751
0
أسطول الصمود على بعد أميال من غزة بين إرادة كسر الحصار وقرصنة الإحتلال

تقترب لحظة الحقيقة بالنسبة لـ"أسطول الصمود" العالمي، الذي اجتاز بحسب المنظمين المياه الإقليمية الغزاوية، ولم يعد يفصله عن شواطئ القطاع سوى 8.4 أميال بحرية ، ورغم هذه المسافة القصيرة فإن التحدي الذي يواجه القافلة يبقى كبيراً، في ظل اعتراضات متتالية من البحرية الإسرائيلية التي صعدت على متن 20 سفينة من أصل 44 وعمدت إلى تعطيل الكاميرات وقطع التواصل مع النشطاء.
سعداوي ضياء الدين
الصور والبيانات الصادرة عن "الأسطول العالمي لكسر الحصار عن غزة" تبرز إصرار المشاركين على المضي قدماً رغم المخاطر، مؤكدين أن مهمتهم ليست فقط إيصال المساعدات الإنسانية، بل أيضاً كسر "جدار الصمت" حول حصار غزة المستمر منذ أكثر من 18 عاماً.
معركة رمزية بإمتياز
في سياق الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لم يعد "أسطول الصمود" مجرد سفن صغيرة محملة بالمواد الإغاثية، بل تحول إلى ساحة مواجهة رمزية بين منطق المقاومة المدنية وقرصنة الإحتلال، فاعتراض السفن في المياه الدولية ليس مسألة أمنية بحتة، بل خرق فاضح للقانون البحري الدولي، وهو ما يفسر موجة الإدانات الدولية التي صدرت من أنقرة وبروكسل ومدريد وروما، إضافة إلى احتجاجات شعبية في شوارع العواصم الأوروبية.
الأبعاد الجزائرية
الجزائر، التي يشارك مواطنون منها في هذا الأسطول، تجد نفسها أمام امتحان مزدوج ، من جهة حماية أبنائها، ومن جهة أخرى مواصلة الإلتزام التاريخي بمساندة فلسطين. بيانات الأحزاب والتنسيقيات الشعبية الجزائرية شددت على ضرورة تحرك دبلوماسي عاجل وضغط رسمي في المحافل الدولية للكشف عن مصير المشاركين الجزائريين وضمان سلامتهم.
تأثيرات على صورة إسرائيل
اعتراض الأسطول لم يضع فقط أرواح المتضامنين على المحك، بل كشف أيضاً عن تناقضات إسرائيل في تعاطيها مع القانون الدولي. فبينما تبرر العملية بأنها "إجراءات أمنية"، يرى كثيرون في أوروبا والعالم أن ما جرى مجرد "قرصنة بحرية" تزيد عزلة إسرائيل السياسية والأخلاقية، خاصة بعد مشاهد المظاهرات في برلين وبروكسل وروما.
أسطول الصمود، وإن كان فيزيائياً مجرد عشرات السفن المدنية، إلا أنه يحمل اليوم بعداً سياسياً ومعنوياً يتجاوز حجمه. فاقترابه من شواطئ غزة إلى مسافة 8.4 أميال بحرية يعيد تسليط الضوء على واحدة من أطول المآسي الإنسانية في العالم. وفي حال تم اعتراضه بالكامل أو السماح له بالوصول، فإن التداعيات ستكون عميقة ، إما فضح الإحتلال مجدداً أمام الرأي العام العالمي، أو فتح ثغرة رمزية في جدار الحصار المضروب على غزة.
إنه سباق بين إرادة الشعوب في نصرة غزة، وبين إرادة القوة في قمعها ، لكن المسافة المتبقية إلى الشاطئ أقصر من أن تحجب الحقيقة.

