339
0
الإرهاب الصهيوني فكراً وممارسة
الأسير باسل عيايدة دخل سجون الاحتلال بذاكرته وخرج منها بدونها
بقلم: جلال محمد حسين نشوان
أسرانا الأبطال عمالقة الصبر ، الجبال التي استعصت على الانحناء، قلوب تنبض وتعانق الآمال والأحلام وتحمي الوطن من العدوان يقفون بقلب قوي رافضين الذل، أنتم أنهار العطاء أنتم التي أضاءت حياتنا، ورائحة الصباح و أصالة الطهارة، تسكنون في القلب
وأنتم في ذروة المجد والفخر و في عرين المجد وأسطورة العظماء. فخورون ببطولاتكم وأمجادكم المجيدة تتألق في السماء، فخورون بكم وانتم تمسكون الجمر والصبر والقدرة على مقارعة الإرهابيين من سجاني وسجانات معتقلات الموت
كلمات المديح لا تفي بحقكم فأنتم من صنعتم المجد بأيديكم القوية القادرة على مواجهة المعتدين يا ابناء الوطن وحماته. أنتم حكاية العز والكرامة حكاية الشموخ والإباء ولكل حكاية بداية، والأيام المظلمة سوف تنجلي. وقريباً سيكسر قيد الظلم ويهزم الليل وتنهض قلوبكم من عمق الركام إلى النور بإذن الله
أبناءنا الأبطال :
يتذوقون ألم العذاب، ويشربون مرارة الأيام، ويتجرّعون كؤوس الحرمان. تعريف الألم من وجهه نظرهم أنك لا تستطيع التمييز بين الليل والنهار، إلا عندما تتسلل أشعة الشمس من أحد الجحور، أو عبر النافذة العُلوية لتلك الزنزانة الصماء التي يسكُن فيها الجسد، أما الروح، فهي هائمة طائرة في ربوع الوطن. في الزنزانة لا توجد حياة، في الزنزانة تُقتل الأحلام، كنت تُصبح وحيداً، وتُمسي وحيداً، وتنام وحيداً، ولا تجد من تتحدث معه، أو تناقشه، أو تأكل معه، أنت أسير ويتم زجّك في زنازين العزل الانفرادي ، أنهم يا باسل القتلة والارهابيين سارقي الأوطان
قصتك يا باسل :
ليست جزءاً من الخيال، بل هي واقع يعيشه آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين خلف قضبان سجون الموت الصهيونية فلا عقل يستطيعُ أن يفسر ذلك ، باب السجان وباب زنزانته وأضلاعها ومركباتها، فالصدأَ يأكلُ أطرافَ بابها يوما بعد الآخر، الحديدُ يصدأُ
قلوبُنا تنفطر ونحن نراك وانت لا تعرف مستقبليك .
قلوبنا تحترق
نتنفّسُ صبراً،
نتأملُ دهراً،
نقهرُ الموتِ
قصة باسل ليست الاولى ولن تكون الأخيرة ، فالإرهاب الصهيوني ترجع جذوره إلى تعاليم التوراة، والتلمود، وبروتوكولات حكماء صهيون، والأدب الصهيوني، الذي يعبئ اليهود بالحقد والعنف والإرهاب، ويحرضهم عليه بأبشع الصور الأدبية، التي يتغنى بها الأدباء والشعراء والمفكرون الصهاينة، وأن يهود اليوم يربطون أنفسهم بيهود العهد القديم؛ لتبرير ارتكاب المجازر الجماعية، والحروب العدوانية، واغتصاب الأرض، وأن كتبة التوراة والتلمود رسخوا في أتباعهم الإرهاب، وأن الصهاينة تلقفوا ما ورد في التوراة من أساطير وخرافات لاحتلال فلسطين وتهويدها، وأن الحركة الصهيونية قد ارتبطت منذ نشأتها بالإرهاب والعنصرية؛ فقد بلغ الإرهاب اليهودي ذروته عشية اغتصاب العصابات الإرهابية اليهودية المسلحة لجزء من فلسطين العربية عام 1948م، وأن إرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان الصهيوني المحتل هو أبشع أنواع الإرهاب، فما من مسئول صهيوني إلا وكان إرهابياً في الفكر أو الممارسة، ومن يراجع تاريخ الإرهاب الصهيوني البشع .
