15

0

أستاذنا الكبير الدكتور توفيق الشاوي كما عرفناه، سيرة و مسيرة !!

موسوعة "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي".. وقفة في ذكرى رحيل مؤلفها

مصطفى محمد حابس : جينيف / سويسرا

 

- قصة كتابة "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي"، كاد أن لا يرى النور، بعد سرقت مني مسودته في المدينة المنورة.

 

- علاقتي الشخصية بـكتاب "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي"، ومؤلفه!!

 

- الرئيس الشاب بن بلة يتوسط لدى عبد الناصر، لإطلاق سراح الدكتور توفيق الشاوي ..

 

- الناشرون العرب يرفضون طبع مذكرات الدكتور توفيق الشاوي؟

 

- وتعثرت الترجمة الفرنسية لمذكرات الشاوي لحاجة في نفس بعض "الإخوان" ؟!

 

- التقاء د. الشاوي بقيادات الثورة الجزائرية و رموز الإصلاح من رجال جمعية العلماء و تعرف على مجموعة منهم وعمل معهم، كالشيخ الابراهيمي والفضيل الورثلاني و الشيخ إبراهيم مزهودي، و مالك بن نبي و الشيخ محمود بوزوزو و أحمد بن بلة وحسين آيت أحمد و خيضر، و غيرهم..

ذكرنا في مقال سابق، أن أستاذنا الكبير الدكتور توفيق الشاوي رحمه الله، طلب من العبد الضعيف البحث له في أرشيف الجرائد الجزائرية القديمة، كجريدة النصر و الشعب و الجمهورية وغيرها، أي بعد الاستقلال حتى تسعينات القرن الماضي على أن أزوده ببعض ما كان قد نشر له في هذه الجرائد الجزائرية أو العربية، عن بعض رموز العمل الإسلامي والوطني في الجزائر ودول المغرب العربي، عدا ما نشرته له مجلة "المجتمع" الكويتية المتداولة، قصد إتمام كتاب مذكراته، المعروفة و المنشور و المتداول اليوم و الموسوم بـ "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي 1945- 1995 "، و كان قد رغب مني بعض الأفاضل من أساتذتنا ومشايخنا منذ عقود الى اليوم، أن أكتب شيء عن قصة هذا الكتاب وعلاقتي به و بمؤلفه الدكتور توفيق الشاوي رغم فارق السن و العلم و التجربة بيننا، والبعد الجغرافي بيننا أيضا أنا في أوروبا وهو في المشرق.

 

 

 

علاقتي بـكتاب "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي"، ومؤلفه :

 

أقول وبالله التوفيق، أني لا أزعم أني أعرف الدكتور توفيق الشاوي - رحمه الله - معرفة عميقة و عريقة كبعض إخواننا في الجزائر بل معرفتي به عابرة و حديثة، كقارئ ومتابع لمقالاته الهامة في مجلة "المجتمع"، كما كنت أيضا قد سمعت عنه في زيارته للجزائر في تسعينات القرن الماضي، و مساعيه لحل الأزمة السياسية في عهد الرئيس اليمين زروال، وقبلها أيام الانفتاح السياسي والتعددية ومشروع رابطة الدعوة الإسلامية ومساعيه في نصح ممثلي التيار الإسلامي في الجزائر، على تعدد فصائلهم، للعمل في إطار أخوي موحد، بعيدا عن التجاذبات السياسية، أيامها. لكني تعرفت على الدكتور توفيق، عن قرب بمدينة جدة بعد أداء مناسك العمرة، في منتصف تسعينات القرن الماضي، لما كان مشرفا عاما على مدارس المنارات بجدة، لصاحبها الأمير محمد الفيصل وبعض الأفاضل معه ( رحم الله من مات، وحفظ الاحياء منهم).

