652
0
المهرجان الثقافي الوطني للزي التقليدي .... مبادرة لابراز الزخم الثقافي للجزائر
احتضن مركز فنون و ثقافة بقصر رؤساء البحر في الفترة الممتدة من 22جويلية إلى غاية 25 جويلية 2024 ، الطبعة السادسة للمهرجان الثقافي الوطني للزي التقليدي ، تحت شعار " فن الطرز .... خيوط أجيال وموروث أمة".
شيماء منصور بوناب
وبالمناسبة أكدت محافظة المهرجان و مديرة المركز فايزة رياش في اختتام الطبعة ، أن نجاح المهرجان هو دليل واضح على لحمة الفريق و جهوده الدؤوبة في سبيل صون الموروث الثقافي الجزائري الأصيل، كما هو تعبير عن غيرة الحرفيين و الأكاديميين على هويتهم و تراثهم الذي يستدعى الإلمام به وبتفاصيله بشكل دقيق يراعي الابعاد العلمية و الفنية .
تقنيات الطرز التقليدي .... موروث ثقافي أصيل
من جانبها أفادت أستاذة علم الآثار عائشة حنفي، أن الطبعة السادسة للمهرجان ابرزت ابداعات المرأة الجزائرية في الزخرفة اليدوية التقليدية بمختلف تقنياتها و طبوعها التي تجسد عادات و تقاليد الجزائر المحروسة سواء من ناحية الماهية التاريخية أو الثقافية العلمية التي تعكس زخم الموروث الجزائري .
وأوضحت حنفي ، أن الجزائر باعتبارها حصن ثقافي متين ومنوع فهي تحتوى على عدة تقنيات من الطرز اليدوي حسب كل منطقة من الجزائر التي تتخذ أغلبها من الخيوط الحريرية الفضية و الذهبية نسيجا فنيا يحاك به أفخم القطع و الأزياء التقليدية الرجالية و النسائية.
وتابعت بخصوص ما تم عرضه في المهرجان من تقنيات الطرز الذي يستعمل فيها " الطنيمبر" كآلة عتيقة متوارثة من جيل لجيل تستعمل لزخرفة الملابس حسب الرمز المطبوع عليها والخامة المستعملة في ذلك سواء كانت "قطنية أو صوفية و غيرها ...."
وعن الغاية من هذا المهرجان و التظاهرات المشابهة له ، شددت ذات المتحدثة على "الترويج للباس التقليدي الجزائري بنفس بصمته التقليدية التي تعبر عن فخامة الصناعة الجزائرية و تحميها من أي حملة نهب أو سرقة قد تتعرض لها .
وبالمناسبة دعت حنفي المصممين و الحرفيين ، لضرورة التمسك بالبصمة التقليدية خاصة في تقنيات الطرز و قوالب الزخرفة و ألوانها التي تميز كل منطقة عن أخرى، ذات الطابع الأصيل الذي لا يضر إضافة بعض اللمسات عليه كنوع من العصرنة الطفيفة التي لا تلغي هوية القطعة التقليدية .
محطات تفاعلية أكاديمية تفصل في خصوصية الطرز التقليدي
حضي المهرجان الثقافي بطبعة أكاديمية علمية تفاعل فيها اهل الاختصاص من الحرفيين ومصممي الأزياء مع الأساتذة و الباحثين في اطار ابراز خصوصية الطرز في اللباس الجزائري من حيث الصبغة الفنية و التأثيرات التاريخية التي تفرض الحديث بدورها على دور الفنون المرئية في الترويج للأزياء التقليدية الجزائرية .
وفي هذا الصدد كشفت هجيرة تمليكشت أستاذة بمعهد الآثار بجامعة الجزائر 02، أن المهرجان جاء لتوشية اللباس الجزائري الرجالي و النسائي على حد سواء قصد ابراز محليته الحقيقية التي تفرض على الباحث و الاكاديمي التعمق في ماهية الطرز لتوثيق كل قطعة من الأزياء التقليدية من خلال ارشفة " شكل الزخرفة و المادة الخام وكذا رمزيتها و التسميات التي تطلق على انواع وتقنيات الطرز" الغرزة".
