285
0
اغتيال أبو علي مصطفى وجرأة سعدات ورفاقه
بقلم: عبد الناصر فروانة
درجت دولة الاحتلال الصهيونى على استخدام "الاغتيالات" بحق الناشطين الفلسطينيين، منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، بدافع الانتقام ومراكمة الردع وتدفيع الثمن، وإضعاف الفصائل الفلسطينية والمساس بقدرتها وتأثيرها ودفعها إلى وقف مقاومتها للاحتلال، أو بهدف رفع الروح المعنوية للجمهور الإسرائيلي وكسب مزيد من أصوات الناخبين، إلى أن أضحت "الاغتيالات" سياسة رسمية مُعلنة، وجزءاً أساسياً من الاستراتيجيا الإسرائيلية في مواجهة المقاومة الفلسطينية.
وفي هذا السياق، أقدمت بتاريخ 27 آب/أغسطس 2001 على اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو علي مصطفى، بواسطة صواريخ أُطلقت من طائرة إسرائيلية حربية في أثناء تواجده في مكتبه في رام الله، في عملية استهدفت شخصه ومنظمته، وفي رسالة إلى القادة الفلسطينيين كافة، مفادها: أن لا أحد منكم خارج دائرة الاستهداف الإسرائيلي.
وعقب كل عملية اغتيال، كان هناك ردّ من الفصائل الفلسطينية، يتراوح بين الضرورة والحاجة، ويتفاوت في الحجم والتأثير، طبقاً لفكر وجاهزية الفصيل الذي ينتمي إليه المُستهدف، وقدرة مَن بقوا أحياء من قادته على مواجهة التبعات ودفع الاستحقاقات.
بينما الرد على اغتيال أبو علي مصطفى لم يكن طبيعياً أو تقليدياً، إنما كان مختلفاً تماماً، إذ إن فكر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مختلف عن بقية الفصائل الأُخرى، وشخصية القائد أحمد سعدات، الذي تسلّم الأمانة العامة خلفاً للشهيد أبو علي مصطفى، مختلفة هي الأخرى عن الآخرين، وذلك حين أطلق وعده الشهير: "لن نستحق احترام الشهداء، ولن نستحق احترام شعبنا، إذا لم يكن شعارنا: العين بالعين والسن بالسن والرأس بالرأس."
كان ذاك بمثابة رسالة إلى مقاتلي كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الذراع العسكرية للجبهة الشعبية، الذين لم يتوانوا عن ترجمته، ونفّذوا عملية غير مسبوقة وفريدة في نوعها، وكانت الأرفع بمستواها، والتي زلزلت أركان الاحتلال ومؤسساته المختلفة، بعد أن نجحت مجموعة من مقاتلي الكتائب في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2001 في اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي المتطرف رحبعام زئيفي بمسدس مزود بكاتم للصوت في مكان إقامته بفندق حياة ريجنسي في القدس المحتلة، ثأراً وانتقاماً لدماء الشهيد القائد الوطني والقومي أبو علي مصطفى، وبهذا الرد المزلزل، أراد سعدات إعادة الاعتبار للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمقاومة الفلسطينية المشروعة، وتعزيز قوة الردع من خلال رفع سقف الرد الفلسطيني على عمليات الاغتيال المستمرة. وفي اعتقادي، لو طبقت الفصائل الفلسطينية شعار سعدات "العين بالعين والرأس بالرأس"، عقب كل عملية اغتيال لأحد قادتها، لما استمرت إسرائيل في اغتيالاتها واستهدافها القادة الفلسطينيين، ولفكرت ألف مرة قبل إقدامها على اغتيال هذا القائد أو ذاك، ولما تجرأت على التلويح والتهديد بين الفينة والأخرى باستئناف الاغتيالات. ولا تزال الجبهة الشعبية تدفع ثمن جرأتها، بينما تُرك سعدات يغرد بوعده منفرداً في ساحة المقاومة الفلسطينية، ويدفع الكثير من الألم والمعاناة وسنوات طويلة من عمره خلف القضبان ثمناً لذلك.أما رفاق الشعبية، فمن حقهم أن يكتبوا القصائد والأشعار ويعزفون أجمل الألحان ويرددون أغنيتهم الشهيرة باستمرار: 17 أكتوبر زغرد كاتم الصوت. فخراً بما تحقق وتقديراً لمن وعد ونفّذ. ومن واجب فصائل المقاومة الفلسطينية كافة السعي الجاد لكسر قيد سعدات ورفاقه وكافة رموز المقاومة.
