3154

0

الأبيض سيدي الشيخ ... تعرّف على الولاية المنتدبة الجديدة

جذورها التاريخية على السفوح الجنوبية لسلسلة القصور

 

 

 

تنتسب أعراش اولاد سيدي الشيخ، إلى سيدي معمر بلعالية الذي حل بمنطقة اربى في منتصف القرن 14م ، ومن ذريته محمد بن بوسماحة ومنه عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ المولود سنة 1533م بقصر الشلالة الظهرانية والمتوفى سنة 1616 م قرب قصر ستيتن و هو مؤسس الطريقة الشيخية .

 

عبد العزيز عمران

 

ان اختيار سيدي الشيخ بناء زاويته في المكان المعروف آنذاك بالحاسي الابيض هو اختيار ذو دلالة استراتيجية محضة لان هذا المكان يقع في منتصف الطريق بين الشمال و الجنوب و على طريق الوادي الغربي والذي كانت تسلكه القوافل في اتجاه توات او عكسا في اتجاه الشمال والذي سيعرف فيما بعد بمسلك اولاد الشيخ.

وكانت تمر عبره قوافل القبائل نحو الشمال في فصل الصيف محملة بكميات كبيرة من البضائع من اجل مبادلتها بمواد اخرى .

ان اختيار الطريقة الشيخية لهذا المكان معناه التحكم في طرق القوافل التجارية بين الشمال و الجنوب الجزائري ، كما ان هذا المكان يقع في طريق ركب الحجاج الذي كان ينطلق من منطقة سوس بالمغرب مرورا بفاس، فقيق ثم بوسمغون فالابيض فالغاسول فعين ماضي...

اتّبع سيدي الشيخ استراتيجية خاصة في الدعوة الى طريقته اذ لم يرتبط بهذه الزاوية الثابتة ، والتي كان على المريدين و القبائل و المساكين و الضعفاء التنقل إليها، بل أنشأ زاوية متنقلة فاصبح يتنقل الى هذه القبائل للاطلاع على احولها و فك النزاعات بينها والدعاء لها بالبركة. 

نشأ سيدي الشيخ في بيئة بدوية عرفت بالاهتمام بتربية الأنعام خاصة الابل والاغنام ، و هو نفسه لم يتخلى عن هذه البيئة، فكان يمارس من حين الى اخر حياة التنقل والترحال بحثا عن الماء و الكلأ وهذا ما سيحدث اندماجا مع القبائل الأخرى في هذه المنطقة الشاسعة من القطر الجزائري.

شهد الجنوب الغربي الجزائري ظهور الطريقة البوشيخية في النصف الثاني من القرن 16م، وتميز بوجود العديد من القبائل الكبيرة من حيث عدد المنتسبين والنفوذ الاقتصادي مثل تحالف اغواط كسال، او تحالف الطرافى، او قبيلة حميان او الشعانبة، وهذا الامر لم يكن كافيا ليتزعم احد هذه الاقطاب سكان المنطقة، بل وحسب الاوضاع الحضارية و التاريخية السائدة آنذاك في المنطقة، كان يجب ان تتوفر في القبيلة مصادر اخرى للزعامة منها المصدر الديني من خلال تأسيس الزاويا والطرق الصوفية، والمصدر العسكري ، و هو الذي يعرف اصحابه بقبائل الاجواد الذين ينحدرون من عائلات قديمة تعود الى قبيلة قريش بشبه الجزيرة العربية، وكذا المصدر المرتبط بالنسب الشريف حيث يعد انحدار العائلة من أبناء السيدة فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه و سلم.

 عاش سيدي الشيخ في وقت كانت فيه البندقية هي القانون السائد وبفضل نسبه وبركته وعدله أصبح يمثل قاضي الصحراء برضا الجميع، كان يحل بعدل كل القضايا وكل الخلافات التي كانت تطرأ بين البدو، كما كان يتردد عليه الضعفاء والمضطهدين وبذلك كسب ود الجميع و اعترافهم بزعامته.

لقد كان أول من اتصلت به السلطة العثمانية بالجزائر هو المتصوف أحمد بن يوسف الملياني، وهو شاذلي الطريقة يتمتع بنفوذ وسطوة كبيرين بين اهل الغرب الجزائري ، فقد اتصل عروج بهذا المتصوف سنة 1517م لادراك العثمانين أنه خير حليف لهم في صراعهم مع الاسبان والزيانين.

كما ادركت السلطة العثمانية ان الطريقة الشيخية ، لها نفوذ كبير في الجنوب الغربي الجزائري بقيادة سيدي الشيخ وبحكم سلطته الدينية والاجتماعية بلا منازع، فهو المتحدث الرسمي باسم سكان المنطقة، ثم ان سيدي الشيخ لعب دورا كبيرا في الدعوة الى الجهاد ضد الوجود الاسباني في مدينة وهران ، لذلك فتحت السلطة العثمانية الباب امام سيدي الشيخ للتنقل بين الشمال والجنوب، كما كانت هذه السلطة تستقبله بكل التشريفات اللائقة بمقامه، و تغدق عليه بالهدايا المختلفة.

 

يتبع...

من كتاب  "التحولات السياسية و العسكرية جنوب الشط الشرقي و جبال القصور 1518-1900" لعبد القادر بو طاجين، دار صبحي للطباعة و النشر و التوزيع 2022، متليلي، الجزائر، ص20 الى 32.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services