142
0
الأمن رسالة، والإعلام بوصلة: "جبهة الوعي" الجديدة من المنيعة تُحصّن المجتمع
لقاء إذاعي يرسم خارطة الشراكة الاستراتيجية بين "عدسة المواطن" و"درع الأجهزة"

في زمن يفرض فيه التعقيد الأمني تحديات متزايدة، لم يعد الأمن مجرد ملف تنفيذي، بل تحوّل إلى "منتج مجتمعي" يتطلب شراكة لا تتجزأ بين أجهزته الرسمية و"صوت" المجتمع.
لحسن الهوصاوي
من هذا المنطلق، لم تكن الحصة الإذاعية التي احتضنها مقر إذاعتي المنيعة وغرداية، والتي أدارها المذيع بلخير شمس الدين ومديرة الإذاعة المحلية السيدة إعيش جميلة، مجرد نقاش عابر، بل كانت جلسة تأسيسية لمفهول "الإعلام الأمني الاستراتيجي" الذي يضع الوعي خط دفاع أول.

تحت شعار "عين المواطن وعدسة الإعلام"، جمع اللقاء كوكبة من الخبراء الذين يمثلون أضلاع المربع الأمني والإعلامي في الولاية: ضابطا الشرطة مختاري نور الدين ممثل عن أمن ولاية المنيعة والملازم العربي دحمان ممثل عن الحماية المدنية، المقدم قرفي محمد الطيب ممثلاً للدرك الوطني، والصحفي الهوصاوي لحسن.
جوهر المعادلة: التوازن بين الشفافية والتحقيق
من على منصة إذاعة المنيعة، أعاد ممثلو الشرطة تأطير الدور الإعلامي للأجهزة الأمنية، مختاري نور الدين، ضابط الشرطة المكلف بالإعلام، سلّط الضوء على التحدي الأكثر دقة في المشهد الإعلامي الأمني: "إيصال المعلومة الصحيحة للمواطن دون الإضرار بسير التحقيقات." هذه الموازنة الدقيقة بين حق المواطن في المعرفة، وواجب حفظ سرية الإجراءات القانونية، تؤكد على ضرورة "مهنية المعلومة" باعتبارها ركيزة للثقة لا مجرد أداة للتغطية. فالرسالة الأمنية، كما أشار، تُعد استراتيجية وقائية تُترجم القوانين إلى لغة بسيطة تحمي المجتمع من الجريمة.
الدرك الوطني: تأمين المناطق الريفية وتعمير جسر الثقة
أضاف المقدم قرفي محمد الطيب، ممثل الدرك الوطني، بُعداً جغرافياً واجتماعياً للحديث، مركزاً على خصوصية عمل الدرك في المناطق الريفية وشبكات الطرق السريعة. وأكد أن نجاحهم مرهون بـ "تنسيق الدرك الوطني مع وسائل الإعلام لنشر التوعية" في هذه الأوساط التي تتطلب جهداً إعلامياً متخصصاً. لكن النقطة الأهم التي أثارها هي دور الإعلام في "بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدرك الوطني" عبر إبراز البعد الإنساني للتدخلات الأمنية والجهود المبذولة لتأمين المسافرين والمناطق البعيدة.
السلامة ليست صدفة: صوت الحماية المدنية
لم يغب دور الحماية المدنية عن هذا المشهد التكاملي، حيث أكد الملازم العربي دحمان أن الإعلام التوعوي هو الضامن الأول لـ "تقليل حوادث المرور وحماية المواطنين من مختلف الكوارث". هنا يتحول الخبر إلى إرشادات يومية، والإعلام يصبح نظام إنذار مبكر يحوّل الفرد إلى شريك فاعل في عملية السلامة العامة.
الإعلام مرآة الحقيقة
من زاوية المهنة الإعلامية، شدد الصحفي الهوصاوي لحسن على أن مسؤولية الإعلام تتجاوز النقل الحيادي للخبر، بل يجب أن يركز على "إبراز دور الأجهزة الأمنية في حماية المواطن بمهنية وموضوعية". فالإعلام مرآة تعكس الصورة الحقيقية للجهد الأمني، مما يعزز الشعور بالأمان ويُعمّق الثقة المتبادلة.
التكريم كشاهد على الشراكة
اختتم اللقاء بتوافق شامل: العلاقة بين الأمن والإعلام هي علاقة تكامل استراتيجي لا علاقة تغطية اعتيادية. فالإعلام الوطني، بشقيه العام والخاص، هو الشريك الذي يرفع منسوب الوعي المجتمعي ليصبح المجتمع محصّناً من الداخل.
وفي لفتة بالغة الأهمية، تخلل الحدث تهنئة من شرطة المنيعة ومن مدير الحماية المدنية لولاية المنيعة، المقدم قداوي نصر الدين، ومن ممثل الدرك الوطني لمنتسبي قطاع الصحافة بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، تأكيداً على أن هذا التكامل بين "درع الأمن" و"قلم الإعلام" هو الطريق الوحيد لتحقيق الأمن الشامل والمستدام.