عن الأسير القائد أحمد سعدات.
يُعدّ أحمد سعدات قامة وطنية عظيمة وشخصية نضالية مُلهمة، ذات قيمة سياسية ووطنية وفكرية عالية، ويشكل تجربة ثورية متكاملة ومدهشة، ومدرسة وحدوية وأخلاقية وإنسانية، ومثّل على الدوام نهجاً وطنياً ثورياً صادقاً، ورمزاً للحركة الوطنية الأسيرة، وجسّد في مواقفه وسلوكه وانضباطه، أينما حلّ، مقولة الشهيد غسان كنفاني "الإنسان قضية". وبمرور كل يوم، يزداد حضور سعدات توهجاً، ليس بين رفاقه فقط، بل بين أبناء شعبه وأحرار العالم كافة.
سيرة حياته
وُلد أحمد عبد الرسول سعدات، وكنيته "أبو غسان"، في مدينة البيرة في 23 شباط/فبراير 1953، لأسرة مناضلة هُجّرت من قريتها الأصلية دير طريف، قضاء الرملة، سنة 1948، وتزوج من المناضلة عبلة سعدات في سنة 1981، وأنجب منها أربعة أبناء؛ غسان وإباء وصمود ويسار.
وانتمى سعدات إلى الجبهة الشعبية منذ نعومة أظفاره، ونشط في أطرها الطلابية، وانضم إلى صفوفها سنة 1969، وتبوأ مناصب ومواقع عدة في أطرها التنظيمية، وفي تشرين الأول/أكتوبر 2001 انتُخب أميناً عاماً للجبهة الشعبية، خلفاً للشهيد أبو علي مصطفى، وفي سنة 2006، انتُخب عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني. وفي المؤتمر العام الثامن للجبهة الذي عُقد سنة 2022، تمت تزكيته بالإجماع ليستمر في موقعه أميناً عاماً للجبهة الشعبية، تجاوزاً للنظام الداخلي الذي لا يجيز أن يشغل أي رفيق موقع الأمين العام أكثر من دورتين، وفاءً له وتمسكاً به على رأس الجبهة، والذي يُعد بمثابة التمسك بشعار الرأس بالرأس، والذي يُعتبر في نظر الكثيرين من رفاقه أهم من الحفاظ على ديمقراطية اللوائح الداخلية.
