197

0

بعد انتقالها من السلطة الرابعة إلى الأولى...إرادة سياسية للنهوض بقطاع الإعلام في الجزائر

في الثالث من ماي من كل عام، يحتفل الإعلاميون في الجزائر والعالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يمثل محطة هامة لتقييم مدى تقدم قطاع الإعلام في مختلف البلدان. 

نسرين بوزيان 

 في الجزائر، يأتي هذا اليوم في سياق حركي إيجابي يسعى إلى رفع الإعلام الوطني إلى مستويات أعلى من الاحترافية والموثوقية، لتعزيز قدرته على توعية الرأي العام الوطني والدولي، خاصة وأن الإعلام يمثل أداة حيوية للدفاع عن مصالح البلاد، في مواجهة الحملات العدائية والمضللة.

 

ضرورة بناء منظومة إعلامية مهنية

أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مرارًا في لقاءاته مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، على ضرورة بناء منظومة إعلامية مهنية ومسؤولة تقوم بدورها في نقل المعلومة الصحيحة والدقيقة للمواطنين، كما حثّ على ضرورة التصدي للهجمات الخارجية التي تستهدف الجزائر عبر الإعلام.
ومنذ إقرار دستور 2020 الذي دعم حقوق الصحافة وعزز حرية التعبير، شهد القطاع الإعلامي في الجزائر سلسلة من الإصلاحات، فخلال السنوات الماضية، تم اتخاذ عدة قرارات هامة لتعزيز العمل الصحفي وتوفير بيئة إعلامية مناسبة. 
وفي تأكيد على اهتمامه بهذا القطاع الحيوي، استقبل الرئيس تبون في بداية العام الحالي مديري ومسؤولي المؤسسات الإعلامية العامة والخاصة، حيث استمع إلى انشغالاتهم واقتراحاتهم، كما يلتقي بشكل دوري مع ممثلي وسائل الإعلام للإجابة على تساؤلاتهم بشأن القضايا الوطنية والدولية.

إيمانا منها بأهمية الإعلام في بناء صورة قوية للبلاد ، قامت وزارة الاتصال بتنظيم عدة لقاءات جهوية في وهران، قسنطينة، ورقلة، والعاصمة، لمناقشة التحديات التي تواجه الصحافة وسبل تطويرها، وقد تناولت هذه اللقاءات السبل الكفيلة لرفع مستوى الممارسة الإعلامية، ووضع الاستراتيجيات اللازمة لتعزيز الأداء الإعلامي وتطويره.

 

       

 

 

اعداد نصوص تنظيمية تهدف إلى تعزيز الاحترافية في العمل الإعلامي

في هذا الإطار، أعلن وزير الاتصال ، محمد مزيان عن استكمال إعداد النصوص التنظيمية التي تؤطر العمل الصحفي في البلاد، والتي تشمل القوانين المتعلقة بالصحافة المكتوبة والإلكترونية والنشاط السمعي البصري. 
اذ تهدف هذه النصوص إلى تعزيز الاحترافية في العمل الإعلامي، ودعم آليات الرقابة على الممارسة الصحفية، بما يتماشى مع المعايير الدولية.
كما يواصل القطاع مساعيه في تتفيذ استراتيجية واعدة  من خلال منظومة قانونية تستجيب للمقاييس الدولية في الممارسة الاعلامية وتحدد الحقوق و الواجبات، حيث تم استحداث قانون أساسي خاص بالصحفي يحدد شروط ممارسة المهنة والحقوق والواجبات المرتبطة بها، ويؤسس لخطاب صحفي مسؤول بعيداً عن المعلومات الزائفة أو المغرضة أو المضللة، مع احترام قواعد وآداب وأخلاقيات المهنة.
 وتلقت الأسرة الإعلامية بارتياح قرار إعادة تفعيل صندوق دعم الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية، وأنشطة تكوين الصحفيين ومهنيي الصحافة، والذي يمثل استثماراً حقيقياً تعول عليه الدولة لبناء إعلام قوي ومتنوع، كما يتم التحضير لتنصيب المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي بمجرد صدور النصوص التنظيمية المتعلقة به لتعزيز ثقة الجمهور في وسائل الإعلام.

 

 

    غياب التكوين يؤدي إلى فقدان المعنى الصحيح للصحافة 
         

في حديثه مع “بركة نيوز”، سلط عمار عبد الرحمان، أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3، الضوء على الأهمية الكبرى للقطاع الإعلامي في الجزائر في ظل التحولات التي تشهدها البلاد على مختلف الأصعدة، قائلا:"إن الجزائر اليوم تمتلك إرادة سياسية واضحة للنهوض بهذا القطاع الحيوي، مما يعكس رغبة حقيقية في مواكبة التطورات العالمية والاحتياجات الداخلية".
وأوضح عبد الرحمان أن التكوين المستمر يعد أحد الأدوات الأساسية التي ينبغي أن يتبناها الإعلام لضمان الحفاظ على جودة العمل الصحفي. 
مشيرا إلى أن غياب التدريب والتأهيل قد يؤدي إلى انحراف في أداء الصحفيين، ويجعل الصحافة بعيدة عن وظيفتها الحقيقية في تقديم المعلومات الدقيقة والمصداقية.