وبحكم العصرنة التي استجاب لها المصممون و الحرفيون، أصبحت الأزياء التقليدية تعتبرا منتجا كغيره من المنتجات المعروضة للبيع نظرا لاهتمام الحرفيين بالكم على حساب الكيف المرتبط بالثقافة و الهوية التي تفرض اليوم اكثر من أي وقت مضى التمسك بها وحمايتها من الاندثار في ضل موجة التجارة و الربح التي انشرت على نطاق واسع. وذلك" حسب ما افادته تمليكشت".
وفي حديثها عن الآليات و الوسائل التي تحافظ علة بصمة الثقافة الجزائرية في اللباس التقليدي لفتت الانتباه لأهمية تعزيز دور وسائل الاعلام في الترويج و الاشهار بالصناعات التقليدية الجزائرية ، بالإضافة لعملية التوثيق العلمي من قبل الأكاديميين و الباحثين شرط التنسيق مع الحرفيين باعتبارهم أصحاب الخبرة الفنية .
القضية الفلسطينية ركن ثابت في المهرجان الثقافي
في سياق آخر كان للقضية الفلسطينية حضور نوعي في المهرجان الثقافي ، الذي خص للتراث الفلسطيني جناح متكامل للترويج للهوية الفلسطينية من خلال عدة منتجات كالألبسة و الحلي التقليدي و كذا بعض الهدايا الرمزية التي تتخذ من العلم الفلسطيني شعارا و دلالة على القضية المركزية .
ومن هذا المنطلق وضحت رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في الجزائر نسرين مقداد ، أن مشاركتها في المهرجان جاءت للتعبير عن معاناة المرأة الفلسطينية التي تواجه القتل و الحصار يوميا دون أي خوف او هروب من قضائها الذي فرض علينا دعمها و مساندتها وايصال رسالتها بمختلف الاشكال التي تنصف حقها و تصون هويتها في ضل الاعتداء الممارس عليها.
وتجسيدا للحمة التضامن مع القضية الفلسطينية ، سلط المهرجان الضوء على ابعاد الزي التقليدي الفلسطيني الذي يشترك في بعض جوانبه مع تفاصيل الأزياء الجزائرية وذلك تحت عنوان " الزي التقليدي الفلسطيني ....مقاومة و صمود".
وبالعودة للأزياء الجزائرية ، أشارت الحرفية مريم عمار من الأغواط لمشاركتها في المهرجان بعدة قطعة تقليدية تم العمل عليها بالتنسيق مع الحرفي مصطفى بن يونس بلمسات نوعية ذات البصمة الفنية العتيقة التي تجسد معالم الحضارة الجزائرية عامة و منطقة الاغواط خاصة.
مؤكدة أن نقاط الاختلاف في الطرز بين الجنوب و الشمال يكمن في نوعية الخيوط المستعملة ، التي نجدها في المناطق الداخلية ترتكز على النسيج الصوفي و الحرير ومختلف الخيوط الرفيعة و الخشنة التي تم توارثها من الأجداد كحرفة غير قابلة للتغيير باعتبارها رمز الهوية و الثقافة الجزائرية.
وأضافت مشددة أن الرجوع للتقليدي هو حتمية مفروضة على جيل اليوم قصد التمسك بالعادات و التقاليد المتوارثة من الناحية المعنوية او المادية الملموسة التي استغنى عليها الهواة اليوم من شباب بحكم اهتمامهم بالربح السريع على حساب قيمة المنتج أو القطعة المنتجة .
وهو ما ثمنته جميلة منصوري صاحب علامة تيهوساي للأزياء التقليدية الصحراوية لولاية " تمنراست" ، حين شددت على دور الترويج في استمرارية الثقافة الجزائرية و موروثاتها الفنية التي نجدها محتكرة في منطقة معينة على حساب مناطق أخرى خاصة بالنسبة للملابس الصحراوية التي لاتصل ثقافتها للعاصمة نظرا لعدة اعتبارات.
للإشارة فإنه في اختتام المهرجان ، تم تفعيل منصة تفاعلية أو هاشتاغ موسوم ب أزياء اجدادي" خاص بتجربة ارتداء الألبسة التقليدية من مختلف مناطق الوطن وحتى من طرف الجالية المقيمة في الخارج.