48
0
الثورة والحرفة: حماية الذاكرة وبناء الاقتصاد في "المنيعة"
تظاهرة محلية تربط بين أصالة "الفاتح" وعبقرية "الحرفي".. 30 مبدعاً يجدّدون العهد التنموي.

لم يكن إحياء الذكرى الواحدة والسبعين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة في ولاية المنيعة مجرد وقفة تاريخية تقليدية، بل تحوّل إلى منصة استراتيجية تجمع بين أصالة الذاكرة وآفاق التنمية المحلية. ففي خطوة ذات دلالة عميقة.
لحسن الهوصاوي
، تزامنت احتفالات الولاية بذكرى "الفاتح من نوفمبر" مع إحياء اليوم الوطني للحرفي، عبر افتتاح معرض نوعي للصناعة التقليدية والحرف بدار الشباب "المجاهد دحماني محمد".

تلاحم الرموز: من البندقية إلى الإزميل
إن اقتران الاحتفال بذكرى الثورة باليوم الوطني للحرفي يمثل فلسفة وطنية متكاملة. فكما مثلت الثورة التحريرية نقطة التحول الكبرى في استعادة السيادة، يمثل الحرفي اليوم خط الدفاع الأول عن السيادة الثقافية والاقتصادية غير النفطية. ويأتي هذا المعرض، الذي تنظمه غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية المنيعة بالتنسيق مع مديرية السياحة، ليؤكد على هذه الرؤية.

تحت رعاية والي الولاية، افتتحت فعاليات المعرض الذي شهد حضوراً رسمياً لمديري القطاعات المعنية، ما يعكس الاهتمام المؤسساتي بتفعيل هذا التوأمة بين التاريخ والعمل التنموي. ويعتبر المعرض مساحة حيوية تضم 30 حرفياً وجمعيات نشطة في مختلف مجالات الصناعة التقليدية، وهو رقم يشير إلى ديناميكية محلية قابلة للاستثمار والتوسع.
الحرفي.. وارث الذاكرة وقاطرة التنمية
في سياق الذكرى الـ 71، لا يمكن النظر إلى المنتجات الحرفية المعروضة على أنها مجرد قطع فنية، بل هي تجسيد مادي لتاريخ المنطقة وثقافتها، ونقل أمين للتقاليد والمهارات عبر الأجيال. إن الحرفي في المنيعة، كغيره من الحرفيين في ربوع الوطن، لا يساهم فقط في الناتج المحلي الخام، بل يحافظ على إرث حضاري هو جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية التي ناضلت الثورة من أجلها.

إن مشاركة هذا العدد من الحرفيين حتى يوم الخميس ، تبرز حاجة القطاع إلى التسويق والدعم المستمر ليتحول من مجرد نشاط ترفيهي أو موسمي إلى ركيزة اقتصادية قوية قادرة على خلق فرص عمل مستدامة، خاصة للشباب والنساء، والمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني بعيداً عن تقلبات أسعار المحروقات.
توصية تحليلية: استثمار الرمزية في المنيعة
على صعيد التوصيات، يجب على المؤسسات المحلية، وعلى رأسها الغرفة ومديرية السياحة، استثمار هذه التظاهرة ذات الرمزية المزدوجة لتكون نقطة انطلاق لـ:
برامج تكوين متخصصة تربط بين متطلبات السوق الحديثة وأصالة المنتوج التقليدي.
خلق منصات رقمية محلية لتسويق منتجات الحرفيين على المستوى الوطني والدولي.
تشجيع التمويل الموجه للمشاريع الحرفية الصغيرة والمتوسطة.

باختصار، أثبتت ولاية المنيعة عبر هذه الاحتفالية المزدوجة أن الوفاء للثورة لا يقتصر على استذكار التضحيات، بل يمتد إلى بناء جزائر الغد اقتصادياً وثقافياً على أكتاف مبدعيها وحاملي إرثها، ليظل الإزميل في يد الحرفي امتداداً لبندقية المجاهد في سبيل بناء وطن قوي ومزدهر.