كما أكد عبد الرحمان على أن الترقية الحقيقية للعمل الإعلامي لا تتحقق إلا عبر رفع مستوى الصحفيين، وهو ما يتطلب استثمارًا حقيقيًا في التدريب المستمر وفي تحديث المعارف المتعلقة بالمجال الإعلامي، داعيا إلى ضرورة الحد من  ظاهرة الصحفي “الدخيل”،  فإن الصحفي الحقيقي  - حسبه- هو من يحمل بطاقة صحفي، ويخضع لتدريب مهني مستمر حتى وإن لم يكن متمكنًا بشكل كامل من جميع جوانب العمل الصحفي.


علاوة على ذلك، شدد عبد الرحمان على أن الإعلاميين يجب أن يكونوا “جنودًا في الصف الأول” في مواجهة التحديات الإعلامية، وأن يتم تجهيزهم بمعرفة عميقة وأدوات فكرية تُمكنهم من أداء دورهم الوطني في الدفاع عن الحقيقة. وذهب عبد الرحمان في حديثه إلى أبعد من ذلك، حيث أشار إلى أهمية تكوين جبهة إعلامية داخليّة قوية، تكون قادرة على التصدي للهجمات الإعلامية المعادية، من خلال تبني استراتيجية بعيدة عن التملق والمجاملة، في إطار تعزيز السيادة الإعلامية للبلاد، والحفاظ على هويتها، في مواجهة التحديات المحلية والدولية التي تهدد استقرارها وأمنها. 

                   

          التحول من  أداة للتواصل إلى صناعة  اعلامية حقيقية


من جانبه ، قال كريم دواجي، رئيس قسم علوم الإعلام بجامعة الجزائر 3،  " لبركة نيوز " "يبدو أن الإعلام في العصر الحالي قد تجاوز دور السلطة الرابعة ليصبح، “السلطة الأولى”، في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم،  حيث أصبح للإعلام تأثير أكبر في تشكيل الرأي العام والسياسات العالمية."
ويرى دواجي أن هذا الدور المتزايد للإعلام لا يمكن أن يُنظر إليه على أنه مجرد أداة نقل للخبر،  بل بات يُستخدم كأداة للقوى الناعمة، وهي الوسائل التي تُمكن الدول أو القوى من التأثير على سياسات دول أخرى أو الرأي العام دون اللجوء إلى القوة العسكرية المباشرة، وهذا ما يتضح من خلال انتشار الأخبار المغلوطة، والمعلومات المضللة التي تهدف إلى زعزعة استقرار و أمن الدول.


وأكد المتحدث على ضرورة أن يكون الإعلام الجزائري أكثر تطورًا واحترافية، مشيرًا إلى أنه يجب أن يتحول من مجرد أداة للتواصل إلى صناعة حقيقية تضمن المصداقية في نقل الأخبار والتحليلات.


وفي خضم التحديات التي تواجه الاعلام  الجزائري، يرى دواجي بضرورة تحول الإعلام الوطني  أن يتحول إلى حصن قوي للدفاع عن صورة الجزائر في العالم، من خلال  توحيد الجهود وتطوير الاستراتيجيات الإعلامية التي تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية، وحماية القيم الثقافية والاجتماعية للمجتمع الجزائري .

                   

        ترقية العمل الاعلامي في الجزائر مسؤولية كافة الصحفيين 

 

من جهته، أكد محمد هدير، أستاذ محاضر بالمدرسة العليا للصحافة ببن عكنون، في تصريح "لبركة نيوز" أن ترقية العمل الصحفي في الجزائر لا يمكن أن تكون مسؤولية الدولة وحدها، بل يجب أن يتعاون الصحفيون ومسؤولي المؤسسات الإعلامية عبر النقابات والجمعيات المهنية، من خلال تبني مدونات سلوك ملزمة لجميع الصحفيين.

. 
 مؤكدا أن هذا التعاون سيساهم في تطهير الإعلام من “الدخلاء” على المهنة الذين قد يسيئون للمصداقية الإعلامية.
كما شدد هدير على أهمية رفع مستوى المصداقية وجذب الجمهور لدعم استدامة المؤسسات الإعلامية والارتقاء بالعمل الصحفي. 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services