إرهابيون
قتلة
نازيون
وعاجلاً أم آجلاً سيمثلون أمام العدالة الدولية بإذن الله
سلام لك باسل
المجد للأسرى عمالقة الصبر
والجبال التي استعصت على الانحناء
مركز فلسطين: 38 أسيرة فلسطينية في سجون الاحتلال يتعرضن لكل أشكال القهر والتنكيل
أكد مركز فلسطين لدراسات الاسرى ان الاحتلال يعتقل في سجونه (38) أسيرة فلسطينية يحرمن من كافة حقوقهن الدنيا ويتعرضن لإجراءات قمعية متعددة، بما فيها العزل الانفرادي والحرمان من العلاج والتعليم والزيارة.
واعتبر مركز فلسطين ان اهتمام المجتمع الدولي بقضية المرأة ما هي الا شعارات زائفة وتتلاشى عندما يتعلق الامر بممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسيرات الفلسطينيات، حيث يغض الطرف عن معاناة (38) أسيرة يقبعن في ظروف إنسانية قاهرة ويتعرضن لكل أشكال القهر والانتهاك والتعذيب خارج إطار القانون، وهذه الأعداد في ارتفاع مستمر نتيجة استهداف المرأة الفلسطينية كسياسة ممنهجة. رياض الأشقر مدير المركز أوضح أن الأسيرات يتعرضن للتعذيب النفسي والجسدي منذ اللحظة الأولى للاعتقال، حيث تقتحم قوات الاحتلال منازلهن بطريقة همجية بعد منتصف الليل تثير الذعر بين الأطفال، وتقوم بنقلهن الى التحقيق في أحد مراكز التوقيف المختلفة، وغالبا ما تكون في سجن الرملة او الجلمة، وهاك يتعرضن لوسائل تعذيب قاسية بهدف نزع الاعترافات منهن بالقوة.
واستعرض الأشقر عدد من الحالات التي تعرضت للتعذيب خلال الشهرين الأخيرين كالأسيرة فاطمة عمارنة،(41 عاما) من جنين التي اعتقلت في مدينة القدس بداية الشهر الجاري وتعرضت لأبشع أنواع التنكيل والتعذيب خلال اعتقالها والتحقيق معها، حيث اعتدى عليها جنود الاحتلال بالضرب المبرح والركل حين اعتقالها حتى فقدت الوعي، ونقلت الى مركز تحقيق (القشلة)، ليستمر التعذيب هناك بالضرب وانتهاك الخصوصية ومحاولة نزع الحجاب والتفتيش العاري، ثم نقلت الى مركز تحقيق اخر في سجن الرملة ووضعت في زنزانة انفرادية بظروف صعبة وقاسية، لا يوجد بها سوى سرير حديد عليه فرشة رقيقة، دون وسادة، وبطانية متسخة لها رائحة نتنة،
و تنبعث من المرحاض في الزنزانة روائح كريهة. وتطرق الأشقر الى حالة الاسيرة فاطمة شاهين (33) عامًا من بيت لحم، وهي أم لطفلة اعتقلت قبل 5 شهور، بعد إطلاق النار عليها واصابتها بجراح في البطن والظهر، حيث أصيبت بشلل نصفي، وخضعت لعملية استئصال كلية ونصف الكبد في مستشفى "شعاري تسيديك" وقبل ان يتم شفائها نقلت الى العزل فى سجن "نفي ترتسيا" بالرملة لأكثر من 3 شهور ومنعت من زيارة ذويها او الاتصال بهم عبر الهاتف العمومي. ونقلت اليها الاسيرة عطاف جرادات لمساعدتها، وتم حجزهن بالقرب من السّجينات الجنائيات، فى أوضاع قاسية رغم حاجتها للرعاية الصحية. علماً ان الاسيرة جرادات (50 عاما) من جنين، معتقلة منذ عامين ولا تزال موقوفة، وهي أم لثلاثة أسرى وهم: "عمر، وغيث، ومنتصر بالله"، وتعاني من مرض ضغط الدم المرتفع وعدم انتظام دقات القلب، وتتلقى 8 أنواع من الادوية، كما تعرضت مرتين لأعراض الإصابة بجلطة وتم نقلها عدة مرات للمستشفى.
وكشف الأشقر أن الاسيرات يعانون من ظروف صعبة وقاسية، ويشتكون من عدم توفر الخصوصية في سجون الاحتلال نتيجة وجود كاميرات مراقبة على مدار الساعة في ممرات السجن و ساحة الفورة، إضافة الى الاقتحامات المتكررة لغرفهن، والعزل الانفرادي، كذلك وضع الحمامات خارج الغرف ويسمح باستخدامها في أوقات محددة فقط خلال فترة الخروج الى الفورة.
