570
0
التنمر الرقمي ...الفضاء الأزرق مسرح الجريمة و الأطفال في وجه المخاطر
جهود حثيثة للتوعية بمخاطر الظاهرة
يعد التنمر الالكتروني ظاهرة انتشرت مؤخرا بشكل ملحوظ وسريع على شبكة الانترنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي ،فهو يمثل كل أشكال الإساءة والأذى الموجه من فرد إلى آخر بشكل مباشر أو غير مباشر.
نزيهة سعودي
التنمرالالكتروني يعد الشكل الحديث للتنمر التقليدي ، حاولنا التعمق في الظاهرة من خلال الإستعانة بخبراء و مختصين في علم النفس و علم الاجتماع، و كذا المجتمع المدني، للبحث عن العوامل المؤثرة فيه و طرق التوعية و التحسيس بمخاطره لتجنبها خاصة لدى الأطفال .
قرار "الإستعانة ببرامج الحماية الأبوية للتبليغ و حماية الأطفال"
و في هذا الصدد، يرى الخبير في الرقمنة يونس قرار أن التنمر التقليدي يعرف و يشاع في الحياة أن شخص يستهزىء بشخص آخر و بحركات تجعل المتنمرعليه يصبح أضحوكة أمام الناس و هذا ما يدفعه للعزلة و الإنفعال وحالات أخرى قد تأثر عليه في حياته العامة أو الدراسية و العائلية.
غير أن التنمر الإلكتروني يقع إلكترونيا في شبكات التواصل الاجتماعي و الألعاب الإلكترونية الافتراضية عن طريق الأنترنت و يمكن أن يتعرض للاستهزاء عن طريق صور أو فيديوهات حقيقية أو مفبركة يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي و لديها تأثير سلبي على المتنمر عليه خاصة الطفل فقد توصله حتى إلى الإنتحار.
حسب محدثنا فإن الخطورة و الأغراض التي تحدث للمتنمر عليه يمكنها أن تحطم حياة إنسان و تسبب عقد نفسية و تأخره في الدراسة وقد تجعله يلجأ إلى طبيب نفسي أو أضرار أخرى نفسية و اجتماعية، فمن الطبيعي التبليغ عن من يقوم بهذا العمل لأنه يعتبر جريمة إلكترونية تقع على شبكات التواصل الاجتماعي.
أما عن إستخدامات الأنترنت فهي وسيلة و الإنسان هو من يحدد كيفية استعمالها في مجالها الإيجابي، حيث يمكنه التعلم و التثقيف و القيام بنشاطات تنفع الفرد و الأسرة و المجتمع كما أنه يمكن أن تستعمل بطريقة سلبية على المجتمع لهذا هو واجب على المعلمون و الأئمة توعية الفرد بأهمية الأنترنت و تجنب الأمور السلبية المتواجدة في هذه الأدوات الإلكترونية الجديدة مع الاستعانة ببرامج الحماية الأبوية التي تحمي الأطفال من خلال التبليغ عنها كالعنف و غيرها.
فبالنسبة للجانب القانوني، إعتبر قرار أن التنمر عمل لفظي أو حركي يقوم به الانسان، و لكن القانون يعاقب على الآثار التي تحدث جراء هذا العمل الشنيع، فإذا وصل التنمر إلى حد القتل أكيد القانون سيعاقب عليه.
بالطبع -حسبه- إذا الضحية قام بالتبليغ لمصالح الأمن و المحاكم تكون فيها متابعات، مثله مثل التنمر الإلكتروني يتم فيه جمع الأدلة التي تثبت أن هذا العمل الإجرامي تسبب في أضرار ليتم تتبع القضية و محاسبة الفاعل.
كما أكد الخبير في الرقمنة أن التنمر الرقمي يقع عن طريق الألعاب الإلكترونية لأن الشباب و الأطفال يشاركون في ألعاب كل منهم في هاتفه الذكي يمكنها أن تكون حربية أو رياضية ، فمن خلال هذه الألعاب يمكن أن يحصل التنمر الإلكتروني هنا عن طريق تعليقات قد تزعج الشخص المتنمر عليه.
و من أجل إجتناب هذه الظاهرة الشنيعة أوضح قرار أنه" هناك طريقة جديدة للتعليم و التربية و هي التربية عن طريق ألعاب متخصصة و علمية مثل ألعاب الكيمياء و التاريخ و الحساب و غيره و هنا يمكن أن تستعمل هذه الوسائل للتحذير من التنمر و كيفية معالجته".
