فضحت تسجيلات مصورة وشهادات مروعة لهيئة دفاع مئات الشباب المعتقلين على خلفية الاحتجاجات التي شهدها المغرب منذ نهاية سبتمبر الماضي للمطالبة بالحق في العيش الكريم, انتهاكات حقوقية غير مسبوقة بدأت حتى قبل اندلاع الاحتجاجات، تضاف إلى السجل الأسود للمخزن الذي عاث في المملكة فسادا واستبدادا.
وثق فيديو مسرب من داخل أحد مراكز التعذيب بالمغرب, ما تعرض له شاب كان يظهر مكبل اليدين وحافي القدمين, من تعذيب نفسي وجسدي بالضرب من قبل عناصر أمن المخزن.
ويظهر في بداية الفيديو أحد عناصر الأمن يجلس على حافة مكتبه ويحقق مع الشاب بالسب والشتم واستخدام مختلف العبارات النابية دون أن يتكلم الشاب قبل أن يعتدي عليه عنصر أمن آخر بالضرب واللكم، خاصة على مستوى الوجه والرأس.
وفي سياق ذي صلة, قدم أعضاء هيئة الدفاع عن الشباب المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدها المغرب شهادات صادمة عن ظروف اعتقال هؤلاء ومجريات المحاكمات وأوضاع المتابعين فيها من "تعسف واعتقالات عشوائية ومحاضر مفبركة ومحاكمات صورية وأحكام جائرة".
وقال المحامي رشيد ايت بلعربي أن "محاكمات هؤلاء الشباب كشفت فشل قضاء المخزن مرة أخرى في التعاطي مع الأحداث, إذ كرر نفس المآسي التي عاشها المغاربة في السبعينيات والثمانينيات", قائلا: "لقد كنا نتوقع أن القضاء تغير, لكن الواقع أثبت للأسف أن شيئا لم يتغير".
وأوضح أن تعامل الضبطية القضائية مع المحتجين شابته "تعسفات غير مسبوقة" خلال العشرين سنة الأخيرة, مستدلا بما حدث في القليعة وإنزكان و وجدة, وهو ما سيظل -كما قال- "مسجلا في التاريخ الأسود للمغرب". واعتبر أنه "لا يعقل أن يتم إطلاق الرصاص الحي على مواطنين أبرياء لم يقوموا بارتكاب أي فعل إجرامي", لافتا الى أن الهجوم على المواطنين العزل باستخدام سيارات الشرطة "لم يسبق له مثيل حتى في أحلك الظروف التي عرفها المغرب".
وبخصوص التوقيفات, أكد المتحدث أنها كانت "عشوائية وبشكل غير مسبوق ووصلت إلى حد اعتقال أطفال أمام منازلهم دون أي مبرر", مشيرا إلى أن "أغلب المتهمين تعرضوا لأنواع مختلفة من العنف المادي والمعنوي, إضافة إلى التهديد والتحرش والتدليس لانتزاع اعترافات لم ترد على ألسنتهم", مضيفا أن الأحكام الصادرة كانت "جد قاسية".
من جانبها, قالت المحامية أميمة بوجعرة أن "الاعتقالات لم تبدأ مع اليوم الأول للاحتجاجات، بل قبل ذلك", مشيرة إلى أن "تلك الاعتقالات كانت تعسفية, وهذا بشهادة عائلات المعتقلين وفي ظروف لا إنسانية". وسجلت هي الأخرى أن "الخروقات بدأت منذ لحظة التوقيف", مشيرة إلى أن "طريقة التوقيف كانت عشوائية".
وأكدت أن الموقوفين "صرحوا أمام النيابة العامة بأن استماع الضابطة القضائية إليهم كان تحت التهديد والعنف والإكراه، لكن النيابة العامة لم تأخذ هذه الشهادات بعين الاعتبار", لافتة الى أن "مجموعة من الأطفال القصر قدموا الى المحاكمة في حالة اعتقال وبعضهم لا تتجاوز أعمارهم 12 و13 و14 سنة".
كما سجلت المحامية أن "حضور الدفاع لضمان المحاكمة العادلة كان حضورا شكليا" وأن "الأحكام كانت قاسية, في محاكمات غابت عنها أسس العدالة واتسمت بالتعسف والاضطهاد وسط محاضر جاهزة وقرارات لم تضمن فيها ملاحظات الدفاع, مما جعلها محاكمات صورية في حق شباب معظمهم طلبة تحت سن 24 عاما".
هذا ونظمت لجنة عائلات شهداء ومعتقلي ومصابي أحداث القليعة, أول أمس السبت, وقفة احتجاجية أمام مقر الدرك المغربي للتنديد بالجريمة التي راح ضحيتها 3 شباب و للزج بالمئات من أبنائها ظلما في السجون و إدانتهم بأحكام قاسية وجائرة. كما تستنزف عائلاتهم, التي أنهكها الفقر والقهر بغرامات مالية ظالمة.
وأج