اعتُقل سعدات مرات عديدة بسبب نشاطه المقاوم، كان أول هذه الاعتقالات في سنة 1969، وأمضى حينها ثلاثة أشهر، ومن بينها اعتقال إداري أكثر من مرة خلال انتفاضة الحجارة، بينما بلغ مجموع ما أمضاه من السنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 28 عاماً، متنقلاً من سجن إلى آخر، وما زال معتقلاً في سجن رامون الإسرائيلي في صحراء النقب، وكل المرات التي اعتُقل فيها لم يتعاون مع المحققين، ولم يقدم اعترافاً ولو بكلمة واحدة، فهو يمتاز بصلابة كبيرة، ويتحلى بمعنويات عالية وقدرة فائقة على الصمود في مواجهة المحققين الإسرائيليين، وهو من آمن بشعار "الاعتراف خيانة" وتبنّى ترجمته، حتى أضحى جزءاً أساسياً من ثقافة الجبهة الشعبية وفلسفتها. لقد عاش سعدات مطارَداً من الاحتلال أعواماً طويلة، وأجاد فن التخفي والعمل السري، ولا سيما بعد خروجه من السجن في سنة 1992، وحتى اعتقاله الأخير في منتصف كانون الثاني/يناير 2002، حين أقدمت السلطة الوطنية الفلسطينية على اعتقاله مع أربعة من رفاقه، هم: عائد أبو غلمة وباسل الأسمر وحمدي قرعان ومجدي الريماوي، بعد تبنّي منظمته اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2001. ليكون بذلك الأمين العام الوحيد الذي اعتُقل لدى السلطة الفلسطينية. وفي أيار/مايو 2002، توصلت السلطة الوطنية وإسرائيل إلى اتفاق بإشراف دولي، يقضي بنقل الرفيق سعدات ورفاقه الأربعة إلى سجن أريحا، تحت إشراف وحراسة أميركية وبريطانية، وفي 14 آذار/مارس 2006، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي سجن أريحا، بعد تواطؤ المراقبين الأميركيين والبريطانيين وانسحابهم من السجن المذكور، لتختطفه مع رفاقه الأربعة المتهمين بتنفيذ عملية الاغتيال، ومعهم عدد من المناضلين الآخرين. وفي 25 كانون الأول/ديسمبر 2008، أصدرت محكمة عوفر العسكرية حكماً جائراً بحق سعدات بالسجن الفعلي لمدة 30 عاماً، في محاكمة سياسية انتقامية من شخصه ومنظمته ونهج المقاومة الذي يمثله، أمضى منها لغاية الآن 17عاماً وما يزيد، لكن من المهم الإشارة هنا إلى أن سعدات رفض الاعتراف بشرعية المحكمة، والوقوف للقضاة الإسرائيليين. وبيّن في مداخلته أن ما يسميه الاحتلال "المخالفات الأمنية" هي في حقيقة الأمر واجبات وطنية، بغض النظر إن كانت حدثت، أم لم تحدث، مؤكداً أن أي حكم قد تُصدره المحكمة بحقه لن يوقف نضالاته. ومنذ اعتقاله بتاريخ 14 آذار/مارس 2006، وزجّه في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مورست بحقه صنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، واتخذت إدارة السجون الإسرائيلية ضده إجراءات قمعية وانتقامية مختلفة، كالتضييق والعزل الانفرادي المتكرر والحرمان من زيارات الأهل والمحامين وغيرها، وحرصت على نقله باستمرار من سجن إلى آخر، خوفاً من استقراره، وبغرض الحد من تأثيره بين أوساط الحركة الوطنية الأسيرة، وما زلنا نخشى عليه من الغدر والانتقام الإسرائيلي. وفي كل مراحل الاعتقال، شكّل سعدات ندّاً قوياً للسجّان، وكان عنيداً يأبى الانهيار، وعصياً على الانكسار، خاض الإضراب عن الطعام مرات عديدة، كوسيلة نضالية وفعل مقاوم، ولم يسجَّل عليه أو على رفاقه في السجون ترك الآخرين يخوضون مقاومة السجّان من دون مشاركتهم، مجسّداً وصية رفيقه غسان كنفاني: لا تمت قبل أن تكون ندّاً. ومن هنا، أنصح بالبحث عن السيرة الذاتية للقائد أحمد سعدات وتفاصيل مسيرته الكفاحية وقراءتها بعمق.
صدى القيد ..
