1125

0

الشمالُ الملحمي

 

أحمد بشير العيلة .

سيلٌ من الوجع العنيد

يمر للمنفى المعلقِ في الدعاء

سيلٌ يشق البَّر بين إبادتيْن

سيلٌ من البشر الذين يحوّلون ذواتهم

ضوءً أمام وجودهم

ليمر سهماً في الفراغ

سيلٌ من الألم العظيم أمام عرش الله يعبر ثم يسقي السدرةَ العليا دماءَ النازحين

والناس تربط نفسها بالعرشِ

تطرقه لينبلج الصباحُ على النوارس وهي تقطع كل هذا الانبهار

الناس تسحب ما تبقى من رؤاها خلفهم السيل يسحبهم جميعاً للشمال الملحمي طفل يجيد قراءة الأذكار يسأل عن حياةٍ لا يراها

شيخٌ يسير إلى بداية عمره

وامرأة تُعِدُّ لزوجها القبلات لو وصلوا الديار يساعدها على إعداد نارٍ للجنون

ويقول واحدةٌ ستكفي أن أقود الكون وحدي سيّدةٌ تفكر كيف تُرجِع مطبخاً لمدارها

قد كان يسبح في الفراغ بلا خَبيز كانت تفكر كيف تطبخ أول الوجبات من تعب الطريق

رجلٌ يشق الريح يسأل عن شهيدٍ قد يعود لبيته

سيلٌ تفجر من تقابل جنتين على ابتسامة من رحل

أعدو شمالاً خلف أسراب الحقائق في طريقٍ لا يصل

كل هذا الحزن يعدو

كل هذا القمح يعدو

كل هذا العمر يعدو

لا الطفل يُهزمُ لا الغناء ولا الرجاء ولا الأسى كلنا متلاحمون أمام فكرتنا الجديدة في البقاء

نعيد تشكيل الحياة كما نراها فوق عرشٍ خالد فوق الركام

،لا شيء يصنعنا سوى هذا الرحيل من الرحيل إلى الرحيل

ولا طريقٍ غير ما تصف المواويل الطويلة في النشيج السرمدي

كلما متنا نعود إلى الحكاية من جديد هذا طريقٌ لا يموت

يمضي أمام البحر محمولاً على الأكتاف نصف جنازةٍ

ما كان يقدر أن يموت بدوننا

لم يكتمل هذا الشهيد، وظل مرفوعاً على سردٍ يحاصرنا

آثارنا قمح الطريق وأغنياتٌ للطيور

طفقت تحاور فلسفاتٍ لا ترانا نمشي مع الأفكار والأفكار مثل الناس سيلٌ لا يصل

مشّاؤون مع بعض القصائد عندما نزحت إلى هذا القلق

ركّاضون فوق الريح نلحق بالبلاد

منطلقون من خبرٍ يبشرنا بمنح الناس شيئاً من هواء

ليطيل عمر النازحين دقيقتين

جرّاؤون خلف سماوةٍ صعدت قليلاً للحوار مع الحقيقة

هذا الطريق إلى السماء يعيد ترتيب القوافل وفق آخر دمعةٍ سقطت عليه

كان قاموساً من الزفرات مصفوفاً بشكل لا يليق سوى بنا

نحن الذين نسير في هذي السماءِ

إلى مجرتنا القديمة في نقوش المسجد الأموي لا القدس تعرف كيف تسرج خيلنا لا الرملة انتصرت على هذي الحواجز حولها ولم يظهر نبيٌ في الخليل ليحمل البشرى لنا هذا طريق لا يمر سوى بنا

ولا يعود سوى لنا

ولا يُشَقًّ سوى بأجساد الضحايا حين تحملها الغيوم

لا تأخذوا غير البكاء

دموعكم - يا زاد رحلتكم – عتادٌ للرحيل المستمر إلى البقاء

إنا رجعنا كي نغازل نرجساً تحت الركام نصف الطريق يفتش الماضين عن حزنٍ دفين

كم ظلَّ يمشي مع حشودٍ من وجع

حتى اتسع

سمع الطريق محاورات الناس فارتفع التراب وراءهم

ليدوّن المأساة في نفسٍ طويل

بعض الصواعق قد أصابت ظَهرهم

لكنهم ساروا طويلاً

يحملون مقابر الشهداء والأحياء والأمثال والآجال

والقصص القديمة والحديثة

والكتب المليئة بالبدايات المجيدة والبليدة والعنيدة

ساروا طويلاً

يحملون حطامهم ومقامهم وكلامهم وجهاتهم وحياتهم ومماتهم

ساروا طويلاً

بكل ما حمل الخيالُ من الجَمال

وعندما وصلوا،

قال الشمالُ

اتبعوني سنسيرُ في سيلٍ جديد من الشمالُ الملحمي إلى الشمال المُشتهَى.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services