وكانت إدارة السجون نقلت الشهر الماضي الأسيرتين المقدسيتين فدوى حمادة ونوال فتيحة، من سجن الدامون إلى سجن "أبو كبير" الجنائي وسط "تل أبيب" ومنعتهم من الزيارة، حيث ابقتهم في ظروف صعبة ومعاملة مهينة من السجانين والسجناء معاً، رغم ان الأسيرة "حماده" لا تزال تعاني من آثار إصابتها بكسر في قدمها قبل شهور. وبَّين الأشقر أن الأسيرات يعانين كذلك من التنقل بسيارة البوسطة حيث يتعمد الاحتلال إذلالهن بعمليات التنقل الذي تستمر لأكثر من 12 ساعة متواصلة، مما يسبب لها التعب الجسدي والنفسي والإرهاق، كما يحرمهن الاحتلال من الاشغال والاعمال اليدوية، ويمنع الاسيرات من الدراسة والتعلُّم، وممارسة الأنشطة الذهنية والترفيهية، إضافة الى عقوبات متنوعة مثل منع الكنتينة ومنع الزيارات، ومنع الاتصالات مع الاهل لأتفه الأسباب.
كما تعاني الأسيرات من سياسة الإهمال الطبي مما يعرض حياتهن للخطر، حيث تشتكي أكثر من 10 أسيرات من تردي أوضاعهم الصحية دون تقديم أي علاج مناسب لهن، بينما صعد الاحتلال في سياسة الاعتقال الإداري بحق الاسيرات حيث وصلت أعداد المعتقلات ادارياً الى 4 اسيرات، بعد تحويل الاسيرة "فاطمة ابوشلال" من نابلس مؤخراً للاعتقال الإداري دون تهمه وطالب مركز فلسطين كافة المؤسسات التي تتغنى بحقوق المرأة، الوقوف بشكل محايد تجاه معاناة الأسيرات المتفاقمة والتدخل الحقيقي من اجل انصافهن، ووقف الجرائم التي يتعرضن لها من قبل الاحتلال والسعي الفاعل لإطلاق سراحهم بأسرع وقت.
الأسرى الإداريون يضربون عن الطعام إسنادا للأسير الفسفوس
أعلنت اللجنة الوطنية العليا للحركة الأسيرة، مساء الثلاثاء، عن إضراب الأسرى الإداريين في كافة سجون الاحتلال، عن الطعام ليوم واحد يوم غد الأربعاء، دعمًا وإسنادًا للأسير كايد الفسفوس المضرب عن الطعام لليوم ال 62 على التوالي. وجاء هذا الإعلان، في ظل تعنت محاكم الاحتلال ومخابراته في الاستجابة لمطالب الفسفوس، بوقف اعتقاله إداريًا. وقال البيان، إن الحركة الأسيرة بكافة أطيافها وفي كل السجون لن تقف مكتوفة الأيدي ولن تسمح بتكرار ما حصل مع الشهيد خضر عدنان بأي حال من الأحوال. وحذرت الحركة الأسيرة، لاحتلال ومخابراته من المساس بحياة الأسير كايد الفسفوس، محملةً إياه المسؤولية الكاملة عن سلامته. ولفتت إلى أن خطوة الإضراب غدًا، ستكون باكورة الخطوات الداعمة والمساندة له والتي لن تتوقف إلا بالاستجابة لمطالب الأسير كايد.
الاحتلال يعتقل 9 أطفال في الخليل
اعتقلت قوات الاحتلال الصهيونى، اليوم، 9 أطفال من تل الرميدة بمدينة الخليل. وبحسب مصادر محلية، فإن تلك القوات اعتقلت 9 أطفال من عائلات: التميمي، ومتعب، وشاهين، تتراوح أعمارهم بين 8 أعوام و13 عاما، أثناء عودتهم من مدارسهم الى منازلهم في حي تل الرميدة، واقتادتهم الى جهة غير معلومة. وكثفت قوات الاحتلال من تواجدها، ونصبت حواجز عسكرية، بمنطقتي جبل الرحمه وتل الرميدة وشارع الشهداء وحي السهلة وفي محيط الحرم الابراهيمي الشريف والبلدة القديمة، بالتزامن مع مسيرة استفزازية للمستوطنين احتفالا بالأعياد اليهودية.