 

 

 

وأذكر في أول لقاء لنا في السعودية، كنت هتفت له أني قادم من مكة، و لا أدري متى أصل عصرا، فإذا بي أصل لمكتبه بعد المغرب، لكثرة الازدحام في الطريق، بين مكة و جدة، والمراقبات الجمركية المتعددة في الطريق، في تلك الفترة، لا أدري لماذا، رغم ذلك انتظرني الشيخ توفيق في شرفة بيته حتى وقت متأخر من الليل، و قد أخبرني أحد مرافقيه، أن الدكتور توفيق، من عادته ينام مبكرا، إلا إذا جاءه ضيف، فلن ينام حتى يطمئن على وصول ضيفه، وفعلا انتظرني الدكتور و رحب بي ليلا، و كلف من يحضر لي طعام العشاء و غرفة المبيت كعادته في إكرام ضيوفه، فقلت له معتذرا لقد أتعبنا الدكتور توفيق، في ساعة متأخرة من الليل، واعدا إياهم، بقولي ."غدا - بحول الله - أمر على مكتبه التاسعة أو العاشرة صباحا"، فإذا بي أجده أمامي فجرا يصلي بنا صلاة الصبح في مسجد الحي، و عزمني على الغداء مع زوجته المصون، كريمة أستاذه في القانون الدكتور السنهوري!!

 

 

 

مشروع المذكرات مجلد في الفي صفحة للمراجعة والترجمة للفرنسية و الطبع

 

 

 

بعدها جلسنا حول مشروع مذكراته وقد أنهى كتابته كاملا تقريبا، وأعطاني مجلد فيه ما يقارب ألفي صفحة لمراجعته مع رجاء البحث عن دار نشر وترجمته للفرنسية لنشره في صفوف جاليتنا في الغرب، فاعتذرت و قلت له هذه أمور تحتاج الى من هو أعرف مني بالموضوع و تطلب تفرغا!! فقط أنا أستطيع أن أجد لكم الناشر هذا سهل بالنسبة لي لأني أعرف العديد منهم في لبنان خاصة وأيضا حتى موضوع الترجمة ممكن نجد في فرنسا من نكلفهم بالموضوع، رغم ذلك قال لي، أما فيما يخص مراجعة محتوى الكتاب فانت جزائري، و الكتاب فيه فصول عديدة عن تاريخ الجزائر وشخصياتها الوطنية، حاول أن تراجعه وتصحح الأسماء وبعض التواريخ و الأماكن و..

 

 

 

وسرقت مني مسودة كتاب مذكرات الدكتور توفيق في المدينة المنورة

 

 

 

 وفعلا توكلت على الله وأخذت مسودة الكتاب معي لمراجعتها في المدينة المنورة في فترة زيارتنا للمسجد النبوي مدة أيام، أين كان ينتظرني هناك أحد أقاربه المشرفين على مدارس المنارات في "المدينة المنورة"، و ذهبنا سويا الى فيلا خاصة بالضيوف، تسمى "الاستراحة" التي ينزل فيها ضيوف الدكتور توفيق في المدينة المنورة، وخصصت لي هناك غرفة لإقامتي وبجانبها غرفتين لضيوف أفغان، تعرفت عليهما، وإذا بأحدهما، أمين عام وزارة في أفغانستان والثاني طبيب بل و وزير الصحة لحكومة طالبان أيامها، وهو دارس الطب في أمريكا، نسيت الاسماء، وما هي إلا أيام، حتى راجعت المجلد كاملا واستفدت منه كثيرا، وكتبت بعض ملاحظاتي على هامش الصفحات، ووضعته في الدولاب في الغرفة، و بعد أيام لما قررنا العودة الى جدة قصد ترتيب عودتنا لأوروبا، لم أجد المجلد، فتساءلت في نفسي:أكيد تكون الخادمة غيرت مكانه؟؟ أو فيه من أخفاه أو أخذه يا ترى .. أم سرق، لا قدر الله !؟

 

فطلبت من جاري الوزير الافغاني، هل فيه من دخل لغرفتي وأخذ المجلد، قال لي لا عليك، أفي الله شك!! أكيد" عيون أمريكا" تأتي لـ "تفريش وتفتيش" غرفنا لما نذهب نحن لصلاة الصبح في المسجد !! فاستغربت من الحادثة، و تساءلت :" ماذا أقول للدكتور توفيق وهو في انتظار ملاحظاتي، على أحر من الجمر لإنهاء الكتاب!!

 

ولما عدت مساء لجدة منهكا أخبرت الدكتور توفيق متأسفا بضياع المجلد، فقال لي في حزم، "لا عليك" مطمئننا إياي وأنا أتصبب عرقا خجلا و حياء، و طلب فورا من كاتبه المصري أن يطبع لي نسخ جديدة ، لأخذها معي الى سويسرا ومراجعتها سريعا، وأخبره هاتفيا بملاحظاتي و تصويباتي، صفحة صفحة و فقرة فقرة !!

