341
0
يوم الأسير الفلسطيني: دماءٌ تُنزف في زنازين الاحتلال.. وعالمٌ يغسل يديه بالصمت

بقلم الحاج بن معمر
اليوم، بينما يُرفع العلم الفلسطيني في سماء الذكرى، تُعلن سجون الاحتلال الإسرائيلي عن فصلٍ جديد من فصول العار الإنساني، ليست مجرد أرقام تلك التي تُحصي **63 شهيداً من الأسرى** منذ بدء الحرب، بينهم **40 من غزة**، ولا هي إحصائيات عابرة تلك التي تتحدث عن **9900 أسير** وراء القضبان، بينهم **400 طفل** و29 أسيرة
هذه ليست أرقاماً، بل جرائم تُرتكب في وضح النهار، تحت سمع العالم وبصره، بينما تتحول مؤسسات حقوق الإنسان إلى مجرد شهود زور على مذبحةٍ تطول كل يوم.
في زنازين "مجدو" و"عوفر" و"النقب"، تُختزل مأساة القرن الحادي والعشرين، هنا، حيث يُحرم الأطفال من طفولتهم، والنساء من إنسانيتهن، والمرضى من حقهم في العلاج.
هنا، حيث يتحول المرض إلى سلاح، والجوع إلى عقوبة، والهواء النقي إلى حلمٍ بعيد المنال. الأسير الفلسطيني لم يعد سجيناً فقط، بل أصبح هدفاً لآلة تعذيبٍ منهجية، تُدار بأوامر مباشرة من وزير إرهابي هو **إيتمار بن غفير**، الذي لا يخجل من دعوة العالم إلى مشهدية إعدام الأسرى كـ"حل" لمشكلة الاكتظاظن أما رئيس الحكومة **بنيامين نتانياهو**، فقد حوّل السجون إلى مختبرات لتجارب القتل البطيء، حيث يُترك المرضى ليموتوا بالسرطان، كما حدث مع الأسير **وليد دقة** الذي قضى **38 عاماً** في السجن لتنتهي حياته بإهمال طبي متعمد.
لكن القصة لا تتوقف عند الجدران الرطبة لتلك الزنازين، فالاحتلال، وبمهارةٍ لا تُنكر، يحوّل كل جريمة إلى ملفٍ سري، وكل شهيد إلى رقمٍ مجهول، **آلاف المعتقلين من غزة** اختفوا في معسكرات "سديه تيمان" و"ركيفت"، حيث لا يُسمح حتى للصليب الأحمر بالوصول إليهم، جثث الشهداء تُحتجز كرهائن، وهويات الأسرى تُحذف من السجلات، وتقارير التعذيب تُحرق قبل أن تصل إلى المحاكم الدولية، هذه ليست سياسة اعتقال، بل هي هندسةٌ دقيقةٌ لطمس الحقائق، تُنفذ بدعمٍ أمريكي–أوروبي يغذي آلة القتل بـ**14 مليار دولار** سنوياً، بينما تُجمّد أموال الشعب الفلسطيني بحجة "مكافحة الإرهاب".
وفي الوقت الذي تقفز فيه أعداد المعتقلين الإداريين من **1320 إلى 3498**، بذرائع "ملفات سرية"، يُعلن الاحتلال بصراحةٍ عن نيته تحطيم الإرادة الفلسطينية، الاعتقال لم يعد عقوبة، بل أصبح أداةً للانتقام من عائلات بأكملها. **16,400 حالة اعتقال** منذ بدء الحرب، شملت **510 امرأة** و**1,300 طفل**، بعضهم لم يتجاوز العاشرة من عمره. أما في غزة، فقد تحوّلت المعتقلات الميدانية إلى مسالخ بشرية، حيث يُجلد المعتقلون تحت الأمطار، ويُحرمون من الماء والطعام، في مشاهد تُعيد إلى الأذهان أسوأ أيام معسكرات الاعتقال النازية.
اليوم، وفي ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، يُسجل التاريخ لحظةً فارقة: **300 شهيد للحركة الأسيرة منذ 1967**، كل واحدٍ منهم كان يحمل قصةً مختلفة، لكن نهايتهم كانت واحدة: الموت تحت التعذيب، أو الإهمال الطبي، أو الانهيار الجسدي.
الأسير **عاصف الرفاعي**، الذي يُصارع الموت في زنزانة "عوفر"، ليس مجرد رقم في ملفات الاحتلال، بل هو اختبار حقيقي للضمير العالمي. اختبارٌ يفشل فيه المجتمع الدولي فشلاً ذريعاً، بينما تُجدد إسرائيل كل يوم التزامها بسياسة "القتل دون عقاب".
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم: أين القانون الدولي عندما يُجلد طفل فلسطيني في زنزانة مظلمة؟ أين محكمة العدل عندما يُحرم أسير من العلاج حتى الموت؟ أين الضمير الإنساني عندما تتحول السجون إلى مقابر جماعية؟ الجواب يأتي من واقعٍ مرير: القانون الدولي مات في سجون الاحتلال، ومحكمة العدل غضت الطرف عن الجرائم، والضمير العالمي اختار أن يكون شريكاً في الجريمة.
في الختام، يوم الأسير الفلسطيني ليس مجرد ذكرى، بل هو صرخةٌ في وجه عالمٍ فقد إنسانيته، صرخةٌ تقول: إن دماء الأسرى لن تذهب هباءً، وإن جرائم الاحتلال، مهما حاولت طمسها، ستظل وصمة عار في جبين التاريخ. فكما أن الشمس لا تُحجب بغربال، فإن الحق الفلسطيني لا يُطمس بصمت العالم، الأسرى يموتون، لكن قضيتهم ستبقى حية، حتى يتحقق الحلم الذي ضحوا من أجله: الحرية.