رئيسة جمعية نور " وضع آلية مشتركة للتعامل مع الطفل و توعيته بمخاطر هذا السلوك "
من جهتها أيضاً و من خلال تطرقها لقضية الأسباب التي تؤدي إلى التنمر الرقمي، ركزت دليلة حسين رئيسة جمعية نور للمرأة و الطفل في بداية حديثها أنه علينا معرفة لماذا يلجأ الطفل لهذا السلوك و هو التنمر ؟ و هذا مهم جدا، أولا هو الإهمال و التجاهل من طرف الأولياء و توبيخهم على أصغر الأخطاء لهذا لما يشعر الطفل بالضعف يتنمر على الأضعف منه، و يحاول السيطرة على الأطفال الآخرين كما يقلد الأقارب و الجيران إذا كانوا لديهم سلوكات عنيفة، و إعادة إنتاج السلوك المكتسب، بالإضافة إلى عدم الشعور بالأمان العاطفي و التدليل الزائد و تعليم حب السيطرة و الإنتقام خاصة إذا كان الطفل لديه شخصية ضعيفة ينضم لهذه الفئة طلبا للشهرة أو الحماية، كلها أسباب تؤدي إلى تنمر الطفل على أطفال أخرين.
من بين العلامات التي يمكن للوالدين معرفة أن طفلهم متنمر، نجد ه دائماً بلعب دور الضحية أو يحاول فرض سيطرته على الأطفال الآخرين مع استخدام مصطلحات أكبر من سنه.
لهذا تدعوا رئيسة جمعية نور، الأولياء إلى مراجعة سلوكهم لأن الطفل يقلدهم، مع تجنب الضرب و التوبيخ أو السخرية، و تعليمه التسامح و فتح حوارات و إعطائه مساحة للتعبير عن نفسه و استيعاب ما يقال له مع إقناعه أنه مسؤول،بالإضافة إلى سرد قصص عن أفضلية الذكاء و أن الإنسان المحبوب هو الحسن السلوك و ليس العكس مع إشراك الأب في هذا التغيير .
كما نوهت بأن التواصل مع المدرسة و وضع آلية مشتركة للتعامل مع الإبن و توعيته و معاقبته إذا لزم الأمر مهم جداً، أما إذا أصر الطفل على نفس السلوكيات يحرم من بعض أمور يحبها.
خطوة ضرورية جدا ناقشتها محدثتنا و هي الإستعانة بمتخصص في السلوك إلى جانب كل الخطوات سالفة الذكر ، ففي هذا السياق تقول "على الجميع أن يحيط هذا الطفل بالعناية لنستطيع انتشاله من براثن هذا السلوك السيء الذي سيجعل من حياته غير ناجحة".
كما أشارت الأستاذة دليلة حسين إلى أن الألعاب الإلكترونية التي تعتمد على التسلية والإثارة تعلم الاطفال كيفية تدمير الآخرين و قتلهم و كيفية التخطيط و الاعتداء على أملاك و حقوق الآخرين، و الأخطر من ذلك تعليمهم أساليب ارتكاب الجريمة و الفنون و الحيل و تنمي في عقولهم قدرات كبيرة عدوانية تكون نتيجتها الجريمة.
زيادة على ما قالته رئيسة الجمعية، ذكرت بالأندية الموجود على مستوى الجمعية مثل نادي الطفل و نادي الفتاة خاصة أقسام المراجعة للذين سيجتازون امتحان شهادة التعليم المتوسط، حيث لاحظت أنه هناك متنمرين وهناك المتنمرعليهم لهذا دفعها الأمر لجعل هؤلاء الاطفال دائما مرفقين بمتخصص في التربية لتغيير هذا السلوك، بالإضافة إلى أخصائية إجتماعية و مرشدة تربوية و أسرية من أجل التركيز على تغيير السلوك.
و في هذا الإطار، لفتت ذات المتحدثة على أن الجمعية التي تترأسها قامت من خلال نوادي الفتاة والطفل بالتوعية من هذه الظاهرة عن طريق مسرحيات قصيرة و سرد قصص لاطفال مورس عليهم التنمر و نشر الوعي، و أيضا بالنسبة للتنمر الالكتروني تعلم الأطفال حول كيفية التبليغ و الدفاع عن أنفسهم واللجوء للمربين و الأولياء مع نشر القوانين و العقوبات المفروضة على المتنمر إلكترونيا و عدم الإغفال دور المسجد الذي عليه إدراج هذه المواضع في الدروس.
و عن الذين تقع عليهم مسؤولية هذه الظاهرة الشنيعة تابعت قائلة إنه عمل متكامل و الكل معني من مؤسسات الدولة و مراكز الثقافة و الفنانين و ممثلين و المربين و المدرسين و الأئمة، و كذا المجتمع المدني عليهم أن يكونوا في صف واحد للوقوف أمام هذه الظاهرة التي ستجلب الدمار إذا غفلنا عليها.
