيمي  والعلامة عبد الحميد  بن باديس، واستذكر لقاء رجال جمعية العلماء المسلمين عام 1913، حيث درسا الواقع الجزائري ووضعا معالم مشروع نهضوي، خلاصته الاعتناء. بالشخص الجزائري وتصحيح فكرته.
ولعل هذه  نقطة التقاطع الكبرى بينهم، فهم  جميعا ركزوا على الانسان لأنه العنصر المحوري في البناء الحضاري.
فالابراهيمي أكد على تحرير الانسان  الذي يسبق تحرير الأوطان، ومالك بن نبي كان همه الأكبر ما ألت اليه الأمة العربية الاسلامية، وهذا ما جعله  ينتج ما أنتجه.
فالدين كان حاضر في كتابه الظاهرة القرآنية، يقول الشيخ بن يونس، فمالك بن نبي مؤلفاته تدل على اهتمامه بالفكر والدين  كما أن ابن باديس أولى عناية كبيرة للجانب الكوني و الهدائي،  اما الإبراهيمي غالبا ماكان  يقارن بين السلف والخلف ويحل تلك المعادلة التي  رفعت اسلافنا،  كانت فكرته أن  لكل جيل يجب أن  تكون له قراءة للقرآن الكريم  تعالج مشكلات واقعه، معتبرا أن من لا يملك ذلك قد يعطل فهم القرآن.
وفي ذات السياق تطرق الدكتور عكاشة شايف، عن الاستعمار  وما يخلفه من أفكار قاتلة ومسمومة تستمر لسنوات، فالمجتمعات التي سبق لها أن شهدت الاستعمار، حسبه تعاني من التخلف أكثر من المجتمعات التي لم تتعرض له.
وأضاف أن  الفكر حسب بن نبي نواة كل حضارة، لذلك لا يمكن بناء الحضارة الا بالعودة الى الفكرة الدينية. 
وفي الشأن نفسه قدم الباحث والمفكر الصادق سلام الذي أقام في نفس المدينة التي عاش فيها مالك بن نبي  في فرنسا،  شهادات حية وجوانب مضيئة من هذه الشخصية  الفذة،
 وأشار بالقول "عشت في مدينة " درو " وحين دعيت للنقاش في ملتقى سنة 1983،  وذكرت بن نبي الذي صدر في الجريدة المحلية اتصل احد سكان القدامى برئيس تحرير المجلة، الذي اتصل بي وجاءني وبيده نسخة من الظاهرة القرآنية الذي أهداه اياه مالك بن نبي في صائفة 1947.
تحدث  عن اقامة مالك قرابة ربع قرن في المدينة واهتمامه بمحيطه الانساني. 
 
كما استذكر المحاضر سعدي بن يحي الذي تتلمذ على يد مالك بن نبي، وزيارة صالح بن ساعي الذي  يعرف كل اسراره، و أشار الى القصة التي ذكرها مالك عن الزمان،  والذي قال فيها" عرف قيمة الزمان عندما كان ينكش قطعة أرض من محيط بيته، وهذا ما جعله يضع الزمان في تحديد مفهوم الحضارة التي تساوي انسان  و  تراب وزمان".
كما روى الباحث سلام، قصة الاستاذة التي طلبت منه أن يلقي كلمة في ملتقى كانت تديره،أمام جمع من الباحثين، عن مالك بن نبي، وحديثها عن معرفته به بما سمعته عنه في القاهرة.
كما ذكر الدكتور سلام شخصية  اخرى عرفت بن نبي وشاركته ذكريات وأفكار، وهوالباحث السوري، مروان القنواتي ولقائهما في القاهرة، حيث  كان القنواتي يدرس نظريات الوظائف الثقافية، وكان مالك يراجع معه بعد كل درس،وبعد تخرجه وكان الأول في الترتيب، نشر مالك بعد فترة قصيرة كتابه مشكلات الثقافة. 
وحين استنصحه قبل ذهابه الى باريس، أوصاه مالك بن نبي بثلاث: عدم الاحتكاك بعرب الحي اللاتيني،  والتعامل مع المتفتحين من المسيحيين  الذين يؤمنون بالحوار، وثالثا  التعرف الى ارياف فرنسا ومدنها الصغيرة.
وهذه نصائح  طبقها مالك في حياته، وقد اعترف بفضل القنواتي في مخطوط مشكلات الثقافة  وهو مذكور فيه ومشكور، حسب شهادة الدكتور الصادق سلام. 
 
 
 
 
 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services