81
0
تلاحم الهوية في رحاب الصحراء
المنيعة تستقبل عين تيموشنت في أسبوع ثقافي ينسج جسور التواصل

بقلم: لحسن الهوصاوي
من الساحل إلى العمق: "شمس الفنون" تشرق بوحدة التنوع الجزائري
في تجسيد بهي لروح التبادل الثقافي ووحدة النسيج الوطني، انطلقت فعاليات "الأسبوع الثقافي لولاية عين تيموشنت" بولاية المنيعة، في تظاهرة فريدة تمتد من 18 إلى غاية 24 أكتوبر. هذه المبادرة، التي تأتي تحت رعاية وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، ليست مجرد حدث في الروزنامة الثقافية، بل هي حوار حضاري عميق يؤكد على الهوية الجزائرية الواحدة رغم التباين الجغرافي والثقافي.

الافتتاح، الذي أشرف عليه بن مالك مختار والي ولاية المنيعة، رفقة العابظ ياسين محافظ المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافات الشعبية بالولاية، ومعاد جبريط رئيس المجلس الشعبي الولائي، وبحضور رئيس الوفد القادم من عين تيموشنت وكافة السلطات الولائية، كان حفلًا بهيجًا جسّد عبارة: "قد نكون حيثما تغرب الشمس، لكننا حيث تشرق شمس الفنون والتراث."
استُهل الحفل باستعراض فلكلوري مفعم بالحياة، تلاه الافتتاح الرسمي الذي شهد تدشين معرض التراث لولاية عين تيموشنت. تحوّل فضاء المعرض إلى لوحة فنية ساحرة، عرضت روائع الصناعات التقليدية والحرف اليدوية التي تعكس عمق تاريخ منطقة الساحل. وفي إشارة إلى أهمية المعرفة، ضُمّن المعرض ركنًا للكتاب تحت شعار: "لأن الكتب حياة أخرى"، مؤكدًا على أن الثقافة والمعرفة جناحا الطائر الذي يحلق بالهوية.

توالت الكلمات الافتتاحية، حيث ألقى والي ولاية المنيعة كلمة ترحيبية أكدت على أهمية التبادل و"فخر بالصحراء الذهبية" التي تحتضن التنوع، تلته كلمة لمحافظ المهرجان المحلي، ثم كلمة رئيس وفد عين تيموشنت الذي أشاد بحفاوة الاستقبال وحرارة الصحراء.
مساء اليوم الأول، انساب "النغم الموسيقي لولاية عين تيموشنت"، حيث أحيت فرقة الطرب الأصيل لولاية عين تيموشنت أمسية فنية راقية بدار شباب دحماني المخلص، استقطبت جمعًا غفيرًا من جمهور المنيعة المتعطش للفن الأصيل، لتشكل الأمسية نقطة تلاقٍ وجدانية بين الجماهير.

وفي إطار الاستكشاف المتبادل، قام وفد عين تيموشنت بخرجة سياحية إلى القصر القديم بالمنيعة، برفقة موظفي مديرية الثقافة المحلية، ما أتاح للضيوف فرصة الغوص في عمق التاريخ المعماري والإرث الحضاري للمنطقة، وتأكيدًا على أن الأسبوع الثقافي هو أيضًا "أسبوع استكشافي مميز".
هذه الفعاليات الثقافية، التي نظمت بتعاون وثيق بين وزارة الثقافة والفنون، ومديريتي الثقافة والفنون لولايتي المنيعة وعين تيموشنت، ومحافظة المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافات الشعبية، تُعد نموذجًا احترافيًا للتنسيق المؤسساتي الهادف. إنها تؤكد أن هذا الأسبوع الثقافي ليس مجرد تظاهرة عابرة، بل هو "حوار بين الماضي والحاضر، وفرصة لنسج ذكريات تليق بتراث نفتخر به"، ويجسد الروح الواحدة والتنوع الثقافي الجميل الذي يميز الجزائر.
ختاماً، تستمر المنيعة في الترحيب بأهل "عين تيموشنت الساحرة"، لتؤكد أنها "المنيعة الآسرة" بكل ما فيها من دفء وكرم، في مشهد ثقافي يدعو للفخر ويساهم في بناء الجسور بين أطراف الوطن.