لقد كتب سعدات الكثير في معتقله، ونُقل عنه العديد من البيانات والتصريحات الصحافية، وفي سنة 2017، صدر له كتاب وثائقي مهم بعنوان: صدى القيد، استعرض فيه تقاسيم الحياة خلف القضبان، وتناول ظروف العزل الانفرادي وتطورها التاريخي، وروى فيه جزءاً من تجربته الشخصية في زنازين العزل الانفرادي، في الفترة ما بين 2009-2012، ليقدم لنا دراسة جديدة وغير تقليدية. فينبش في الذاكرة جوانب مؤلمة ويعلمنا أشياء جديدة، ويساعدنا على اكتشاف الطاقات في ذواتنا وفي الآخرين، ويُبرِز في كتابه مواقف عظيمة تجلت فيها قدرة الأسير على التكيف والصمود ومواجهة السجّان وظروف العزل الانفرادي.
سعدات.. الثائر والإنسان والقائد الوحدوي بشهادة الجميع
لقد أثبت سعدات في كل مواقفه أنه قائد وحدوي بامتياز؛ ودائماً تتغلب وطنيته وفلسطينيته على جبهاويته، وعبّر مراراً وتكراراً عن حرصه على إتمام المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وفي داخل سجنه، يعمل جاهداً من أجل تعزيز وحدة الحركة الوطنية الأسيرة.
وهنا ليس بالضرورة أن تكون منتمياً إلى الجبهة الشعبية، أو نشطت يوماً في أطرها المختلفة، كي تكتب عن سعدات وتشيد بتجربته ببضع كلمات، أو أن تقرأ سيرته الذاتية الحافلة بالبطولات والمآثر، فيكفيك ويكفينا فخراً بأن سعدات شكّل رمزاً من رموز الثورة الفلسطينية المعاصرة وقائداً مُلهماً للحركة الوطنية الأسيرة، وهو الزعيم الفلسطيني الأول والوحيد الذي أطلق شعار "العين بالعين والسن بالسن"، ونجح في تنفيذ تهديده، وما زال يدفع بثبات استحقاقاته. وعلى سبيل المثال، هذا أسير قسّامي اسمه حسن سلامة، من قطاع غزة، محكوم بالسجن المؤبد 48 مرة بسبب نشاطه المقاوم للاحتلال، ويُعتبر أحد قادة حركة "حماس"، كتب عن إنسانية الرفيق أحمد سعدات وحُسن خلقه في رسالة مُهرّبة من زنازين عزل أيالون في سجن الرملة الإسرائيلي، يقول فيها: "عشت معه في زنازين العزل الانفرادي في أكثر من قسم وسجن، وهو رجل صلب قوي، يعيش من أجل وطنه وقضيته وشعبه، وينسى نفسه التي هي آخر ما يفكر فيه. كان يعيش حياته بأسلوب التحدي كمناضل وقائد، ويساعد الأسرى الآخرين بقدر ما يستطيع بإنسانيته، ولديه شعور عالٍ جداً بمن حوله، فهو قمر من أقمار بلادي." و"عند أبو غسان استصغرت قوتي وصلابتي. "لقد حَرم نفسه التدخين الطبيعي، واقتصر على عدد محدود من السجائر، يدخنها في أوقات معينة في زاوية بعيدة حتى لا يضايقني وأنا لست بمدخن. كما وجدت لديه احتراماً كبيراً جداً لمعتقداتي الدينية وتوفير كل الهدوء والراحة من أجل القيام بشعائري الدينية لدرجة تجاوزت تصوري، بل حتى قد لا أجدها عند ممن يحملون نفس أفكاري، وفي كتابه "خمسة آلاف يوم في عالم البرزخ"، ص 134، الصادر سنة 2023، يقول سلامة: "كانت تجربتي في الحياة مع الرفيق أبو غسان جداً مميزة، فهو رجل وطني بامتياز، ويملك من الأدب والاحترام والثقافة والفهم، ما يجعلك تتوافق معه، وهذا ما حدث. كانت حياتي معه أكثر من رائعة."
عن الكاتب:
عبد الناصر فروانة: أسير محرَّر، ومختص بشؤون الأسرى، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، ورئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحرَّرين، وعضو لجنة إدارة هيئة الأسرى في قطاع غزة. ولديه موقع شخصي اسمه: فلسطين خلف القضبان.