المحكمة العليا للاحتلال ترفض الإفراج عن المعتقل الإداري خالد النوابيت
أكّد نادي الأسير أن المحكمة العليا للاحتلال رفضت طلب الإفراج عن المعتقل الإداري خالد النوابيت (45 عامًا) من بلدة برقة بمحافظة رام الله والبيرة، رغم وضعه الصحي الصعب، حيث يعاني من مشاكل حادة في القلب منذ ما قبل اعتقاله، وتفاقم وضعه الصحيّ جراء استمرار اعتقاله الإداري. وأضاف نادي الأسير، في بيان له، مساء اليوم الثلاثاء، أنّ المعتقل النوابيت واحد من بين مئات الأسرى المرضى الذين يواجهون جريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء)، فمنذ اعتقاله منذ نحو عام تعسفيا ودون "تهمة" ماطلت إدارة سجون الاحتلال في إجراء الفحوص الطبيّة اللازمة له. وبين أنّ أجهزة الاحتلال وإمعانًا في جريمتها، أصدرت أمر اعتقال إداريّ ثانٍ بحقّ النوابيت في شهر أيار الماضي، مدته 6 أشهر، ومن المفترض أن ينتهي في تشرين الثاني المقبل، وإلى جانب ذلك مارست محاكم الاحتلال دورها في ترسيخ جريمة اعتقاله الإداري عبر ترجمة قرارات جهاز مخابرات الاحتلال (الشاباك).
يُشار إلى أنّ النوابيت اعتقل في شهر تشرين الثاني 2022، وحوّل إلى الاعتقال الإداريّ، رغم وضعه الصحيّ الصعب وحاجته الماسة إلى إجراء عملية قلب مفتوح كانت مقررة له قبل الاعتقال. ورغم المطالبات العديدة منذ اعتقاله، بتوفير العلاج له، والأهم إنهاء اعتقاله التّعسفيّ، إلا أنّ سلطات الاحتلال تُصر على جريمتها المتمثلة باستمرار اعتقاله بذريعة وجود "ملف سرّي"، وكذلك الاستمرار في إهماله طبيا. وحمّل نادي الأسير إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير وحياة المعتقل الإداريّ النوابيت، وطالب مجددا بضرورة إنهاء اعتقاله التّعسفيّ، ليتمكن من متابعة علاجه قبل فوات الأوان. يُذكر أنّ النوابيت أسير سابق، أمضى نحو 8 سنوات في سجون الاحتلال على فترات، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء، ويقبع اليوم في سجن "النقب الصحراوي".
الأسير ثائر حمّاد يدخل عامه الـ20 في سجون الاحتلال
نادي الأسير: دخل الأسير ثائر حمّاد من بلدة سلواد/رام الله، عامه الـ20 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وذلك منذ اعتقاله في عام 2004. ولفت نادي الأسير، إلى أنّ الأسير حمّاد هو منفذ عملية "عيون الحرامية" في عام 2002، وهي من أشهر عمليات المقاومة الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى، حيث قتل في تلك العملية 11 جندياً ومستوطنا وجرح 9 آخرون، وبعد 30 شهرا من تنفيذ العملية أعلنت سلطات الاحتلال عن اعتقاله من منزله، ولاحقاً حكم عليه الاحتلال بالسجن المؤبد 11 مرة. يُعتبر الأسير حمّاد من الأسرى الفاعلين في سجون الاحتلال، وأصدر وهو في الأسر عدّة روايات.
لماذا تُصاحبنا ذكريات السجن المؤلمة؟
بقلم:عبد الناصر عوني فروانة
أنا الأسير المحرر الذي كلما مرّت الذكرى، تذكرت ذاك اليوم وكأنه البارحة، فيزداد ألمي ووجعي وقهري. وكيف يمكن أن تُمحى تلك الأحداث المؤلمة والمزعجة من ذاكرتي، وآثار التعذيب تلاحقني والمُعَذِبين طُلقاء ؟.