225
0
رئيس الفيدرالية الوطنية للحوم الحمراء :" هذه استرتيجيات تحقيق الاكتفاء الذاتي"

عرفت الجزائر ارتفاعا في اسعار الحوم الحمراء ، وهو الامر الذي كان السبب في رفع التجميد عن الاستيراد سنة 2023 الى غاية اليوم، بهدف تحقيق التوازن في السوق و لتغطية العجز الكبير الذي مس القطاع.
شيماء منصور بوناب
وفي دراسة استطلاعية لواقع سوق اللحوم الحمراء بالجزائر، جمعنا لقاء مع خير مروان رئيس الفيديرالية الوطنية للحوم الحمراء، المتواجد مقرها بسوق البيع بالجملة للحوم الحمراء بمذبح الحراش، أين أوضح أن الفيدرالية تندرج تحت لواء الاتحاد العام للتجار الحرفيين الجزائريين، تهتم بانشغالات التجار و تهدف لترقية قطاع اللحوم الحمراء عبر تعزيز الجهود و تثمين الإنجازات.
الفيديرالية الوطنية للحوم الحمراء.... حلقة وصل بين التجار و السلطات
ومن هذا المنطلق أشار خير لخلفية تكوينه في الميدان قبل توليه رئاسة الفيدرالية، حيث زاول مهنة التجارة بحكم انها مهنة العائلة المتوارثة منذ 1994،انطلق فيها كتاجر لحوم بالجملة منذ سنة 2006 على مستوى المذابح الوطنية ، ثم توجه نحو العمل النقابي ليكون اكثر قربا من التجار و المواطنين لمعرفة انشغالاتهم و طرح الاقتراحات كقوة قرار تنظم المجال ،و تنشط تحت جناح الفيدرالية التي تعتبر همزة وصل بين التجار و السلطات.
وعن اهم أدوار الفيديرالية ، ركز محدثنا على تقديم الحلول و الاقتراحات بعد دراسة العراقيل و المطبات التي تواجه التاجر الجزائري في اطار الحوار العملي الذي من شأنه تقليص نقطة الإخفاق عبر تضافر الجهود بين اهل الاختصاص و خبراء الميدان ثم تقديمها للوزارة المعنية في شكل تقارير و اقتراحات.
سوق اللحوم الجزائرية.... استراتيجيات و تحديات
وبالعودة لدراسة واقع سوق اللحوم الحمراء بالجزائر، لفت خير بأن دراسة ما هو موجود من تحديات و إمكانيات هو الخطوة الأولى لتحديد الحلول و الاستراتيجيات، بدءا من معرفة أن الجزائر تعتمد على الاستيراد منذ سبعينات القرن الماضي ، و ليس وليد اليوم رغم انها تحتوي على مناطق رعوية و فلاحية كبيرة.
فالتوجه للاستيراد كان من باب دعم المنتجات المحلية من خلال استراد اللحوم بأنواعها الحية والمذبوحة و المجمدة ،إلى غاية سنة2020 أين تجمد الاستيراد و أصبحت الجزائر تعول بشكل تام على منتجاتها المحلية التي حققت لها الاكتفاء الذاتي، بعد أن كانت في السنوات الماضية تركز عل اللحوم المستوردة بنسبة تصل الى 40 بالمئة و الباقي كله محلي.
وتابع ،أن استنفاذنا للمنتوج المحلي فرض رفع التجميد عن الاستيراد سنة2023، لان الجزائر أصبحت تعاني من ندرة شديدة في اللحوم ، وهو ما أدى لارتفاع أسعارها بشكل رهيب.
رفع التجميد على اللحوم الحمراء.... يعود بلا أثر على الإنتاج المحلي
وبعد قرابة عام و ثلاثة اشهر من الاستيراد، قال أننا نلاحظ ان الاستيراد لم يؤثر في أسعار اللحوم المحلية ، بل نجدها ارتفعت نوعا ما لعدة اعتبارات أهمها غلاء المواشي و كذا نذرتها فضلا عن ارتفاع سعر العلف و الاحتكار و غيرها من العوامل المشتركة و المتراكمة ."حسب ما ادلى به خير".
ولأن الاستراد لم يؤثر على المنتجات المحلية"، يوضح ان اللحوم المستوردة لم تحقق أهدافها المتعلقة بانخفاض أسعار اللحوم المحلية وهو الأمر الذي لم يسبق له مثيل في مجال اللحوم الحمراء ، خاصة و ان السوق الوطنية بسبب ذلك لم تحقق توازنها بشكل كافي.
ومع ذلك ساهمت اللحوم المستوردة في تغطية حاجيات الزبون و المواطن الجزائري الذي بات يأكلها بسعر مقبول في المناسبات و غير المناسبات بغض النظر عن جودتها و ووفرتها و كذا أسعارها التي نجدها تلائم جيبه كمواطن بسيط.