الأسير أحمد نواصرة .. 40 جلسة محاكمة ومازال موقوفاً
تقرير: علي سمودي-جنين-القدس
منذ اعتقاله قبل عامين وحتى اليوم، مددت المحكمة العسكرية الصهيونية في سالم، اعتقال الأسير أحمد نواصرة (22عاماً)، أربعين مرة. لتعيش عائلته وخاصة والدته مشاعر القلق والتوتر بشكل دائم، وتقول الوالدة الخمسينية عبلة نواصرة: "سياسات وأساليب الاحتلال حولت حياتنا لوجع وألم لا ينتهي، فأصبحنا نعيش حالة من التوتر وعدم الاستقرار في ظل رفض الاحتلال الإفراج عن أحمد واستمرار خضوعها لضغوط النيابة والمخابرات وتمديد اعتقاله".وأضافت: "نعيش على أعصابنا بانتظار موعد الجلسة القادمة الجديدة بعد عدة أيام، لنعرف مصير ابننا الذي لازال مجهولاً، ولا ندري إلى متى ستستمر المحاكم في التلاعب بأعصابنا ومصيره وحياتنا، في ظل اعتقال ابني التعسفي والظالم".يعتبر الأسير أحمد الرابع في عائلته المكونة من ثمانية أفراد، ولد ونشا ويعيش في قرية فحمة جنوب غرب جنين، تعلم في مدارسها حتى انهى المرحلة الإعدادية، ثم تخلى عن تعليمه وطموحه ومستقبله وخرج لسوق العمل فعمل في عدة مجالات وأعمال حرة حتى استقر في البناء. وتقول والدته: "لم يكن يتدخل بالسياسة وليس له أي نشاط أو انتماء لتنظيم أو حزب، كرس حياته للعمل وأسرته".وتتابع: "فجر تاريخ 6/9/2021 فوجئنا باقتحام الوحدات الخاصة لمنزلنا في بلدة فحمة، ثم أصرته إعداد كبيرة من جنود الاحتلال اللذين اقتحموا منزلنا في عملية خاطفة واعتقلوا ابني وانسحبوا دونما السماح لنا بوداعه".وتكمل: "المستعربين حاصروه وهددوه واختطفوه بأسرع من لمح البصر حافي القدمين، وقد منعوه من ارتداء حذاءه وقيدوا يديه وعصبوا عينيه واقتادوه لمركبة المستعربين التي كانت تحمل لوحة ترخيص فلسطينية".تنهمر دموع الوالدة "أم ابراهيم" ، خلال حديثها لـ"القدس" دوت كوم، عن ابنها الأسير أحمد الذي يرتبط بعلاقة وطيدة معها، وتقول: "بعد اعتقاله نقلوه فوراً إلى زنازين التحقيق في سجن الجلمة، والتي احتجز فيها مدة أربعين يوما انقطعت خلالها أخباره، ولم يسمح للمحامين بزيارته، وبعد رحلة معاناة وعذاب صعبة نقلوه إلى سجن مجدو". وتضيف: "بشكل مستمر تستهدف إدارة السجون أحمد خاصة خلال المحاكم التي مازال ترفض إصدار حكم نهائي بحقه، وفي كل جلسة تأجيل وتمديد لنبقى نعيش كوابيس رعب في ظل هذه الممارسات والتمديد المستمر حتى اليوم".