 

 

 

الناشرون العرب يرفضون طبع مذكرات الدكتور توفيق الشاوي!!

 

 

 

رغم ذلك حاولت تطمينه يومها ، وقلت للدكتور توفيق، "كتابكم هذا لا يمكن أن يقبل أي ناشر عربي، طبعه لأن هناك بعض المحطات التاريخية التي كتب عنها، لا زالت طرية غضة قد لا يقبل الناشر العربي التطرق اليها إلا بعد بتر بعض فصوله، الخاصة تحديدا بما كتب عن مصر وفلسطين و بعض رموز العمل الإسلامي في مغربنا العربي"!!

 

حينها أسر لي الدكتور توفيق، بقوله لي: " فعلا أرسلنا مخطوطا أوليا، لبعض دور النشر العربية ورفضت بل و طلبت مني بعضها حذف بعض الفصول أو تهذيبها!!" ، و قد رفضنا ذلك، في وقته"، مضيفا بقوله، " نحن لا نبيع و لا نشتري في المبادئ"، قد أكون مخطئ، لكني أنا هنا "شاوي" مثلك، كما يضرب المثل عندكم في الجزائر!! و قد حدثني الدكتور توفيق في مناسب أخرى مفتخرا أن أسرته ، أي عائلة " الشاوي"، قد تكون منحدرة من قبيلة الشاوية في الشرق الجزائري، المعروفة بالشدة و الخشونة حسب الشاوية أنفسهم في الجزائر، و أنا منهم، وهو ما يرويه لنا أيضا لما زار الجزائر أثناء الثورة و لما أحتك أيضا ببعض رموزها!!.

 

 

 

و كما يمكن للقارئ أن يلحظ حدة كتابات الدكتور توفيق فيما يخص القضايا العادلة لأمتنا، كقضية فلسطين، أين وصف خيانات بعض حكام العرب جهارا نهارا، في مقالاته في مجلة المجتمع، وأعاد نشرها في مذكرات كتابه "نصف قرن من العمل الإسلامي" لمشهد مماثل عاشه هو عن فلسطين و مصر، حيث كتب - رحمه الله - يقول: "... هناك دلائل كثيرة اكتشفتها في ما بعد و أقنعتني بأن الهجوم على الإخوان المسلمين في مصر سنوات 1945 ثم 1954 و1956، قد ساهمت فيه ومهدت له واستفادت منه قوى أجنبية عالمية متعددة فلم يكن حدثاً محلياً من صنع جمال عبدالناصر وعبدالرحمان عمار و...، أو غيرهم ممن يوقعون على قرارات قد أعدت في أروقة المخابرات الأجنبية المعادية للإسلام... مثل قرارات إلغاء الجامعات الإسلامية في ليبيا والسودان وفاس، أو ما يسمى تطوير الأزهر" (ص:321).

 

 

 

وتعثرت الترجمة الفرنسية لمذكرات الشاوي لحاجة في نفس بعض "الإخوان".

 

 

 

 و حتى فيما يخص الترجمة للفرنسية، قال لي أنه طلبها من بعض ممثلي "الإخوان" التوانسة والجزائريين في فرنسا،( وذكر لي أسماء بعضهم)، الذين لم يأخذوا الامور بجد و سوفوا الأمر بعد أن قبلوا في البداية بالمشروع، لأن الدكتور توفيق في شهادته كتب أمورا نقدية لبعض رموز "الإخوان" في الجزائر، قد تكون لم تعجبهم علما أن الدكتور توفيق من رموز "الإخوان المسلمين" وقادتهم في "التنظيم الدولي"، لكنه سليط اللسان ضد بعضهم، من باب النصيحة، كما يصفه بذلك، زميله، الشيخ القرضاوي رحمه الله، الذي يكن له احتراما لا نظير له.