وأظن وأكاد أن أجزم أن كل من كان منكم معتقلا في سجون الاحتلال، هو مثلي لا زال يحتفظ في ذاكرته تفاصيل ما تعرض له من تعذيب على أيدى أولئك "المحققين" وكأنه البارحة. مما يؤكد حقيقة أننا نحن الأسرى المحررين ليس باستطاعتنا نسيان الألم. فالألم باق ولا ينتهي بفعل الزمن. أربعة وثلاثون عاماً مرّت على اعتقالي للمرة الرابعة، لكنني ما زلت اتذكر تلك الليلة بتفاصيلها، وكيف يمكن لي أن أنساها والذاكرة تحتفظ بتفاصيل أحداثها. مازلت أذكر جيداً أنه في ليلة الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر1989، داهمت قوات الاحتلال المدججة بالسلاح ورجال المخابرات الإسرائيلية، بيتنا الصغير الكائن في حارة "بني عامر" القديمة في حي "الدرج" العتيد وسط مدينة غزة، وقاموا بتفتيشه والعبث بمحتوياته، وقالوا لوالداي: خمس دقائق وسيعود.! أخذوني الى خارج البيت، كبّلوا يداي ووضعوا عصبة على عيناي وألقوا بي في جيب عسكري واقتادوني بعيدا الى جهة مجهولة، الى أن وصلت الى سجن غزة المركزي "السرايا"، وبعدها زج بي في زنازين ضيقة وقذرة لا تدخلها أشعة الشمس، بقسم التحقيق هناك، الذي كان يُعرف بـ"المسلخ"، لما عُرف عن قسوته وشدة التحقيق والتعذيب فيه. وأمي ومعها والدي ينتظران عودتي بعد انقضاء الخمس دقائق، وقد عُدت إليهما بالفعل ولكن بعد خمس سنوات.! تجربة اعتقالية كانت هي الأقسى من بين تجارب الاعتقال التي مررت بها في حياتي، حيث مكثت مائة يوم متواصلة، بين المسلخ القاتل والزنازين الضيقة المعتمة، تعرضت خلالها لصنوف مختلفة وبشعة من التعذيب الجسدي والنفسي، ومكثت فيما يُطلق عليه الأسرى "الثلاجة" أياماً وليالي طوالاً. وما تزال ماثلة في عمق وعيي صورة المحقق المستمتع بتعذيبنا، وكذلك موت الأسيرين خالد الشيخ علي وجمال أبو شرخ اللذان استشهدا على يدي ذات المحقق، في تلك الأيام العصيبة. تلك التجربة التي امتدت إلى مئة يوم من التعذيب المتواصل داخل أقبية التحقيق، كانت فترة مؤلمة ومعاناتها قاسية، وكل من عايشها يُدرك ما أقول، فلطالما تمنيت خلالها الموت مرة واحدة، كي لا أموت ببطء مرات ومرات عدة، وهي تجربة شخصية تتشابك بالتأكيد مع التجربة الجماعية لكل الأسرى الفلسطينيين؛ وهناك من التجارب أكثر قسوة، إذ أن الوقائع تؤكد بأن ما من فلسطيني مرّ على سجون الاحتلال ودخل زنازينها، إلا وتعرض للتعذيب. وما من معتقل عُذب إلا وقد بقيت صورة المُعذِب عالقة في وجدانه، محفورة في ذاكرته. لقد عشت وعاش الآخرون تجارب لا يمكن تصورها، بل ويصعب على الإنسان تخيلها ووصفها، واستمعت لشهادات عديدة روت فظائع الموت، التي تملأ السجون الإسرائيلية، من أناس قُدر لهم أن يخرجوا من السجن أحياء، وكان حديثهم يفيض بالألم والمرارة. فلقد أفاد هؤلاء الناجون من الموت بأن أشكال التعذيب في السجون قد تطورت أساليبها، وتنوعت أشكالها الجسدية والنفسية والتي لا يمكن الفصل بينهما، وأن آثارها تغولت في الروح والجسد لتمتد إلى ما بعد فترة الاعتقال، لتلحق أضرارا بعيدة المدى بالصحة الروحية والنفسية والجسدية، وقد يصعب استئصال موطن الألم الجسدي أو النفسي، وهنا يكمن جوهر فظاعة التعذيب. إن التعذيب بشقيه الجسدي والنفسي، لم يكن يوما حادثة عفوية أو فردية، وإنما شّكَل نهجاً أساسياً وممارسةً مؤسسيةً، وجزءً لا يتجزأ من معاملة المعتقلين الفلسطينيين اليومية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويشارك فيه كل من يعمل في المؤسسة الأمنية، وبشكل مباشر أو غير مباشر ينضم إليهم العاملون في مهنة الطب، بما يتنافى وأخلاقيات ومبادئ مهنتهم (الإنسانية). إن تأملا متمعنا في ممارسات محققي جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، يجعلك توشك أن تظن بأنهم ليسوا بشراً، لأن هذا الحجم الهائل من القسوة، التي تظهر على وجوههم، حين يرون ضحيتهم يتألم، يجعلك تعتقد ذلك. وحين ترى كم هم عصبيون في تصرفاتهم، وكم هي قاسية تعبيرات وجوههم، تبدأ في مساءلة نفسك: هل هؤلاء اللذين يتضاحكون لسماعهم صرخات الألم، ويتباهون بذلك فيما بينهم، ويبتسمون وهم يراقبون عذابات ضحاياهم، يمكن أن يكونوا بشراً ؟