اللحوم الحية المستوردة.... عامل ديناميكي لتشغيل المذابح الوطنية
اما بخصوص استيراد العجول الموجهة للتسمين و الذبح أفاد، أنه و للأسف تم توقيفها أواخر سنة2023،بسبب المرض وبعض الاعتبارات التي أدت لاختلال في توازن السوق باعتبار أن اللحوم الموجه للتسمين كانت بمثابة عمود السوق و الخزان الحقيقي للحوم في البلد.
موضحا، أن لحوم العجول الموجهة للتسمين كانت ذو جودة عالية عادت بالنفع على التاجر و على المذابح لان استيرادها بهذا الشكل شغل المذابح الجزائرية وكذا اليد العاملة الوطنية ولكن تجميدها انعكس سلبا على التجار الذين اغلقوا اصطبلاتهم بعد تجميدها.
فضلا على ذلك فان الاستفادة منها كانت بشكل كامل من ناحية الجلود و الاحشاء التي اصبحا شبه متوفرة اليوم في متاجر اللحوم الحمراء ، الا أن أسعارها اليوم مرتفعة جدا بشكل يفوق قدرة المواطن الجزائري.
ومن ناحية دراسة الجودة و النوعية، لفت ان لحم الابقار المستوردة من الخارج تحتوي على ذوق رفيع المستوى بينما لحوم الاغنام الجزائرية فبشهادة الخبراء المحليين و الاجانب تعد من افخم و ارقى و اجود اللحوم الموجود في العالم.
الدولة الجزائرية باستردادها للحوم حققت اضافة نوعية للسوق من ناحية وفرة المنتجات بأسعار جد تنافسية ذلك دون تحقيقها لأثر ملموس على المنتجات المحلية، ولكن تبقى فكرة الاستيراد مجرد مرحلة انتقالية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
من تلك الاخيرة لفت محدثنا، ان النهوض بسوق المواشي مرهون باستيراد السلع الحية لتنافس السلع المحلية، باعتبارها مرتبطة بقانون العرض و الطلب في السوق و الذي يستوجب الاعتماد على اللحوم الموجه للذبح لضمان اشتغال المذابح المحلية.
ارتفاع الأسعار مرتبط بالمناسبات
وبخصوص ارتفاع الأسعار في المناسبات، خاصة في شهر رمضان الذي نحن على مقربة منه، اكد انه امر اعتيادي تشهده الأسواق منذ زمن بعيد بسبب التهافت الكبير نحو اقتناء اللحوم ما يؤدي الى احتكارها في بعض الاحياء نظرا لقلة وعي المواطن بالحكامة الرشيدة في الشراء خاصة في الأسبوع الاول من الشهر الفضيل.
اما من ناحية ضبط الاسعار، قال ان الدولة الجزائرية سقفت أسعار اللحوم المستوردة مع تسقيف هامش الربح، من خلال تخفيض الرسوم الجمركية للمتعاملين الاقتصاديين وحددت هامش الربح.
وبالنسبة للرقابة، التي تندرج ضمن العمليات المسطرة في هذا المجال أشار خير، لمنظمة قمع الغش و المحافظة على المنافسة الشريفة التي تعمل بفضل توصيات الدولة الجزائرية على ضمان المراقبة و المتابعة لكل الأنشطة التجارية للمتعاملين و المستوردين.
مشددا على ان تحقيق الاكتفاء الذاتي هو السبيل الوحيد لضمان انخفاض الأسعار في أسواق اللحوم الحمراء وغيرها من المنتجات، من خلال استغلال فترة الاستيراد كمرحلة انتقالية تعتمد عليها السلطات في بنائها للاستراتيجيات الوطنية التي تنهض بالقطاع و تحقق الاكتفاء.
وفي هذا المنحى عرج لتشكيل لجنة خبراء على مستوى وزارة الفلاحية مسؤولة على دراسة اليات تحقيق الاكتفاء الذات وسبل النهوض بالقطاع وذلك طبعا بتوصيات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
تطرق رئيس الفيدرالية لاهم المحاور التي تحقق الاكتفاء الذاتي، انطلاقا من اشراك الخبراء و اهل الاختصاص من الميدان على مستوى الوزارات المعنية لوضع خطة طريق على المدى المتوسط و المدى البعيد.
بالإضافة لدعم المربي المحلي من خلال استراد المواشي الحية ليتم ذبحها في المذابح الوطنية، ذلك مع استغلال المزارع النموذجية و الاصطبلات و الاستثمار في تربية المواشي بمشاركة واسعة من الخبراء و المتعاملين لضمان نتائج حقيقية .
مشددا على الزامية الرقابة الصارمة و الردعية في القوانين خاصة تلك المتعلقة بذبح الخروف الصغير الغير مؤهل للذبح وفق معايير حماية حقوق الحيوان، مع تعزيز المتابعة الدوية و المراقبة المكثفة في المذابح و نقاط البيع و في مختلف الأماكن الخاصة بالتجارة باللحوم.
وفي رسالته للمواطن الجزائري قال ان الوعي و الحكامة في الشراء هي أساس النهوض بالقطاع لتفادي الاحتكار و ضمان وصول المنتجات لكافة المواطنين بالإضافة الى شراء اللحوم من المتاجر التي تراعي النظافة و السلامة الحقيقية لتفادي الإصابة بالأمراض .