وتضيف: "يزداد حزني عقب كل زيارة لابني الذي لا أحتمل رؤيته بعيداً عنا خلف القضبان والنوافذ الجدارية التي تعزلنا عنه وتحرمنا سماع صوته ومصافحته ولمس يده، أشعر بالمرض والعذاب كلما غادرت السجن وتركته خلفي في ظل عجزي وعد قدرتي على إنقاذه ومساعدته وكسر القضبان وتحريره".وتتابع: "ليل نهار أبكي على فراقه، وذكرياته الجميلة فأحمد يعتبر كل شيء جميل في حياتي لما تمتع به من بر وحنان ومحبة ووفاء، فالجميع يحترمه ويحبه كثيراً حتى الجيران والأصدقاء والأطفال".وتكمل: "خلال اعتقاله تزوج شقيقه يحيى ومحمد فكانت فرحتنا منقوصة وممزوجة بألم وحزن، لكن صور أحمد زينت الحفل وجدران منزلنا، ففي كل يوم يزداد وجعي على غيابه، وأتمنى لقاء قريب مع ابني أحمد دون قضبان وقيود".وتقول: "عندما تهب النار في قلبي ألجا للصلاة فيخفف عني أوجاعي وأحزاني، لكن هذا وضع كل أم فلسطينية بسبب الاحتلال وما يفرضه علينا من معاناة وسجون، ورغم ذلك سنبقى نصبر ونتوكل على الله ليفرحنا قريبا بالخلاص من هذا الاحتلال وسجونه، وعودة أبناؤنا إلى أحضاننا".
إدارة سجون الاحتلال تنقل المعتقل الإداري سلطان خلوف المضرب عن الطعام منذ 33 يومًا إلى سجن (الرملة)
قال نادي الأسير الفلسطيني، إنّ إدارة سجون الاحتلال نقلت المعتقل الإداري المضرب عن الطعام منذ 33 يوما رفضًا لاعتقاله الإداري، من زنازين معتقل (الجلمة) إلى (عيادة سجن الرملة)، وسط تدهور مستمر على وضعه الصحيّ. وأكّد نادي الأسير، أن تخوفات كبيرة وتزداد على مصير المعتقل خلوف والمعتقلين المضربين عن الطعام، مع مرور الوقت ورفض الاحتلال التعاطي مع مطلبهم. وطالب نادي الأسير، كافة المؤسسات الحقوقية الدولية، بضرورة التدخل الفوري للضغط من أجل الإفراج عن المعتقل خلوف، والمضربين عن الطعام وإنهاء اعتقالهم التعسفيّ. وحمّل نادي الأسير الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير وحياة المعتقل خلوف وكافة المضربين. ومن الجدير ذكره أن المعتقل المهندس سلطان خلوف (42 عامًا) من بلدة برقين/ جنين، شرع بالإضراب منذ لحظة اعتقاله في تاريخ 3/8/2023، وقد صدر بحقه أمر اعتقال إداري مدة أربعة شهور، علمًا أنّه أسير سابق أمضى سنوات في سجون الاحتلال وكان قد خاض إضرابًا عن الطعام عام 2019، واستمر لمدة (67) يومًا، رفضًا لاعتقاله الإداريّ. يُشار إلى أن ثلاثة معتقلين آخرين يواصلون الإضراب عن الطعام إلى جانب المعتقل خلوف، وهم: كايد الفسفوس المضرب منذ 33 يوما، وعبد الرحمن براقة منذ 26 يوما، وماهر الأخرس منذ 13 يوما.
