379
0
علجية دباري...أيقونة العمل الخيري التي استثمرت في ذوي الهمم وحولت العجز والإعاقة إلى مشاريع رائدة

علجية دباري سيدة تجاوزت العقد السابع، ولا تزال مفعمة بالحيوية والنشاط ، وبروح إنسانية عالية وحس وطني راقي، تجوب بأفكارها الفريدة عالم ذوي الهمم لتصنع من الإعاقة مشاريع ملهمة تتحدى بها الواقع وترفع بها الهمم، ليتحول المعاق المغلوب على أمره الى فاعل حقيقي يضاهي بإنجازاته الشخص العادي.
زهور بن عياد
هي رئيسة جمعية التحدي والعزيمة، اختارت فئة ذوي الهمم لتصنع من عاهاتهم إبداع وحرف مميزة لتصبح كل فتاة وان بلغت إعاقتها 100 بالمئة، قادرة على الحياكة والطرز وابداع قطع فنية تبهر العين وتأسر العقول.
مسار دراسي مميز واختيار مجال التكوين
تحصلت على شهادة البكالوريا سنة 1973، في شعبة الرياضيات، وتوجهت للتعليم، لتنتقل بعدها للعمل في مجال الشركات العمومية، تخصص التأمين، ولكن عندما ناداها الواجب العائلي لبت النداء، ومكثت سنوات في البيت للمحافظة على دورها كزوجة وأم، لمدة تزيد عن 16 سنة.
لتشارك بعدها في مسابقة للتكوين المهني للظفر بأحد المناصب الخمسة المتاحة من بين 70 مترشحا، واستطاعت بفضل كفاءتها النجاح ، لتسطر مسيرة زادت عن 20 سنة في هذا المجال الحيوي.
وهناك احتكت بفئة المعاقين،وقد حدث لها موقف والذي اعتبرته نقطة تحول في حياتها، وهنا تقول "حدث لي موقف حدد مساري،حيث كان هناك شخص معاق مؤهلا لمنصب إداري، ولكن اكتشفت أن هناك عراقيل كثيرة تحول دون إدماجه في سوق العمل، حاولت مساعدته قدر الامكان، ولكني لم استطع انصافه، وهنا فكرت في انشاء جمعية تعمل على ادماج ذوي الهمم واخترت المعادلة الصعبة وهي التشغيل".
بداية المشروع
وعن جمعية التحدي والعزيمة تؤكد السيدة دباري أن تأسيسها يعود لسنة 2010 ، في سنة 2012 تحصلت على الاعتماد، وفي السياق تقول "في البداية حاولنا إنجاز دراسة على مجمل المهن التي يمكن للمعاق الإشتغال فيها وهنا تواصلت مع شركات عمومية وخاصة، و حاولنا دمج بعض المعاقين ممن لهم شهادات عليا إلا أننا لاحظنا رغم إدماجهم، القليل منهم من استمروا في وظيفتهم، لذا فكرنا في البديل وهو العمل في الوسط المحمي".
هذه الفكرة آمنت بها وحاولت تجسيدها على أرض الواقع، والتي توّجت بفتح مركز المساعدة عن طريق العمل سنة 2016، وكان ثمرة جهود وتكوين خاصة بعد المشاركة في لقاء نشطه خبراء من الإتحاد الأوروبي الذين كان لهم برنامج خاص بإدماج ذوي الهمم، بالتنسيق مع وزارة التضامن، رغم أن هناك نصوص قانونية منذ 2002 والتي تنص على إنشاء هذه المراكز، وهنا استفادت من التكوين الخاص، وتأكدت أن الحل الوحيد لتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة هو فتح مثل هذه المراكز".
مغامرة كللّت بالنجاح
حين تم تدشين مقر الجمعية على مستوى بلدية القبة بالجزائر العاصمة، بدأت مشروعها مع فتيات من ذوي الهمم تختلف درجة الإعاقة الذهنية لديهن وهناك من تصل درجة إعاقتها لمئة بالمئة،فكرت السيدة دباري في مشاريع مناسبة لهذه الفئة، بهدف الإنتقال بالفتيات من مرحلة التهميش إلى مرحلة الإنتاج لكسب قوت عيشهن.
