46

0

ترامب يختلف مع بايدن في كل شيء لكنهما شركاء في ابادة الشعب الفلسطيني

 


 
سعيد بن عياد

 

الرئيس و رجل الأعمال الأمريكي دونالد ترامب، بقدر ما يعلن عداءه لسلفه جو بايدن، والذي لا يتوقف عن وصفه بالفاشل، والأرعن، والفاسد، بقدر ما يتقاسم معه دماء الفلسطينيين، بالمشاركة الفعلية في حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني النازي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة  والضفة الغربية  والقدس، حيث يرتكب المستوطنون العنصريون، بقيادة المجرم بن غفير، ووزير الخارجية كاتس، جرائم تدنيس المقدسات، ومحاولة تكريس هيمنة صهيونية على المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

مستفيدين من وضع عربي وإسلامي يطبعه الضعف، والخيانة، والتخاذل، بينما لا يتوقف الشارع في أغلب العواصم الغربية عن التحرك، مطالبا بوقف الإبادة، وإدخال المساعدات الإنسانية، والانخراط في مسار حل الدولتين، الذي لطالما كانت الولايات المتحدة في سنوات سابقة، واحدة من رعاته، واحتضنت لقاءات بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال، وأشرفت على إبرام اتفاقيات وتوقيع تعهدات، تتنكر لها اليوم في مشهد يضع أكبر دولة في العالم في خانة الدول المتغطرسة والمتنكرة لالتزاماتها الدولية ضمن منظمة الأمم المتحدة، كما يعكسه موقفها المشين بمجلس الأمن الدولي، حيث ترفع وحدها ورقة الفيتو في وجه كل مشروع يدعو إلى السلم، والحوار، وحماية المدنيين.
ترامب المتورط في قضايا فساد كشفت عنها الصحافة الأمريكية نفسها، يحاول التغطية عن ماضيه السيئ بتسويق خطاب مخادع، يدعو في ظاهره إلى العمل على وقف الحروب وتشجيع السلام، لكنه في الواقع يدفع إلى تعزيز آلة الدمار والتقتيل الصهيونية، بتموينها بالذخائر المحرمة دوليًا، وإحاطتها بتغطية دبلوماسية وإعلامية تفوح منها رائحة العنصرية ضد العرب والمسلمين، إلى درجة أنه ينكر وجود مجاعة في غزة نتيجة الحصار المضروب على القطاع، بمنع دخول الغذاء، والماء، والأدوية المتكدسة على مستوى المعابر، ومنع الجرحى من الخروج، ليتركوا عرضة للضياع والمصير المجهول.
بل إن مراكز المنظمة الأمريكية لتوزيع المساعدات التي تشتغل مع جنود الاحتلال، تبيّن أنها مواقع لاصطياد الفلسطينيين والقضاء عليهم، بشهادات موثقة تؤكد اختلاط دماء المدنيين بأكياس الطحين وطرود المواد الغذائية، في مشهد يستنكره العالم وتدينه الإنسانية، بينما يصرح مبعوثه ويتكوف،  الذي زار المنطقة رفقة المتصهين سفير أمريكا لدى الكيان، بأن لا وجود لمجاعة، متهما المقاومة الفلسطينية بسرقة المساعدات، في حين تُظهر صور من الواقع قيام المستوطنين الصهاينة باعتراض الشاحنات القليلة التي يسمح لها بالعبور ونهب حمولتها.
ويضع  ويتكوف بلا حياء، نظارات الغدر والخداع للتظاهر بعدم رؤية أجساد الرضع، والأطفال، والشباب، والعجزة، والنساء، التي تحولت إلى هياكل عظمية ينخرها الجوع، لينال منها بعد أن قاومت التهجير ، القصف، التعذيب، الحصار.
لذلك فإن ترامب وفريقه، المتجرد من أدنى قيم الإنسانية، لا يختلف إطلاقا عن بايدن وعصابته المتصهينة، فكلهم واحد في إبادة الفلسطينيين، يختلفون خ في كل شيء، إلا في تقتيل هذا الشعب المسالم، والمجرد من أي حماية إقليمية أو دولية، المتروك لمصيره، يقدم للعالم أروع صور التمسك بالأرض، والتشبث بحقه في تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، عاصمتها القدس الشرقية.
ومن أجل ذلك، يقدم التضحيات في مشهد فريد، يجدد فيه الفلسطينيون عهدهم الأبدي مع الوطن، ومنح كل عزيز من أجل الحرية والانعتاق من الاحتلال الصهيوني، المدعوم امريكيا وغربيا، والمستفيد من تخاذل عربي، واستقالة غريبة للمجتمع الدولي الإسلامي، الغارق في متاهات محلية، وانقسامات طائفية، يغذيها الغرب بمختلف مخططات التحريض، والابتزاز، والتضليل المفضوح، الذي يشارك فيه جانب كبير من الإعلام الغربي، خاصة في فرنسا، عبر تبرير الإبادة، وتشويه المقاومة، وتسويق السردية الصهيونية، بالقفز على الحقائق التاريخية للاحتلال، واعتراف غالبية المجموعة الدولية بالدولة الفلسطينية، في انتظار أخرى وازنة خلال سبتمبر المقبل بالجمعية العامة الأممية.
لكن ما يثير تساؤلات عميقة وجوهرية هو تصريح رئيس مجلس النواب الأمريكي، الذي زار فلسطين المحتلة مؤخرا، وعانق كبار مجرمي الحرب، بأن فلسطين أرض للصهاينة، متجاوزا الشرعية الدولية، وضاربا القانون الدولي ومواقف بلاده السابقة عرض الحائط.
وهو موقف طبيعي لشخص استقبل مجرم الحرب نتنياهو بمجلس النواب، وصفق له كثيرا على سجله الإجرامي، وصافح يده الملطخة بدماء الأطفال والنساء الأبرياء.
وفي هذا خطر محدق، ليس بفلسطين السليبة فقط، وإنما بمنطقة الشرق الأوسط والدول العربية فيها، التي يتهددها مشروع التوسع الصهيوني، من خلال العدوان المباشر، أو مشاريع التفكيك من الداخل، إذا لم تتحرك الحكومات العربية لإحباط الخطر بانتهاج سياسة صريحة، تقرها الشرائع والمعاهدات الدولية مثل طرد سفراء الكيان من عواصم البلدان المطبعة وإفساح المجال أمام الشارع العربي للتحرك، والتمسك بواجب وحق تقديم المساعدة لشعب جار يوجد في حالة خطر.
وإذا لم تحرك فيهم تلك الصور المؤلمة الحد الأدنى من مشاعر الإنسانية، فتلك الطامة الكبرى، واعتراف بفشل المشروع العربي وانهيار آخر جدار مفكك، وبذلك لن يكون حتمًا لجامعة الدول العربية، وكل ما يرتبط بهذا الجسم، أي معنى، وسط أمواج مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي تبقى المقاومة الفلسطينية آخر صخرة تقف ببسالة في وجهه، بثمن غال وتضحيات جسام.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services