953
0
ابن خلدون مؤسس علم الإجتماع وصاحب المقدمة التي أصبحت أساس التاريخ
عبد الرحمن بن خلدون العلامة الاجتماعي، والمؤرخ الإسلامي، الذي يعتبر كتابه "مقدمة ابن خلدون "أساس التاريخ ، وهي مقدمة تاريخية فلسفية أدبية فريدة، ولد في تونس سنة 1322 ميلادية.
ياسمينة ب
كان العلامة ابن خلدون واسع الأفق ، وتميز بغزارة الفكر ،اتخذ من المجتمع ، وما يضم من صفات وظواهر ، مادة للبحث والدراسة وقد حاول أن يسجل تلك الظواهر ليفهمها ، ويعللها على بينة من التاريخ أن يستنبط النظم الاجتماعية العامة.
عالم تميز بقوة القرائن
ابن خلدون من الذين يعتمدون، إلى حد كبير ،على العقل ويثقون به،ولقد تفوق تفوقا منقطع النظير في التفكير ونوع الإنتاج ،و نظريات العصبية ، وأعمار الدول وخواصها ومعالجتها اجتماعيا .
آمن بالبحث العلمي كأصل من أصول علم التاريخ وعلم الاجتماع،وقد سلك في تفكيره و تعليمه سبيلا مستقلا عن الدين ، إلا أنه ذكر الخالق و آياته في نهاية البحث وتميزت كتابته بصفة عامة بتسلسل المعاني ، وقوة القرائن و الأدلة .
وكان ابن خلدون يهدف إلى الوصول إلى الحقائق لذاتها ، متخذا من المجتمع معلما له ، منه من يستمد تلك الحقائق ، و إليه يردها،وعلى هذا النحو سلك سبيل التفكير العلمي السليم ، فوضع قواعد " الطريقة التاريخية "، وحارب التنجيم و الكيمياء القديمة، ووضع قوانين دراسة التاريخ ، مثل الربط بين الحوادث وقياس الماضي بمقياس الحاضر.
أرائه
وما من شك، أن ابن خلدون تميز كذلك بعمق التفكير والدقة التي أظهرها في أسلوبه، في دراسة علاقات التاريخ بالحالة الاقتصادية ، وكان على بينة من التطورات والتغيرات التي تصيب المجتمع ، و إن من أهم العوامل التي تؤدي إلى تلك التغيرات هو الاقتصاد،ويقول أن الفقر هو الذي يقود إلى النهب و السلب ، ثم إلى الحرب .
خاض ابن خلدون غمار السياسة ، وتعرض لتياراتها وتقلباتها، وفي أواخر حياته ، آثر الاعتكاف والبعد عن الناس والانشغال بالعلم بعد أن حنكته التجارب ، وصقلته الأيام.
ومن أهم آرائه أن القيمة المنطقية لا تتفق مع طبيعة الأشياء المحسوسة ، لأن معرفة هذه الأشياء لاسبيل إليها إلا بالرصد والمشاهدة وعلى العالم أن يفكر فيما تتمخض عنه التجارب الحسية و أن لا يقف عند حد تجاربه الفردية ، بل يجمع بين التجارب التي انتهت إليها البشرية.
ويرجع ابن خلدون الأسباب التي أدت الى وقوع من سبقوه في الخطأ، إلى تشيع المؤلفين، وتسليمهم بكل ما يرى دون الفحص، وجهلهم بطبائع العمران و أحوال الناس ، وعدم مراعاة البيئة ، وتباين تأثيرها باختلاف الأقاليم ، والحالة الاقتصادية الوراثية ونحوها .
مقدمة ابن خلدون :
تضم هذه المقدمة ملاحظات نفسية، و أخرى سياسية دقيقة وفيها أول محاولة للربط بين تطور المجتمع الإنساني من جهة وبين علله القريبة من جهة أخرى، مع إعطاء الأدلة و البراهين .
وقد نظر ابن خلدون في مقدمته في أحوال الجنس ، و الهواء ، ووجوه الكسب ، وعرضها كلها ، مع بيان تأثيرها على الجسم والعقل عند الإنسان وفي المجتمع وهو يرى أن حواد ث التاريخ مقيدة بقوانين طبيعية ثابتة ، وأن ظاهرة التاريخ هي أخبار الدول ، أما باطنها ،فإنه ينصرف إلى نظروتحقيق وتعليل حالات الكائنات ومبادئها ،كما أن التاريخ علم بكيفيات الأحداث و أسباب وقوعها،حيث أشار إلى العلاقات الوثيقة المتينة التي تربط الأحوال الاجتماعية ، وبين الحياة الاقتصادية ، و أشار إلى أهمية العوامل الاقتصادية في مجالات تطور الدول ،وتقدم ركب الحضارة ،وذلك بعبارات واضحة صريحة.
والمقدمة كذلك محاولة لها قدرها لاستحدث مبادئ علم الاجتماع، وفيها كافة ما يجعلنا نسبغ على صاحبها لقب مؤسس علم الاجتماع ، فقد نادى بوجوب اتخاذ "الاجتماع الإنساني" موضوعا لعلم مستقبل ،وآمن بأن الأحوال الاجتماعية لها عللها و أسبابها ، كما أدرك أن تلك العلل و الأسباب ، إنما تعود أولا وقبل كل شيء ، إلى طبيعة العمران ،أو طبيعة الاجتماع ، وقد درس ابن خلدون هذه الموضوعات كلها دراسة مستفيضة في مقدمته ، وخرج منها بقوانين تتعلق بها.