كما أشارت أن من يمارس من هذه الظواهرعبر مواقع التواصل الإجتماعي بصفحات لا تحمل أسمائهم، هوتعبير عن الضعف و عدم الثقة بالنفس، لهذا يختبئون وراء حسابات وهمية لإلحاق الأذى بالآخرين، مبرزة أنه مرتكبها مجرم شرعاً و قانوناً و من يحترم نفسه لا يتنمر على الآخرين، وعلى الجميع العيش بأخلاق حسنة و تعاون و تكاثف و ننشر الخير و الإبتعاد عن السيئات التي تؤدي بالمجتمع إلى الدمار و توصل حتى للانتحار.
أخصائيات في علم النفس و الإجتماع يجمعن " التنمر الرقمي له تأثير سلبي على الصحة العقلية للإنسان "
و من جانب آخر تحدثت لبركة نيوز الدكتورة في علم الاجتماعي ريم نواري حول كيفية تأثير التنمر الرقمي على الصحة العقلية للانسان، و أرجعت أن الرقمنة و وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير على الصحة العقلية للإنسان خاصة إذا كان هذا الطفل سيتمادى في تناوله لهذه المادة الرقمية من حيث الألعاب أو وسائل التواصل الاجتماعي، فأكيد هذا الأمر له تأثير كبير.
و حول سلبيات و مخاطر هذه الظاهرة تقول الدكتورة نواري أن التنمر له تأثير رجعي و سلبي جدا للإنسان لهذا دائماً نقدم نصائح للأولياء و الأطفال أن يكون لديهم استهلاك عقلاني للالكترونيات و وسائل التواصل الاجتماعي على أن يحدد الأولياء وقت معين مدة ساعة في اليوم لأبنائهم.
و أوضحت المتخصصة في علم الاجتماع أن التنمر لديه وقع سلبي جداً على صحة الإنسان العقلية و النفسية و العصبية، سواء الرقمي أو الموجود في الأحياء و الشوارع و المؤسسات فهو آفة و ظاهرة اجتماعية سلبية متواجدة منذ سنوات و أصبحت منتشرة أكثر.
خلال مناقشتها لهذا الموضوع وجهت محدثتنا بعض الرسائل خاصة للاولياء، حيث تعتبر أن المشكل ليس اكتشافهما بأن ابنهما من يتنمر على الآخرين بل في صمتهما على هذا الفعل الشنيع الذي يقوم به إبنهما، فلهذا عليهما تعليمهم أن هذا التنمر ضار جدا عن طريق خلق وقت للحوار، هذا سيفتح المجال للنقاش بين الأولياء و أبنائهم و كسر القيود.
بخصوص العلاقة بين الألعاب الإلكترونية و ظاهرة التنمر الرقمي، تأسفت الدكتورة كون أن الألعاب الإلكترونية خطيرة جدا على مستوى الخلايا العصبية خاصة إذا تم الإدمان عليها فقد تساهم في التنمر سواء من حيث الألعاب العنيفة أو من حيث ممارسة التنمر عن طريق التكبر على الأطفال الآخرين.
و على صعيد آخر، ناشدت الدكتورة نواري الجميع بضرورة التحلي بثقافة الابلاغ و تعويد الأطفال حول ممارسة الحوار و إدراكهم أن هذا الفعل سلبي جداً إذا تمت ممارسته وجب التبليغ عنه، هذا سيزيد وعي الطفل في المستقبل و تقوية ثقافته و ثقته في نفسه و تقوية شخصيته و رؤيته لمستقبله.
و في ختام كلمتها، فسرت الدكتورة مشكل التنمر و غيره من الآفات السلبية التي ظهرت بسبب الإلكترونيات و العولمة و الإنترنت، و أشارت أنه كلما زادت الحياة عصرنة و تقدم كلما زادت مهمة الأولياء ليكونوا أقرب من أبناءهم و مناقشتهم و محاولة الإستفسار منهم دون إحراج.
و وجهت رسالة قائلة "أطفالنا مشاريع شباب في المستقبل و الطفل الذي يحمل عقد و مكبوتات هو مشروع إنسان فاشل و ضعيف و لا يواجه مشاكل الحياة، و قد يتحول إلى شخص عنيف كل هذا راجع إلى أن الأولياء لم يؤدوا مهمتهم الأساسية و هي التربية و التعليم".
