86
0
الجزائر …بين التحديات الداخلية والرهان على لم الشمل العربي

الجزائر …بين التحديات الداخلية والرهان على لم الشمل العربي
احتفل الجزائريون بالذكرى السنوية الثامنة والستين للاندلاع الجزائر بعد تحررها من الاستعمار الفرنسي الذي دام أكثر من “132” عاماً بمشاعر ملؤها الامتنان والتقدير لثورتهم التحررية من الاستعمارالغاشم ، ويُعد الاستقلال الجزائري محطة هامة في تاريخ تأسيس دولة الجزائر.
بقلم الأستاذ محمد آدم الأمين
ويحتفل الجزائريون بذكرى ثورتهم وهم يستذكرون بمشاعر الفخر لقادة بلادهم التي أوصلتهم إلى التحرير من الاستعمار وأوصلت الجزائر نحو بناء دولة حديثة حيث واصلت مسيرة بنائها نحو نهضة مستدامة حتى يومنا الحالي.
ويحتفل الجزائريون بذكرى الثامنة والستين لثورة في ظل ظروف استثنائية أمام الواقع الدولي والاقليمي الذي بات يؤرق المستويات المحلية في الجزائر، ويُشكل مرور ثمان و ستون عاماً على الثورة فرصة للجزائريون ليتأملوا مسيرة الاستقلال ويستلهموا منها الدروس والعبر حول القدرة الجزائرية على مواجهة الاستعمار والتحديات وقوة الإرادة والصمود والعزيمة من أجل تحقيق الحرية والانتصار الأمر الذي يعينهم على المُضي قُدماً نحو المستقبل بمزيد من العمل والإنجاز.
وبتحقيق الاستقلال، أخذت الجزائر دوراً مُتقدماً وبارزاً وهاماً عربياً وإفريقياً ودولياً لتتبوأ مكانة متقدمة موظفة استقلالها في الدفاع عن الأمتين العربية والإسلامية وخدمة قضاياها العادلة، وبالتحديد القضية الفلسطينية التي وقفت طيلة السنوات الماضية إلى جانب الشعب الفلسطيني وما زالت حتى اليوم تُقدم الدعم المعنوي والمادي للقضية الفلسطينية مؤمنة بعدالة القضية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ووصوله إلى الإستقلال والإستقرار والإنتصار على الاستعمار الصهيوني الجاثم حتى اليوم على الأرض الفلسطينية.
وجسد الإستقلال الجزائري آفاق التطور السياسي المُرتكز على مشاركة الشعب في صنع القرار من خلال العملية الديمقراطية المتواصلة وهو ما يجسد حالة من الاستقرار في تداول السلطة واستقرار حالة مؤسسات الدولة حيث وصلت إلى أعلى مستويات النهوض المدنية والسياسية، وأن البناء في الجزائر ضمن سياق العدالة والوسطية وتحقيق أفضل نوعية لحياة الشعب الجزائري من حيث التطور في مستوى الخدمات والتعليم والصحة والاتصالات والصناعة، وعلى مدار ستون عاماً شهدت الجزائر تقدُماً ملموساً في جميع المجالات خاصة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ضمن خطط وطنية مستدامة .
حيث سعت الجزائر منذ الاستقلال على التركيز على واقع التنمية ضمن منهجية علمية والانتقال من حالة الركود إلى السير بقوة في طريق النمو والارتقاء الى ما هو أفضل وسد وتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان من خلال مجموعة العمليات التي يمكن من خلالها تظافر الجهود المحلية والحكومية لتحسين نوعية الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية للمجتمعات وإدماجها في منظومة التنمية القومية بأكملها لكي تشارك مشاركة فعالة في التقدم على أكثر من مستوى.
وكرست الجزائر جهودها المستمرة مع الدول الفاعلة للتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية وضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني_ الاسرائيلي وترسيخ حق الشعب الفلسطيني، حيث تحرص الجزائر على التنسيق والتشاور الدؤوب مع اشقائها العرب لتعزيز العمل العربي المشترك نحو تفعيل القضايا العادلة.
وأشار الرئيس الجزائري السيد عبد المجيد تبون في افتتاحه للقمة العربية الواحدةوالثلاثين بالجزائر بالقضية المركزية للوطن العربي وجوهر القضايا ، القضية الفلسطينية وعلى ضرورة انشاء لجنة دعم عربي لها ومساندتها في هيئة الأمم المتحدة ، وجاء تصريح الرئيس تبون بعد التخلي الرسمي للكثير من الدول العربية وجاءت هذه التصريحات للم الشمل وبعث القضية في الأوساط الرسمية ، حيث يسعى الرئيس الجزائري لخلق تحالف عربي شبيه التحالف الأوربي بمعالم واضحة الطريق بدون تنازلات ورفع تحدي التقدم في ظل المتغيرات العالمية الحالية وتراجع العالم الغربي لصالح الدب الروسي والعملاق النائم الصين وفي ظل تقارب جزائري مع هاتين الأخرتين ، و حيث تقف الجزائر في مواجهة آلة التمييز العنصري ورفض سياسات الاضطهاد للشعب الفلسطيني وتسعى إلى دعم الشعب للتخفيف من وطأة الاستعمار والاستمرار دوماً في تحريك ملف المصالحة وتعزيز وحدة الشعب الفلسطيني للتصدي لآلة الحرب الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني.
يأتي توظيف الدبلوماسية الجزائرية لسياسة لم الشمل الى إيجاد حلول واقعية للمشاكل التي يتخبط فيها الوطن العربي ، والى لفت الأنظارالاقتصادية المُحفزة للاستثمارات الأجنبية وتمكين المتعاملين الاقتصاديين الخارجيين و المحليين من الترويج لمنتجاتهم بإيجاد فضاءات تسويقية بالداخل والخارج ، ضمن التحديات الدبلوماسية بكل اشكالها دون اهمال دور العلاقات العامة الدولية في بناء الصورة الدهنية الحسنة حول الجزائر، حيث يأتي انجاح القمة العربية أبرز التحديات حاليا للم الشمل العربي وتأكيد قدرة الجزائر على حلحلة المشاكل العربية والعالمية بفضل ديبلوماسيتها القوية، خاصة بعد تسجيل الدبلوماسية الجزائرية لحضور فاعل في الساحة الدولية عكسه مساندتها للقضايا العادلة والحرص على حل المشاكل بالطرق السلمية بتغليب لغة الحوار والوساطات وفاءًا لمبادئها المقدسة المبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ووسط اشادة دولية بمواقفها، وهو ما يتحقق بالدبلوماسية الرقمية كآلية جديدة في ممارسة العمل الدبلوماسي وتنفيذ السياسة الخارجية للجزائر، فالدولة الجزائرية تُواصل تحت قيادة الرئيس تبون، العمل لاستكمال عملية البناء وتنفيذ خطة تحقيق التنمية المستدامة ومُواجهة التحديات للنهوض بجزائر ديمقراطية ومُزدهرة.