430
1
باحثون يقدمون مقاربات حول العلاقة بين علوم اللسان و القرآن الكريم

أكد المشاركون في الملتقى الدولي الموسوم “القرآن في علوم اللسان بين القاعدة اللغوية والخصوصية القرآنية” بالجزائر العاصمة، على أهمية فهم القرآن الكريم في إطار القواعد اللغوية الخاصة به، من خلال ارتقاء النص القرأني عن الاستعمال العربي المألوف، إلى البيان الإلهي الجامع بين الإعجاز و الرحمة.
نسرين بوزيان
تمحورت المداخلات في هذا الملتقى حول العلاقة بين القرآن الكريم وعلوم اللسان، وكانت من أبرز المداخلات تلك التي قدمها الدكتور مصطفى أحمد قنبر، أستاذ محاضر بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بقطر، حيث تناول في مداخلته “حجاجية خطاب الكذب في القصص القرآني - خطاب إخوة يوسف نموذجًا”، أشار الدكتور قنبر إلى كيفية استخدام إخوة يوسف خطاب الكذب في محاولتهم إقناع والدهم بأن يوسف قد أكله الذئب، مستخدمين أساليب حجاجية لتمثيل الكذب كحقيقة ولبسها ثوب الصدق في محاولة لإقناع المخاطب.
كما تناول كيفية توظيف القرآن لخطاب الكذب والتكذيب كآليتين حجاجيتين تهدفان إلى التأثير في المخاطب، مبينًا أن خطاب الكذب كان مبنيًا على مخالفة مشاهد وحقائق الواقع.
من جانبه، تناول الدكتور عبد الحفيظ شريف، أستاذ محاضر بجامعة البويرة، في مداخلته التي كانت بعنوان “أثر اللغة القرآنية على النثر العربي: من التحمل الصوتي إلى التوثيق الكتابي” تأثير القرآن الكريم على النثر العربي، استعرض خلالها التأثير العميق للإيقاع القرآني على النثر العربي، موضحًا كيف أن الخصائص الصوتية والتركيبية للقرآن قد أسهمت في تشكيل النصوص النثرية العربية، وكيف أن القرآن حرك النقاشات حول طبيعة الكتابة العالية.
وناقش الدكتور شريف كيف أن القرآن الكريم كان له حضور فاعل في المدونات المرجعية النثرية العربية، مع ضرورة إعادة الاعتبار للكتابة العالية والنقد اللغوي في مواجهة التساهل اللغوي في العصر الحديث.
أما الدكتورة أحلام بن عمرة، أستاذة محاضرة بجامعة تيزي وزو، فقد تناولت في مداخلتها بعنوان “تأثير القرآن الكريم في بناء استراتيجيات الحوار التداولية” كيفية استفادة الخطاب القرآني من استراتيجيات تفاعلية تهدف إلى التأثير في المخاطبين ودفعهم إلى إتمام أفعال معينة من شأنها أن تحقق مصلحة جماعية.
أكدت بن عمرة أن القرآن الكريم استخدم أساليب لغوية متنوعة بحسب طبيعة المخاطبين، بهدف التأثير عليهم وتحفيزهم على إتمام أفعال من شأنها أن تحقق منفعة مستقبلية.
وفي هذا السياق، ابرزت بن عمرة المقاربات اللسانية التي استفادت من الخطاب القراني في كيفية بناء الخطاب ومنها التداولية بوصفخا مقاربة لسانية تواصلية تفاعلية تهتم بكل ما من شأنه أن يحفظ عرى التواصل تماشا مع ما تم ذكره.
تمثلت أبرز توصيات الملتقى في إنشاء لجنة علمية عالمية متعددة التخصصات تشرف على منصة إلكترونية تعتمد الذكاء الاصطناعي، وتعزيز مرونة القواعد النحوية بوصفها أداة لفهم النصوص، لا معايير مقدسة لا تقبل المراجعة أو التطوير، ودعم الأبحاث التي تسعى إلى الجمع بين الدلالات اللغوية للنصوص القرآنية والمقاصد الشرعية، والربط بين تفسير القرآن الكريم ومعانيه بالدلالة اللغوية بصفة عامة، وبدلالة الملامح الصوتية التي توحد الخصائص الصوتية للمفردة القرآنية على وجه الخصوص.
أوضح الدكتور محمد حراث، رئيس الملتقى، في تصريح ل " بركة نيوز " أنه تم استقطاب مجموعة من الباحثين من داخل الجزائر وخارجها لدراسة العلاقة بين القرآن الكريم وعلوم اللسان، سواء في النحو أو الصرف أو البلاغة، مؤكدا أن القرآن الكريم نص لغوي فريد، يجب فهمه في سياق القواعد اللغوية الخاصة التي تجعل القرآن مميزًا عن غيره من النصوص الأدبية.
من جانبه، أكد رئيس الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات، محمد هشام قارة، ل " بركة نيوز" أن الفهم العميق للقرآن يعزز حب الناس لدين الإسلام، لاسيما أن القرآن هو دين التعايش والتفاهم والتسامح.
مضيفا كما يعد القرأن الكريم وسيلة للتقريب بين الناس وتحقيق التفاهم والتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة.
من جانبه، أكد الوزير السابق أبو جرة سلطاني في تصريح لبركة نيوز أن القرآن الكريم هو رسالة الله عز وجل للبشرية جمعاء ، وأنه خاطبهم بلسان عربي ليعرفوا غاياتهم في الحياة ويحققوا التعايش السلمي.
وأشار إلى أن القرآن الكريم دعا إلى العيش المشترك، في الآية 13 من سورة الحجرات: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" ، موضحًا أن التعايش بين البشر يجب أن يكون قائمًا على أسس مشتركة من الفهم والتفاهم.
للإشارة، عرفت فعاليات الملتقى تكريم كل من رابح دوب، رشيد بن مالك، هشام قارة، وعبد المجيد قدي بوسام “الأستاذ المتميز” .