 

 

 

الشيخ القرضاوي يقدر كثيرا الدكتور توفيق الشاوي

 

 

 

 وأذكر أني تواصلت مرة مع الدكتور توفيق لما غادر السعودية وعاد لمصر نهائيا و كان مريضا جدا أيامها، حيث طلبت منه أن يقترح لنا أسماء علماء لتوقيع بيان حقوقي إنساني، والبيان عبارة عن مناشدة لإطلاق سراح سجناء الرأي في بلد عربي إسلامي، فأحالني على الشيخ القرضاوي، وقال لي حرفيا:" بلغه سلامي، و قل له، الدكتور توفيق، يرجو منك مراجعة البيان و توقيعه معنا، و ترشيح قائمة علماء لتوقيعه ". فاتصلت يومها لأول مرة بالشيخ القرضاوي في بيته، وأرسلت له البيان عن طريق الفاكس، وما هي إلا نصف ساعة أو تزيد قليلا، حتى صحح لنا الشيخ القرضاوي البيان، وأعطانا معه قائمة طويلة لأزيد من 30 عالما عبر العالم مع أرقام هواتفهم للتواصل معهم قصد توكيد توقيعاتهم، على البيان المرفق!!.

 

 

 

لا زلت أحتفظ بمسودة النسخة الأصلية الأولى لكتاب مذكرات الدكتور توفيق الشاوي

 

 

 

طبعا لا زلت لنهار اليوم أحتفظ بهذه القائمة، و رحم الله من مات منهم، كما أحتفظ أيضا بمسودة النسخة الأصلية الأولى لكتاب مذكرات الدكتور توفيق، غير النسخة المتداولة اليوم بين الناس بعد أن حذف الناشر، دار "الشروق" بالقاهرة و بيروت، بعض الفقرات او الفصول!! أكيد قد يكون الدكتور توفيق، قبل على مضض، طبعها كنسخة أولى مبتورة، على أن يعيد نشرها في وقت لاحق كاملة، حسب ما علمته، من زميله المصري في السعودية الشيخ الدكتور المهندس المعماري أحمد فريد مصطفى، رئيس الاتحاد العالمي للمدارس العربية الإسلامية، أيامها، الذي عرفنا به القارئ الكريم في أحد حواراتنا معه منذ سنوات، وهناك أمور أخرى قد نتطرق إليها في مقال مستقل حول هذه المذكرات، بحول الله.

 

        

 

قراءة في كتاب "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي" :

 

 

 

كتاب "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي" للدكتور توفيق محمد الشاوي هو عمل مهم يُعد سجلاً تفصيلياً لتجربة فكرية وعملية امتدت لخمسين عاماً في قلب قضايا النضال الوطني والعمل الإسلامي. يستعرض المؤلف في هذا الكتاب رحلته مع التحولات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي شهدها العالم الإسلامي من منتصف القرن العشرين حتى منتصف التسعينات، في إطار رؤية تعلي من شأن الوحدة وأثر الكفاح الإسلامي على قضايا الأمة العربية والإسلامية.

 

 

 

مضمون الكتاب وقيمته :

 

 

 

يسرد الكتاب في نحو 580 صفحة مذكرات المؤلف حول قضايا الكفاح الوطني والدعوة الإسلامية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية القرن العشرين. يعرض الدكتور الشاوي تجاربه في دعم قضايا المغرب العربي، ويُمثل العمل أنموذجاً نادراً في التأريخ الشخصي لحركات الكفاح الإسلامي، خاصة في المغرب العربي وشمال أفريقيا، من خلال شهادته الحية كفاعل وصانع قرار ومفكر واع بالصراع الحضاري.

 

 

 

يوثق الكتاب التغيّرات الفكرية، والأساليب التنظيمية، والتحديات الداخلية والخارجية التي واجهت الحركات الإسلامية. كما يعرض المذكرات بعمق اجتماعي وسياسي، ويحلل الجوانب النفسية للأفراد الفاعلين في هذه الحركات، وليس فقط البعد الفكري والتنظيمي

 

 

 

محاور رئيسية في المذكرات:

 

 

 

الحركات الإسلامية والوطنيون في شمال أفريقيا 

 

دور الشخصيات المحورية مثل عبد الرحمن عزام ومفتي فلسطين أمين الحسيني و الفضيل الورتلاني( الجزائري) و شكيب أرسلان و عبد الكريم الخطابي( المغربي).. 

