109

0

المغرب واسرائيل يوطّدان علاقاتهما العسكرية على حساب المصالح الإفريقية

بقلم:سمير باكير

 رغم عدوان الكيان الصهيوني على غزة، يواصل المغرب استخدام تقنيات هذا الكيان لتطوير إمكانياته في مجال إنتاج الأسلحة وتعزيز الترسانة العسكرية، على أمل تجاوز القوة العسكرية للجزائر ووضع نفسه في نهاية المطاف كدولة مصدرة للأسلحة والحصول على مساعدة من الصهاينة لمواجهة أخوته المسلمين في البلد الجار.
وتتشابه خطط شركة "بلوبيرد" BlueBird  الصهيونية لإنتاج الأسلحة في المغرب مع الخطط التي أعلنت عنها شركة "ألبيت سيستمز" الإسرائيلية، وفي يونيو 2023، كشفت شركة ألبيت سيستمز عن خططها لبناء موقعين للدفاع الجوي في المغرب. وتنتج الشركة في هذين الموقعين صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى ومركبات مدرعة ودبابات وطائرات مسيرة انتحارية، ومن المحتمل إنشاء مركز لإنتاج الأسلحة في منطقة الدار البيضاء كذلك.
ويأتي استثمار الكيان الصهيوني في إنتاج الأسلحة المحلية المغربية بعد أن وقع المغرب سلسلة من العقود لشراء الأسلحة وأنظمة الدفاع مع شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (أكبر منتج لأسلحة الطيران والفضاء المملوكة للدولة في الكيان الصهيوني) ) والشركات التابعة لها، بالإضافة إلى شركات أخرى مثل ألبيت سيستمز.
 تمتلك شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية 50% من شركة بلوبيرد. وفي فبراير 2022، وقع المغرب عقدا بقيمة 500 مليون دولار مع شركة الصناعات الفضائية الإسرائيلية لشراء نظام الدفاع الجوي Barak MX، وبعد ذلك، في مارس 2022، وقعت وزارة الصناعة والتجارة المغربية مذكرة تفاهم مع هذه الشركة.
ورغم أن المغرب وإسرائيل بدأا توقيع عقود عسكرية قبل تطبيع العلاقات في عام 2020، إلا أن التعاون العسكري وصفقات الأسلحة بين الجانبين زادت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين. وبحسب تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، أصبح الكيان الصهيوني ثالث مورد للأسلحة للمغرب في عام 2023 واستحوذ على 11% من واردات البلاد من الأسلحة. كما استخدم المغرب علاقاته الزدهرة مع الاحتلال الاسرائيلي، الذي يعد رائدا في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار المتقدمة، لتصنيع وتأسيس أسطول متطور من الطائرات بدون طيار، وهذا ما جعله ثاني أكبر أسطول في أفريقيا بعد مصر.
علاوة على إبرام عقود جديدة مع الكيان الصهيوني، قام المغرب أيضا بشراء أنظمة أسلحة أجنبية أخرى أو هو بصدد الحصول عليها. وفي عام 2021، اشترى طائرات بدون طيار تركية من طراز TB2، وفي عام 2023، اشترى صواريخ صينية مضادة للدبابات من طراز HJ-9A. كما وافقت الولايات المتحدة مؤخرًا على بيع صواريخ جافلين المضادة للدبابات للمغرب بقيمة 260 مليون دولار. وبحسب التقارير، فقد تفاوض المغرب مع مصنعي الأسلحة في بريطانيا وبلجيكا لإنشاء مصانع لتصنيع الأسلحة في المغرب. بالإضافة إلى ذلك، في عام 2019، وقع المغرب والبرازيل اتفاقية لتبادل العلوم والتكنولوجيا العسكرية التي تدعم قدرات الأسلحة المحلية القديمة.
الجدير بالذكر انه وبعيداً عن اتجاه الرأي العام، أعطى المغرب الأولوية لتطوير قدراته التسليحية المحلية باستخدام تقنيات الكيان الصهيوني لتقديم نفسه كمصدر للأسلحة. ولا تزال علاقات المغرب العميقة مع إسرائيل تشكل تحديا بين مواطنيه، الذين يدعمون القضية الفلسطينية على نطاق واسع. 
فمنذ بداية الحرب الأخيرة على غزة، خرج بعض المغاربة إلى الشوارع للاحتجاج على العمليات العسكرية التي تشنها إسرائيل وعلاقة بلادهم  معها. لقد تسامح المغرب حتى الآن مع هذه الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل للسماح لمواطنيه بالتعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين وتجنب تكثيف الانتقادات للعلاقات المغربية الإسرائيلية. لكن تصرفات الحكومة المغربية لم تظهر أي مؤشر على أنها تنوي قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني ردا على التظاهرات. وأيضا، بعد حرب غزة، لم يُظهر المغرب أي رغبة في الانسحاب من خططه لتصنيع أسلحة باستخدام تقنيات الكيان الصهيوني.
وبحسب استطلاع أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومقره الدوحة في يناير 2024، قال 78 بالمئة من المغاربة إنهم لا يعترفون بسيادة إسرائيل. في حين أنه في استطلاع 2022 للمركز المذكور، فإن 67 بالمئة من المغاربة لا يعترفون بسيادة إسرائيل، وهذه الزيادة كبيرة.
كما ستؤدي صناعة الدفاع وترسانة الأسلحة المتنامية في المغرب إلى تفاقم التوترات مع الجزائر، لا سيما في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها. ومع استمرار تعزيز وتطوير ترسانات الأسلحة لدى المغرب والجزائر وقدرتهما على بناء الأسلحة، فمن المرجح أن يستمر البلدان في تخصيص ميزانيات دفاعية كبيرة لتطغى على قدرات كل منهما. ومن المرجح أن ينشر المغرب المزيد من الدفاعات الجوية والطائرات بدون طيار بالقرب من الحواجز الرملية بين الأراضي التي يسيطر عليها في الصحراء الغربية وأراضي جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
تموضع المصانع الإسرائيلية في المغرب يمنح الكيان الصهيوني المزيد من الوصول إلى أسواق الأسلحة الأفريقية مثل زامبيا والسنغال وأوغندا، وهو ما يمكن أن يعوض عجز الميزانية والخسائر الفادحة التي سببتها الحرب. ويمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى تكثيف تسليح الميليشيات المحلية في مختلف مناطق إفريقيا وانعدام الأمن في القارة السمراء، خاصة دول الجوار المغربي.
ستبقى الحدود البرية للجزائر والمغرب مغلقة بسبب عقود من النزاع حول الصحراء الغربية. ويسيطر المغرب على حوالي أربعة أخماس هذه المنطقة. أما الباقي فتسيطر عليه جبهة البوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية. وتشهد قوات الجيش المغربي وجبهة البوليساريو، اشتباكات دورية في صحاري الصحراء الغربية خلال السنوات الماضية. واستخدم الجيش المغربي طائرات بدون طيار لمهاجمة المناطق التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو، مما أدى في بعض الأحيان إلى سقوط ضحايا من المدنيين.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services