3087
0
"أطفال الثورة...أطفال بلا طفولة"...عنوان يروي كيف جردت فرنسا الأطفال من طفولتهم

أصدر المركز الوطني للوثائق والصحافة والصورة والاعلام في جوان 2023 كتاب تاريخي يعالج واقع الطفولة في الجزائر ابان فترة الاستعمار الفرنسي و سياسته القمعية التي جردت الأطفال من طفولتهم، تحت عنوان "أطفال الثورة ...أطفال بلا طفولة".
شيماء منصور بوناب
جاء الكتاب في 251 صفحة تروي في تفاصيلها معاناة أطفال الجزائر في ضل السياسات القمعية الممارسة عليهم بشتى الطرق و الوسائل، التي لم توقفها حتى الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الانسان أثناء النزاعات و الحروب التي اتخذت منها فرنسا شعارا تناشد به و مطلبا تناجي به في المحافل الدولية و اللقاءات العالمية التي زيفت فيها بشاعة ممارساتها الاستبدادية على أطفال الثورة الجزائرية.
الطفولة الجزائرية و الممارسات التعسفية
وعن الواقع التعسفي المفروض على أطفال الجزائر يصف الكتاب في عناوينه الكبرى أهم الظروف الاجتماعية التي وضعت الطفولة تحت رهان الجهل و الموت و العبودية التي اتخذت من مسح الأحذية عنوانا للذل و الاستحقار الذي كان خليل الطفل في فترة الاستعمار، يضاف إليها انتشار الأمراض و الأوبئة الفتاكة التي أهلكت أجساد البراعم وزادتهم ثقلا على ثقل .
الحرب الأيديولوجية.. سياسة استبدادية للقضاء على الهوية
ومن الجانب العقائدي الديني تضمن الكتاب أهم محطات المقاومة الثقافية الدينية الذي جعلت من التعليم القرآني سلاحا تعزز به منطلقات الأطفال عن دينهم و ثورتهم التي لا قت هجمات أيديولوجية مستهدفة للهوية الوطنية و المرجعية الدينية التي استهدفت بها السياسة الفرنسية مختلف الزوايا و المساجد الجزائرية التي حاولت ادراج استراتيجيتها السلبية فيها عبر تبني سياسة تعليمية مفرنسة لا تمت بصلة إلى العروبة أو الإسلام.
أما بخصوص دور التكتلات الثقافية الثورية حيث تم انشاء الكشافة الإسلامية الجزائرية ، وهنا برز دور الساسة الكشفيين في بناء جيل واعي بحقوقه وواجباته تجاه الجزائر انطلاقا من تعليم الأطفال أساسيات النضال سياسيا و عسكريا و الأهم من ذلك فكريا لتحقيق الانتصار و للتخلص من التبعية الاستعمارية بعد الاستقلال.
الطفل الجزائري في جبهة التحرير الوطني والجيش
أبرز الكتاب في احدى أهم فصوله، دور الطفل الجزائري في النضال الثوري الذي لعبت فيه البراءة دورا بارزا في نقل المعلومات و الرسائل بين المجاهدين و المناضلين الذي أقروا بشجاعة و ثبات الأطفال أثناء تأدية مهامهم وواجباتهم رغم كل الضغوطات الممارسة عليهم من قبل الاستعمار الفرنسي، الذي لم يمنعهم من مواصلة عملياتهم النضالية في إيصال المؤونة أو الادوية في ثكنات و مراكز تواجد المجاهدين .
ولعل من بين أهم هؤلاء الأطفال نجد" الشقيقان الحسين والطيب بلقرشية" اللذان يمثلان انموذج حي لبطولات الأطفال أثناء الثورة التحريرية.
يضاف اليهم مراد بن صافي اسطورة التضحية من مدينة الجزائر و محمود بوحميدي الذي اخلص لوطنه بالنفس والنفيس رغم صغر سنه ....و غيرهم من الأطفال الذين شاركوا في صنع التاريخ بأناملهم الصغيرة .
أطفال اللاجئين ينظمون لصفوف الثورة
أخذ ملف لاجئي الثورة التحريرية حيزا واسعا من اهتمامات المناضلين والمجاهدين الذين أخذوا على عاتقهم مهمة احتوائهم وتعليمهم رفقة أطفال الجزائر دون الاعتبار للفروقات الاجتماعية أو الثقافية...التي جعلت منهم مناضلين في صفوف الثورة بعد استكمال تعليمهم .
فرغم الظروف العسيرة التي واجهت سير تعليم اللاجئين إلا أن المناضلين الجزائريين تمكنوا من تبليغ رسالتهم لللاجئين الذين اصبحوا بعد استكمال مسارهم التعليمي ذو شأن عظيم في البلاد حين ساهموا في استرجاع السيادة الوطنية المفقودة منذ 1830 .
بين النضال الثوري و الدعم الولي ..شهادات حية عن بطولات الأطفال
في الجزء الأخير من الكتاب تم الإشارة إلى جهود بعض الدول الشقيقة و الصديقة لرعاية الأطفال في ظل محنتهم ،ومن بين تلك الدول نجد تونس التي كانت السباقة لذلك بحكم التقارب الحضاري و المكاني بينها و بين الجزائر .يسند اليها جهود يوغسلافيا التي قامت بتنظيم رحلات خارجية لأطفال الجزائر قصد تعزيز العلاقات و الصداقات بين الدولتين، يضاف اليها الدعم الليبي و المجري الذي قدم اعانات كبير للشعب الجزائري سواء عن طريق احتضان الأطفال اليتامى ومرافقتهم نفسيا وماديا ثم تعليميا.
اختتم الكتاب بعرض موجز لأهم الشهادات الحية للمجاهدين الذين وصفوا بطولات أطفال الجزائر أثناء الثورة التحريرية التي ضحى من أجلها العديد من أرواح البراءة بمختلف الاشكال والأساليب، من بينها شهادة المجاهد زاوي محمد الذي أشاد بدور الأطفال في تغيير التاريخ الجزائري بإسهاماتهم و بطولاتهم التي جعلت جنودا ورجالا وهم في عمر الطفولة.