237
0
"الجنوب يتحرك على السكة: مشروع الأغواط–غرداية–المنيعة يفتح ممراً جديداً للتنمية ويعيد رسم خريطة الصحراء"
"قطار واحد… يختصر الزمن، ينعش الأسواق، ويحوّل المحطات إلى بؤر تجارية نابضة بالحياة"

في خطوة استراتيجية تُعيد توجيه بوصلة التنمية نحو الجنوب الجزائري، يدخل مشروع السكة الحديدية الرابط بين الأغواط وغرداية والمنيعة مرحلة جديدة تُنهي سنوات من الانتظار، وتضع المنطقة أمام تحول نوعي في النقل والبنية الاقتصادية. فمع صدور المرسوم الخاص بإطلاق المشروع، باتت ولايات الجنوب على موعد مع حقبة جديدة من التكامل الترابي والحركية التجارية.
قطار يعيد تعريف الزمن والمسافة
لم تعد المسافات الطويلة التي تفصل ولايات الجنوب عائقاً أمام تنقل المسافرين. فالرحلة التي تستغرق أكثر من ساعتين بين الأغواط وغرداية ستتقلص إلى نحو ساعة واحدة فقط عبر القطار، في حين ستصبح المسافة نحو المنيعة أكثر سلاسة وأماناً.
اختصار الزمن لا يعني مجرد سرعة في التنقل، بل يمثل تغييراً عميقاً في نمط العيش، حيث تصبح المدن أقرب، والفرص متاحة، والتنقل جزءاً طبيعياً من نشاط السكان اليومي.
المحطات تتحول من نقاط توقف… إلى محركات اقتصادية
ترتبط أهمية المشروع أيضاً بالدور الجديد الذي ستلعبه محطات القطار، إذ لن تكون مجرد مواقع لعبور الركاب، بل فضاءات اقتصادية تستقطب أنشطة متعددة:
تطوير مساحات تخزين البضائع والحبوب يعزز القدرة التموينية ويخفض تكاليف النقل.
خلق فرص عمل جديدة في مجالات الخدمات التجارية والمقاهي والمطاعم الصغيرة.
تنشيط النقل المحلي عبر سيارات الأجرة والشاحنات الصغيرة التي ستتولى توزيع السلع نحو الأسواق.
بهذا الزخم، يصبح الخط الحديدي مصدراً لاقتصاد محلي جديد، تتوسع من خلاله المبادرات وتنتعش التجارة ويبرز دور الشباب داخل محطات الحركة.
أمن اجتماعي وطرق أكثر سلامة
ومع دخول المشروع حيز التنفيذ، يُنتظر أن تتراجع حركة الشاحنات الثقيلة والحافلات عبر الطرقات الوطنية الرابطة بين الولايات، ما يسهم في الحد من الحوادث، ويمنح المسافرين مستوى أعلى من الراحة والأمان.
إنه تحول يوازي في أهميته التحول الاقتصادي، لأنه يمنح الجنوب شبكة نقل أكثر إنسانية وأقل مخاطرة.
نحو جنوب جديد… خارطة تتغير ومجتمع يتحرك
لا يقتصر المشروع على إنجاز تقني أو بنية تحتية؛ بل هو خطوة جريئة نحو مستقبل تُشكّل فيه السكة الحديدية صلة وصل بين الأفراد والفرص، وبين المدن والأسواق، وبين الجنوب وباقي مناطق الوطن.
إنه مشروع يستحق أن يُطلق عليه "قطار التنمية"، لأنه يحمل معه رؤية واسعة لتجديد الاقتصاد المحلي، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار، وتعزيز حضور الجنوب كفضاء حيوي في مسار الجزائر التنموي.
الهوصاوي لحسن