 

تحديات العمل السري والعلني وقضايا الأمن والقمع 

 

تجاربه في مصر، و المغرب و تونس و الجزائر وسائر الأقطار الإسلامية 

 

مسار التحولات الفكرية والتنظيمية للإسلاميين

 

 

 

أهمية الكتاب البحثية

 

 

 

يُعد الكتاب وثيقة بحثية رفيعة، فقد كُتبت بلغة الخبير وصياغة رجل القانون والمفكر الاستراتيجي، وتستخدمها الدراسات التاريخية والاجتماعية لفهم بنية الحركات الإسلامية وتطوراتها المجتمعية والسياسية في القرن العشرين، كما يُعتبر مرجعاً لاستقصاء تجربة جيل كامل من النخبة الإسلامية

 

 

 

صدر الكتاب عن دار الشروق بالقاهرة عام 1419 هـ/1999م، ويتوفر بنسخ ورقية وإلكترونية، ويقع في حوالي 580 صفحة، ويُصنَّف ضمن أعمال الفكر السياسي الإسلامي والسير الذاتية المعاصرة.

 

                                                              

 

هذا العمل يمثّل تجربة شخصية ـ جماعية تلامس وجدان النخبة الحركية الإسلامية، يجمع بين السرد الذاتي والتحليل الفكري العميق، ويُعتَبر مرجعاً لا غنى عنه للباحث في تاريخ الحركات الإسلامية وشهادات الرواد الأوائل

 

 

 

نبذة عن المؤلف:

 

الدكتور توفيق محمد إبراهيم الشاوي (1918– 2009) يُعد من رواد القانون والفكر الإسلامي، وواحداً من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين الذين رافقوا الإمام حسن البنا. وُلد في دمياط بمصر، درس الحقوق في جامعة القاهرة بتفوق، ثم أكمل دراسته في فرنسا، ليصبح لاحقاً من أهم الشخصيات القانونية والأكاديمية في مصر والمغرب والسعودية على السواء. تنقّل بين المواقع الأكاديمية والقضائية، وتولى مناصب مؤثرة في كل من مصر والمغرب و السعودية، وشارك في تأسيس ودعم مشاريع اقتصادية إسلامية مثل بنك فيصل الإسلامي وبنك التنمية الإسلامي، إضافة إلى مؤلفاته الفكرية والقانونية المهمة.

مسيرته الأكاديمية والقضائية

بدأ حياته العملية وكيلاً للنائب العام لمدة سنتين، ثم انتقل إلى التدريس في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1944م.

حصل على الدكتوراه من جامعة باريس عام 1949م، وعاد بعدها ليُعيّن مدرسًا بكلية الحقوق بجامعة القاهرة.

أُبعد عن الجامعة سنة 1954م مع عدد من الأساتذة على خلفية نشاطه الفكري والسياسي.

استُدعي للتدريس في المغرب، فعُيِّن أستاذًا بكلية الحقوق جامعة محمد الخامس، وقاضيًا بالمحكمة العليا بالرباط عام 1959م، ثم مستشارًا قانونيًا وبرلمانياً بالمغرب.

تعرض في حياته لآلام المرض وقسوة الغربة وجحود الوطن ( بلده مصر) وشدة التعذيب في غياهب السجون.

كان الشاوي أستاذاً في القانون الجنائي بجامعة القاهرة وعضواً بالهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين ومسئولاً عن الاتصالات الخارجية بشمال إفريقيا عندما أُلقي القبض عليه في محنة 1954، وتعرض لتعذيب شديد، يقول إخوانه الذين عاصروا تلك الفترة أنه تحوَّل إلي كتلة من اللحم والدم المختلطة نتيجة التعذيب الشديد أثناء التحقيقات وفي فترات المعيشة العادية في العنابر بسبب أنه متميز ودكتور في القانون!

خرج الشاوي من السجن بطلب شخصي من الزعيم الجزائري الشاب «أحمد بن بيلا» ليكون عوناً لجبهة التحرير الجزائرية في جهادها لتحرير الجزائر؛ ولذلك قصة يحكيها في مذكراته، حيث طلب الامام حسن البنا من الشاوي تغيير مكان البعثة العلمية من أمريكا إلي فرنسا ليكون قريباً من الطلاب المغاربة والجزائريين ويرعاهم ويوجههم في جهادهم،

كما التقى بقيادات الثورة الجزائرية و رموز الإصلاح من رجال جمعية العلماء و تعرف على مجموعة منهم، كالشيخ الإبراهيمي والفضيل الورتلاني و مالك بن نبي و الشيخ مزهودي والشيخ محمود بوزوزو و أحمد بن بلة وحسين آيت أحمد و خيضر، و غيرهم

توجه الشاوي قبل استقلال الجزائر، إلي المغرب الشقيق ليدرس في جامعاتها ويشارك قيادة جبهة التحرير في رسم سياستها مع قيادتها في الحدود، وبعد الاستقلال رحل إلى الجزائر مع المنتصرين وكان معهم حتى تم اغتيال محمد خيضر ودب الخلاف بين بعض قيادات الجزائر، فرحل توفيق الشاوي الى السعودية قيل بدعوة من د. أحمد زكي يماني ليصبح مستشارا لوزارة البترول ويؤسس مع الأمير محمد الفيصل سلسلة مدارس المنارات.

