في مشهد استثنائي يختزل معنى التلاحم الوطني والعمل المؤسساتي المتكامل، تحولت ولاية المنيعة، بمناسبة اليوم الوطني للشجرة، إلى نموذج حيّ لترجمة الميثاق الأخضر الذي تتبناه الدولة الجزائرية ضمن رؤية التنمية المستدامة.  

الهوصاوي لحسن

فقد شهدت الولاية إطلاق أكبر حملة تشجير في تاريخها، تحت شعار: "تحدي مليون شجرة في يوم واحد... خضراء بإذن الله"، لتتحول المبادرة إلى بيان وطني صامت يعبر بلغة العمل عن التزام الجزائر الجديد بحوكمة بيئية تشاركية تُزاوج بين الأمن والتنمية والمواطنة الفاعلة.

تكامل مؤسساتي يرسم نموذجاً وطنياً

قاد والي الولاية بن مالك مختار هذه العملية الميدانية بمعية أعضاء اللجنة الأمنية للولاية، ورئيس المجلس الشعبي الولائي، والمديرين التنفيذيين، في صورة تُجسد وحدة القرار والمصير.  اللافت في الحدث هو الانخراط المنظم والمكثف لمختلف الأسلاك النظامية — من الجيش الشعبي الوطني، والدرك الوطني، والأمن الوطني، والحماية المدنية، وإدارة السجون، والجمارك — في مبادرة تنموية جماعية، أكدت أن الأمن لم يعد مقتصراً على الحماية الميدانية، بل بات ركيزة في حماية المنظومة البيئية ومقاومة التصحر.
هذه الصورة التضامنية بين البذلة العسكرية والمدنية والمواطن، التي أثمرت غرس نحو 3000 شجرة في يوم واحد، كانت بمثابة رسالة قوية بأن الأمن البيئي اليوم هو امتداد طبيعي للأمن القومي، وأن “الخضرة” صارت جزءاً من معادلة السيادة.

 

شهادات تعبّر عن رؤية وطنية مشتركة

في تصريحات وصفت بـ"الواعية والمسؤولة"، عبّر عدد من مديري القطاعات عن التزام مؤسساتهم بروح المبادرة ومضامينها:ًمدير البيئة، زقزق عبد الرحمان: "هذا العمل الجماعي هو التزامنا الفعلي تجاه مستقبل المنيعة الأخضر. الشجرة هي رئة المدينة وضمان لاستدامة مواردنا."
ممثل النشاط الاجتماعي، عيسى جعرون: "التضامن يتجسد في العمل التطوعي. غرسنا اليوم هو استثمار اجتماعي للأجيال القادمة."
مدير الثقافة والفنون، العابد ياسين: "الشجرة رمز للحياة، وسنسعى لتجسيد الوعي البيئي من خلال الإبداع الثقافي والفني."
مدير السياحة، لبصير إسماعيل: "الغطاء النباتي ثروة سياحية، نسعى لتوظيفها في إبراز المنيعة كوجهة بيئية متميزة."
كما أكدت مديرية الشؤون الدينية أن الإحسان إلى البيئة هو جزء من الإيمان، في حين ربطت مديرية المجاهدين المبادرة بروح الوفاء لرسالة الشهداء وبناء وطن مزدهر ومستدام.

رهان الاستدامة... من الغرس إلى الوعي

في ختام هذا الحدث الوطني، دعا والي المنيعة إلى ضرورة المتابعة الدورية للأشجار المزروعة، وتكثيف جهود البلديات ومصالح الغابات لترسيخ ثقافة التشجير كقيمة تربوية واجتماعية مستمرة.  كما شدد على أن الحفاظ على البيئة هو فعل مواطنة ومسؤولية جماعية، مؤكداً أن نجاح العملية لا يُقاس بعدد الأشجار فقط، بل بمدى ترسيخ الوعي البيئي في سلوك المجتمع.

بهذا التلاحم المؤسسي والشعبي، أرست المنيعة تجربة رائدة في مجال الحوكمة البيئية التشاركية، لتؤكد أن التنمية المستدامة لا تُبنى بالموارد فقط، بل بالإرادة والوعي والعمل الجماعي.  وفي مشهد رمزي لا يُنسى، امتزجت أيادي الأمنيين، والموظفين، والتلاميذ، والمجتمع المدني، في أرض واحدة... ليُغرس معها أمل الجزائر في غدٍ أكثر خضرة وعدلاً واستدامة.