قرار إضراب الأسرى يتطلب توسيع دائرة التضامن معهم
حديث القدس
قرار الحركة الاسيرة بالاضراب عن الطعام ابتداء من يوم الخميس الرابع عشر من الشهر الجاري ، ردا على قرار ما يسمى وزير الامن القومي الاسرائيلي المتطرف والعنصري ، هو قرار في محله رغم انه السلاح الاخير الذي تملكه الحركة الاسيرة في النضال من اجل الحفاظ على مكتسباتها والتي حققتها عبر تضحيات جسام استشهد خلالها العديد منهم ، واصابة العديد منهم بامراض مزمنة ، الا انهم استطاعوا تحقيق منجزات على عدة اصعدة ، اهمها مواصلة الدراسة الجامعية وتقديم التوجيهي ، وادخال الكتب الثقافية والعلمية وغيرها الكثير الكثير سواء على صعيد تحسين شروط الحياة داخل السجون، رغم ان هذا التحسين لا يلبي الحد الادنى من الشروط المعترف والمقر بها دوليا والتي تتجاهلها دولة الاحتلال. ونقول بأن قرار الاضراب عن الطعام هو قرار صائب وفي محله رغم خطورته على صحة الاسرى اذا ما تم تنفيذه وتعنت ما يسمى وزير الامن القومي العنصري بن غفير ، لأن اي نجاح يحققه قرار هذا الوزير العنصري سيكون مقدمة لقرارات اخرى ضد الحركة الاسيرة التي تعيش اوضاعا صعبة نتيجة اجراءات مختلفة اتخذها منذ ان اصبح له القرار بشأن السجون التي يتواجد فيها اسرى الحرية. صحيح ان اسرى الحرية افشلوا في شهر شباط الماضي قرارات واجراءات اتخذها بن غفير بحقهم وحق عائلاتهم ، الا ان هذا المتطرف يخرج بين الفينة والاخرى باجراءات وقرارات ضد الاسرى، بل انه قدم اقتراحا باعدام الكثير منهم تحت مزاعم مختلفة، الامر الذي ادى الى اتخاذ الحركة الاسيرة لقرارها بالاضراب عن الطعام ردا على قراره بتقليص الزيارات للاسرى من شهر الى شهرين في محاولة لكسر ارادة الحركة الاسيرة ولكنه سيفشل في ذلك كما فشل في شهر شباط الماضي. وما يجري في داخل كيان الاحتلال الصهيونى من معارضة لهذا القرار سواء من قبل سلطة السجون او من قبل نتنياهو نفسه رئيس الحكومة ، الا ان ذلك لا يعني ان الاوساط الصهيونية المعارضة ليست مع القرار، بل هي تعارضه من حيث التوقيت ولكن الجميع ضد الحركة الاسيرة ، وضد اعطاء اي تسهيلات كما هو منصوص عليه في القوانين والاعراف الدولية بل هدف الجميع هو محاولة النيل من صمود الاسرى الذين حققوا من خلال وحدتهم وصمودهم انجازات يحاول بن غفير وغيره الانقضاض عليها، ولكنه لم ولن ينجح امام اصرار الحركة الاسيرة على مواصلة النضال حفاظا على ما حققته والذي ستحققه لاحقا رغم انف بن غفير وغيره. ومن هنا فإنه رغم التعارضات في اسرائيل ، لقرار هذا الوزير المتطرف والعنصري وتحديث لتصريحات نتنياهو ومجلس الامن القومي الاسرائيلي ، فإن بن غفير اوعز لسلطات السجون والشرطة بالبدء بتنفيذ القرار اعتبارا من يوم امس وكذلك قراره السابق بوقف الافراج عن اسرى قبل انتهاء محكومياتهم والذي تنفذه ادارات السجون ، جراء اكتظاظ السجون، والذي يشمل الاحكام الخفيفة ويتم اطلاق سراح بعضهم قبل شهرين او ثلاثة اشهر فقط. وامام ذلك فإن الجانب الفلسطيني ممثلا بالسلطة والفصائل، والقوى ومنظمات حقوق الانسان والاسرى وكذلك جماهير شعبنا العمل باتجاه اوسع اجراءات تضامن مع الحركة الاسيرة التي ضحت بحريتها من اجل حرية شعبها، وعدم تركهم يخوضون النضال ضد المتطرف والعنصري بن غفير وحدهم. فمساندة الاسرى ودعمهم من قبل الجميع الى جانب خطواتهم النضالية سيفشل اجراءات بن غفير وغيره من الوزراء والمتطرفين الاسرائيليين وادارات سجون الاحتلال.