1055
0
بين احياء الشعيرة الدينية وغلاء أسعار الماشية... حيرة المواطن عشية عيد الأضحى المبارك
يترقب المواطن الجزائري موعد عيد الأضحى المبارك وسط مشاعر مختلطة من الحيرة والقلق، إذ عرفت أسعار المواشي ارتفاعًا جنونيا هذا العام، هذا الارتفاع الكبير أثار تساؤلات واسعة بين الناس حول الإمكانيات المالية والأولويات الدينية، حيث يجد الفرد نفسه متخبطًا بين قيم الاحتفال بالعيد والتزاماته المادية اتجاه عائلته.
مريم بوطرة
تعود هذه الزيادة الكبيرة إلى عوامل متعددة أسهمت في تدهور الوضع الاقتصادي للمواطنين، وتركتهم في مأزق مالي صعب في هذا الصدد أكد محمد الأمين نشار، رئيس الجمعية الوطنية للأطباء البيطريين الجزائريين، أن الأسباب وراء ارتفاع أسعار الأضاحي متعددة ومتراكمة لعل ابرزها الكذب و تزوير شهادات التلقيح ومضاعفة الاعداد وإحصاء شكلي بدون شريحة تعريف.
نقص أعداد الماشية هو السبب الرئيسي للغلاء
في سياق متصل، أوضح نشار أن أحد أبرز الأسباب هو نقص الثروة الحيوانية في الجزائر قائلا في هذا الصدد "نحن نشهد نقصًا حادًا في أعداد الماشية بسبب انخفاض الاهتمام بالتربية والهجرة الكبيرة من الريف إلى المدن مع موت كبار الموالين وكبر سنهم وتخليهم عن التربية وظهور جيل جديد يبحث عن مهنة اخرى والتخلص من المعاناة التي تتماشى مع تربية الأغنام مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار".
بالإضافة إلى الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار الأضاحي أضاف محدثنا بعض العوامل الأخرى على سبيل المثال، تقلص وانكماش الأراضي الرعوية بسبب مشاريع السكن وبيع الأراضي، مما قلل من المساحات المتاحة لتربية المواشي و أثر على إمكانية زيادة الإنتاج الحيواني. وأشار إلى بعض التقارير أفادت بانتشار حالات السرقة والاعتداء على الموالين، مما يزيد من التكاليف التشغيلية لديهم ويؤثر على استقرارهم المالي وإمكانية توفير المواشي بأسعار معقولة.
تحديات الاعتماد على الطرق التقليدية في تربية المواشي
بالإضافة إلى ذلك، يعاني بعض الموالين من قلة المعرفة بأحدث التقنيات في التربية، مما يجعلهم يلجؤون إلى الطرق التقليدية التي قد تكون أقل فعالية في زيادة إنتاجية الماشية و عدم استعانتهم بأهل الاختصاص، خاصة الأطباء البيطريين، يزيد من صعوبة التصدي للأمراض ويؤثر سلبًا على صحة المواشي وبالتالي على جودتها.
وقال رئيس الجمعية لا يمكننا تجاهل أيضًا التأثير الكبير لحالة التقشف التي عانت منها البلاد سنة 2014 ، حيث توقف استيراد الأبقار والعجول بشكل كبير، مما دفع بالمواطنين للتوجه نحو ذبح الأغنام واستخدامها بديلاً عن المواشي المستوردة. هذا الانقلاب في الاستراتيجية الزراعية تسبب في زيادة الطلب على الأغنام المحلية وبالتالي في ارتفاع أسعارها.
وبالنظر إلى الجوانب البيطرية، اكد ذات المتحدث أن الأمراض الوبائية تلعب دوراً حاسماً في تفاقم سيناريو ارتفاع أسعار الأضاحي في الجزائر، فقد شهد القطاع الزراعي انتشار عدد كبير من الأمراض المعدية بين المواشي، مثل الحمى القلاعية والجذري، مما أسفر عن خسائر فادحة في القطيع على سبيل المثال، تعرضت الجزائر لتفشي الحمى القلاعية في عام 2014 ومرة أخرى في 2018، إضافة إلى أمراض أخرى مثل طاعون المجترات، الجذري، الحمى المالطية، والتي سببت أيضًا اجهاض وموت للصغار والكبار.
تأثير الظروف المناخية القاسية على نقص الموارد الغذائية
تأثير هذه الأمراض لم يقتصر على الخسائر المباشرة في القطيع فحسب، بل أدى أيضًا إلى زيادة كبيرة في التكاليف الطبية والوقائية التي يتحملها الموالون، فالحاجة المستمرة للعلاج واللقاحات المكلفة لمكافحة هذه الأمراض تضاف إلى عبىء الإنتاج وتكاليف الرعاية، مما يزيد من التكاليف الإجمالية لتربية المواشي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن موت الحملان الصغار نتيجة للإسهال الذي يصيبها بعد الولادة يعد عاملاً آخر يسهم في تقليل الإنتاجية وزيادة الخسائر للموالين، حيث يفقدون أجزاء كبيرة من قطيعهم بسبب هذه الظروف الصحية القاسية.
في سياق متصل، أوضح نشار أن الظروف المناخية القاسية، بما فيها الجفاف الذي ضرب الجزائر طيلة عقود، ساهم بشكل كبير في نقص المراعي والموارد الغذائية، مما أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار الأضاحي.
كما لفت نشار الانتباه إلى جوانب أخرى مهمة، مثل الدعم غير الموجه إلى أهله، وغلاء الأعلاف ومشتقاتها، وزيادة التكاليف في مجالات مثل التنقل والأدوية والعمالة، فضلاً عن نقص اليد العاملة وغلائها إذا وجدت.
آثار ذبح الأنثى على سوق الأضاحي وتعقيد الوضع
أوضح أيضا أن ذبح الأنثى في جميع المناسبات والأعياد، سواء في المذابح أو في البيوت، ساهم في تعقيد الوضع أكثر، مما يعكس تحديات إضافية يواجهها قطاع الثروة الحيوانية في الجزائر.
وشدد نشار على أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام يعود إلى زيادة تقديرها بمقدار 2 إلى 3 مليون سنتيم للرأس الواحد، وذلك بسبب رفع الأسعار من بعض الموالين والسماسرة، خاصة مع عدم خضوع نظام شراء وبيع الأضاحي للفوترة.
وأشار إلى أن الأمر تعقد أكثر بفعل دعايات تروج لوجود خراف من رومانيا بأسعار منخفضة، وعلى الرغم من تأكيد عدم وجودها، فإن الطلب تجاوز المعروض مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وفي الساعات المتبقية الأخيرة، وجد المواطن الجزائري نفسه في انتظار بفارغ الصبر على أمل خفض أسعار الأضاحي وتبقى هذه العوامل المتراكمة تؤثر بشكل كبير على السوق وعلى الجمهور الجزائري، كما تكشف عن التحديات البالغة التي تواجه القطاع الزراعي والاقتصادي في البلاد.
في حين تتطلب هذه الأوضاع حلاً عاجلاً وجذرياً من الحكومة والمؤسسات المعنية، وتحتم على الجميع العمل بتعاون شامل لتخفيف الضغوط عن المواطنين وضمان توفير الأضاحي بأسعار معقولة.