وفي ذات الصدد تقول محدثتنا " وهنا التجأت الى التقنيات الجديدة منها الطرز الالكتروني كوسيلة لتسهيل العمل ومنح منتج متقن وذو جودة عالية وفي وقت قصير، درست هذه التقنية وفي ذلك الوقت كان لنا الحظ في لقاء الوزيرة السابقة لقطاع التضامن سعاد بن جاب الله، التي آمنت بقدرات هذه الفئة، وبادرت بتمويل هذا المشروع".
وتضيف السيدة دباري "كانت بالنسبة لنا مغامرة، هل يمكن لفتيات ذوي الهمم تعلم هذه التقنيات؟ ولكن بمساعدة اخوتنا السوريين والذيم يتحكمون بشكل جيد في هذه التقنية، تم تكوين 10 فتيات منذ 2012 وفي 2017 كانت لهن التجربة والمهنية، وشاركنا في إحدى المناقصات أين كانت لنا الفرصة لتزيين غرفة حفل في فندق تابع لمؤسسة إسبانية، وما أنجزنه الفتيات وصل لإسبانيا، هذا التشجيع جعلنا نضم فتيات أخريات وتم تعليمهن وتمكن من التقنية".
قسم اليقظة مبادرة لتوسيع التكوين
اقترحت مديرة النشاط الاجتماعي إدماج الفتيات اللائي تتكفل بهن الوزارة قبل 18 سنة، في الورشات وهذه الفئة الأصعب لأنها ضمت إعاقات مختلفة منها التوحد، متلازمة دون، تخلف عقلي، وهنا اضطرت رئيسة الجمعية الى مبادرة مع فريق وإطارات الجمعية من أطباء نفسانيين وأرطوفونيين و مربيات، تمثلت في فتح قسم خاص تحت مسمى "قسم اليقظة.
حول المبادرة تشير محدثتنا، أنه تم إنشاء قسم جذع مشترك لدراسة نسبة الإعاقة والميول والقدرات وهنا يتم تصنيف كل فتاة بما يتناسب مع حالتها النفسية و العقلية للتكفل بها.
واليوم يضم قسم اليقظة 10 بنات، وهناك قسم ماقبل التكوين، فيه تخصصات كثيرة منها المكارامي الحلويات، صناعة الجلود والطرز، أما قسم التكوين يحتوي على ورشات كل مجموعة تختار التكوين الذي يتلاءم مع ميولها.
تحضير الوجبات الجاهزة ...مشروع واعد يساعد على ولوج عالم الشغل
وبخصوص ماأنجزته الجمعية الى حد الآن تشير السيدة دباري بالقول " لدينا فريق متكون من 10 بنات متخصص في الطرز الإلكتروني وفريق ثاني الذي نتفاءل به خير وهو متخصص في الطبخ والحلويات وملف المشروع موجود على مستوى وزارة التضامن لتمويله، وقد عملنا على تكوين الفتيات في الطبخ والحلويات ليتم تحضير وجبات جاهزة وتزويد الشركات التي لا تحتوي على مطاعم، سيكون هذا المشروع بادرة خير لهذه الفئة إن شاء الله".
وتستطرد محدثتنا لتبرز أهمية مشروع الوجبات الجاهزة قائلة " كان الهدف من البداية تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة وأن القانون يلزم الشركات الخاصة والعمومية تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة بنسبة 1 بالمئة، لذلك بادرنا بتكوين 10 بنات في ورشة الخياطة والطرز والمشروع الثاني نعول عليه ليكون مورد اقتصادي هام لهذه الفئة، تحضير الوجبات الجاهزة الساخنة وتوزيعها على الشركات وبالنسبة للتظاهرات والإحتفالات نستطيع تحضير الوجبات والحلويات وهي مشاريع واعدة تحفظ كرامة المعاق".