كما يبقى التنمر الرقمي -حسبها-ظاهرة كغيرها من الظواهر السلبية التي لابد من القضاء عليها، و بالنسبة للأطفال علينا توجيههم نحو التحلي بالمرونة و الحب و الصداقة التي تجعلهم ناجحين في المستقبل.
و في ردها عن أسئلتنا صرحت هي الأخرى الأخصائية النفسية قرابصي زهور رباب، أن التنمر الرقمي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية للفرد، خاصة إذا كان يتعرض له بشكل متكرر، قد يؤدي إلى الشعور بالقلق، الاكتئاب، الانعزال الاجتماعي، وتدني تقدير الذات.
و من جهتهم أيضاً، الأفراد الذين يتعرضون للتنمر الرقمي قد يواجهون صعوبة في النوم و الشعور بالخوف من استخدام الإنترنت، وقد تتفاقم هذه الحالات لتصل إلى اضطرابات نفسية أكثر حدة، مثل التفكير في إيذاء الذات.
ذكرت الأخصائية قرابصي نقاط هامة، منها على الأولياء ضرورة مراجعة أنفسهم إذا كانوا يمارسون التنمر أو الاستهزاء بالآخرين أمام أطفالهم لأن الوسيلة التعلمية الأولى للطفل هي التقليد ثم التعامل مع الموقف بحزم وهدوء.
عليهم أيضاً -تتابع الأستاذة قرابصي- الجلوس مع الطفل والتحدث معه لفهم سبب تصرفه بهذه الطريقة، مع توضيح أن التنمر سلوك غير مقبول وله آثار سلبية على الآخرين، كما أنه من الضروري توجيه الطفل لتعاطف مع مشاعر الآخرين وتقديم أمثلة حول العواقب النفسية التي قد تنجم عن التنمر.
كما قد يكون من المفيد إشراك الطفل في برامج تعليمية أو جلسات مع مختص نفسي لمساعدته على تعديل سلوكه وتعليمه طرقًا صحية للتفاعل مع الآخرين.
مراقبة الأهل للألعاب الإلكترونية التي يمارسها أبنائهم أمر ضروري
و شرحت ذات المتحدثة أن بعض الألعاب الإلكترونية التي تحتوي على تفاعلات اجتماعية قد تشجع على سلوكيات تنمرية، خاصة إذا كانت تفتقر إلى الإشراف أو توجيه اللاعبين، و بعض الألعاب تسمح بتواصل اللاعبين مع بعضهم البعض، وفي بعض الأحيان قد يستخدم الأطفال هذه التفاعلات للتنمر على الآخرين، خاصة إذا كانوا يشاهدون مثل هذه السلوكيات بين اللاعبين الآخرين.
لهذا تؤكد أنه من المهم أن يراقب الأهل نوع الألعاب التي يلعبها أطفالهم ويوجهونهم نحو الألعاب التي تشجع على التعاون والتعاطف.
كما كشفت الأخصائية النفسية أن الإبلاغ يساعد في تدخل المختصين أو المدرسة أو أولياء الأمور لتوجيه الطفل المتنمر وتوعيته بآثار سلوكه على الآخرين، إذا تم التعامل مع الموقف بشكل تربوي وبتوجيه إيجابي، يمكن أن يساعد الإبلاغ في تعديل سلوك المتنمر وحمايته من مشكلات نفسية مستقبلية مرتبطة باستمرار السلوك التنمري.
التنمر هو جرم لا مجرد سلوك
كما لفتت دنيا الزاهي طالبة دكتوراه تخصص إعلام واتصال بجامعة قسنطينة، إلى تتعددية الأشكال والطرق و لكن تبقى الجريمة واحدة التنمر هو جرم لا مجرد سلوك وفعل فقط، حيث قالت أن "الظاهرة في تنامي متزايد فعلا تجاوز المتنمرين اليوم كل الحدود فكل له مساحته الخاصة التي وجب احترامها ومن يرى نفسه مؤهل للتنمر على حائط وصور وبروفايل أين كان هو بحاجة لإعادة تربية وتأهيل.
كطالبة دكتوراه في علوم الإعلام و الإتصال إسترسلت المتحدثة قائلة "التعامل مع هذه الفئة صعب حقيقة ماهو موجود عكس مايجب أن يكون مع الأسف، من المفروض أن توضع قوانين تضبط هذه الأفعال تفرض رقابة على الحسابات المفبركة وهذا هو الحاضر الغائب ماهو كائن وما يستطيع المتنمر عليه فعله حيال هذا هو إخفاء التعريف، حظر الحساب ..." و حسبها فإنها أمور غير كافية ولم تجدي نفعا في عالم رقمي يمتاز بالتطور السريع والتحديث المستمر.