و قيل أنه سافر للسعودية بناء على طلب من الملك فيصل وعمل أستاذًا في جامعة الملك عبد العزيز بجدة ثم مشرفا على مدارس المنارات، ثم عاد لمصر عام لاستكمال نشاطه العلمي والقانوني.

النشاط الفكري والسياسي

يُعد من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين ورافق الإمام حسن البنا.

 

لعب دورًا مهمًا في دعم الحركات الإسلامية في المغرب العربي وشمال أفريقيا، وكان مسؤولاً عن إعداد الكوادر الإخوانية هناك، كما تولى التنسيق مع شخصيات تاريخية بارزة كالأمير شكيب أرسلان.

 

 

 

اعتُقل عقب حادثة المنشية 1954م في مصر، وسُجن حتى 1956م، ثم انتقل إلى المغرب لمتابعة عمله الفكري والقانوني 

 

المحطات القانونية والمهنية

 

شارك في تأسيس ودعم مؤسسات اقتصادية إسلامية كبرى كالبنوك الإسلامية.

مثَّل مصر والمغرب و السعودية في العديد من المؤتمرات الفقهية والقانونية في العالم الإسلامي.

 المؤلفات والوفاة :

ألّف العديد من الكتب في الفكر القانوني والشورى والديمقراطية والحركة الإسلامية، أبرزها "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي 1945- 1995"، قد نعود في قراءة له، بحول الله، كما ألف في القانون الجنائي، و جرائم الأموال في القانون المصري، و ألف كتابا فقه الخلافة الإسلامية وتطوّرها لتصبح عصبة أُمم للعلّامة السنهوري، الموسوعة العصرية للفقه الجنائي الإسلامي، السنهوري من خلال أوراقه الشخصية، الفتن العصرية، منافذ التجديد في الموسوعة العصرية للفقه الجنائي الإسلامي، الشورى أعلى مراتب الديمقراطية، فقه الحكومة الإسلامية بين السنّة والشيعة، بنك فيصل الإسلامي، اعترافات كوبلاند، فقه الشورى والاستشارة، سيادة الشريعة الإسلامية في مصر، الشرق الأوسط والأُمّة الوسط، اقتصاد المستقبل، قصص البنوك الإسلامية «البنك الإسلامي للتنمية»، كمين في بيروت (قصّة)، هندي في السجن الحربي (قصّة)، صمود الأزهر في الدفاع عن قيم الإسلام ومقدّساته، فقه الإجراءات الجنائية، جرائم الأموال، المسؤولية الجنائية في التشريعات العربية، التشريع الجنائي في الدول العربية، المبادئ الأساسية للتنظيم القضائي في البلاد العربية، التعديلات التشريعية في قانون الإجراءات الجنائية، حرمة الحياة الخاصّة ونظرية عامّة في التفتيش، تعليقات على قانون الإجراءات الجنائية الجديدة في المغرب، قضاء المجلس الأعلى المغربي في المسائل الجنائية.

 

كما ألّف بالفرنسية كتاب «نظرية التفتيش»، وقد طبعته جامعة القاهرة على نفقتها الخاصّة.

ساهم الدكتور توفيق الشاوي في تطوير العمل الإسلامي من خلال عدة أدوار تنظيمية وفكرية بارزة، كان لها أثر عميق على بنية وأداء الحركة الإسلامية في مصر و السعودية وخارجها..

هذه المحطات الكبرى جعلت منه شخصية محورية في تاريخ الحركات الفكرية والسياسية والقانونية في العالمين العربي والإسلامي، وظل أث

ره حاضرًا من خلال مساهماته النظرية والعملية لعقود طويلة.. جزاه الله خيرا، و نفعنا و الأجيال بعلمه..

تُوفي أستاذنا الكبير الدكتور توفيق الشاوي، في 8 أبريل 2009م بالقاهرة، رحمه الله رحمة واسعة، و نفعنا بعلمه وجهاده، رضي الله عنه..

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services