المزرعة البيداغوجية وقاعة رياضية ...مشاريع تتكفل بها وكالة تيكا
وعن المشاريع المستقبلية أشادت رئيسة جمعية التحدي والعزيمة بجهود وكالة تيكا التركية في تهيئة المقر الجديد لمقر الجمعية وكذا تهيئة الأقسام البيداغوجية والدعم بالعتاد والالات الخاصة بمشاريع الجمعية، وأشارت إلى مشروع المزرعة البيداغوجية والتي تعتزم بالإستثمار في تربية الدواجن والأرانب ليشكل عائدا اقتصاديا قد يلبي بعض تكاليف الجمعية، هذا بالغضافة إلى مشروع القاعة الرياضية بإعتبار الرياضة مفيدة لهذه الفئة خاصة ذوي التوحد والتي تجعلها يفجر طاقتها و وتحقق الإندماج الإجتماعي.
وفي ذات السياق نوهت محدثتنا بإلتزام وكالة تيكا وعلى رأسها السيد قوتشن الذي وقف على سيروة العمل ووعد بتهيئة قاعة الرياضة والمزرعة البيداغوجية في برنامج المشاريع الخيرية للوكالة الخاصة بعام 2026.
لا مساس بمنحة المعاق
باعتبارها عضوا في المجلس الوطني للأشخاص المعاقين، رافعت السيدة دباري من أجل إنشاء مراكز المساعدة عن طريق العمل بهدف الإدماج المهني لهذه الفئة الهشة في مسار التنمية المحلية ، ولأن ذوي الهمم أثبتوا كفاءتهم العالية، فلهم الحق في العمل في وسط محمي يضمن حقوقهم، أشارت هنا رئيسة الجمعية للمنحة التي تقدمها الدولة الجزائرية لذوي الإحتياجات الخاصة، وهي حق مشروع ، وهنا شددت على أنه "لا مساس للمنحة"، حتى وإن تم إدماج هذه الفئة في عالم الشغل.
وعن سبب ذلك قالت " اليوم النصوص معروضة للنقاش في الوزارة والمجلس الوطني للاشخاص المعاقين الذي يدرس إمكانية فتح هذه المراكز المساعدة ونحن نثمن هذه النصوص، وفيما يتعلق بالمنحة هي مكسب لذوي الاحتياجات الخاصة وقد تفاجأت بقرار ينص على أنه بعد ادماج المعاق مهنيا يتم سحب المنحة الخاصة به، نحن نرافع من أجل بقائها وقد قدمت اقتراحات وجهتها للوزيرة والمجلس ولمديرة النشاط الإجتماعي، لأنه المعاق قد يتلقى راتب متواضع لن يلبي جميع مطالبه".
رسالة قوية لوزيرة التضامن
وفي ختام حديثها وجهت السيدة دباري رسالة قوية لوزيرة التضامن وشؤون الأسرة والمراة والطفل، تشدد فيها على توسيع مراكز المساعدة عن طريق العمل ودعمها لضمان تكفل شامل لذوي الهمم سواء من الناحية النفسية والجسدية والمهنية، داعية لدعم مشاريع الجمعية الرائدة خاصة مشروع المزرعة البيداغوجية أو مشروع تحضير الوجبات الجاهزة.
وفي ذات الشأن قالت "متفائلة بقدوم السيدة مولوجي على رأس وزارة التضامن، وكلها جدية ونتمنى دعم الوزارة ولا سيما تسهيل حصول الإعتماد لمركزالجمعية للمساعدة عن طريق العمل والذي منذ تأسيسيه سنة 2017، إلا اننا لم نحصل بعد على الإعتماد والملف لا يزال على مستوى الوزارة منذ أكتوبر الفارط ، نتمنى تسهيل الإجراءات ليتم جدولة برنامجنا لسنة 2026".